وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    قرارات اجتماع اللجنة التنسيقية برئاسة أسامة عطا المنان    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    مناوي : حين يستباح الوطن يصبح الصمت خيانة ويغدو الوقوف دفاعآ عن النفس موقف شرف    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة الإمام الصادق المهدي في ليلة تكريم المعلمين بحزب الأمة
نشر في سودانيل يوم 23 - 05 - 2013


بسم الله الرحمن الرحيم
حزب الأمة القومي
الأمانة العامة دائرة الفئات (أمانة المعلمين)
ليلة التكريم الكبرى
تكريم الإمام الصادق المهدي لنيله جائرة قوسي للسلام الدولية
والاحتفال بمصححي الشهادة السودانية
تكريم قدامى المعلمين والمتفوقين في مرحلة الأساس
19 مايو 2013م
كلمة: الإمام الصادق المهدي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
أخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي
السلام عليكم ورحمة الله
يسعدني ويسعد حزبنا كله المشاركة في هذا التكريم للمعلمين والمعلمات، فهم الذين على يدهم تنشأ الأجيال.
الكائنات كلها تتفاعل بين فطرتها والطبيعة، ولكن الإنسان منذ أن عرف اللغة صارت اللغة والثقافة هي وسيلة تطوره. تراكم هذا التطور جيلاً بعد جيل صانعاً الحضارات، ولا شك أن الإنسان منذ أن عرف القراءة والكتابة صار التعليم هو أداة تراكم ونشر المعرفة، فهو وسيلة تراكم المعرفة الإنسانية، وزيادة القدرات الإنسانية.
التنمية التعليمية والتربوية هي أساس التنمية البشرية لا سيما في هذا العصر الذي صارت فيه المعارف الإنسانية والاجتماعية والتكنولوجية هي ميدان وميزان التمايز بين الناس وأساس التسابق بينهم، على أساسها يصنف الناس ويبنى سلم الارتقاء الإنساني.
التعليم في عصرنا هذا يرتكز على ثلاثة ملفات: الأول: الأسرة، الثاني: المدرسة، الثالث: المجتمع.
من ينظر لحالتنا في السودان يجد في هذه المسائل الثلاث أمراً إِدًّا إذ يها عيوب ما إن مفاتحها (لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ). إذا بحثنا عن العيوب التي تراكمت في هذا العهد لا يصعب علينا أن نرى:
العيوب الأمنية: كيف أن البلاد تمزقت وما زالت تتمزق.
العيوب الاقتصادية: كيف أن الناس تشقى في معيشتها.
العيوب السياسية: كيف أن المجتمع منقسم على نفسه.
العيوب الدولية: كيف أن السيادة الوطنية ضاعت وأن السودان صار تحت وصاية أجنبية، والدليل على ذلك قرارات مجلس الأمن المكبلة للسودان المجرمة لنظامه، ووجود آلاف الجنود الأجانب بحجة حماية المدنيين من حكومتهم، وهكذا.
نجد هذه العيوب الكثيرة، ولكن العيب الكبير الآن الذي نريد أن نتحدث عنه في مجال التعليم لأن هنا عيب كبير، في المجالات الثلاثة التي ذكرناها:
المجال الأول الأسرة: الأسرة السودانية الآن مأزومة أزمة طاحنة متعددة الجوانب. الزواج في قلة والطلاق في كثرة، والعنف سائد في الأسر بطريقة غير معهودة وغير مسبوقة، والعطالة حيث أبناؤنا وبناتنا يتعلمون ويأخذون شهاداتهم ثم لا يجدون عملاً، ثم هناك عدد كبير صوّت بأقدامهم مهاجراَ إلى الخارج، وهناك من هاجروا من وعيهم بالمخدرات، فالبعض هاجر للخارج وآخرون هاجروا من وعيهم، والأمراض الوبائية، كل هذه الأشياء جديدة على المجتمع السوداني لم يعهدها، والخلاصة إن أساس التربية الأول (الأسرة) مأزوم.
المجال الثاني المؤسسات التعليمية: وهذه القضية فيها كبيرة. التعليم كان ينال في ميزانية السودان 25% الآن أقل من 3% لأنه رُفع الدعم عن التعليم، وصار الحال مثلما يقول أهلنا في مصر "اللي ما عندوش ما يلزموش" وهذا سبب مشاكل كثيرة جداً وانعكست أيضا في كل المستويات المتعلقة بميزانية التعليم. وحينما ننظر إلى خريطة التعليم نجد الآتي:
- ضمور في محو الأمية العامة.
- ضمور في محو الأمية المهنية.
- تخبط في رياض الأطفال.
- عدم توازن في تعليم القرآن في الخلاوي لأنهم يعلمون الناس القرآن حفظاً، ولكن لا يتلقون أي مهارات يعيشون بها.
- ضمور في التعليم الفني، وهذا من نتائجه مخاطر كبيرة طبعاً، حيث لا يوجد الفنيون المهرة الذين يحتاجهم الناس في المجتمع الحديث في مجالات السباكة، والحدادة، والنجارة وغيرها والنتيجة صار الناس يستوردون هذه العمالة من الخارج.
- والتعليم الخاص اتسع على أساس يقوم في الغالب على التربُّح لا على الفاعلية التعليمية.
- وكنا نطالب بإدخال حقوق الإنسان في التعليم، لأن التعليم الآن يخرّج نماذج من أبنائنا وبناتنا غائب عنهم الوعي بحقوق الإنسان. صحيح لم يكن تعليم حقوق الإنسان موجوداً قبل هذا النظام، ولكن في الفترة الماضية نما الوعي بحقوق الإنسان في العالم، فكان ينبغي أن يواكب التعليم في بلادنا ذلك بتعليم حقوق الإنسان.
- انتشار العنف. والسودان لم يشهد هذا النوع من العنف من قبل أصلاً.
- تخلف التعليم الديني. لقد اطلعت على كثير من المراجع، يدرسونهم مفهوماً منكفئاً مغلقاً للولاء والبراء بأن كل من يخالفونك العقيدة لا يوجد أي أساس للعلاقة معهم، بينما ربنا سبحانه وتعالى يقول: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [1].
- وتحدثنا عن أن هناك ضرورة في المراحل المختلفة لإعطاء ثقافة جنسية، قالوا هذا أمر عجيب كيف نعلم والأولاد البنات السفاهة؟ إننا عندما نقرأ القرآن نجد العديد من الآلفاظ الجنسية: النكاح، والطلاق، والعدة وهذه كلها جزء من الثقافة الجنسية، والناس يحفظون القرآن ويصلون به ويتعبدون بتلاوته، هل يكون ذلك بدون أن يعرفون معناه؟ ضروري أن يعرفوا معناه وهذه هي الثقافة الجنسية، فالثقافة الجنسية ليس أن تدعو الأولاد والبنات للموبقات، ولكن أن تفهمهم وتدرسهم لكي يعرفوا أيضاً أن هناك عادات سيئة لا بد أن يجتنبوها، ويعرفوا أن هناك أمراض لا بد يعرفونها ويتقونها. هذه الأشياء لابد يعرفونها ثقافة والإنسان لا يستحيي من العلم، لا حياء في العلم، والذي يستحي في العلم حياؤه في غير محله.
- ولدينا الآن ضمور في المدارس في البرامج اللاصفية: الرياضة، والثقافة...إلخ. كل هذه الأنشطة اللاصفية المهمة جداً كانت موجودة.
- ثم العيب الكبير في السلم التعليمي الذي ممكن أن يجمع أعمار وكبيرة صغيرة في حوش واحد لفترة طويلة، وهذا ممكن يكون له صلة كبيرة بكثير من الممارسات السالبة الموجودة حالياً.
- إهمال الكادر المعلم في مرتباته وفي تدريبيه وفي بعثاته، في الماضي كانت هناك بعثات للمعلمين والآن هناك ضمور في مشروعات البعثات للتخصص في البلدان المختلفة، وهذه كلها كانت متاحة وضرورية لكي يتعلم المعلم نفسه ويستطيع نقل معارفه لتلاميذه.
لا شك في أن هذا كله نتيجة لأن الميزانية المتعلقة بالتعليم ميزانية حقيقة "عطيّة مزين"، أقل من 3% من الميزانية العامة. الصرف على ما يسمى الميزانية السيادية أي مصاريف القصر بما فيه من مساعدين ومستشارين إلى آخر هذه الألقاب الكثيرة يأخذون 10% من الميزانية، أي يساوي ما ينفق من الميزانية على التعليم وعلى الصحة وزيادة.
- وهناك تورم في التعليم العالي. السر في تصرفات هذا النظام دائماً ليست مربوطة بالمصلحة الوطنية، ولكن مربوطة بمصلحة النظام. لماذا تورموا في التعليم العالي؟ لأنهم قالوا هذه البلد فيها طائفية وفيها التزامات لأحزاب قديمة، ولذلك كلما وسعنا في التعليم العالي كلما انحاز هؤلاء الطلبة إلينا ونكون حررناهم من قبضة الطائفية. والحقيقة التي حصلت هي أنهم ممكن يكونوا حرروا الطلبة من تقاليد قديمة أو ولاءات قديمة ولكنهم لم ينحازوا إليهم بل انحازوا لروابط قبلية ولروابط جهوية، ومؤكد صاروا بصورة كبيرة جداً ضدهم لأنهم صحيح عملوا زيادة ورمية في التعليم العالي ولكن لم تصحبها تنمية لكي يعملوا ويتقلدوا وظائف لذلك أصبحت لدينا كمية كبيرة جداً جداً من أبنائنا وبناتنا خريجون وخريجات لم يستطيعون الشغل، وكثير من الناس يستغربون أين ذهبوا هؤلاء الناس؟! هم إما ذهبوا للمهاجر، وإما ظلوا في بيوتهم في حالة من التعاسة والشقاء، وإما رفعوا السلاح وانضموا للحركات المسلحة، إذ ليست معقولاً أن تعلم الناس وتتركهم وهم يظلون حيارى بل لا بد أن يجدوا وجهة ليمشون فيها. ولذلك هذه مسألة خطيرة جدا أن لدينا كمية هائلة جداً، لا تقل عن من مليون خريج وخريجة، لديهم شهاداتهم ولا سبيل لهم للشغل. هؤلاء لا شك سيكونون منضمين لحركات احتجاج وحركات غبينة أو للممارسات السيئة في المجتمع، وهذا كله نتيجة لعدم الربط ما بين التعليم والتنمية. والحقيقة أننا إذن نواجه في هذا الموضوع مشكلة خطيرة جداً، بأننا نفرخ تعليماً دون المستوى، لأنهم يخرجونهم في الغالب بمستوى معرفة للقراءة والكتابة قليل، سواء بالعربي أو الانجليزي وبكل اللغات، أي تعليمهم ناقص لكنهم يحملون شهادات مما هبط بتقدير ومستوى تقييم الجامعات السودانية.
- ولأن الميزانيات المتاحة للتعليم قليلة، صار كثير جداً من أساتذتنا المتخصصين يهاجرون بكميات كبيرة جداً إلى خارج البلاد، وفقدهم السودان.
- مع هذا الورم في التعليم العالي، هناك ضمور شديد في التعليم الفني وهذا أيضا من الأضرار الكبيرة جداً التي حصلت للبلاد، لأن التعليم الفني مهم جداً للتنمية. والإنسان الذي لديه تعليم فني لديه صنعة يعرفها يستطيع أن يشتغل حتى في المجال الحرفي، ولكن إذا كان تعليمه لا يؤهله لذلك لا طريقة له ليشتغل، لذلك لدينا عطالة كبيرة جدا في الخريجين ولدينا الآن ملايين، لا أعرف ما هو الإحصاء الأخير للعمالة الأجنبية، ولكنه عدد كبير جداً، والعمالة الأجنبية هذه بقدر ما أنها صارت مهمة لكثير من الناس بقدر ما هي تصدر العملة الصعبة وهذا يؤثر مباشرة سلباً على ميزان المدفوعات في البلاد. ولا شك أن لدينا خسارة في هذا الصدد من جانبين: أبناؤنا وبناتنا المغتربون لا يحولون عبر القنوات الرسمية مما يساعد الاقتصاد لسبب بسيط هو أن السوق الأسود بينه وبين السوق الرسمي فرق، فلماذا يخسر ويحوّل عن طريق السوق الرسمي؟ عدم تحويله عن طريق السوق الرسمي خسارة، والخسارة الثانية من العمالة الأجنبية التي تشتغل وتصدر بالعملة الصعبة. فالضرر كالمنشار (طالع ياكل ونازل ياكل).
إذن نحن لدينا للأسف هذه الملامح في التعليم، وكلها تدل على أنه إذا كنا نشعر بأن هناك مضرة تنموية ومضرة أمنية، ومضرة سياسية، فهناك كذلك مضرة كبيرة جداً في التعليم، وعلينا أن نتبين ذلك خصوصاً في مناسبة الاحتفال بالمعلمين، لأن هذا حقلهم ومجالهم الذي لا بد أن يركز الناس على المشكلة فيه. وأظنكم تدركون أننا في حزب الأمة وهيئة شئون الأنصار عاملون الآن على أن نقيم مؤتمراً لكي يشخص الحالة في التعليم ويقول ما هو الحل، لأنه لا يكفي فقط ذكر الأخطاء.
المجال الثالث: الإعلام: وأريد لمن لديه قنوات فضائية أن يبحث فيها. القنوات الفضائية للأسف الآن صارت تركز على أمرين: إما وعظ من شيوخ "ما جايبين خبر الدنيا" يتكلمون خارج التاريخ، وعن أمور غير معقولة مثلاً أنهم يريدون أن يستردوا ملك اليمين، وكأنهم ليسوا مع الناس في هذا الكوكب ولا معهم في هذا الزمن، وقد جمعت فتاويهم إذا سمعها الواحد يضحك (نضحك مما نسمع) لأنها فتاوي عجيبة جدا ومدهشة. فتاوى ومواعظ تغيب العقل إذا أردت الاستماع إليها لازم تضع لك "قنبور" فإن لم يكن عندك "قنبور" لا تستطيع أن تسمعها بارتياح، برامج تغيّب العقل. ومن جانب آخر أيضاً برامج أخرى تغيّب الأخلاق. بنات عاريات جميلات مستعرضات في فيديو كليب أو في الإعلانات، لو كانت دعاية عربية يأتون ببنت عارية لجذب الناظرين. كل الفضائيات شغالة بصورة غريبة جداً في الهجوم وفي تغييب العقل وتغييب الأخلاق. وطبعا للأسف لا يستطيع الناس أن يمنعوا اطفالهم أن يستمعوا ويشاهدوا. صحيح هناك بعض القنوات وبعض البرامج مشفرة، ولكن عموما الناس يشكون من هذا الجانب في البرامج العامة، أما البرامج الخاصة بالأطفال فغالباً ما تعظم القوة: سوبر مان، اسبايدر مان، وغيرهما من الأبطال الذين يعملون مسائل خارقة، وحتى ألعاب الفيديو كلها عنف (تراخ تاخ..ضرب واضرب) كله قائم على تعظيم القوة والعنف وليس به معانٍ تربوية. فهذ مشاكل كبيرة تجعل عندنا تأزم ثلاثي الأبعاد في الأسرة وفي المدرسة وفي المجتمع والإعلام وهذه مسائل خطيرة جداً.
نحن نعتقد أننا لا بد نعمل على عقد المؤتمر المذكور ونريد كل المعلمين والمعلمات أن يستقطبوا معنا لعمله وذلك لكي يقوم المؤتمر بثلاث أشياء:
أولاً: يقيم المؤتمرات التي عقدت في الفترة الماضية ويقول رأيه فيها.
ثانياً: يعمل تشخيص كامل للحالة التعليمية في البلد، وقد قمت الآن ببعض التشخيص.
ثالثاً: كتابة الروشتة، ماذا نعمل في هذا الأمر؟
هذا النظام لا شك أنه إلى نهاية، ولا شك أن العزائم الموجودة حالياً ستعمل على إقامة نظام جديد، نحن فقط نتدبر كيف يقوم هذا النظام الجديد بصورة أقل سفكاً للدماء، ولذلك نحن ماشين إن شاء الله في هذا العمل ونعتقد أنه سيقوم إن شاء الله نظام جديد يعتمد على تأييد الشعب ويصحح هذه الأخطاء بصورة واضحة وقاطعة وجذرية. وحينها نريد أن نكون مستعدين ببرامج فيما يتعلق بالملف التعليمي.
وبهذه المناسبة فإن لدينا الآن مشاريع سوف نسير في تحقيقها بالمسائل الطوعية: لدينا البقعة الجديدة، وأبا الجديدة. فكرة البقعة الجديدة ليس أنها مجرد منشأة، بل أننا نريد عمل نموذج جديد للتنمية الحضرية في السودان تنطلق من البقعة الجديدة. وأبا الجديدة نموذج جديد للتنمية الريفية في السودان. التنمية الحضرية طبعاً تتناول مسألة المساجد ودورها ومحو الأمية المهنية، والتعليم، والخدمات الصحية، وفي هذا الصدد لا بد أن نحدد ما هي الوسائل والهياكل الجديدة التي نريد أن نعملها في مجال التعليم، ونريد أن نبدأ في هذا العمل في البقعة الجديدة بنموذج للتعليم الجديد، وسنعتمد على نصائح أو وصايا أو مخرجات المؤتمر التعليمي، حول المطلوب لنطبقه هنا بدءاً من الروضة إلى الجامعة، لكي يصير نموذجاً للتعليم الجديد يمكن أن يقتدي به الناس في المراحل المختلفة. كما ينبغي تحديد ما هي هذه المراحل: تحديد السلم التعليمي والمناهج، كل هذه تدخل بحيث يكون هذا نموذج خطة رائدة (pilot scheme) نموذج لما يريد الناس تطبيقه في المجالات المختلفة من لتعليم وصحة.. الخ، فتصير البقعة الجديدة نموذجاً عملياً وليس كلاماً نظرياً لما يمكن عمله للإصلاح. الهدف أن يعمل هذا إن شاء الله في البقعة الجديدة ويعمل شيء مماثل في الجزيرة أبا وهذا كشيء خارج النطاق الحكومي، في القطاع الخاص أو العمل الطوعي ولكن الفكرة أن ذلك يؤسس لمعاني ممكن يستفاد منها بعد ذلك في المجال العام.
ختاماً أحي أبناءنا وبناتنا المصححين على مشاركتهم معنا، وأرجو أنهم يشتركوا معنا أيضاً في هذا المؤتمر المزمع الذي سوف يخاطب كل مشاكلهم ويتبنى كل الحلول الرائدة التي يعتقدونها فيما يتعلق حاضر التعليم ومشاكله، ومستقبل التعليم في السودان.
والسلام عليكم ورحمة الله،،
ملحوظة: ألقيت الكلمة شفاهة وأفرغها المكتب الخاص للحبيب الإمام الصادق المهدي من تسجيل الفيديو.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.