ألقى الكاتب والناشط الحقوقي الأستاذ كمال الجزولي مزيداً من الضوء على أطروحته التي أثارت الكثير من اللغط مؤخراً، وقال إن ما طرحه في ندوة (الحل الرشيد) بقاعة طيبة برس بالسبت 8 يونيو هو نفس ما سبق أن طرحه في ملتقى (حق) بمشاركة بعض قادة الإجماع، كالسيد الصادق والأساتذة هالة عبد الحليم وإبراهيم الشيخ وعبد العزيز خالد وجمال إدريس وآخرين. واستطرد قائلاً في تصريح لسودانايل: أنا معارض ولا يمكن أن أقول المعارضة ماتت، لأن المعارضة موقف سياسي وفكري وحركي لمعظم القوى السياسية، لكنني قلت إن (الإجماع الوطني) كشكل لتحالف أحزاب هذه المعارضة هو الذي شبع موتاً، واستدللت على ذلك بالشقاقات والشتائم والإهانات التي تكاد تسم علاقة مفردات هذا التحالف ببعضها البعض، وربما ليس آخرها وصف المهدي، زعيم أكبر هذه القوى، لحلفائه بأنهم (طرور وكرور .. الخ)، وكذلك (تخوين) الآخرين للمهدي، واتهامهم له بالتقارب مع النظام من خلف ظهرهم. والحقيقة أن هذه كلها نماذج ل (حراق روح) ينتاب جميع مفردات الإجماع جراء إصرارهم على الاستمرار في البقاء في تحالف لم يعد مناسباً كمنصة توحد حراكاتهم ومشروعاتهم المعارضة، ووصف الجزولي ذلك بأنه يشبه سلوك (أدروب الولوف) كما في الطرفة الشعبية المشهورة. ومضي موضحاً أن للتحالفات جدليتها الخاصة، فكل تحالف هو كيان مؤقت يوجد لينتهي، وليس زواجاً كاثوليكياً، أما المحك فهو مدى القدرة على التقاط اللحظة التاريخية الصائبة لقيامه، واللحظة التاريخية الصائبة لانتهائه، والخطأ كل الخطأ في الغفلة عن أي من هتين اللحظتين. وضرب الجزولي مثلين لذلك، الأول من النموذج الإيجابي المتمثل في فض التحالف الذي كان قائماً عام 1960 1961م، مما هيأ لتبلور تحالفات أخرى أكثر ملائمة باتجاه ثورة أكتوبر 1964م، أما الثاني فهو النموذج السلبي المتمثل في استمرار الإبقاء على شكل تحالف (التجمع الوطني الديموقراطي) لفترة طويلة، رغم أن كل الدلائل كانت تشير إلى أنه مات وشبع موتاً، ولا نحتاج للتذكير بأن البعض قد استغل تلك الوضعية للمتاجرة باسم ذلك (التحالف) الذي لم يعد له وجود، ولم يعد أحد يحفل به! والآن فإننا نجابه وضعاً مشابهاً، حيث يفارق الصواب من يزعم أن مزاج الجماهير منعقد حول (تحالف الإجماع) وما ينادي به من حل سياسي، في الوقت الذي نلاحظ فيه تزايد الاهتمام الشعبي بجبهة الحل المسلح أردنا أم لم نرد. ولذا فإن أحد وجوه الأزمة في بلادنا اليوم إنما يتمثل في (تحالف الإجماع) هذا، حيث أصبحنا نحتاج إلى قرار شجاع بفضه، والبحث عن تحالفات أخرى تستجيب لمقتضيات التغيير، واتجاهات مزاج الجماهير، وعند ذاك فقط نستطيع أن نأمل في استعادة الثقة بجدوى إمكانية الحل السياسي