شاهد بالفيديو.. كواليس حفل زواج الفنان عبد الله كنة.. إيمان الشريف تشعل الفرح بأغنية (الزول دا ما دايره) ورؤى نعيم سعد تظهر بأزياء مثيرة للجدل والمطربون الشباب يرقصون بشكل هستيري    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة شهد المهندس تشعل مواقع التواصل بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها بأزياء مثيرة للجدل ومتابعون: (لمن كنتي بتقدمي منتصف الليل ما كنتي بتلبسي كدة)    شاهد بالفيديو.. كواليس حفل زواج الفنان عبد الله كنة.. إيمان الشريف تشعل الفرح بأغنية (الزول دا ما دايره) ورؤى نعيم سعد تظهر بأزياء مثيرة للجدل والمطربون الشباب يرقصون بشكل هستيري    هل فشل مشروع السوباط..!؟    بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    سوق العبيد الرقمية!    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البعد الاسلامى للتجربة الناصرية .. بقلم: د.صبري محمد خليل
نشر في سودانيل يوم 23 - 07 - 2013

د.صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفة القيم الاسلاميه بجامعه الخرطوم
[email protected]
تمهيد: اتخذت التجربة الناصرية،موقفا ايجابيا من علاقة الانتماء الاسلاميه (كعلاقة انتماء ذات مضمون ديني - حضاري للشخصية العربية)،على المستويين النظري والعملي:
ا/المستوى النظري: وقد تمثل هذا الموقف الايجابي للتجربة الناصرية ، من علاقة الانتماء الاسلاميه،على المستوى النظري ، في الكثير من أراء وأقوال وخطب جمال عبد الناصر، ومنها :
تقرير جمال عبد الناصر أن أحد عوامل نجاح نضال الشعب المصري والشعوب العربية والمسلمة الأخرى هو (إيمان لا يتزعزع بالله وبرسله ورسالاته القدسية، التي بعثها بالحق والهدى إلى الإنسانية في كل زمان ومكان)( الميثاق الوطني ، 1962 ، الباب الأول).
وكذلك تقريره أن الشعب المصري(يعتقد في رسالة الأديان، وهو يعيش في المنطقة التي هبطت عليها رسالات السماء)( الميثاق ، الباب العاشر).
وتقريره أن الفتح الاسلامى كان (... ضوءاً أبرز هذه الحقيقة وأثار معالمها، وصنع لها ثوباً جديداً من الفكر والوجدان الروحي، وفي إطار التاريخ الإسلامي، وعلى هدى رسالة محمد (صلى الله عليه وسلم)، قام الشعب المصري بأعظم الأدوار دفاعاً عن الحضارة الإنسانية.. ثم كان قد تحمّل المسؤولية الأدبية في حفظ التراث الأدبي العربي وذخائر الحافلة، وجعل من أزهره الشريف حصناً للمقاومة ضد عوامل الضعف والتفتت)(الميثاق ، الباب الثالث).
وكذلك تقريره أن الإسلام هو الذى وحد الامه العربية (واتحدت المنطقة بسلطان العقيدة حين اندفعت تحت رايات الإسلام تحمل رسالة السماء الجديدة – الإسلام – وتؤكد ما سبقها من رسالات وتقول كلمة الله الأخيرة في دعوة عبادة إلى الحق) ( خطاب أمام مجلس الأمة في 5/2/1958).
وتقريره أن هناك عدو واحد للعرب والمسلمين هو الاستعمار، ومرض واحد هو الفرقة والتخلي عن الجهاد (يجب أن نعرف أن العالم العربي والعالم الإسلامي يقفان اليوم أمام عدوّ واحد، ويتهاويان أمام مرض واحد. أما عدوّنا فهو الاستعمار، وأما مرضنا فهو الفرقة والتخلي عن الجهاد في سبيل الله.. كما يجب أن يؤمن العرب والمسلمون بأن عهد اللغو والكلام قد انقضى، وأن عهداً جديداً يجب أن يبدأ، عهداً قوامه إيمان بالله، وعماده العمل في سبيل الله( خطاب أمام المؤتمر العربي الإسلامي في 26/8/1953).
وكذلك تأكيده على المبادئ السامية للأعياد الدينية (إننا أشدّ ما نكون حاجة المبادئ السامية والمثل العليا التي تقوم عليها أعيادنا، ونحن نجتاز معركة تحرير البلاد، فإن كنا قد احتفلنا بعيد الفطر المبارك عيد الصوم والصبر والجهاد ، فإننا نحتفل اليوم بعيد الطاعة والتضحية. هذا العيد الذي يحمل معنى التضحية بالمال والنفس والروح في سبيل الله) (خطاب بمناسبة عيد الأضحى المبارك بتاريخ19/8/1953).
كما يحدد في كتاب فلسفة الثورة (1953) الدوائر الثلاث التي يرى أن مصر تنتمي إليها،وأن دورها الخارجي يجب أن يتوزع بينها، فيراها أولا في الدائرة العربية وثانيا في الدائرة الأفريقية وثالثا في الدائرة الإسلامية، ولدى حديثه عن انتماء مصر للدائرة الإسلامية يربط بينه وبين الدور التحرري لمصر خلال المراحل التاريخية القديمة التي مر بها ذلك الانتماء. كما يتحدث عن الحج بوصفه قوه توحيد سياسيه بالاضافه إلى كونه فريضة دينيه(حين أسرح بخيالي إلى هذه المئات من الملايين الذين تجمعهم عقيدة واحدة، أخرج بإحساس كبير بالإمكانيات الهائلة التي يمكن أن يحققها تعاون بين هؤلاء المسلمين جميعاً، تعاون لا يخرج عن حدود ولائهم لأوطانهم الأصلية بالطبع، ولكنه يكفل لهم ولإخوانهم في العقيدة قوة غير محدودة)..
كما يرى جمال عبد الناصر ان الإسلام هو الحل الأول والأخير لمشكله العلاقة بين الفرد والمجتمع ( ... ومشكلة الفرد والجماعة التي حيرت المفكرين والفلاسفة في أوروبا منذ قرون ، وجدت الحل الصحيح في بلادنا العربية والإسلامية منذ ألف وثلاثمائة سنة ، منذ نزل القرآن على محمد بن عبد الله(صلى الله عليه وسلم) يدعوا إلى الأخوة الإنسانية ، ويفصل مبادئ العدالة الاجتماعية على أساس من التراحم والتكافل الأخوي والإيثار على النفس في سبيل النفع العام للجماعة ، بغير طغيان على حرية الفرد ، ولا إذلال له ولا إنكار لذاتيته .. " إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي.." ذلك هو النظام.. فليكتف المفكرون والفلاسفة بما بذلوا من جهد، ولا يبحثوا منذ اليوم عن حلول أخرى لمشكلة الفرد والمجتمع.. عندنا الحل.. الحل هو الذي نزل به الوحي على نبينا منذ ألف وثلاثمائة سنة.. هو الحل الأخير لمشكلة الإنسانية ) (مقال بعنوان "الحل الأول هو الحل الأخير"، العدد 5 من سلسلة اخترنا لك "العدالة الاجتماعية وحقوق الفرد"، أول يوليو 1954، طبع دار المعارف) ب/المستوى التطبيقي: كما تمثل الموقف الايجابي للتجربة الناصرية،من علاقة الانتماء الاسلاميه ، على المستوى العملي في الكثير من المظاهر، ومنها :
زيادة عدد المساجد في مصر ، من أحد عشر ألف مسجد قبل الثورة ، إلى واحد وعشرين ألف مسجد عام 1970 ، ( عشرة ألاف مسجد ) ، وهو ما يعادل عدد المساجد التي بنيت في مصر منذ الفتح الإسلامي وحتى عهد عبد الناصر.
جعل مادة التربية الدينية مادة إجبارية، يتوقف عليها النجاح أو الرسوب ،كباقي المواد لأول مرة في تاريخ مصر.
أنشأ مدينة البعوث الإسلامية ،التي كان ومازال يدرس فيها عشرات الآلاف من الطلاب المسلمين، القادمين من سبعين دولة إسلامية ويقيمون فيها مجانا.
أنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي التي جمعت كل الشعوب الإسلامية .
ترجمة القرآن الكريم إلى كل لغات العالم .
إنشاء إذاعة القرآن الكريم.
تسجيل القرآن كاملا على أسطوانات وشرائط للمرة الأولى في التاريخ ، وتوزيع القرآن مسجلا في كل أنحاء العالم .
تنظيم مسابقات تحفيظ القرآن الكريم على مستوى الجمهورية ، والعالم العربي ، والعالم الاسلامى.
وضع موسوعة جمال عبد الناصر للفقه الإسلامي ، والتي ضمت كل علوم وفقه الدين الحنيف في عشرات المجلدات وتم توزيعها في العالم كله.
بناء آلاف المعاهد الأزهرية والدينية في مصر ، و افتتاح فروع لجامعة الأزهر في العديد من الدول الإسلامية،بالاضافه إلى بعثات الأزهر لنشر الإسلام فى أفريقيا وأسيا
مسانده الدول العربية والإسلامية فى كفاحها ضد الاستعمار.
إصدار قانون تحريم القمار ومنعه . و إلغاء تراخيص العمل الممنوحة للنسوة العاملات بالدعارة ، وأصدر قرارات بإغلاق كل المحافل الماسونية ونوادي الروتارى والمحافل البهائية .
(الدين والدولة والثورة : رفعت سيد أحمد. النبي والفرعون : جيل كيبل .
المؤامرة ومعركة المصير : سعد جمعة. تقرير مجلس الكنائس العالمي لعام 1974،تقرير الحالة الدينية فى مصر عام1982 . الإسلام في عهد جمال عبد الناصر : عمرو صابح).
طبيعة الخلاف بين عبد الناصر وجماعه الإخوان المسلمين : وهنا يجب الاشاره إلى أن الصراع الذى حدث بين جماعه الأخوان المسلمين وجمال عبد الناصر لا ينفى ما سبق ذكره ، من موقف ايجابي للتجربة الناصرية من علاقة الانتماء الاسلاميه، لان هذا الصراع لم يكن صراع ديني بل صراع سياسي، وقد اقر بعض الإخوان المسلمين والإسلاميين بهذه الحقيقة ، يقول د.عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين سابقا ، في الحلقة الأولى من مذكراته التي حملت عنوان ( شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر)، التي قامت بنشرها الشروق (ورغم أن نظرتي تغيرت تماما عن جمال عبد الناصر فلم تصل يوما إلى تكفيره، فقد كنت أرى أنه من الصعب أن نقول إن جمال عبد الناصر كان ضد الإسلام أو عدوا له كما كتب البعض، ومازلت أرى أن الصراع بينه وبين الإخوان كان صراعا سياسيا في الأساس ، بدليل أنه استعان بالعديد من رجالهم في بداية الثورة كوزراء مثل الشيخ الباقورى والدكتور عبد العزيز كامل). ويقول حسن دوح ( أن تصوير خلافنا مع عبد الناصر على انه جهاد بين جماعه مسلمين وجماعه كافرين تصوير خاطئ، والأولى أن تقول انه كان خليطا، لعب الجانب العقدي فيه دورا تمثله جماعه الأخوان المسلمين ، والجانب الحزبي دورا أخر، ولم يخل من الجانب الشخصي)( الإرهاب المرفوض والإرهاب المفروض، بدون تاريخ، دار الاعتصام، القاهرة، ص 39). ويقول ناجح إبراهيم (أصل الخلاف بين الإخوان وعبد الناصر هو اعتقاد كل منهما أنه الأجدر والأحق بالسلطة والحكم في مصر.. فعبد الناصر ومن معه كانوا يرون أنهم الأجدر بالسلطة والحكم باعتبار أن الثورة ثورتهم ، وأنهم الذين تعبوا وغامروا بحياتهم فيها ،وأن الإنجليز لن يسمحوا للإخوان بحكم مصر.
أما الإخوان فكانوا يرون أنهم أصحاب فكرة الثورة من الأصل ،وأن عبد الناصر وعامر وغيرهما كانوا من الإخوان المسلمين الذين بايعوا على المصحف والسيف.. وأن هؤلاء الضباط صغار لا يصلحون للحكم.. وأن الإخوان هي القوة الرئيسية التي وقفت مع الثورة وهم الأجدر بالحكم والسلطة. ولذلك نشأ الخلاف بينهما وازداد وتوسع.. ولم يكن الخلاف أساسا على الدين أو الإسلام أو حرية الدعوة.ولكنه انحصر أساسا في ظن كل فريق منهما أنه الأجدر بالحكم ..وظل يتطور هذا الخلاف حتى وصل إلى مرحلة التصفية الجسدية متمثلة في حادثة المنشية سنة1954 والتي قابلها عبد الناصر بكل قوة وقسوة واعدم ستة من قادة الإخوان والنظام الخاص.)( جمال عبد الناصر فى فكر داعية).
موقف الإسلاميين من التجربة الناصرية : وإذا كان هناك قطاع من الإسلاميين، قد اتخذ موقف الرفض المطلق للتجربة الناصرية – ربما تحت تأثير الخلاف بين عبد الناصر وجماعه الإخوان المسلمين - فان هناك العديد من الإسلاميين الذين دعوا إلى تجاوز موقفي الرفض المطلق والقبول المطلق للتجربة الناصرية ، إلى موقف نقدي مضمونه الإقرار بان للتجربة الناصرية ايجابيات وانجازات، كما أن لها سلبيات وإخفاقات ، يقول الشيخ يوسف القرضاوى (.. لا ريب أن الناس في رجل كعبد الناصر جد مختلفين؛ فله أنصار يرتفعون به إلى أعلى عليين، وله خصوم يهبطون به إلى أسفل سافلين. وبين مدح المغالين في المدح وقدح المبالغين في القدح تضيع الحقيقة... ثم إني أفرق تفريقا واضحا بين أمرين:أولهما: ما كان من (اجتهادات) قد تصيب، وقد تخطئ، وهو مأجور على صوابه، ومعذور في خطئه، بل ربما كان مأجورا أجرا واحدا، إذا صحت نيته، وتحرى في اجتهاده، واستشار أهل الذِّكر والخبرة، واستفرغ وسعه في الوصول إلى الحقيقة والرأي الأرشد. وذلك مثل سياسته في إفريقيا وفي اليمن وفي غيرها، فأقصى ما يقال فيها: إنه سياسي فاشل. وفرق بين الفاشل والظالم...وثانيهما: ما كان من مظالم ومآثم متعمدة، كما حدث لمعارضي عبد الناصر عامة، وللإخوان المسلمين خاصة، فلا يستطيع مدافع أن يدافع عن عبد الناصر، في إيقاع هذه الكم الهائل من المظالم والمآثم...)( عبد الناصر في الميزان، من مذكرات القرضاوي). ويقول الكاتب الاسلامى ناجح ابراهيم احد قاده الجماعة الاسلاميه في مصر (إن مسألة الحكم على (جمال عبد الناصر) ،أو غيره من الشخصيات العامة يرتبط ارتباطا وثيقا بالثقافة غير الموضوعية السائدة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية ..تلك الثقافة التي تجعل من العاطفة هي المتحكم الأوحد في تقييم الرجال والحكم عليهم..
فتميل بهم إلى أقصى اليمين تارة، وإلى أقصى اليسار تارة أخرى.. ومحال أن تكون العواطف حكما عدلا في موازين الرجال. إن الإنصاف والموضوعية يقتضيان أن ننحي العواطف جانبا عند الحكم على الأشخاص.. وأن نزن الناس بميزان الحسنات والسيئات.. وألا تحملنا العداوات الشخصية، أو الوقوع تحت وطأة الظلم على الحيف في أحكامنا مصداقا لقول الله تعالى (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى. لقد تعرضت الحركة الإسلامية في مصر- ممثلة في جماعة الإخوان المسلمين- إلى نوع من الظلم الفادح على يد عبد الناصر وأركان حكمه.. وذاقت على يده شتى صنوف التعذيب.. ولكن ذلك لا يصح أبدا أن يكون مبررا لغمط حسنات عبد الناصر، أو إغفال الإنجازات التي أنجزها لوطنه أو تصويره وكأنه حاكم بلا حسنات ،أو كأنه شيطان رجيم ، كما لا يصح أن يرفعه البعض إلى مرتبة الأنبياء المعصومين.. فهو حاكم من البشر يخطئ ويصيب، وله إيجابيات كما أن له سلبيات. فإذا خرجنا عن إطار علاقته بالإخوان والحركة الإسلامية ونظرنا نظرة موضوعية إلى إيجابيات الرئيس عبد الناصر رحمه الله وسلبياته.. فقد خلصت إلى أن الرئيس عبد الناصر له إيجابيات كثيرة وله سلبيات كثيرة أيضا. ويمكنني تلخيص أهم هذه الإيجابيات فيما يلي:- فمن إيجابيات الرئيس عبد الناصر هو جهوده الحثيثة في تحرير القرار الوطني المصري واستقلاله. ومن إيجابياته أيضا محاولته إقامة العدل الاجتماعي بين الناس.. والانحياز للطبقات الفقيرة.. ولقد حاول إقامة العدل الاجتماعي حسب المفهوم الذي اقتنع بأنه الأفضل والأحسن .ومنها محاولته أن تقوم الدولة بواجبها تجاه مواطنيها في معظم مجالات الحياة.ومنها محاولته القوية لتحديث مصر من الناحية الصناعية.ومن إيجابياته محاولته لتوحيد العرب في جبهة واحدة وإحياء القومية العربية وإن كان يعيبه في ذلك أنه حاول إقامتها على أنقاض الرابطة الإسلامية..
وحاول إقامتها دون تدرج.. واهتم فيها بالناحية السياسية والعسكرية قبل الاقتصادية والثقافية. ومنها بناء مشروع السد العالي الذي حمى مصر من خطر الفيضان..ومنها طرد الإنجليز نهائيا من مصر... ومن إيجابياته تماسكه وثباته ورباطة جأشه في تصديه للعدوان الثلاثي سنة1956.. وعدم قبوله لرأي بعض زملائه بالاستسلام لبريطانيا وفرنسا .ومنها تعففه وأسرته عن غنائم السلطة بحيث عاش حياة عادية.. وكذلك اختلاطه بالناس فهو من الزعماء القلائل الذين كانت تحوط سياراتهم الجماهير من كل ناحية وتكاد تسلم عليه باليد.
ومن إيجابياته بنائه لأول منظومة جيدة للرعاية الصحية في الريف المصري..
وبنائه لأول منظومة تعليمية في الريف المصري.. ومنها محاولته القوية لبناء جيش مصري قوي ومحاولته بناء سلاح نووي خاص بمصر.. ومنها أيضا حسمه مع المشير عامر و أعوانه هزيمة 1967وطردهم من الجيش .. وإن كان قد جاء متأخرا عشر سنوات. .. لقد اجتهدت قدر طاقتي في الإنصاف والعدل مع الرئيس جمال عبد الناصر رحمه الله، وأرجوا أن يكون ذلك خالصا لوجه الله سبحانه وتعالى الذي لا أرجو سواه ولا أطمع إلا في رحمته) (الرئيس جمال عبد الناصر في فكر داعية، د. ناجح إبراهيم،موقع الجماعة الاسلاميه بمصر) .
وإذا كان هناك من يرى أن الشيخ محمد متولي الشعراوى ، قد اتخذ موقف الرفض المطلق للتجربة الناصرية، استنادا إلى نقده للتجريه الناصرية ، إلا أن هذا الراى يتجاهل واقعه زيارة الشيخ الشعراوى لضريح جمال عبد الناصر في أكتوبر1995، وقراءته الفائحة على روحه فهذه الواقعة تفيد أن موقفه من التجربة الناصرية ليس هو موقف الرفض المطلق ،بل هو موقف نقدي يشير إلى السلبيات دون إنكار الايجابيات ، ومما يدعم هذا الراى أن الشيخ الشعراوى قال في تفسيره لهذه الواقعة، انه كان قد انتقد التجريه الناصرية بسب رفضه قانون تطوير جامعة الأزهر الذى وضعه عبد الناصر، والذي ترتب عليه إنشاء كليات للطب والهندسة والصيدلة والتجارة وغيرها في الجامعة التي كانت متخصصة لتدريس العلوم الدينية ، غير انه شاهد في منامه شيخين أحدهما يرتدى ثوبًا أبيض، وفى أذنيه علقت أطراف سماعة طبيب، والثاني يحمل في يده مسطرة حرف (T) الخاصة بالمهندسين، فأدرك بعد اليقظة أن جمال عبد الناصر كان على حق حين عمل على تعزيز مكانة الجامعة الأزهرية، بإضافة كليات علمية وعملية كالطب والصيدلة والزراعة والقانون والآداب ...
- للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان http://drsabrikhalil.wordpress.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.