بقلم د. طبيب عبدالمنعم عبدالمحمود العربي - لندن قبل فترة كتبت عن عالم من علماء الطاقة الشمسية مات خلسة وكنت قد تعوذت وحوقلت وضمائري المستترة تركتها للقارئ ولا اخفي سرا انه يحز في نفسي أننا ننتمي الي وطن كتبت لأهله المعاناة الدائمة التي اعجزت الطب والطبيب من الحروب الشاملة الجائرة ومن الجهل المتفشي والفقر والمرض العضال وسرطانات لم يعهدها المواطن منذ غابر الزمان وأهوال كثيرة تغالب حبنا الكبير لتلك الأرض والتي قد تصحرت فيها الحياة وصارت سلوى المجتمع الرئيسية التلاقي في بيوت العزاء للكبار ونجوم الغد الحانا ملهاتاً للشباب الجامعي آذي ينتظر منه الكثير. المستشفيات تدهورت فيها الخدمات الأساسية للفرد المسكين وجل أهل السودان لا حول لهم ولا قوة من معاناة الجيب الذي يعاني من أنيميا مزمنة يصعب علاجها وأطباء كثر صغار كانوا ام متخصصون قد عادوا الي أماكن عملهم في أروبا وآخرون هاجروا الي دول الخليج بعد ان تعذر عليهم الصبر والثبات في تلك الظروف الصعبة علماً ان ليس كل طبيب استشاري بقي ثابتاً في السودان غني الجيب. أما أغنياء الجيوب القلة من الاطباء والمواطنين رجال الاعمال فقد اكتفوا وسعدوا بوجود المستشفيات الملكية التي لم تجد من يقيم وضعها برمته (صلاحية مبانيها كمستشفيات من ناحية توزيع المساحات ثم كيفية معاملة المرضي وذويهم انسانياً وعلاجياً الخ) رغم تلك الاحباطات يهيئ الله" لتشتيلة" ما النمو في مكان ما ثم الازدهار رغم التصحر وتغير المناخات. مثال لذالك من اطبائنا نفر اغنياء نفس جعل منهم الله بذراً صالحة تقاوم الجفاف والصعوبات تظل تنموا حتي يأتي أكلها فاكهة طيب مذاقها جميل منظرها تسر الناظرين. سعدت هذا الصباح بخبر سرني وسيسر كل سوداني ان الاخ الصديق والزميل البروفيسور احمد الفحل ( احمد حسن الفحل) أستاذ الجراحة بكلية الطب في جامعة الخرطوم قد دعي الأسبوع الماضي ليقدم محاضرة عن مرض المادورا (Madura Foot) أمام هيئة وزراء الصحة العالمية المنعقدة بجنيف ثم من بعداجتماع مع منسقية طب المناطق الحارة بجنيف. احمد الفحل يحمد له انه من الشباب الذي كانت له الفرص متاحة لكي يهاجر مثلي ومثل الكثير غيري لكنه اثر البقاء وظل يعمل في تواضع وصمت حتي بدأت ثمار نشاطه العلمي تنمو وتترعرع لتعبر حدود الوطن. لمن لا يعرف احمد هو من النشطين جداً اكلينكيا واكاديمياً في علاج ومكافحة مرض نبت الأرجل الذي يسمي ايضاً برجل الفيل والذي تسببه جرثومة فطرية تعرف بال (Maycetoma) وهي من أخطر أنواع الفطريات التي تشمل شريطا عريضاً يمتد من أفريقيا ماراً بدول متعددة من آسيا تشمل السعودية وحتي الهند وإندونيسيا وحتي أميركيا اللاتينية . بروفيسور احمد وجماعته كونوا مركز بحوث ألمادورا في الخرطوم الذي صار معروفاً عالميا وقد تتوجت بحوثهم باكتشاف نوع من المايسيتوما لم يعرف من قبل وقد أضيف الي الفصائل المايسيتومية الأخري . ايضاً احمد فحل ذو نشاط يعلمه كل الزملاء الأطباء في جانب مهم وهو انه من الدعائم الكبري في إنشاء مركز المواكبة العلمية وتنمية المهارات الطبية والمركز خلية نشطة بجميع أنواع الورش العلمية والتدريبية للطلاب والاطباء علي مدار السنة. أعود الي حصيلة الزيارة الميمونة الي جنيف والمحاضرة والنقاش الخ ان هيئة الصحة العالمية قد ثمنت جهود السودان العلمية بخصوص مرض ألمادورا الذي يصعب علاجه وللمرة الأولي في التاريخ يتم الاعتراف في ذالك لاجتماع ان مرض ألمادورا من أمراض مناطق الطب الحارة مفقود الهوية نتيجة النسيان بل عدم الاهتمام وعليه تقرر الاعتراف بالمرض وعدم مفاضلة أمراض أخري عليه ثم الإعلام والتوعية البشرية والعمل علي الوقاية والمكافحة ثم التشخيص المبكر للعلاج المبكر قيام الدول بتاهيل ذوي الاصابة بعد العلاج لان منهم من يفقد رجله وأخيرا تقرر ان يوظف المال الكافي دعما لمكافحة هذا المرض الذي يمتد حزامه حتي دول أميركيا اللاتينية مثل المكسيك وبيرو. أهنيء البروفيسور احمد فحل خاصة وزملائي الاطباء في الداخل وفي الخارج علي هذا لإنجاز المقدر وأكيد خلف الكواليس أطباء معه وآخرون ايضاً يعملون في صمت وصبر علي ضيق ذات اليد باحثين في تخصصات اخري مختلفة علينا ان تعينهم بالدعم المادي والمعنوي وللدولة أولا واخراً قصب السبق في هذه المجالات يجب ان تنتبه له. عبدالمنعم عبدالمحمود العربي