بيان صادر عن خبير الأممالمتحدة المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان، البروفسور مسعود أديبايو بادرين، في نهاية زيارته الثالثة الى السودان الخرطوم، 20 يونيو 2013 السيدات والسادة صباح الخير، وشكرا جزيلا على حضور هذا المؤتمر الصحفي. هذه هي زيارتي الثالثة إلى السودان كخبير مستقل معني بحالة حقوق الإنسان في السودان. وشمل النطاق الجغرافي لهذه الزيارة شمال كردفان، والنيل الأزرق ودارفور. وأود بداية أن أشكر حكومة السودان على مواصلة تعاونها وتسهيل هذه الزيارة. وأود أن أشكر أيضا بعثة اليوناميد، وفريق الأممالمتحدة القطري، ومنظمات المجتمع المدني وجميع الأفراد والمؤسسات الذين التقيت بهم لما قدموه من دعم خلال زياراتي. في ولاية شمال كردفان أجريت نقاشات مثمرة للغاية مع نائب الوالي وعدد من المسئولين الحكوميين هناك. قمت بزيارة الرهد والتقيت بمدنيين نزحوا عقب الهجوم في ابريل 2013 على بلدة أبو كرشولا في جنوب كردفان. كذلك قمت بزيارة بلدة الله كريم التي تعرضت لهجوم من قبل المتمردين أيضا في ابريل 2013. زرت الدمازين بولاية النيل الأزرق، والتقيت مع الوالي وحكومته، ومفوضية العون الإنساني ووكالات الأممالمتحدة العاملة في الولاية. في نيالا، جنوب دارفور التقيت مع الوالي وحكومته، وبعثة اليوناميد، وفريق الأممالمتحدة القطري، والسلطة القضائية للولاية وتشكيلة واسعة من منظمات المجتمع المدني، بما فيها المنظمات النسائية. وأشير أيضا أنني زرت معسكر عطاش للنازحين. وفي الخرطوم كانت لي لقاءات مع وزير العدل وغيره من كبار المسؤولين الحكوميين، والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، ورئيس المحكمة العليا وكبار أعضاء السلطة القضائية والمدعي الخاص لجرائم دارفور، واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والمدير العام لمفوضية العون الإنساني وبعض أعضاء السلك الدبلوماسي. ظلت الحكومة تبدي وفاءها بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان وتنفيذ توصيات المراجعة الدورية الشاملة. وخلال مباحثاتي مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والمدعي الخاص لجرائم دارفور، قدمت الهيئتان خططهما لتوسيع عملياتهما خارج نطاق الخرطوم. لقد ذكّرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بالآمال العريضة التي يعلقها الجمهور والمجتمع الدولي عليها ، وأنه يتعين عليها أن تشرع في تحقيق تفويضها بصورة فعالة. هذا وقد دشنت الحكومة أمس خطة العمل الوطنية العشرية لحقوق الإنسان، وانني أرحب بهذه الخطوة وآمل أن تكون بمثابة استراتيجية واضحة لتحسين وضع حقوق الإنسان في البلاد. لقد أعربت في نهاية زيارتي السابقة عن قلقي إزاء اعتقال رموز المعارضة السياسية وناشدت الحكومة اما بتوجيه تهم بحقهم أو إطلاق سراحهم. وأنا على علم بأن المعتقلين السياسيين قد تم الافراج عنهم جميعا، ولا بد لي من تقدير الجهود التي تبذلها الحكومة في هذا الصدد واستجابتها الإيجابية لدعوتي. لقد أثرت أيضا مخاوف بشأن الحرمان من وصول المساعدات الإنسانية لمنظمات الإغاثة الدولية ووكالات الأممالمتحدة. لقد سعدت لسماع أن مفوضية العون الإنساني قد تبنت بالتعاون مع الشركاء المعنيين موجهات جديدة لتعزيز وصول المساعدات الإنسانية وأنها قد قامت بتعميم هذه الموجهات. وأنصح برصد تنفيذ هذه الموجهات بشكل فعال حتى تأتي بالأثر المطلوب وأن تتناول أمراً ظل يتكرر لفترة طويلة، لا سيما في دارفور. دارفور من المؤسف أن هناك تصاعد، منذ زيارتي السابقة، في وتيرة الصراع داخل القبائل وفيما بينها، بجانب الاشتباكات بين الجماعات المسلحة والقوات الحكومية في إقليم دارفور، الشئ الذي أدى الى خلق مناخ من انعدام الأمن والنزوح القسري. وقد أدت آثار كل هذه الاشتباكات في جنوب دارفور إلى زيادة أعداد القادمين الجدد من النازحين الى المعسكرات في نيالا، ولا سيما في معسكرات كلمة والسلام وعطاش. وعند زيارتي لمعسكر عطاش، أبلغت بأن هناك على الأقل أكثر من 4500 من الوافدين الجدد في خلال الشهر والنصف الاخيرين فقط. الظروف التي تواجه النازحين في المخيم، خاصة النساء والأطفال، هي ظروف سيئة، فالخيام غير ملائمة مما أدى الى لجوء معظم الوافدين الجدد إلى استخدام مواد محلية لبناء مأوى لهم. النازحون في معسكرعطاش هم بحاجة إلى المساعدة الفورية والاهتمام لتجنب وقوع كارثة إنسانية في ضوء موسم الأمطار الوشيك. وقد أثرت هذه المسألة مع والي جنوب دارفور وممثل مفوضية العون الإنساني في الولاية الذين وعدا باتخاذ إجراءات بالتشاور مع الشركاء الآخرين ذوي الصلة. وأبلغني القادة في معسكر عطاش أن أكثر من 1000 طالب من المقيمين في المعسكر لن يتمكنو من متابعة دراستهم مع بداية العام الدراسي الجديد ما لم يتم تسجيلهم كسكان بالمعسكر. ويساورني القلق حيال حق هؤلاء الأطفال في التعليم. وأحث بقوة الحكومة وجميع وكالات الأممالمتحدة ذات الصلة للمساعدة في تلبية الاحتياجات الإنسانية للنازحين في عطاش كمسألة عاجلة. جنوب كردفان لأسباب أمنية لم أتمكن من زيارة جنوب كردفان كما كنت مخططاً. لازلت قلقاً من تأثير القتال الدائر في الولاية بين القوات الحكومية والحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال على حياة المدنيين الذين يعيشون في المنطقة. وأسفرت هجمات المتمردين في أبو كرشولا في جنوب كردفان وأمروابة في شمال كردفان عن أضرار كبيرة على المدنيين الأبرياء كما نتجت عن ذلك انتهاكات لحقوق الإنسان وحالات نزوح مثيرة للقلق. لقد أتيحت لي فرصة اللقاء ببعض الضحايا خلال زيارتي الى الرهد في شمال كردفان. وروى النازحون أحداثاً مزعجة جراء المحنة التي مروا بها خلال الهجوم. ذكرت امرأة بانها اضطرت إلى المشي لعدة أميال مع طفليها الصغيرين حتى تصل إلى بر الأمان، ومع ذلك فهي لا تزال تجهل مكان وحالة زوجها وثلاثة أطفال آخرين. وحكى رجل عن مقتل والده في حضوره. وعند قدومي الى الخرطوم يوم الجمعة الماضي، قصفت وكادوقلي، عاصمة الولاية جنوب كردفان، من قبل الجيش الشعبي لتحرير السودان – قطاع الشمال مما أدى إلى مقتل أحد أفراد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. إنني أدين بأشد العبارات انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني التي ترتكبها أطراف النزاع وأكرر الدعوة التي وجهتها للجماعات المسلحة خلال زيارتي السابقة الى وقف العنف وتسوية نزاعاتهم مع الحكومة بالوسائل السلمية. النيل الأزرق ولاحظت في النيل الأزرق أن هناك بعض التطورات الإيجابية أبرزها فتح مجال واسع لايصال المساعدات الإنسانية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. ومع ذلك أبدي قلقي بشأن المدنيين المحاصرين في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في ظل الأنشطة العدائية بين القوات الحكومية والمتمردين في المنطقة. و تلقيت تقارير تفيد بأن الوضع الإنساني في هذه المناطق مستمر في التدهور نتيجة العدائيات بين أطراف النزاع. و بلغني أن العديد من المدنيين النازحين والضعفاء قد اضطروا للتحرك جنوبا دون الحصول على المعينات الأساسية مثل المياه والغذاء. وخلال لقاءاتي مع والي الولاية وغيرهم من المسئولين، كان هناك اعتراف عام بأن استمرار النزاع المسلح في المنطقة بجانب انعدام الأمن هما من الاسباب الرئيسية لانتهاكات حقوق الإنسان في الولاية إن لم يكن ذلك المصدر الرئيسي لهذه الانتهاكات. وأكرر وأشدد على الالتزام القانوني والاهتمام بحماية حقوق الإنسان اثناء النزاعات المسلحة من جانب الحكومة والجماعات المتمردة بجانب السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المتضررين من النزاع دون عوائق. وأخيرا أود أن أكرر دعوتي التي وجهتها خلال زيارتي السابقة الى مهمة الحكومة في حماية حرية الصحافة وحرية التعبير وحرية التجمع، فهذه الحقوق جزء لا يتجزأ من خلق بيئة تمكن من مشاركة المجتمع المدني في الحوار الاجتماعي والسياسي في البلاد، حيث يحق لجميع المواطنين التعبير عن وجهة نظرهم بحرية ودون خوف من رد فعل السلطات. ويسرني أن أشير إلى انخراط اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان مع الحكومة بشأن هذه القضايا. وأود أن أؤكد أن جميع القضايا المذكورة أعلاه تتطلب المشاركة النشطة من جانب المجتمع الدولي في تقديم المساعدة الفنية اللازمة وبناء القدرات لمساعدة حكومة السودان في الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان كما هو محدد في ولايتي. وسوف أقدم تقريراً إلى مجلس حقوق الإنسان في سبتمبر المقبل وسأتناول فيه جميع القضايا الجوهرية التي تتعلق بتحسين حالة حقوق الإنسان في السودان.