[email protected] عادت حليمة لي عادتها القديمة. مع اقتراب شهر ديسمبر بدأنا نطالع أخباراً عن محترفي العيار الثقيل والأجنبي الضجة الذي سيفاجئ به رجل المال الفلاني النادي الأزرق، أو الموهبة الفذة التي سيدعم بها الإداري العلاني النادي الأحمر. المشاهد نفس المشاهد والصور نفس الصور ولا جديد في الأمر. في كل عام يتكرر ذات السيناريو مرتين ونسمع الكثير من الجعجعة دون أن نرى طحيناً في نهاية الأمر. اليوم طالعت خبراً يفيد بأن الهلال سوف يستقدم محترفين أحدهما مهاجم غاني والآخر لاعب وسط مالي لكي يقف المدرب صلاح آدم على مستوياتهما حتى لا يقع النادي في أخطاء الماضي. رأيي الشخصي أن صلاحاً تحديداً لا يصلح لهذا الدور، هذا إن اقتنعنا بأن ثمة تقييماً فنياً يُجري لهؤلاء المحترفين الذين تجلبهم أنديتنا كل عام. فصلاح لديه الآن في كشف الفريق أكثر من محترف أجنبي ولم نراه يشرك أحدهم لمباراة كاملة منذ أن تولى الشأن الفني في الهلال. يصر صلاح ( نظريات) على إشراك لاعبين مثل خليفة وبكري المدينة وفي وجود من هم أفضل حالاً منهما من المحترفين الأجانب، لكنه لا يشركهم لشيء في نفسه. منذ فترة ليست بالقصيرة يدور في ذهني السؤال: هل يعقل أن يكون درب الهلال غير مقتنع بجميع المحترفين الأجانب في كشف الفريق؟! لو أنه ظل يشرك واحداً أو اثنين ويترك الباقين على الدكة، لقلنا أنه يشرك من يراه مناسباً منهم. لكن الحاصل أنه أجلسهم جميعاً في الدكة، الشيء الذي يجعلنا نبدي استغربنا من موقفه. وظني أن صلاحاً أراد أن يأتي بنظرية وإن سارت معه الأمور كما يجب يأتي ليقول في النهاية أنه المدرب الوحيد الذي اعتمد على المحليين فقط في معظم المباريات إن لم يكن جميعها. لكن فات على المدرب صلاح جملة من الأمور المهمة. أول هذه الأمور أن الهلال لا يؤدي بالطريقة المقنعة منذ فترة. وثاني هذه الأمور أن كاريكا تألق بشكل لافت في الآونة الأخيرة الأمر الذي ساعد فريقه في كسب عدد من المباريات ما كان له أن يكسبها لو لا هذا التألق اللافت للنجم الخلوق. وثالثها هو الأهداف السريعة التي ولجت شباك بعض الخصوم مثل اتحاد مدني، ففي تلك المباراة لو لم يسجل الهلال هدفه الأول في الثواني الأولى لربما اختلف الوضع كثيراً. ورابعها أن الهلال لم يشارك أفريقياً هذا الموسم، ولو حدث ذلك لاكتشف صلاح آدم من أول مباراتين أن فريقه يحتاج للكثير قبل أن يكون قادراً على المنافسة. أخلص من كل ما سبق إلى أن نظريات صلاح آدم غير ذات جدوى. فليس منطقياً ولا مقبولاً أن يصر مثلاً على استمرار بكري المدينة والشغيل حتى الدقائق الأخيرة من آخر مباراة للهلال، ثم يستبدلهما بمحترفين أجانب هما سيدي بيه وبامبا ليأتي بعد احتجاج الجماهير ليقول أن بكري والشغيل لم يكونا جيدين. طالما أنهما لم يكونا جيدين لماذا أصريت على مشاركتهما حتى ذلك الوقت المتأخر من اللقاء؟! علماً بأن وضع الشغيل واضح وضوح الشمس فقد أثر فيه الهدف الذي سجله في مرمى فريقه، وطبيعي جداً في مثل هذه الحالات أن يتم استبدال اللاعب بعد نحو عشر دقائق من الخطأ إذا شعر المدرب بأنه خرج عن أجواء اللقاء. ثم كيف سيقنعنا صلاح بأنه غير مقتنع بأداء سيدي بيه؟ ! سيدي بيه كنت قد تخوفت عليه كثيراً من الضجة الإعلامية التي صاحبت تسجيله. وعندما شارك لأول مرة لم أر فيه تلك الموهبة الاستثنائية التي كُتب عنها. إلا أن مدرب الهلال الحالي سبق أن أشاد به وأكد أنه لاعب موهوب وكبير. وبعد ذلك شارك سيدي بيه في أوقات قليلة جداً اثبت خلالها قدرته على اللعب بطريقة أفضل من بعض المحليين على الأقل. فكيف يجلس صلاح على الدكة لاعباً أشاد هو شخصيا ًبموهبته واعتبره كبيراً؟! هل نفهم من ذلك أن مدربينا عندما تستضيفهم القنوات الفضائية كمحللين يقولون أي كلام، وحين يتولى الواحد منهم الشأن الفني في أي ناد تتبدل قناعاته؟! صلاح آدم مين الراجين منو تقييم للمحترفين الجدد! إذا كانت هناك رغبة حقيقية في تجاوز أخطاء الماضي فليبحث الهلال عن شخص آخر لتقييم هؤلاء اللاعبين. ورأيي الشخصي أنه إذا قام بتقييمهم صلاح أو غيره لن نرى جديداً. والسبب هو أنه لا يوجد لدينا نظام محدد ولا أساليب عمل علمية ولا بيئة محفزة ولا قدرة حقيقية على جلب المحترفين المتميزين. فكم من لاعب سجله الهلال في الموسم الماضي وما زلنا نقرأ عن مشاكله المادية التي لم تحسم حتى قارب الموسم نهايته. ما يجري في ملف التسجيلات في الناديين الكبيرين عبث حقيقي وإهدار للمال ليس إلا. كلما قارب الموسم نهايته يشغلون جماهير الناديين بالحديث عن اللاعبين الجدد. وتجد الصحف الرياضي ضالتها في ذلك لتخرج على الناس كل يوم بمانشيتات جاذبه. ويدخل بعض الصحفيين طرفاً في التفاوض مع اللاعبين الجدد المحتملين، وليتهم يشركون الصحفيين ذوي النظرة الفنية الجيدة. لا يحدث ذلك لأن الصحفي صاحب النظرة الفنية الجيدة أصلاً لا يفترض أن يكون لديه الوقت للجري وراء أمور لا تخصه. لهذا نجد إدارات الأندية تحيط نفسها دائماً بمجموعات من أصحاب المصالح الخاصة الذين يورطون هذه الإدارات في كل عام في عدد من اللاعبين الذين يثبت فشلهم بعد أول أو ثاني أسبوع من الموسم الجديد. حتى اللاعبين المحليين ربما لم يحلم بعضهم في يوم بارتداء شعار الهلال أو المريخ، لكنهم يجدون أنفسهم في هذين الناديين بفعل السماسرة والمقربين من ذوي العلاقة بالناديين. وما لم تتغير طريقة تعامل الأندية مع هذا الملف ستستمر عملية استنزاف الموارد المادية على قلتها ولن تجني أنديتنا شيئاً. وسوف ترفع الصحف سقف توقعات مشجعي الناديين مع بداية موسم، لينتهي الأمر بالإحباط وخيبة الأمل كما رأينا خلال السنوات الماضية.