كلام الناس الفلسفة ليست فقط أم العلوم وانما هي أيضا مفتاح العلوم، و أنها دليل الانسان الى الحكمة التي هي خيرٌ كثيرٌ كما جاء في محكم التنزيل. لذلك لم يكن من الغريب أن تأتي مداخلة البروفيسور عبد الملك محمد عبد الرحمن استاذ الكيمياء مدير جامعة الخرطوم الاسبق في إحدى جلسات المؤتمر العالمي الأول حول الإمام النورسي ورسائل النور عن علاقة الكيمياء بالفلسفة ، وأن يقول البروفيسور عبد الله حسن زروق شيخ الفلاسفة في السودان إن "إقرأ" التي كانت فاتحة الوحي السماوي هي بمعنى "إسأل"، لأن السؤال هو مفتاح المعرفة. بعيدا عن الخوض في دهاليز الفلسفة التي هي محور هذا المؤتمر العالمي الذي عقد على مدى يومين بقاعة الشارقة بالخرطوم، وبعيدا عن قول الفيلسوف ديكارت: أنا أفكر اذن أنا موجود ، فإننا لا نستطيع انكار دور الفلسفة في الحراك العلمي واليقين الديني الذي ينقل الانسان من مرحلة الإسلام إلى مرحلة الإيمان. نقول هذا بمناسبة اختتام أعمال المؤتمر العالمي الاول حول الإمام النورسي ورسائل النور الذي نظمه قسم الفلسفة بكلية الآداب بجامعة الخرطوم بالتنسيق مع مؤسسة وقف الخيرات في تركيا الذي قُدمت فيه مجموعة من الأوراق التي حاولت استخراج بعض الدرر التي خلفها الإمام بديع الزمان سعيد النورسي . من الصعب في هذه المساحة استعراض ما جاء في هذه الأوراق لكننا نتوقف بالتأمل عند ورقة الدكتور حسن سليمان قيلي الاستاذ المساعد بقسم الفلسفة بكلية الآداب بجامعة الخرطوم الذي اكد أن للنورسي موقفا ايجابيا من الفلسفة وأن "متكلم" من طراز فريد. هذا ما اكده الدكتور عصمت محمود أحمد الاستاذ المساعد بقسم الفلسفة بكلية الآداب بجامعة الخرطوم عندما قال إن النورسي استطاع المزج بين التصوف وعلم الكلام اضافة لما قاله الدكتور حسن من أن للنورسي نظرية في فلسفة التاريخ وعلم الكلام من منطلق توحيدي كلي. عاد بنا د. حسن إلى الجدل القديم حول السببية وقال إن الاسباب عند النورسي أمر اعتباري لتقريب الفهم لعقولنا لكن "الافعال" من الله سبحانه وتعالى، وأن المؤثر الاساسي هو الله الذي لا يحتاج لأسباب، وضرب لنا مثلا لتأكيد ذلك بقصة سيدنا إبراهيم مع النار التي جعلها الله سبحانه وتعالى بردا وسلاما على ابراهيم. بقي أن نعرف أن هذا الإمام المجدد ألف 14 مجلداً موسوعيا تحتوي على 130 رسالة تتناول القضايا الاسلامية بإسلوب عصري وقد كتب معظم مؤلفاته إما في السجن أو في المنفى وترجمت لاكثر من 30 لغة وقد عده كثير من علماء العصر ومفكريه مجدد قرنه. التحية والتقدير لقسم الفلسفة بكلية الآداب بجامعة الخرطوم التي أتاحت الفرصة للدكاترة والاساتذة والطلاب وغيرهم من المهتمين بالفلسفة والفكر الانساني مساحة واسعة للعصف الذهني في رحاب فلسفة الإمام النورسي الذي اجتهد في ربط التصوف بالحراك الايجابي نحو إصلاح المجتمع وتغييره لإخراج البشرية من الظلمات إلى النور.