بسم الله الرحمن الرحيم mohammed alaraki [[email protected]] في زحمة هذه الحياة ننسى كثيراً قضية محورية وحقيقة كبرى الا وهي الموت ، ولا نتذكره الا اذا ذهبنا الى المقابر مشيعين لحبيب او قريب او صديق. ولكن اصحاب القلوب الصافية والارواح الشفيفة لهم مع هذه الرحلة معاني وتجليات سمت بهم . فهذا صلاح احمد ابراهيم ارجوانة الشعر السوداني في عصره الحديث يصور لنا المشهد جلياً : يا منايا حوّّمي حول الحمى واستعرضينا وأصْْطَفي كلّ سمح النفس، بسّّامِ العشياتِ الوفي الحليمََ، العفِّّ ، كالأنسامِ روحاً وسجايا أريحيِِّّ الوجه والكفِّّ افتراراً وعطايا فإذا لاقاكِ بالبابِ بشوشاً وحفي بضميرٍٍ ككتابِّّ اللهِ طاهرْْ أنشُُبي الاظفارََ في اكتافِه واختطفي وأمانُ الله مِنّّا يا منايا.. كلّما اشتقتِ لميمونِ المُُحيّّا ذي البشائْْر ..شرّّفي تجدينا مثلاً في الناس سائرْْ نقهر الموتََ حياةً ومصائرْْ حتى يختصر لنا رحلة الحياة هذه فيقول: آخرُ العمرِ، قصيراً أم طويلْ كفن ُ من طرفِ السوقِ وشبرُ في المقابرْْ حتى ان بعض اهل هذه الاراواح العابرة المسافرة قد اشاروا الينا بقرب رحيلهم ، ولكننا من شدة سكرنا بالحياة ما التفتنا اليها الا بعد مضيهم الى رحاب الله ولم يكتبوا جميعهم سطراً واحداً بعد ذلك. فهذا ابوالقاسم الشابي الشاعر التونسي نعى نفسه قبل موته بأيام في رائعة( اسكني يا جراح) ، على رغم أنه لم يكن يعاني من مرض ومات في العشرينيات من عمره يقول: الوداع الوداع .. يا غيوم الأسى .. يا فجاج الجحيم .. قد مضى زورقي في الخضم العظيم .. ونشرت القلاع .. فالوداع الوداع. اما الشاعر المصري الدكتور ابراهيم ناجي فقد ودعنا حين قال : قف تأمل مغرب العمر وإخفاء الشعاع وأبكي جبار الليالي هده طول الصراع ما يهم الناس من نجم على وشك الزماع غاب من بعد طلوع وخبا بعد إلتماع وهذا جبران خليل جبران في رائعته المساء يتفطر فيقول مودعاً : فَكَأَنَّ آخِرُ دَمْعَةٍ لِلْكَوْن ِ قَدْ مُزِجَتْ بآخِرِ أَدْمُعِي لرِثَائي وَكَأَنَّني آنَسْتُ يَوْمِي زَائِلاً فَرَأَيْتُ في المِرْآةِ كَيْفَ مَسَائي أما أهل بلادي فلعمري هم أرق الناس افئدة : فاذا ما نظرت الى المبدع خليل فرح فقد نعى نفسه مودعاً امدرمان وكل جميل في السودان حين قال: ماهو عارف قدمه المفارق يا محط آمالي السلام ******* في سموم الصيف لاح له بارق لم يزل يرتاد المشارق كان مع الأحباب نجمه شارق ماله والأفلاك في الظلام ويذهب في قصيدته الى أن يقول : ما يئسنا الخير عوده سايق الحي يعود ان أتي دونه عايق الي يوم اللقا وانت رايق السلام يا وطني السلام و شعراء المديح النبوي فهم كذلك قد كانوا في شوق للرحيل كيف لا وان أوان لقاء الحبيب قد اقترب ، فمثلاً نجد الشيخ صالح الأمين يقول في قصيدته المشهورة (بكت العين لحبيبا الغالي في ام سور العجيبة) في ختام القصيدة : دا البراق لمعو ضوى طلق النار فيّا جوه قلبي يقدح نوى نوى لي شروق خاتم النبوة ******** الصلوات المهمة بيها يزول كل همّ لي من لي لرسل أمّ صالح مسدارو تمّ وكذلك الشيخ عبدالرحيم البرعي عليه الرحمة والمغفرة فقد كانت آخر قصيدة كتبها هي (لي سوح كنز المعي قوماك معي) فيودعنا ويقول : براقًا لاح هجيع لي صار الهم ضجيع لمتين ليهو النجيع أحمد مبري الوجيع *************** صلواتي على الختم و سلامًا كان أتم البرعي النظمو تم به ضرع الخير عتم وبعد : فان الموت ليس نهاية كما نعلم جميعاً بل هو امتداد لرحلة يكون ختامها جنة عرضها السماوات والأرض باذن الله تعالى ولكن لمن يعي.