مرت علينا الذكري السابعة والثلاثون لحركة 2 يوليو 1976 بقيادة الشهيد محمد نور سعد ، دون ذكر ، وكان الاجدر الاحتفاء بها لانها عنوان أصيل للجهاد الحقيقي ضد الظلم والطغيان . هذه الحركة المباركة دمغها التاريخ السوداني بإسم ( حركة المرتزقة ) ، وهي أبعد ما تكون عن الارتزاق ، فجميع عناصرها أولاد قبائل أنصارية مؤصلة ، خرجت وعادت مجاهدة في سبيل الله و الوطن . حركة 2 يوليو 1976 مجموعة من الاسرار الغريبة التي لم يماط اللثام عنها يوما ، ولكن شاءت الاقدار أن أكون شاهدا علي جزء منها ، وأنا طالب في ذلك الزمن بالسنة الخامسة بكلية القانون بجامعة الخرطوم ، وسأحكي لاحقا كثيرا من الوقائع التي لم تذكر ابدا ، فقد كنت واحدا من مجموعة الجبهة الداخلية للجبهة الوطنية ، التي تم القبض عليها قبل ساعات معدودة من تنفيذ العملية ، ومعي كافة عناصر الجبهة الداخلية ، وهذه قصة طويلة ومحزنة و من الاسباب الجوهرية لفشل الحركة التي أطلقنا عليها في ذلك الوقت ( فتح الخرطوم ) . أما المعلومة التي سأذيعها لأول مرة ، والتي كانت سببا حاسما في فشل الحركة فتتعلق بتشغيل الاذاعة ، والرواية - و أشهد الله علي ما أقول– أني قد سمعتها شفاهة من الشخص الذي كان مسئولا عن هذا الموضوع ، وهو الاخ الشهيد إبراهيم أحمد عمر ، والذي حكم عليه بالاعدام بواسطة المحكمة العسكرية التي تشكلت لاحقا ، والشهيد إبر اهيم لمن لا يعلم كان ضابطا إداريا بأم درمان ، و قد حكم عليه بالاعدام مع ثلاثة آخرين من المدنيين هم (1) الشهيد عبد الله ميرغني –قائد عملية المطار – و هو شقيق الصحفي المعروف عثمان ميرغني (2) الشهيد عبد الفضيل سليمان وهو طالب بكلية الآداب جامعة الخرطوم وشارك في عملية المطار (3) الشهيد أحمد سليمان – المشهور بالسكرتير – وكان قائدا لاحد سيارات المجاهدين . حكي لنا الشهيد ا براهيم قبل إعدامه ، أنه وبعد نجاح الحركة وإحتلال الاذاعة السودانية ، كلفه القائد محمد نور سعد بالذهاب ومعه مجموعة من المقاتلين لاحضار المهندس الذي تعهد للشهيد إبراهيم شخصيا بتشغيل الاذاعة في حالة نجاح الحركة ، ونزل الشهيد وجماعته من السيارة أمام منزل المهندس ، وكان الصباح باكرا ، و دق الشهيد الباب ، فخرج له المهندس بجلابية النوم ، وبعد السلام ، أخذه الشهيد جانبا ، وقال له ( الحمد الله قد نجحت الحركة ، وتم إحتلال الاذاعة ، والان جاء دورك للوفاء بعهدك والذهاب لتشغيل الاذاعة ) ، فتبسم المهندس وحمد الله ، ولكنه طلب من الشهيد الاجابة بصدق علي سؤال واحد قبل الذهاب للاذاعة ، و كان السؤال غير المتوقع ( هل تم القبض علي نميري ؟؟) و هنا احتار الشهيد ، فهو رجل أنصاري متدين و لا يعرف الكذب ، و فكر مليا ثم أجاب ( لم نقبض عليه ، ولكنه في حكم المنتهي ) ، و هنا طلب المهندس من الشهيد أن يسمح له بتغيير ملابسه قبل الذهاب ، و أقسم الشهيد با لله أنه كان ينظر للمهندس و هو يدخل من باب البيت ، ثم و هو يجري مسرعا نحو حائط المنزل المجاور لهم ، و هو يقفز الحائط كالقرد ، ويختفي عن الانظار ؟؟؟؟!!!! و هنا أسقط في يد الجميع ، فتشغيل الاذاعة هو العنصر الجوهري في العملية ، فالقيادة السياسية في الخارج كانت تنتظر إذاعة البيان الاول ، و جماهير الانصار في النيل الابيض وما حولها كانت تنتظر إذاعة البيان ، الشهيد محمد نور سعد كان ينتظر في الاذاعة لاذاعة البيان ، وقد هرب مهندس الاذاعة ؟؟؟!!! حكي الشهيد إبراهيم انه اسقط في يدهم ، و كان لا بد من إيجاد شخص آخر لتشغيل الاذاعة ، و ذهبوا لمنزل الاذاعي أحمد سليمان ضو البيت ‘ فهو من أبناء الانصار ولم يجدوه ، و حاولوا هنا و هنا بلا فائدة ، وفي النهاية رجع الشهيد بسيارته للاذاعة ليبلغ العقيد محمد نور سعد بفشلهم القاتل ، و أقسم الشهيد إبراهيم أن العقيد لم يفعل شيئا من هول الفاجعة سوي صلاة ركعتين و تسليم أمره لله ، وفي الجانب ألاخر استطاعت الحكومة تشغيل إذاعة سلاح الاشارة لتعلن أن مجموعة من المرتزقة قد قامت بغزو الخرطوم ، وكانت هذه بداية النهاية لقصة عظيمة بدأت في الحبشة ، ثم انتقلت معسكراتها الي ليبيا ، لتنفذ واحدة من أعظم الحركات المسلحة في العالم – حسب وجهة نظري الشخصية – و هذا موضوع سأكتب عنه تفصيلا الاحد القادم إنشاء الله . علاء الدين زين العابدين مستشار قانوني ينبع الصناعي جوال 00966551731989 السعودية Othman, Allauddin Z. [[email protected]]