المثل الشعبي السوداني يقول (تجري جري الوحوش وغير رزقك ما تحوش)، وعند سؤال أي فرد عن حاله وأحوال الأهل تأتي الاجابة (الافتراضية) الفورية على هذا السؤال (ياخي نحن فاضين من الجري). الجري .... الجري اجابة واحدة (مكررة) على لسان كل سوداني مهما تعددت صيغة السؤال، ويبدو أن الشعب السوداني كله مسجل في فريق الجري الدولي {الرياضة الجماهيرية}. قال أحد كبار السن مداعبا لأحد الشباب من عائلته، الذي أجابه: والله جارين ياعمو (ياولدي جاري ليه ما تمشي براحة). فالناس كلها تشكو من (الجري). وهذا كناية وتعبير عن الظروف الحياتية (القاسية) التي يعيشها الناس، حيث أصبحت الأمور كالدوامة تدور بهم تارة تجاه (عقرب) الساعة وأخرى (عكس) عقاربها. وهو تعبير ايضا عن (الحراك) الاجتماعي الذي يقتضي أن تزور في اليوم الواحد دون (هوادة) او راحة العديد من الأماكن والمرافق العامة بصرف النظر عن مواقعها على الخريطة السكانية، وبصرف النظر عن (حالتك) الراهنة، حيث يستوجب أن تعود قريبا لك خضع لعملية جراحية في مستشفى أو (راقد) في المستشفى وفي الوقت ذاته (تجاهد) جهادا مريرا أن تقوم بواجب العزاء في قريب صديق/جار/زميل عمل لك يسكن في أطراف العاصمة أو في ريف شرق النيل أو شمال امدرمان أو غيرها من أحياء العاصمة المثلثة التي تمددت افقيا بشكل يجعل مهمة (الجري) صعبة وقاسية حتى على الذين يمتلكون السيارات، فالشوارع قد (غصت) بأعداد (غفيرة) من المركبات حتى أضحت (عنق) زجاجة كبير (تختنق) فيه حركة المرور فلا تجد (متنفسا) ولا حتى (خرم) ابرة تستطيع من خلاله اختراق (حاجز) السير. ولا يكاد الاسبوع يمر بخيره وشره من (المنغصات) التي تستدعي زيادة (وتيرة) الجري للحاق بايقاع الأحداث السريع، الا ويأتي الاسبوع الذي يليه بأيامه وساعاته ولحظاته (الحبلى) بأحداث أكثر (اثارة) من التي مرت وتستوجب (جريا) بخلاف الجري المعتاد، أسرع من (جري الوحوش) وفي خاتمة المطاف غير (لومك) ما تحوش. هناك من يلقي عليك باللائمة، قريب في مدينة أخرى تستوجب جري (البصات) أو صديق أو زميل الطريق الى (قريتهم) مفروش بالعقبات. هذا اضافة الى متطلبات عملك واسرتك فالعديد من العاملين قد بعدت أماكن أعمالهم من مناطق سكنهم مما يستدعى قضاء و (استهلاك) قدر غير يسير من اوقاتهم في (الترحيل) أو الجري وراء وسائل المواصلات التي تعمل كلها في خطوط متوازية، حيث يضطر الموظف الى أخذ أكثر من وسيلة مواصلات و(خط) للوصول الى مقر عمله والعودة على نفس المنوال. وكثير من العاملين يغادرون بيوتهم ويتركون اسرهم في ساعات مبكرة من الصباح ويعودون اليها في ساعات متأخرة ربما بعد حلول الظلام . ويترك (الجري) وراء (المعائش) هامشا يسيرا للعاملين للراحة والاستجمام والنوم لاستجماع قواهم واستقطاب نشاطهم واستنفار (لياقتهم) استعدادا لخوض (غمار) مايخبئه لهم (يوم بكرة) من مفاجآت {غيرسارة} في (مضمار) الجري وراء (اكسبريس) الحياة الاجتماعية بكل ماتذخر به من (ارتباطات) و(مطبات) ومتطلبات. واذا كان لك أطفال صغار فكان الله في عونك وفي هذه الحالة يستدعي الأمر ان تلتحق بنادي رياضي أو دورة رياضية في (فنون) الجري لكي تعزز من قدراتك ومهاراتك المتعلقة بالجري وراء تلك (الوحوش) الكاسرة المتمثلة في رياض الأطفال ومدارسهم والأسواق ومناطق الترفيه و (الملاهي) وغيرها من الطلبات المتعددة لأفراد الأسرة، وأسأل الله الا يمرض لك صغير فمناعتهم (كنواحي السلامة في الركشة)، ولا ينزلق لك كبير لأن عظامهم (هشة)، وألا يبتليكم الله بمعاملة في مكاتب (الحكومة) لأنك في هذه الحالة ستعاني كثيرا من (مضاعفات) الجري وستظل تجري من حوش الى حوش وغير (الفشل) وخيبة الأمل (ماتحوش). alrasheed ali [[email protected]]