ص الأخيرة – صحيفة "التغيير"- الاربعاء 23/10/2013 بحصافة فاجأ السيد الصادق الصديق المهدي رئيس حزب الأمة القومي، في خطاب وجَّهه في احتفال بذكرى ثورة أكتوبر 1964 في دار حزب الأمَّة القومي بأم درمان مساء أول من أمس، بتحول خطابه السياسي والحزبي من الحديث عن الجهاد المدني، ومسبِّباته وحيثياته، وفقاً لرؤيته في العمل السياسي والفعل الحزبي، إلى الدرجة التي أصبح معها الجهاد المدني معنى ومبنىً ملازمًا لخطاب السيِّد الصادق المهدي منذ أمدٍ بعيد، فقد جاء خطابُه هذه المرة يحمل في طيَّاته دعوة إلى التحرك لإزالة النظم الديكتاتورية مهما كان واسعاً، ما لم يصحبه رافع عسكري، سينذر بحمامات الدماء بلا نهاية، كما دلت على ذلك تجربة السودان في ثورتي أكتوبر 1964 وأبريل 1985، وتجارب دول الربيع العربي قاطبة. وما إن انتهى السيد الصادق المهدي من خطابه هذا، حتى بدأ السودانيون داخل السودان وخارجه الدخول في نقاش مستفيض حول ما إذا كان صاحب دعوة الجهاد المدني لإسقاط نظام الإنقاذ قد غيَّر وجهته، وبدَّل خطابه في مجاهداته ونضالاته ضد النظام الحالي من أساليب الجهاد المدني إلى مجاهل الرافع العسكري لدعم تحركه لإزالة ما أسماه بالنظم الديكتاتورية، ولكن بنفس تكتيك (تهتدون) التدليسي الذي به استطاع الهروب من قبضة نظام الإنقاذ إلى فضاءات العمل المعارض ما بين القاهرة وأسمرا ولندن، ومن ثم العودة مصالحاً في جيبوتي بعد جنيف إلى السودان، حيث أكثر من الحديث عن معاني الجهاد المدني لإسقاط نظام الإنقاذ، مع التحذير من العنف في حال المعارضة المسلحة أو منازلة النظام عسكرياً. ولكن السيد الصادق المهدي فاجأ الناس للمرة الثانية خلال يوم واحد، إذ كانت المفاجأة الأولى في الدعوة إلى الرافع العسكري لإزالة النظم الديكتاتورية أول من أمس، وأمس استخدم تكتيك "تهتدون" ليس بالهروب إلى خارج السودان كالأولى، بل للذهاب إلى كمبالا ليلتقي بقيادات الجبهة الثورية لإقناعهم بالاتجاه إلى الحل السلمي، باعتبار أن حالة البلاد لا تتحمل العنف والهزات والحلول العسكرية، إذ إنه من الأفضل للجميع الاتجاه إلى حلول سلمية وطنية تتراضى عليها القوى السياسية الوطنية والحركات المسلحة. أخلص إلى أن السيد الصادق المهدي يحاول من خلال اللقاءات بقيادات الجبهة الثورية تسويق مشروعه الخاص بالنظام الجديد. ولذلك كان من الضروري أن يبعث إليهم بشخص يثق فيه ويثقون هم فيه أيضاً، فكان اختياره أن يبعث إليهم بالأخ صلاح مناع القيادي في حزب الأمة القومي إلى كمبالا، لترتيب هذه اللقاءات. واصطحب السيد الصادق المهدي معه عددًا من قيادات حزب الأمة القومي من بينهم الدكتورة مريم الصادق المهدي. على كلٍّ، المخلصون من أبناء هذا الوطن يتمنون للسيد الصادق المهدي التوفيق في مهمته الصعبة لجمع الفرقاء على كلمة سواء بينهم في إطار أجندات وطنية يتوافق عليها الجميع من أجل مصلحة البلاد والعباد، ونزع فتيل الأزمة والحروب التي تلوح في أفق واضحة للعيان. ويكون بذلك السيد الصادق المهدي رجل المبادرات والمبادآت مهما اختلف معه البعض ويكون بتحقيق هذا الهدف الرجل الرشيد الذي يحقق السلام والاستقرار مهما قيل عنه من قبل ومن بعد. eman alfadul [[email protected]]