مقدمة: فى بداية التسعينات من القرن الماضى بعد إنهيار الإتحاد السوفيتى وسيطرة الولاياتالمتحدة على مجريات الأحداث فى الساحة الدولية حيث صارت القطب الأوحد فى العالم الذى يسيطر على مجريات الأمور فى العالم,ظهرت على الساحة الدولية ما يسمى بالحرب الحديثة وهى تلك الحرب التى تتبنى إسلوب الردع فى مجال إستخدام الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة بالإضافة للنظريات العسكرية المتعلقة بالدفاع المتحرك والمتقدم والحرب الخاطفة بالإضافة الى إستخدام التكنلوجيا الحديثة والطائرات المتطورة الصنع ووسائط القتال الأخرى المتطورة من معدات ووسائل إتصال الشىء الذى أسهم فى ظهور إستراتيجية جديدة لمقاومة إستراتيجية الردع التى تسعى للحصول على الهيمنة والنفوذ تحقيقا لمصالحها الإستراتيجية . إستراتيجية الردع: ونظرية الردع الواقعى التى يتبناها حلف الناتو وأمريكا وحليفتهما إسرائيل هى المطبقة فى هذه الحرب الحديثة لتحقيق المصالح الإستراتيجية لأمريكا وحلف الناتو وإسرائيل وهى تقوم على ثلاثة مبادىء هى( القوة ,المشاركة,التفاوض) حيث أن المشاركة مع الحلفاء يزيد من القوة العسكرية الرادعة ,كما تثير القوة موجة من الخوف والردع,واما التفاوض فمركزه المراوغة والضغط من أجل تحقيق الأهداف الإستراتيجية. لقد تبنت الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلف الناتو وحليفتهما إسرائيل إستراتيجية الردع الواقعى من أجل تحقيق مصالحمهما فى الشرق الأوسط والمنطقة العربية وخاصة بعد أحداث سبتمبر 2001 حيث قامت أمريكا بغزو أفغانستان ثم العراق بالإضافة لدفع إسرائيل للتوغل فى لبنان فى صيف 2006 مستخدمة أسلوب الحرب الحديثة وإستراتيجية الردع ,هذه الحروب الحديثة التى خاضتها الولاياتالمتحدة وحلفائها الغربيين تحت ستار الشرعية الدولية أظهرت للعالم كله مدى قوة الآلة العسكرية الأمريكية والغربية وقدرتها على التدمير والإجهاز على كل الجيوش النظامية للدول المستهدفة مهما بلغت من قوة وتجهيز قتالى وبالتالى يتحقق لها النصر والإحتلال فى زمن قياسى نتيجة لتطبيق سياسة إستراتيجية الردع,إن إستراتيجية الردع تتبنى سياسة حرق الأرض والتدمير الشامل للبنية التحتية المدنية والعسكرية عن طريق إستخدام كل وسائل القتال المتطورة من أسلحة ومعدات لضرب القوات المسلحة للدول المستهدفة بالإضافة لضرب المدنيين لترويعهم وزرع الخوف بينهم بصورة مقصودة لتحييدهم من المشاركة فى مقاومة الإحتلال دون مراعاة للقيم الإنسانية والأخلاقية المعمول بها دوليا,وبعد ذلك تدخل جيوش الإحتلال دون مقاومة وتتعمد ممارسة العنف من أجل فرض سيطرتها بالقوة والردع,والحرب فى العراق وأفغانستان وجنوب لبنان وقطاع غزة أصدق تعبير على تطبيق الحرب الحديثة عبر تحقيق إستراتيجية الردع ,وبما أن لكل فعل رد فعل فقد أدى إسلوب إستراتيجية الردع الى بروز تيارات من المقاومة الحديثة التى تهدف لمقاومة إسلوب الحرب الحديثة المتمثل فى إستراتيجية الردع الذى إتبعه الغرب وأمريكا وحلفيتهما إسرائيل والذى يهدف الى تحقيق مصالحهما الإستراتيجية على حساب تدمير الشعوب الأخرى فى منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية,فبرزت قيادات من الأجيال الجديدة تقود بمنهج وإسلوب عمل جديد مقاومة قوية منظمة للدفاع عن بلادهم ضد الأخطار والإحتلال القادم من الغرب وأمريكا وإسرائيل,حيث نجح هذا التيار فى تجنيد ونيل إستعطاف غالبية شباب وشعوب المنطقة نتيجة لما شهدوه من تدمير وإحتلال كشف لهم الوجه الحقيقى للغرب وأمريكا الذى لا يستخدم الديمقراطية وحقوق الإنسان إلا كغطاء لتحقيق مصالحه عبر تدمير شعوب منطقتهم إستراتيجية المقاومة: اما إستراتيجية المقاومة الجديدة فهو ذلك النهج الجديد الذى تبناه الجيل الجديد الصاعد من المقاومين الجدد لمقاومة المد والنفوذ الإحتلالى الغربى والأمريكى والإسرائيلى الذى يستخدم إسلوب الحرب الحديثة وسياسة الردع الواقعى لقهر الشعوب وإحتلالها ,حيث تبنت إستراتيجية المقاومة الجديدة أساليب قتالية جديدة ومتطورة متمثلة فى قوات مقاومة تتوزع بصورة تكتكية فى شكل خلايا متخفية منعزلة مرتبطة بقيادة موحدة تحدد لها أهدافها, تستخدم كل أساليب حرب العصابات والمدن والقتال فى المناطق المبنية مع توفر وسائط قتال متطورة وحديثة وحرية حركة تتيح لها قدر كبير من المناورة لأداء مهامها القتالية الموكلة إليها. أظهرت الحرب على العراق وأفغانستان وإحتلالهما من قبل أمريكا وحلفائها الغربيين والحرب الإسرائيلية على الجنوب اللبنانى فى عام 2006 والحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة أن هناك إستراتيجية جديدة للمقاومة قد برزت لمواجهة إستراتيجية الردع التى تقودها الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلف الناتو وحليفتهما إسرائيل فى المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط فى ظل ضعف الأنظمة فى تلك المنطقة لمواجهة تلك القضايا الساخنة,وإن إستراتيجية المقاومة الحديثة إستطاعت أن تحقق إنتصارا على أرض الواقع على إستراتيجية الردع موازى لنصر إعلامى على الصعيد الإقليمى والدولى بدأ يؤثر على الرأى العالمى ليتعاطف الكثير منه مع قضية المقاومة,فتصاعد حدة وتيرة القتال فى أفغانستان فى الآونة الأخيرة ادى الى إعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية بأنها تواجه صعوبات فى أفغانستان نتيجة لحركة المقاومة الكثيفة التى تتعرض لها قواتها مما دفعها فى أوقات متعددة الى إتخاذ قرارات إستراتيجية لزيادة عدد قواتها فى أفغانستان حيث أن آخر القرارات الإستراتيجية بخصوص زيادة عدد القوات صدر أخيراً من الرئيس أوباما فى الآونة الأخيرة. وعلى نفس المنوال واجهت قوات الإحتلال الأمريكى فى العراق تحدى ومقاومة كبيرة لم تكن متوقعة من جانب الأمريكان مما أحدث خلل وإرتباك فى صفوف الإحتلال نتيجة للعمليات الجرئية التى تنفذها المقاومة حتى الآن فى كل المناطق العراقية مما دفع قوات الإحتلال الأمريكية الى الإعتراف بأنها تكبدت خسائر فادحة الشىء الذى دفع الرأى العام الأمريكى الى مطالبة قيادته بالإنسحاب من العراق مما ادى لإعلان الرئيس الأمريكى الجديد باراك أوباما للإعتراف بأن هناك أخطاء أرتكبت فى غزو العراق ووضع جدول زمنى لإنسحاب القوات الأمريكية من العراق كما سارعت الدول الأخرى التى إشتركت فى الغزو بسحب قواتها نتيجة للمقاومة الشرسة التى قابلتها. أما حزب الله فى لبنان فقد شكل ضربة قوية لإستراتيجية الردع التى يتبناها حلف الناتو وأمريكا وحليفتهما إسرائيل وفقا لمفهوم الحرب الحديثة لحلف الناتو وأمريكا فبالرغم من تفوق الآلة الحربية العسكرية الإسرائيلية البرية والجوية والبحرية فقد قاوم حزب الله الجيش الإسرائيلى وأجبره على الإنسحاب من غير شرط من الجنوب اللبنانى فى حرب عام 2006 حيث أن نهج المقاومة الجديد الذى إتبعه حزب الله من ضرب العمق الإسرائيلى بصواريخ أرض أرض ذات قدرة وفعالية بالإضافة الى التعامل مع القطع البحرية الإسرائيلية وضربها وتحيدها من الإشتراك فى المعركة أدى الى إسراع الجيش الإسرائيلى فى الإنسحاب من أرض المعركة. أما حركة حماس فقد أثبت إسلوب مقاومتها المتبع للدفاع عن غزة على أرض الواقع وعلى الصعيد الإعلامى أخيراً فى أنه أكثر فعالية وقدرة على وقف تقدم القوات الإسرائيلية المحتلة مما أدى فى النهاية لإنسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع دون تحقبق الهدف الذى جهزت له هذه الحملة وبالرغم من تفوق الآلة العسكرية الإسرائيلية وإستخدامها لكافة وسائل الردع من تدمير وقتل للمدنيين,هذا باإضافة لكسب المقاومة عطف الرأى العام الإقليمى والعالمى الذى وقف معها ضد العدوان الإسرائيلى . الخاتمة: بلا شك إن الحرب الحديثة المتمثلة فى إستراتيجية الردع التى يتبناها حلف الناتو وأمريكا وحلفيتهما إسرائيل,والحروب التى قادتها هذه الدول التى تتبنى هذه الإستراتيجية فى أفغانستان والعراق ولبنان وقطاع غزة أسهمت فى ظهور إستراتيجية جديدة لمقاومة إستراتيجية الردع ,كما أسهمت فى رفع حالة العداء ضد الغرب وأمريكا وإسرائيل وظهور بئية ومناخ مناسبين لظهور جيل جديد من المقاومين الجدد أسهم فى إيجاد شكل جديد من المقاومة المنظمة أكثر فعالية وشراسة وتحدى للإحتلال مما اثر كثيراً على فعالية إستراتيجية الردع التى منهجها وإسلوب عملها هو تدمير القوات والجيوش النظامية للدول المستهدفة بالإضافة لإيقاع خسائر فى صفوف المدنيين من أجل زرع الخوف فيهم,حيث أصبحت الآن هذه الإستراتيجية تواجه مقاومة منظمة شرسة لها القدرة على الحركة الفائقة وإستعمال جميع وسائط القتال الحديثة ولكنها غير مرئية بل تعمل بنظام الخلايا المنعزلة المرتبطة بقيادة واحدة لإدارة الصراع المسلح ضد الإحتلال,مما أزعج وأربك الخطط العسكرية لحلف الناتو فى أفغانستان, و أمريكا فى العراق ,وإسرائيل فى لبنان عام 2006 وفى غزوها الآخير لغزة فى بداية هذا العام مما يدلل على نجاح إسلوب إستراتيجية المقاومة الجديد ضد إستراتيجية الردع ,وحيرة الغرب وأمريكا وإسرائيل فى كيفة التخلص من هذه المقاومة الصلبة. عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج باحث وخبير إستراتيجى و متخصص فى شؤن القرن الأفريقى بكالريوس فى الدراسات الإستراتيجية من كلية العلوم السياسية والدراسات الإستراتيجية جامعة الزعيم الأزهرى ضابط متقاعد بقوات الشعب المسلحة السودانية Mobile: 00249-121949950 E-mail: [email protected] www.asimfathi.page.tl