لا يبلغ العبد التقى حتى يستوي عنده المادح والذام – تعقيب على سحب مقالة من سودانايل بعد نشرها الأستاذ طارق الجزولي – ومن عبرك لقراء سودانايل الكرام في البدء أعتذر لكل من حس بأنني خدشت شعوره أو أسئت لمعتقداته، وعليه أن يعلم بأنني حسن النية لا أقصد إثارة أي نعرات بل كنت أكتب عن شعوري حيال تطورات الأحداث ، كما يفعل أي منكم بالضبط، أعتذر عن كل حرف أو كلمة أو عبارة تسببت في سوء بغير قصد، وأحترم الشعب السوداني والمجتمع العربي وعقيدة الإسلام الصوفي الذي اقتبست منه العنوان أعلاه لإظهار روح الإخلاص بالمفهوم الإسلامي وقبول احتمال الخطأ وتقبل النقد بصدر رحب، وهذا من روائع ما قرأته في الشريعة الإسلامية. لست غاضباً بسبب سحب المقال بقدر ما سيغضبني عدم نشر تعليقي هذا عليه، فمن باب (الرأي والرأي الآخر فقط) ألتمس من أسرة التحرير نشرها ومن ثم التعقيب عليها إن كان فيه ما يثير. حتى لا تتهم برياء للسلطة وإرضاءها وصفة الإهتراء وتبرئة ذمة. إن المبررات التي ساقها الأستاذ طارق الجزولي في اعتذار سودانايل بعد سحب مقالنا بعنوان ) الغدر والخيانة من صلح الحديبية إلى آبيي الجنوسودانية( http://www.sudanile.com/index.php?option=com_content&view=article&id=53565:2013-05-07-12-18-44&catid=37:2008-05-19-17-15-10&Itemid=63 هي: أولاً: احتواء المقال لمغالطات. ثانياً: احتواءها لإساءات. ثالثاً: احتواءها لمعلومات غير حقيقية. لم أتوقع أن يقوم المقال بإثارة كل هذا الجدل، الا أن هذا التصرف من صحيفة سودانايل الإلكترونية هو دليلٌ واضح على عدم تحلي الصحيفة بسقف الحرية العالي الذي تدعيه ولا منبرا للثقافة الرفيعة والمثاقفة الشريفة والتبادل الحر للأفكار ، وهو إشارة واضحة أن الإعلام الإلكتروني السوداني مازال لا يتمتع بحرية الرأي والإعلام المطلوبة، وبهذا قد تكون أدخلت في قاموسها (رقابة ما بعد النشر) وهي أسوأ من الرقابة القبلية على الصحف الورقية. أنا لست جديدا على الكتابة بالعودة إلى كمية المقالات التي تم سحبها بعد الانفصال مباشر، ولا أعتقد أن سقف المقال قد ارتفع أكثر من سقف مقالاتي السابقة، قد يكون أكثر قسوة بعض الشيء، الا أن هذه القسوة لم تأت بلا مناسبة، بل نتجت عن حدث قائم ومهم بين دولتا السودان وهو اغتيال السلطان والأمير كوال آدول بعد حجزه لستة ساعات انتهت بقتله وهو كان في مهمة رسمية مع زعماء قبيلة المسيرية الذين قدموا له دعوة للتحاور حول التعايش السلمي التي اتضحت لاحقاً بأنها كانت مكيدة أودت بحياته غدراً. وصلتني رسائل من أبناء المسيرية وبعض كتاب سودانايل معقبين على المقال، وبالطبع اختلفت أصواتهم بين المتحسر للحدث والغاضب من محتويات المقال والمادح والذام، وركزت في ردودي لهم بأن يكفوا عن الإساءات على شخصي الضعيف ويعقبوا على ما أثار حفيظتهم من المقال علناً ونترك القراء ليحكموا علينا. قد يتساءل سائل منا: ما هو المعيار الذي أعتمده الأستاذ طارق الجزولي رئيس تحرير صحيفة سودانايل الإلكترونية في سحب المقال؟ للإجابة على هذا السؤال نستعين بالمبررات الثلاثة التي ساقها هيئة التحرير أعلاه في شكل أسئلة فرعية، ما هي المغالطات التي وردت في المقال؟ وما هي العبارات المسيئة؟ وما هي المحتويات غير الحقيقية؟ لا أنكر بأنني كنت غاضب لحظة كتابة المقال وكنت حزيناً جداً لسماعة نبأ اغتيال سلطان دينكا نقوك، ربما أثر ذلك في إبراز المقالة بلهجة حادة، ولكن بعد سحبها من سودانايل استعنت بأساتذتي ومعظمهم من السودان لأسمع منهم وجهة نظرهم، ولم أجد منهم ما يمكن اعتباره إساءة أبداً. وحتى لا يكون قرار السحب تعسفاً كنت أتوقع من هيئة التحرير توضيح مبرراته التي أتت مبهمة وتستحق وقفات تأمل. إذا احتوى المقال على معلومات (غير حقيقية) كان من الأحرى التبليغ بالمعلومات الحقيقية حتى نتعلم جميعنا، يسعدني أن أعرف الحقيقة أينما كانت ولا أسأم من القراءة والسماع بل ستجدني تلميذاً يستوعب ما تمليه من حقائق غائبة عنه، حتى تعم المعرفة، مما يتم سحب المقال ويترك كل هذه التساؤلات التي قد تأثر في نظرة القراء لصحيفة سودانايل ومصداقيتها في التعامل مع الكُتاب. عبرت عن رأي في تبعية آبيي لجنوب السودان ، كما عبر الكاتب العسكري عمر خليل علي موسي من قبل عن انتماء هجليج للسودان في مقالته المعنونة ب "قومية القوات المسلحة وعودة هجليج للوطن ... والأغلبية الصامتة". كلانا نشرنا المقالتين في سودانايل وكلانا في اتجاهات مختلفة فإذا كان المعيار هو (اتخاذ موقف حول المناطق المتنازع عليها) كان بالأحرى سحب مقالته أيضاً، أم يتوقف الأمر على كاتب من السودان وآخر من جنوب السودان! وإذا تأملنا في مبرر (مغالطات) فهذا يذكرني بمقالة السفير على حمد ابراهيم المعنون ب" من هو مجنون جوبا" حيث عرف نفسه بأنه ينتمي الى قبيلة عربية من قبائل التماس العربى الجنوبى فى منطقة - القيقر - الرنك، علماً بأن الرنك والقيقر ليست بهما قبائل عربية ولا توجد قبائل عربية في الأصل في إقليمجنوب السودان باعتراف المجتمع الدولي وبإسناد الوثائق التاريخية بل نتشكك حتى في عروبية المواطنين السودانيين، وقد نشرت سودانايل هذا المقال أيضاً في الإثنين, 16 نيسان/أبريل 2012 بالرغم من هذه المغالطة، فمنذ متى أصبحت سودانايل تسحب المقالات بهذا المعيار!. بالإضافة إلي ملاحظة صغيرة في ديباجة الاعتذار قد أضاف رئيس التحرير عبارة "نكرر اعتذارنا مع شكرنا الجزيل لكل من اتصل بنا من منطلق غيرته على الإسلام". وهذه إشارة على أن (صلح الحديبية) التي أقحمتها في المقال هي سبب الأزمة، فإذا كانت كذلك إذاً أكرر اعتذاري للمسلمين عامة وقراء سودانايل بصفة خاصة، ما فعله المؤتمر الوطني بالإسلام لم يترك لنا مساحة لاستذكار قيمها وفضائلها بل أصبحنا نتوجس في مقابلة كل ما هو إسلامي ونراه من منظور سياسي فقط ليس إلا، الأمر الذي يدفعنا لنسئ دون قصد للإسلام الصوفي. عاتبني الكثيرون من أبناء وطني بأنه لا يفترض أن أكتب في صحيفة سودانايل باعتباري أجنبياً عنها حتى لا أصطدم بمثل هذه الأحداث، ولكنني دائماً أدافع عن صحيفة سودانايل الإلكترونية وأمدحها وأقرأ لكتابها الذين استفدت منهم كثيراً وأحترم أقلامهم جداً منذ بداية الألفية. ولكن قد تبقى أسئلة في ذهني: لماذا تنشر سودانايل مقالات من كتاب مصريون وأمريكيون وغيرها عندما تتعلق المقالة بالمدح والتعظيم بينما ترفض المقالات النقدية؟ هل أثرت عملية القرصنة من (جيش السودان الإلكتروني) على حيادية الصحيفة وألزمها على إتخاذ منهج جديد؟ هل تبنت سودانايل قومية سودانية عربية أسلامية تجبرها لإقامة علاقات طردية مع كُتاب من جمهورية جنوب السودان؟ Ayuiel kon Agirkoy [[email protected]]