من سيحصد الكرة الذهبية 2025؟    كندا وأستراليا وبريطانيا تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستنفر    مدير جهاز الأمن والمخابرات: يدعو لتصنيف مليشيا الدعم السريع "جماعة إرهابية "    الزمالة يبدأ مشواره الأفريقي بخسارة أمام ديكيداها الصومالي    تدشين أجهزة مركز عمليات الطوارئ بالمركز وعدد من الولايات    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    استشهاد أمين عام حكومة ولاية شمال دارفور وزوجته إثر استهداف منزلهما بمسيرة استراتيجية من المليشيا    المفوض العام للعون الإنساني وواليا شمال وغرب كردفان يتفقدون معسكرات النزوح بالأبيض    الارصاد تحذر من هطول أمطار غزيرة بعدد من الولايات    وزارة الطاقة تدعم تأهيل المنشآت الشبابية والرياضية بمحلية الخرطوم    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    د. معاوية البخاري يكتب: ماذا فعل مرتزقة الدعم السريع في السودان؟    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    إدانة إفريقية لحادثة الفاشر    دعوات لإنهاء أزمة التأشيرات للطلاب السودانيين في مصر    الاجتماع التقليدي الفني: الهلال باللون باللون الأزرق، و جاموس باللون الأحمر الكامل    يا ريجي جر الخمسين وأسعد هلال الملايين    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    الأهلي مدني يبدأ مشواره بالكونفدرالية بانتصار على النجم الساحلي التونسي    شاهد بالصور.. المودل السودانية الحسناء هديل إسماعيل تعود لإثارة الجدل وتستعرض جمالها بإطلالة مثيرة وملفتة وساخرون: (عاوزة تورينا الشعر ولا حاجة تانية)    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    شاهد بالفيديو.. طفلة سودانية تخطف الأضواء خلال مخاطبتها جمع من الحضور في حفل تخرجها من إحدى رياض الأطفال    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سُليِّمَانْ دِيالٌو.. قصة من ماضي العبودية من أجل الحرية .. بقلم: القاسم عبدالله الظافر - كوالالمبور
نشر في سودانيل يوم 22 - 08 - 2013

بعد إلحاح وإصرار شديدين من قبل الرسام وليام هوري (1707 - 1792) إرتضي أن يقف لكي يتم رسمة في لوحة للذكري، حيث أن ترسيم صورة للإنسان في عقيدتة الإسلامية لم يكن مسموحاً به ولكن تم إقناعه علي أنها ليست بغرض العبادة ولا تحمل أي بعد ديني وإنما فقط للذكري، فوافق علي شريطة أن يتم رسمة وهو مرتدياً الزي الأفريقي، حينها إحتار وليام هوري وقال حسناً ولكنني لم أرى ملابسكم الأفريقية فكيف لي أن أقوم برسمها وتضمينها في هذا البورتريه، رد قائلاً ويملئه الإعتزاز؛ أنتم تقومون برسم عيسي-Jesus بشكل جيد ولم ترونه ولم تروا ملابسة فكذالك أفعل معي علي الأقل أنا أمامك الآن!.. وقام هو بدوره يصف الرداء الأفريقي الذي يرتدونه في منطقة فوتا جالون وإقليم سينيغامبيا (غامبيا حالياً). وهكذا خرجت اللوحة الخاصة بالإمام العلامة أيوب سليمان ديالو (1701 - 1773) وهو يرتدي في عنقه إحدي المصاحف الثلاث التي خطها بيده من ذاكرته خلال فترة تواجده في بريطانيا. والتي تعتبر أول رسم لإنسان من أصل إفريقي مسلم الديانة في أجواء تلك العبودية والعنصرية المقيتة التي كانت تجتاح أوروبا والغرب.
سليمان ديالو ينحدر من أسرة مرموقه معروفة بالعلم الديني علي المذهب المالكي وكان جده لأبيه "الحاج ديالو" مؤسس مدينة بُندو في ذلك الإقليم وزعيمها الديني كذالك. نشأ الحفيد في تلك البيئة الغنية حافظاً للقران الكريم مجيداً للغة العربية مطّلعاً علي المتون ورعاً عزيزاً بين أهله. الي أن قُبض عليه في إحدي رحلات صيد العبيد التي كانت نشطة وقتئذٍ في أقاليم غرب أفريقيا، وبعد ترحيلة الي الولايات المتحدة والعمل هناك في إحدي مزارع التبغ في ميريلاند. حاول الهرب يوماً إثرى مضايقه تعرض لها من قبل أحد الصبية أثناء تأديته لشعيرة الصلاة، وسرعان ما قُبض علية لاحقاً وتم إقتياده الي المحكمة لإدانته بالهروب وهنالك تعرف علية المحامي الإنجليزي توماس بلويت (1690 - 1749) الذي رأي فيه إختلافاً عن بقية الزنوج لما كان يتحلي به ديالو من سمت وورع وعلم وتأكد له ذلك عندما أتي بمترجم أفريقي يعرفه بقصة هذا السجين ديالو، فأخبره الترجمان بأمر سليمان وأصول عائلته المرموقه وأسباب هروبه، ساهم توماس بلويت في تحسين أوضاعه مع مالكه حيث مُنح مكاناً للصلاة كما نقل من العمل في الحقل التبغ الي أن يكون مسؤولاً إدارياً عن الحظيرة. وفيما بعد سُمح له بكتابة خطاب لوالدة في أفريقيا محاولاً أن يدله علي مكانه حتي يسعي لتحريره من العبودية وبالفعل وبمساعدة المحامي توماس تم إرسال الخطاب عبر بريطانيا حتي وقع في أيدي جميس اوغكلثورب (1696 - 1785) البرلماني البريطاني الذي عرف بمناهضته للعبودية ولأن الخطاب كان باللغة العربية قام اوغكلثورب بإرساله الي أوكسفورد ليقوم المستشرقين هناك بترجمته. وبناء علي ذلك تعرف علي معاناة ديالو إضافة الي فصاحته في اللغة العربية التي أشاد بها المستشرقون في أوكسفورد وقام اوغكلثورب فوراً بدفع ثمن ديالو لمالكة في ميريلاند علي أن يقوم بإرساله الي بريطانيا.
في عام 1733 إنطلق ديالو وتوماس بلويت الي بريطانيا، وعند وصولهم كان اوغكلثورب قد سافر الي جورجيا لتسلمه بعض المهام هناك وكان هنالك آخر يقوم بإستقبالهم، وكعادته مكث بينهم وكان آسراً لقلوب كل من يراه و يقابله فجميعهم أقروا بعلمة وذكائه وورعه وسمته الحسن، لاسيما بعد أن أصبح يجيد اللغة الإنجليزية وأصبح يتفاعل مع من حوله، حتي سمع أخباراً عن بيعه من جديد لتاجر زعم أنه سيقوم بإرجاعه الي موطنه الأصلي، قام ديالو بالاتصال بتوماس وأخبره عن قلقة حيال ذالك، وقام توماس بحملة تبرعات ساهم فيها توماس نفسه وأصدقاء آخرون معجبون بديالو ومناهضون للعبودية بدفع الثمن لمالكة مقابله إطلاق سراحه حراً. وفي تلك الفترة كان ديالو قد تعرف علي مجموعة من مثقفي بريطانيا حيث تم تقديمه الي العالم البريطاني هانز سلون (1660 - 1753) مؤسس المتحف البريطاني والذي أعجب بغزارة علمة وفصاحته في اللغة وكان ديالو يقوم بترجمت النصوص العربية الي الإنجليزية نظراً لاجادته اللغتين، حتي أن سالون قدمة كعضواً في أرقي جمعية أكاديمية بريطانية في وقتها وهي Spalding Gentlemen's Society والتي كانت تعتبر أكبر تجمع للمثقفين والمفكرين والعلماء البريطانيين وقتها وكانت تضم في قائمتها إسحاق نيوتن وسلون نفسه وغيرهم من ألاعلام، ولم يقف عند هذا بل تم تقديمة لصاحبة الجلالة والعائلة الملكية، وقدموا له بعض الهدايا القيمة وبعدها غادر أيوب سليمان ديالو الي موطنه غامبيا ومن ثم الي مسقط رأسة وأرض أجداده حراً طليقاً.
وبهذا يكون ديالو قد سطر حياةً غنية إستطاع وبالرغم مما تعرض له من ضغوط وظروف سيئة في ظل العبودية، الي أنه إستطاع أن يجد لنفسه طريقاً وموطء قدم بين هؤلاء وأولائك وأصبح من القلائل الذين وقعوا ضحايا للإستعباد وتمت عودته الي موطنه حراً. ولعل أبلغ رسالة في هذا أن الحرية لن ينالها إلا من يستحقها وأن المال والذهب وألجاه والإمتداد والشرف الأُسري مهما تعاظم لن يمنحك الحرية المطلوبة، فهو ضئيل مقابل العلم والسلوك والتخلق بأخلاق العلماءالذي يعتبر المانح الحقيقي لمعني الحرية. الحرية بمعناها الواسع الحرية ضد الإستعباد البدني والحرية ضد الإستعباد الفكري الذي يقيد حركة العقل، وبواسطة هذا العلم إستطاع سليمان ديالو أن يضيء سماء عبوديتة ويضئ ظلام عقله. ويكفيه شرفٌ أنه تسلم عهداً من الشركة الملكية للعمليات في أفريقيا في حالة إلقاء القبض علي أي من العبيد المسلمين بأن يطلق سراحه فوراً.. ولكن؛ شرفُ العلمِ فوق كلِ شرف ومن ذاق عرف ومن عرف إغترف.
------------------------------------------
* مصادر هذه المقالة وتأريخ الأحداث والوقائع مأخوذة من مذكرات أيوب سليمان والتي قام توماس بلويت بتحريرها وطباعتها في لندن عام 1734 تحت عنوان
"Some Memoirs of the Life of Job, the Son of Solomon, the High Priest of Boonda in Africa . . . compiled by Thomas Bluett, 1734."
Elgasim Abdalla [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.