Ayuiel kon Agirkoy [[email protected]] يفرقنا الكثير من الحلقات التي لا ولن ترأها مالم تخرج من الحاجب الذي لا يجعلك ترأنا على حقيقتنا من خلاله قد قلت في حوارك مع (المغربية رحموني) بأنك شقيق الفجر المسجّي على خدّ الأفق الوردي، أما أنا فشقيق الفسق والفجور المسَجى على شعب وطني من قلمك. أنت أبصرت النور لأول مرة في مستشفى دنقلا وسط قابلات، أما أنا فأبصرت النور في أتون حرب بعد ما إمتلأت عيناي بدماء أمي وهي تكبس على فمي بيديها حتى لا يتسبب صوت صرختي في قتلنا. فإذا كان مخاض أسبوع واحد تستحق أنت فيها تسمية (سليم) فبماذا تسمي إبن إمرأة أسيرة وعلى خدودها دموع ودم _ وهي تلد في نفس اللحظة؟ أنت نشأت فى بيئة زراعية خضراء للغاية، نخيل باسق يكاد يعانق السماء على ضفاف النيل ،ونبات ذرة وقمح يتمايل مع النسيم العليل، يقطر الندى ليبلل أوراقه مع الصباحات الندية، أما أنا فنشأت في بيئة دموية حمراء، جهاد خانق يكاد يبني خزان من جثث آبائنا على مسار النيل، ودوي الإنفجارات وقمع الأهل مما لا تسمع للنساء غير العويل، ويقطر الدموع على خدود أمهاتنا مع الصباحات العصية، في إنتظار فجراً للحرية. كنت مثلك ، مشيت خلف أغنام الأسرة راعياً لها في صغري، كنت صديقا للنّهر العظيم الذي كان منزلنا العامر يرقد فى حضنه، تعلمت السباحة فيه، ولكن نختلف في تحذير الأهل، فقد حذروك من التماسيح البيضاء وتيارات النهر الجارفة التي تلتهم الإناس، أما أهلي فحذروني من أمة تفعل أسوا مما تفعله تلك التماسيح البيضاء من رق وإلتهام وخطف وإلخ، لا أنوي كتابة تحذيرات الأهل حتى لا أفقد فرصة نشر المقالة في صحيفة الصحافة رداً لك، ولكن تحتوي تحذيراتهم وإختلافاتنا - بأن تلك النهر قد سميت ببحر العرب كما أطلقت مصطلح (العرب) على معظم أداوت ثقافاتنا (الصمغ العربي، لحوم العربي...الخ). عجباً يا أستاذ سليم عثمان، كنت أقرأ لك الكثير مثل كيف نهزم اليأس وكلكم مجانين - وحدي العاقل...إلخ، وأستمتع في قراءتها أكثر من مرة، ولكنك أخذت خطوة أخرى بعيدة عن دائرة إهتماماتك الثقافية، ربما هي رد الأعتبار لجماعة التيار بقيادة الترابي آنذاك ، لأنه لا أحد يناطح في نهر قرية الزورات، ولكنك تركتها هنالك في أقصى شمال الوطن وتساهم في حكمة ما تسميه (بركان آبيي) في نهر كير أو نهر العرب كما يحلو في فوهك نطقه. إنها قدري وقدر شعب وطني أن نقتلع الطعام والماء والأرض وحتى السكينة فبالتالي نصارع من أجل الحياة، فنعمات الله مسلوبة مننا، حتى الحكومة عاجزة عن رد الحقوق لأهلها مما أتاح لك مساحة للإبتكار والتسمية والتقنين فعجباً. لم أقرأ مقالتك اليوم في صحيفة الصحافة المعنونة ب " أحكموا فوهة بركان آبيي"، بل راسلني بعض النشطاء والمهتمون من الخرطوم وقد برز في رسائلهم هذا السؤال لشخصي الضعيف: للزميل أيويل: "هل تسمح الحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان بأن يكتب كتاب شماليون في صحف جوبا ؟ ويقولون مثلاً بتبعية آبيي للشمال؟" سأرد للسؤال لاحقاً بعد أن أقرأ المقالة بأكملها، لك التقدير، وأختم حديثي بالشكر الجزيل للأخ الأستاذ طارق الجزولي والدكتور الرفيع بشير الشفيع وكل من راسلني، وكل قراء سودانايل وهيئة تحريرها، وأتمنى للأمة السودانية أن تتعافى من آفة الإقتتال والتشرذم في دارفور وكردفان والنيل الأزرق، وأتمنى مزيداً من الحريات الصحفية، ومذيداً من الإنفتاح والوعي الجمعي بين شعبي دولتي السودان.