بسم الله الرحمن الرحيم عندما بدأت الكتابة في هذا الأمر لم يكن في بالي أن اتجاوز فيه تقديم بعض التعريفات الأوليّة للمصطلحات المتداولة في علم الحديث و تقديم شرح مبسط لأنواع الأحاديث من حيث الصحة و الضعف وأسباب صحتها و ضعفها و معاني السند و المتن و الجرح و التعديل بالإضافة لنبذة مختصرة لأراء رجال الحديث حول بعض المسائل الأساسية في هذا العلم ثم الإشارة إلى أهم كتبه من صحاح و سنن و مسانيد - كل ذلك بالطبع للقارئ غير المتخصص . لكن ما إن فرغت من الجزء الأول و الثاني لما أسميته ( مدخل إلى علوم الحديث النبوي ) حتى أدركت أنني دخلت في بحر لجّي . فهذا العلم بحر عميق بعيد الساحل . فسعيت ألتمس العون من أهله و جهابذته . و الحمدلله لم يخب مسعاي – فقد أتاح لي بعض الإخوة الأفاضل مذكرة جامعة مانعة في هذا الشأن من إعداد البروفيسور الفاتح الحبر عمر أستاذ الحديث النبوي و علومه بجامعة أم درمان الإسلامية موسومة بعنوان " منهجيّة الكتاب و السنة " . لذلك سأشير في هذا الجزء الأخير إلى بعض المسائل التي فاتني ذكرها في الجزءيين السابقيين معتمداً بصورة أساسية على مذكرة بروفيسور الفاتح - وهي على التوالي : السنة في عموم الشرع و الأدلة على حجيتها ، السنة في اصطلاح المحدّثين ، الحديث الصحيح و مراتبه ، أصح الأسانيد أو ما يعرف ب { السلسلة الذهبيّة } ، ثم كتب الحديث المختلفة . السنة في عموم الشرع: يراد بها ما أمر به النبي ( ص ) أو نهى عنه أو ندب إليه قولاً و فعلاً و لهذا يقال من أدلة الشرع الكتاب و السنة. و الأدلة على حجية السنة هي : أ ) الإيمان بالرسل من لوازم الإيمان فلقد اجتبى الله الرسل من عباده ليبلغوا شريعته إذ يقول الله تعالى { الله أعلم حيث يجعل رسالته } و عليه وجب قبول كل ما يرد عن الرسول في أمر الدين . ب ) هنالك آيات كثيرة تأمرنا على طاعة الرسول مثل : { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يحييكم } و { يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله و الرسول و أولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر } و { و ما أتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا } . ج ) وردت أحاديث كثيرة تدل على أن الرسول ( ص ) أوتي الكتاب و السنة و أوجب التمسك بهما ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه ( تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله و سنتي و لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ) . و في رواية ( تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا : كتاب الله و سنتي ) . السنة في اصطلاح المحدّثين : هي كل ما أُثر عن النبي (ص ) قولاً أو فعلاً أو تقريراً أو صفة خُلقية أوخَلقية أو سيرة سواء كان ذلك قبل البعثة أو بعدها . و هذا يعني أن علماء الحديث إنما بخثوا عن رسول الله ( ص ) الإمام الهادي و الرائد الناصح الذي أخبرنا الله عزّ و جلّ أنه أسوة لنا و قدوة و لذلك نقلوا لنا كل ما يتصل به من سيرة و شمائل و خلق و أقوال و أخبار و أفعال سواء أثبت ذلك حكماً شرعيّاً أم لا . أما الحديث في اصطلاحهم فهو كل ما أُثر عن النبي ( ص ) بعد النبوّة قولاً أو فعلاً أو إقراراً و على هذا فالسنة أعمّ من الحديث و القاعدة : أن كل حديث سنة و ليست كل سنة حديثاً . الحديث الصحيح : هو الحديث الذي اتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط حنى ينتهي إلى رسول الله ( ص ) من صحابي أو من دونه من غير شذوذ أو علّة . يقول الإمام البخاري : أصح الأسانيد ما رواه مالك عن نافع عن إبن عمر و هو المعروف بالسلسلة الذهبيّة. و زاد بعضهم لهذه السلسلة ما رواه الشافعي عن مالك و زاد بعضهم لها ما رواه أحمد عن الشافعي فتكون السلسلة الذهبيّة كالآتي : أحمد عن الشافعي عن مالك عن نافع عن إبن عمر عن النبيّ ( ص ) . مراتب الصحيح : قسّم الإمام النووي الحديث الصحيح من حيث قوة المتن و صحة السند إلى سبع مراتب هي : 1. ما اتفق عليه البخاري و مسلم 2. ما انفرد به البخاري 3. ما انفرد به مسلم 4. ما كان على شرطهما و لم يخرّجاه 5. ما كان على شرط البخاري و لم يخرّجه 6. ما كان على شرط مسلم و لم يخرّجه 7. ما كان صحيحاً عند غيرهما وليس على شرط واحد منهما – أي ما توفرت فيه شروط الصحة إلاّ أن رواته ليسوا من رجال البخاري أو مسلم كتب الحديث : أ ) الصحاح : صحيح البخاري ، صحيح مسلم ، صحيح ابن حبان ، صحيح ابن خزيمة، صحيح ابن عوانة ، صحيح مستدرك الحاكم ( مع التنبه إلى أن الصحاح غير صحيحي البخاري ومسلم يقع فيها أحاديث ضعيفة) . ب ) السنن : سنن أبي داود، وسنن الترمذي، وسنن النسائي، وسنن ابن ماجة ، سنن الدارقطني ، سنن البيهقي ج ) المسانيد : مسندا الإمام أحمد بن حنبل، مسند أبي يعلى الموصلي ، مسند الدارمي ، مسند البزار = = = = = Salah Ali [[email protected]]