يحكى أنّ أعوام منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، التي تلت الانتفاضة على حكم الطاغية المشير نميري، ووافقت الحكم الديمقراطي للسيد الإمام الصادق المهدي.. هذه السنوات (المكرمشة) شهدت حيوية صحافية (مبالغا فيها)، في ممارسة النقد و(الحفر) وربما حتى (الخستكة) للأداء الحكومي، وللأحزاب بعضها كيدا لبعض، لكن أكثر ما كان جاذبا (لبعض المراقبين) في ذلك (الزمن) وتلك الصحافة، تلك الرسومات الكاركاتيرية المبدعة التي كان ينتجها الكاركاتيرست كاروري، ويبهج بها الناس ويخصصها بالكامل لرصد ونقد وتجسيد ونتف (ريش) رئيس الوزراء أو السيد الإمام الصادق المهدي، أو أبو كلام السندكالي، مثلما كان يطلق عليه حينها. قال الراوي: برع الكاركاتيرست كاروري، في تقديم صورة نقدية لاذعة للسلطة السياسية الحاكمة (الديمقراطية) متمثلة في شخصية رئيس الوزراء الصادق المهدي، مستفيدا بشكل كبير من القدرات (التهويمية) العالية التي ميزت السيد الإمام في تناوله للقضايا للسياسية وقراءته المفارقة للواقع وتحليلاته وحلوله الخيالية لمشاكل (العالم!)؛ ورهنه الإجابات (في كل ذلك) لفائض الكلام، حتى لقب ب(أبو كلام). قال الراوي: تلك الرسومات الكاركتيرية المبهرة أكدت بشكل غير مسبوق (سودانيا) على قدرة هذا الفن في النفاذ إلى حقائق الأشياء و(الناس) من خلال أبسط الخطوط و(الحركات) الصامتة، التي غالبا تأتي دون تعليقات، تاركة لخيال القارئ وضع ما يليق ويناسب الحالة، كأن تظهر السيد الصادق في لباس وسمت مايكل جاكسون (أوج نجوميته)، متقلبا ومتقافزا على مسرح فسيح، متخذا عدة أوضاع (شخصي درامية)، ممسكا بعشرات المايكرفونات، وتعابير وجهه تقول فقط كلام في كلام في كلام وهلم جرا. قال الراوي: تلك الكاركاتيرات (لمن يتذكرها) أسست لأيقونة ال(مايكرفون) وجعلتها ملازمة للسيد الصادق المهدي في كل رسم، ترافقه في كل مناسبة وكل موقف حكومي (متراجع) وكل إخفاق تحليلي (متوقع)، لتؤكد فقط أن الرجل يمتلك قدرة هائلة ووحيدة وهي إنتاج الكلام (بغزارة وينبغي وكدا)، وأن الرجل يستحق بالفعل اللقب (المطابق للحال) أبو كلام.. وبالأمس توقع الناس ألا يخرج أبو كلام (قط) عن دائرة الكلام وإنتاجه ونثره (بلا جدوى)، ودون مغنم. ختم الراوي؛ قال: ما لم يتوقعه الناس (أمس) أن (يناضل) السيد الإمام في (انتزاع) أحقيته (الأبدية) في الكلام، وأحقية الآخرين (المفترضة) في الاستماع والاستماع.. لا غير. استدرك الراوي؛ قال: أن يقول أبو كلام:" نحن ما جينا عشان نسمعكم.. إنتو جيتو عشان تسمعونا"، شي طبيعي وغير مستغرب.. وللا كيف؟ منصور الصُويّم mansour em [[email protected]]