السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    إبراهيم شقلاوي يكتب: يرفعون المصاحف على أسنّة الرماح    د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    مناوي .. سلام على الفاشر وأهلها وعلى شهدائها الذين كتبوا بالدم معنى البطولة    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في نظرة تشاد إلي الأزمة الليبية .. بقلم: محمد علي كلياني
نشر في سودانيل يوم 03 - 07 - 2013

قراءة في نظرة تشاد إلي الأزمة الليبية .. هل الأوضاع هناك تغير خارطة السياسة التشادية والإقليمية برمتها؟؟
محمد علي كلياني
[email protected]
يمكن قراءة الأوضاع السياسية في المنطقة من خلال النظرة العميقة لمجريات الأحداث في ليبيا وعلي ضوء نظرة انجمينا المتخوفة من التطورات اللاحقة علي الساحة الداخلية ويوضح لنا تقرير مقتضب أعدته منظمة الأزمات الدولية حول حجم الاضطرابات السياسية الراهنة وهي تندرج ضمن ثلاثة مراحل تتداخل مع بعضها وتؤثر كل واحدة منها علي الاخري وبشكل كبير على المنطقة وقد فصل هذا التقرير إن حجم التأثير الأول يشمل المنطقة المغاربية(الثورة التونسية والامتعاض الشعبي في المغرب والجزائر)منذ بداية هذا العام 2011، وأشار التقرير أيضا إلي إن الأزمة الليبية تبدو أنها الأكثر خطورة.علي مستوى المنطقة كلها.
في البداية تطرق التقرير إلي أن الأزمة الليبية وللمرة الأولى، ومنذ الانتفاضة الشعبية والتي شكلت التمرد الشعبي المسلح والتي أثرت سلبا على اثنين من البلاد، ثم إلى الغرب، من خلال حملة حلف شمال الأطلسي ضد القذافي، والتي جاءت بغطاء من القرار رقم 1973(2011م)الصادر من الأمم المتحدة الخاص بحماية المدنيين الليبيين من قمع كتائب القذافي، وعرج التقرير إلي التعاون الدولي مع الشباب المتمرد المتطلع إلي الحرية والتخلص من قهر القذافي منذ أربعة عقود، وهذا الشباب المتمرد يراهن على كسب الحرب الخاطفة والتوسع علي بعض المناطق الليبية في مناهضه سطوة القذافي ومواجهه قمع آلته العسكرية الساحقة، وهي المناوشات التي امتدت أحيانا إلي تخوم الأرض التونسية(معقل الثورة العربية)، فضلا عن أن آثارها الإنسانية تثير شفقة اللاجئين الهاربين من جحيم الاقتتال الدائر هناك إلي البلدان المجاورة.
وذهب التقرير إلي انه بالضبط ما يفسر ذلك طبيعة إقليمية هموم الأزمة الليبية في انجمينا، والصلة السياسية التي تربط بين الدول العربية -الأفريقية والجيوسياسية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ويتجلى هذا من خلال هروب الآلاف من المهاجرين الفارين من اتساع دائرة العداء لهم والتوجه نحو الصحراء واستخدام الآخرين منهم جنودا لصالح القذافي وهم يمثلون من اغلي الثروات البشرية الحية في دول أفريقيا جنوب الصحراء"قوات متدربة علي القتال الجيد"في مواجهة اعتي العقبات القتالية والتعامل مع جميع صنوف التمرد وقمع التظاهرات الشعبية المعقدة(حرب الشوارع والمدن).
وأوضح التقرير الدولي أن سرعة إقليمية الأزمة تبين بعض الآثار الجانبية الأخرى، ولم تكن متوقعة للجميع وربما يطول أجل الصراع هناك والذي بات يلوح في الأفق.
ويحمل التقرير بعض التخمينات المتناقضة عن وضع العقيد القذافي ومستقبله السياسي في ليبيا حيث أشار إلي أن التغييرات في الساحة الليبية وتطوراتها لم تفهم بعد ملامحها في السقوط المحتمل للزعيم الليبي علي الأقل في وقت قريب.. وعليه فان القذافي هو بالتأكد من حمل الكثير من القضايا في منطقة الساحل الإفريقي منذ زمن طويل، فهو يجمع ما بين النفوذ السياسي والوجود الاقتصادي ومن بين أهم هذه الدول هي تشاد، والذي تم تنفيذه فيها خلال العقود الأخيرة، وهي البلد الأفريقي الوحيد الذي أضحي حقلا تجريبيا للسياسة الليبية - الأفريقية في المنطقة ..
ورغم مرارة الأزمة الليبية وانعكاساتها علي الأوضاع الداخلية في تشاد خاصة علي الجانب الاقتصادي السياسي وهي الأكثر وضوحا في هذه اللحظة، فإن الأزمة الليبية لديها تكاليف كثيرة من حيث الوضع الداخلي في تشاد(اقتصاد الهجرة بين البلدين) لان الوضع المتدهور في ليبيا له عواقبه الفورية علي هجرة شعوب دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والتي استفادت علي مدي السنوات الماضية من عائدات النفط الليبي رغم العنصرية المحيطة به، وكان هؤلاء المهاجرين يمكنهم الحصول على فرصة عمل جيدة وتوفر لهم ظروف معيشية أفضل مما كانت عليه أحوالهم في بلدانهم الأصلية، وتساعد تلك أيضا علي اكتمال دخل أسرهم في وطنهم الأصلي ولكن الموجة الأخيرة من وصول هؤلاء المهاجرون في ليبيا عام 2000م ومن بين تلك بلدان بعيدة مثل(ساحل العاج والكونغو وليبيريا ليبيا..الخ)وهناك ممن استقروا في شعورهم المستدام للهجرة منذ الطفرة النفطية في ليبيا 1970م وكانت تشاد والنيجر وحتى اندلاع الأزمة أهم دول جنوب الصحراء الكبرى ذات الجماعات المستقرة في ليبيا، فإن التقديرات الأكثر ملائمة يبين عدد المهاجرين في ليبيا بين تشاد يصل الي300000/ 500000 نسمة.
وفقا للمنظمات الإنسانية، منذ اندلاع الأزمة في ليبيا أن المهاجرين التشاديين والذين عادوا من ليبيا نظرا لسوء الأحوال هناك وكوارثها بلغ حوالي 64000. وهذا التقدير يبدو معتبرا بأقل من قيمته الحقيقية كونه يأخذ في الاعتبار المهاجرين الذين حصلوا على المساعدة الإنسانية أو قد مروا عبر شمال تشاد فقط أضافه إلي غيرهم من المهاجرين أتوا عبر مصر والسودان والنيجر بعد معاناة العديد منهم من التجاوزات والسرقات التي لا يعرف حجمها بعد. وإذا كانت الأرقام لا تزال تقريبية، والأثر الإنساني على أرض الأمر الذي جعل السلطات التشادية أن تضع على وجه السرعة لجنة وطنية لإدارة الهجرة ونصبت مخيمات العبور أنشئت في مدينه فايا لارجو الرئيسية في الشمال .كما أن السلطات التشادية كانت تتوقع مضاعفة وصول المواطنين التشاديين، وزيادة عدد المهاجرين الأفارقة الآخرين، ولاجئ ليبيا وقبائل التماس المشتركة(التوبو)أيضا.. بالإضافة إلى الارتباك في المناطق الرمادية التي تحيط بالأحداث الجارية حاليا في ليبيا، وبحسب التقرير أن المعارضين الليبيين والتشاديين يزعمون، أن السلطات التشادية ترسل شاحنات لنقل العائدين بينما تستخدم في الوقت ذاته إرسال قوات تقاتل إلى جانب المؤيدين للقذافي ورغم نفى هذا التأكيد مرارا وتكرارا من قبل السلطات التشادية والتي اقترحت نشر مراقبه في المنطقة ذات الوجود الإنساني الدولي إلا أن هنالك قرائن تثبت واقعة(شبكة الارتزاق الأفريقية لصالح القذافي).
ومما لا شك فيه أن جل اقتصاد شمال تشاد قد تأثر بشكل كبير من استمرار الأزمة الليبية، والتي تعتمد حصرا على ليبيا ولكن هناك البعد الآخر للأزمة الاقتصادية وهي قضية الاستثمارات الليبية في تشاد، والتي تم أنشاؤها على مدى العقد الماضي، لا سيما وان ليبيا لم تعزز فقط نفوذها السياسي من خلال العمل في تشاد كوسيط لها في القارة الأفريقية فحسب، ولكنها وضعت في إستراتيجيتها المصالح الاقتصادية المتنوعة والهامة لصالح أشخاص معنيين في تشاد(من حاشية حول الرئيس ديبي ومنسوبيه)، وقد استثمرت ليبيا في جميع الاتجاهات ومع القليل في القطاع العقاري من خلال بناء فندق في نجامينا(كامبسكي)، وفي المجال الصناعي حيث تمول ليبيا مصنع المياه المعدنية وفي المناطق الزراعية والطاقة، مما يجعل الرهان على أن زيادة القدرة التشادية في هذه المجالات وسيكون من المفيد للاستثمارات المستقبلية هناك.. خاصة وأن ليبيا لها وجود معتبر في تشاد عن طريق القطاع المصرفي والتجاري(مصرف شاري)ومصرف الساحل والصحراء للاستثمار والتجارة الذي هو جهاز تابع لجماعة دول الساحل والصحراء(س ص)..
و في عام2008 - 2009م، أطلق رسميا إدريس ديبي بناء مجمع تجاري في ليبيا وفي عام2010م، اكتسبت شركة الاتصالات الليبية الشبكة الخضراء 90 مليون دولار من رأس مال في تشاد وهي شبكة اتصالات ليبية تخطط لاستثمار 100 مليون دولار في تطوير خدمات تلك الشركة.
وان كيفية حفظ هذه المشاريع، ونحن نعلم أنها في المقام الأول نتيجة لقربها من معمر القذافي وإدريس ديبي، وقد استندت هذه الأخيرة جزءا من سياستها الاقتصادية خارج تحالفها في مجال الطاقة مع الصين الأكثر حضورا في ليبيا حتى الآن، ولذا فإن السلطات التشادية لم تعلق على هذه المسألة الحساسة، ولكن ليس من المستبعد أن رجال الأعمال فقدوا ذويهم من قبل الحكومة التي خصصت لهم الاستثمار فقط في ظروف غامضة، أو أن الدولة التشادية تحاكي رواندا في هذا الشأن، ومع انعكاسات ذلك على العلاقات المستقبلية مع السلطات الليبية.
فان المخاطر السياسية للأزمة الليبية في تشاد هي لا تقتصر على الأزمة الليبية بأشكالها الاجتماعية والاقتصادية والتي هي في تصاعد مستمر، ولكن تتقدمها أيضا سلسلة من الشكوك السياسية والأمنية التي لا يمكن تجاهلها في انجمينا ..وأن الخطر الأول على السلطات التشادية، بالطبع، هو وجود عدوى عدم الاستقرار في الشمال والشرق، والمناطق الحساسة من الناحية التاريخية. والمفارقة في الجغرافيا السياسية الإقليمية وهي ستكون أيضا قوة دافعة لزعزعة الاستقرار، لان ليبيا في الماضي ساهمت في سلام نسبي في مناطق التيبستي الشمالية. وان لم يكن ذلك برعاية مباشرة، فقد جعل طرابلس وضع تشاد أن يربطها بشكل وثيق بكل مختلف اتفاقات السلام بين الحكومة التشادية والجماعات المسلحة العاملة في منطقة التيبستي (قبائل التوبو)على الحدود بين البلدين. أضافه إلي رعايتها الاتفاقات الرسمية، وينبغي أن يضاف إلى ذلك العديد من الاتصالات السرية أكثر أو أقل وسعت ليبيا إلي المصالحة بين الرئيس ديبي ومعارضيه في هذه المنطقة في منبر سرت للسلام. وهي مساعي تري انجمينا أنها حميدة من قبل القيادة الليبية، على سبيل المثال، تستخدم طرابلس قوتها الحصول على حشد من معارضين للنظام، وإبرام اتفاقات السلام مع الفصائل الرئيسية كالحركة من أجل الديمقراطية والعدالة في تشاد (MDJT)، وهي آخر مجموعة مسلحة تقوم بدور مسلح نشط في المنطقة.
وبينما تعزز ليبيا نفوذها السياسي والاقتصادي في تشاد، وكان القصد منها أيضا تدخل طرابلس لمنع زعزعة الاستقرار انطلاقا من منطقة التيبستي جنوب ليبيا خاصة المناطق الآهلة بالقبائل الجنوبية حيث تقطن التوبو اليوم والمهشمة من قبل السلطات الليبية، والحكومة التشادية تشعر بأن الأزمة الليبية سوف تؤدي إلى تدفق عرقيات التوبو الليبية إلي التيبستي. وان تعسكر التوبو هناك ينتابهم شعورا بالامتعاض تجاه سياسة ديبي في ملف التيبستي في الماضي(اغتيال يوسف تقويمي)وإنهاء تمردهم بتآمر ديبي مع القذافي وتمويع قضيتهم وهم اليوم يضعون نصب أعينهم أيضا بأن ديبي كان في الماضي يفق وراء الهجرة القسرية لقبائل التوبو باتجاه ليبيا إبان الاضطراب وعدم الاستقرار الذي شهدته مناطقهم(نزاع كوكوني ودي وحسين هبري في الشمال)وهم حاليا- أي التوبو- استفادوا كثيرا من التجارب والأحداث ماضيا وحاضرا ومن خلال خبراتهم في الجماهيرية في الحرس المدني وبالتالي يمكنهم المطالبة بحقوقهم السياسية في تشاد ذاتها في إطار التداخل القبلي بين البلدين(حينما تتوفر الفرص السانحة والتخلص من سياسة استخدام القذافي لهم بدوافع إستراتيجية الليبية ضدهم).
وأفاد التقرير هنا أن هناك اتصال وثيق للمتمردين السابقين في منطقة التيبستي، حيث السلام لا يزال هشا، وهي واحدة من أكبر المخاوف التي تواجه حكومة ديبي في انجمينا كما كان في 1980م،"مشكلة الشمال"ويمكن تنشيطها وتهدد استقرار النظام التشادي أكثر من أي وقت مضي في حال فقدانه حليفه القذافي وهذه المنطقة بالذات تمتلك إمكانيات هائلة ومماثلةلزعزعة استقرار في الأزمة الدار فورية في السودان. وفي الواقع الميداني والاجتماعي والسياسي لتدفقات الهجرة التي تسببها هذه الأزمات وهي تتشابه مع تحركات السكان في تلك المناطق(من دارفور إلي جنوب ليبيا)حيث أن ندرة الموارد غالبا ما كانت دائما سببا وعاملا يذكي الصراعات، وحيث مفهوم الدولة والحدود سوى معنى ثانويا للتضامن العرقي والقبلي والعشائرية ك(تضامن قبائل الزغاوة في دارفور ضد الخرطوم انطلاقا من تشاد). وكذلك في شرق تشاد وغرب السودان تتطابق المشكلات الشعبية وتحكمها العديد من نظم التحالفات التقليدية المعقدة، وفي شمال تشاد وجنوب ليبيا حيث المجموعة العرقية المشتركة، وهنا يبدو التوبو من أكثر القبائل المنافسة المحتملة. وفي الشرق كذلك، وبالمقابل فقد كانت الأزمة الليبية فرصة لاختلاف المواقف السياسية بين تشاد والسودان العدو السابق(وبحسب المصالح). فقد أكد الرئيس ديبي أن التهديد الإسلامي بات وشيكا في المنطقة محذرا من احتمال أن تراجع نفوذ القذافي وعمر البشير سيساهم بدوره في الضغط الشعبي علي نظامه والانقضاض عليه بصورة تلقائية، ويأتي اعتراف رئيس الدولة السوداني بالمجلس الوطني الانتقالي (CNT)يعبر عن الاختلاف في وجهات النظر السياسية بين البلدين علي المديين القريب والبعيد.. حيث يري السودان انه سوف يكون لذلك تأثير كبير في عملية المصالحة بين البلدين(السودان وليبيا)، وإنهاء حالات العداء التي خلفها القذافي في سياساته ضد السودان عبر ضربة الإذاعة السودانية وتمويله الهجوم علي مدينه أم درمان وسيساعد التقارب مع الثوار في المجلس الانتقالي علي إعادة الثقة تجاه السودانيين في مواجهة أفعال القذافي وحصرها وتلك لم توقف كذلك عملية الاندماج مع تشاد والتي بدأت قبل عامين بين الخرطوم انجمينا والتي ساهمت مؤخرا على تأمين الحدود الثلاثية ل(جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان وتشاد).
وهناك عامل آخر وقد يكون عنصرا للاضطراب الخطير وهو يتمثل في الدور الذي سيلعبه دكتور خليل إبراهيم زعيم المتمردين على رأس الحركة العدل والمساواة (JEM) في المنطقة وهي الحركة الرئيسية المتمردة في دارفور والمجموعة التي رفضت التوقيع على اتفاق سلام نهائي مع الحكومة السودانية بعد أن استفادت لفترة طويلة من حماية تشاد، وجاء طرد خليل إبراهيم من تشاد في نيسان 2011 لأن القيادة في انجمينا تري انه أعاق عملية التقارب بين انجمينا والخرطوم وبناءا على طلب من الرئيس ديبي، منحت ليبيا له اللجوء علي أراضيها. ولا يمكن احتمال عدم عودة هذا الأخير إلي دارفور وبأسلحة حصل عليها في ليبيا ولا يمكن استبعاده ذلك تماما .. وقال المجلس الانتقالي والمعارضة التشادية أن مقاتلي حركة العدل والمساواة حاليا هي واحدة من اكبر ال"مرتزقة"التي تقاتل إلى جانب القوات الموالية للقذافي.
ومن غير الموكد حاليا أن إبراهيم خليل نفسه موجود في ليبيا، ولكن تعتقد الأجهزة الأمنية أنه لا يزال في ليبيا وأن تشاد والسودان تراقب عن كثب تحركاته بين البلدين وتعتقد أن قواته يمكن أن تقوض الاستقرار في المنطقة إذا لم يتم احتوائها في الوقت المناسب.
وأخيرا، يخلص تقرير منظمة الأزمات الدولية واصفا الأوضاع بين تشاد وليبيا إلي أنها تمثل النقطة الأهم للحكومة التشادية والقضية الأكثر إثارة للقلق، فان العلاقات بين طرابلس انجمينا لن تكون هي نفسها في المستقبل القريب(دعوة الخارجية الأمريكية للقادة الأفارقة بقطع علاقاتهم مع القذافي). وان اتهامات ديبي حول وجود حقيقة أو وهم لتنظيم القاعدة المسلحين في بنغازي أو امتلاكها صواريخ ارض- جو، ليست سوي أقل من الرد على تهمة أخرى على وجود التشاديين في"شبكات"منسقة من شمال البلاد يقدمون الدعم العسكري النشط للقذافي ضد الشعب الليبي.
وفي إشارة أخري إلى وجود أعضاء من المتمردين في ليبيا فرع شمال أفريقيا من تنظيم القاعدة، حيث اتهم ديبي في وقت مبكر من أن التنظيم يريد زعزعة الاستقرار في تشاد وغيرها من بلدان الساحل الأفريقي، وقد حاول ديبي رفض نقد ولائه للقذافي منذ عشرين عاما، علي الرغم من أن إدريس ديبي وجد في معظم الأحوال دعما فرنسيا للحفاظ علي سلطته، وتبرز ليبيا من جانبه بأنها الحليف الطبيعي رقم 2 ماليا وسياسيا. ومن هذا المنطلق يتوجب علي ديبي الوقوف مع القذافي ومساعدته من عدم السقوط وحتميا أن نهاية الزعيم الليبي يعني فقدان ديبي حليفا رئيسيا له في المنطقة وفتح أبواب كانت موصدة ويصعب قفلها بسهوله، ويعتبر ديبي أن قوي الامبريالية أضحت تتلاعب بمستقبله السياسي كما كانت المواقف الفرنسية في 2فبراير2008م(تقدمت فرنسا باقتراح إجلائه سالما من القصر الرئاسي بانجمينا)، ويري ديبي أن جهود القذافي سهلت له الكثير من العقبات للمصالحة مع العديد من المعارضين لسلطته في انجمينا. ولن تعرف بعد الحقيقة كاملة حول هذه"الشبكات"والتي أصبحت بعد تدخل حلف شمال الأطلسي أكثر القضايا المزعجة وبنحو متزايد لسلطة إدريس ديبي .وبهذا يبدو الافتراض بان هنالك وجود تنسيق من أعلى للدولة التشادية غير واضح للجميع في عملية شبكات المرتزقة أيضا، ويبدو أن تواطؤ دوسه ديبي، شقيق رئيس الدولة ليس جديدا مع المسئولين في طرابلس بشان تجنيد المرتزقة.
وتبقى الحقيقة أن هذه"فرضية"غذت العداء المتبادل بين تشاد والمجلس الانتقالي المناهض للقذافي، وان العداء يهدد بقطع"علاقة أخرى"مع الجار الشمالي القوي. في حال سقوط القذافي وفي مناسبات عدة، فقد اتهم البعض أن وضع تشاد لا تحسد عليه في مصطلح المرتزق، والتي ردت عليه بالتشكيك في قدرة(أو استعداد)من أنها لن تكون حصنا حقيقيا ضد الإرهاب الإسلامي الذي يهدد الساحل(كما يفهم معمر القذافي).
وهذه التبادلات من شانها أن تترك آثارا ومضاعفات خطيرة على نظام معاد لانجمينا قد يستقر في طرابلس ويضطر ديبي لإعادة النظر في تحالفاته الإقليمية وبشكل كامل.
لان الأزمة الليبية ليست هي العاصفة الإقليمية الأولى، والتي من خلالها تحدد صمود نظام إدريس ديبي لمدة عشرين عاما، إلا أنه لم يبدو قادرا على التكيف مع المتغيرات والاضطرابات في محيطه الإقليمي. ومع ذلك، فقد لاحظت انجمينا مع بعض تخوفها من الأحداث التي تحاول أن تقرر مستقبل الجار الأكبر والشريك، مع الاعتراف بأن عدم الاستقرار في ليبيا أو قيام نظام معاد لها في طرابلس يمكن أن يشكل خطرا على سياستها الداخلية وعلي صعيد الجغرافيا السياسية في المنطقة بأكملها.
وفي هذا التقرير يتضح لنا أن نظام ديبي سيواجه عواصف سياسيه تهب رياح متغيراتها علي المنطقة من دارفور إلي ليبيا ومن ثم انه يقف علي مفترق طرق من تلك كل التطورات المحيطة به علي الصعيدين الداخلي والخارجي ومن المنتظر أنه سيدخل نظامه قريبا في نفق مظلم في قمة ألازمة الليبية الجارية حاليا وكذا تعثر الحل السلمي في إقليم دارفور المجاور.. وبهذا المعني فإذا كان يعتقد إدريس ديبي أن مشكله دارفور أضحت من مهددات النظام في الخرطوم المسلم به فانه بالمقابل فقد حان الوقت ذاته أن يجني نظام انجمينا ثمار سياساته الأخطبوطية في المنطقة المضطربة .. وكما أن اعتراف الخرطوم بالمجلس الانتقالي الليبي يحمل في طياته مضامين ودلائل تفسر سياسة التطويق والالتفاف التي تنوي الخرطوم نصبها حول نشاط وقدرات الحركات المسلحة في دارفور علي الأرض والتي من المرجح أن تفقد الدعم اللوجستي والعسكري من القذافي المتهاوي علي إيقاعات صواريخ الناتو.. وهذه السياسة ربما تجعل الاحتمال واردا في إعادة النظر في التطبيع الحالي بين الخرطوم انجمينا.. وفي ظل التطورات الراهنة ذاتها تفيد معلومات تؤكد تورط قائد القوات المشتركة بين البلدين في إرسال قوات عبر الحدود لدعم القذافي(الجنرال بشارة بوب)وهذا الدور المزدوج لتشاد قد يعرض علاقتها مع السودان والقيادات الجديدة في ليبيا إلي مهب الرياح ضمن رقعه جغرافية شاسعة وممتدة من جبال التبيستي والي صحاري دارفور وفي تلك الأوضاع يستحال سيطرة أي طرف عليها دون مشاركة باقي الأطراف الإقليمية في المنطقة .. وهو أمر ينتظر تشكيل مستقبل السياسة الإقليمية في المنطقة برمتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.