وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في تجربة بروق الحنين: (رد علي: إعادة إنتاج الإضهاد والظلم المضاد) .. بقلم: د. وجدي كامل
نشر في سودانيل يوم 20 - 11 - 2013

الأفلام خدمة تقدم للناس ، بل أكثر من ذلك هي واجب مهني يتم بذله منا كسودانيين في سياق الإسهام لعرض ومعالجة قضايا السودان المتنوعة.
درجت منذ تخرجي في منتصف الثمانينات من الأكاديمية السوفيتية للسينما علي إختيار المواضيع الأشد تأثيرا وسخونة في الواقعالإجتماعي و السياسي ونقلها الي الشاشة سينمائيا وتلفزيونيا.
كان ( أبناء الشمس ) أول أفلامي وآخرها (سينمائيا) عندما تخرجت به من االأكاديمية. أطفال الشمس عالج ظاهرة الأطفال المشردين بالخرطوم آنذاك. وتوجهت بعدها الي المجال الاكاديمي حيث عملت لسنوات بتدريس الإعلام المرئي بجامعة قاريونس ( بنغازي حاليا ) .
عند عملي لنيل درجة الدكتوراة بحثت في السينما الافريقية جنوب الصحراء وسافرت وشاهدت والتقيت بسينمائيين افارقة عديدين منهم عثمان سامبين وسليمان سيسي ووغدريس اودراغو وعبد الرحمن سيسيكو الذين تحدثوا معي مرارا بأن السودان بحاجة الي أنتاج فيلمي وليس بحوثا عن السينما .
بعد الإنتهاء من الدفاع أصدرت ثلاثة كتب ، إثنان منها عن السينما الأفريقية واخرترجمة عن ثقافة الصورة وجمالياتها.
عدت الي السودان وفي ذهني شي واحد هو الإنتاج وعمل أفلام.
حققت في فترة عملي بجامعة الخرطوم بقسم الإعلام حوالي الاثنين وعشرين فيلما. فاز منهما العقرب بذهبية الأفلام الوثائقية الأفريقية بمهرجان أورتنا بنيروبي وفاز ارجوحة وزيت بذهبية الافلام الوثائقية العربية بالقاهرة بمهرجان الإعلام العربي.
غير أن من أهم الإنتاجات التي وجدت رواجا ومشاهدة عالية كانا فيلمي : مر المحارب من هنا ووصمة حرب الذي
اخرجته بالتعاون مع قناة العربية . هذان الفيلمان ومن خلال العروض التي أقمناها وجدا تحية خاصة من إخوتنا وأخواتنا من جمهورية حنوب السودان والاول عن الإستقبال الإستثنائي والضخم الذي جري للراحل الدكتور جون قرنق أما الثاني والذي يمتد لثلاث ساعات فهو عن تاريخ العلاقة بين الشمال والجنوب وبتركيز علي الصراع المسلح وتحدث فيه قرنق عن كافة مراحل الحروب الي نيفاتشا.
قناة ايبوني أظن انها عرضت وأحتفت بمر المحارب من هنا والذي أعطيته لهم دول أدني مطالب مادية عشرات المرات وكانت دائما ما تأتيني الردود من طلابي وطالباتي من الجنوبيين بأنهم يشعروا بفائدة عظيمة قد قدمها لهم هذا الفيلم . بل هنالك من قال وكتب ان الفيلمين قد ساهما في توحيد مشاعر وأفكار الإخوة الجنوبيين في أمر تقرير المصير. وسواء كان ذلك صحيحا أم من باب المجاملة إلا ان التاريخ لن يمر عليهما مرورا دون توقف في المعني المشار إليه.
علاقتي بالحركة الشعبية لتحرير السودان وضعها الكثيرون مجالا للمناورة والمكايدة والخ من أغراض غير حقيقية. الحقيقة يعرفها شخصان هما ياسر عرمان ومالك عقار وهي: أنني اعمل بكل قناعة للمساهمة من اجل إحداث تنمية ثقافية بدفع وتشجيع شخصي منهما ...لا غير ... ولااحلام سياسية أو تنظيمية مرت بخاطري طيلة إستمرار هذه العلاقة. كنت أنظر الي الأفلام وإنتاجها حتي في تعاوني مع الفريق مالك عقار في تأسيس مركزه بالدمازين.
فعلي الرغم من كل الخدمات التي قدمها المركز في فترة حياته القصيرة إالا انه أسس إستديو للإنتاج التنلفزيوني علي أحدث الاجهزة .
عندما جري ما جري من تحطيم للمركز وقيام الحرب بالنيل الأزرق وجدت ان الاجواء الامنية والاعداء من شخصيات شتي لن يتركوني لحالي وتلقيت مختلف التهديدات بالتصفية الجسدية وغيرها. غادرت الي الدوحة وأجتزت منذ الأسبوع الأول معاينة العمل بقناة الجزيرة العربية.
جلست بالجزيرة لمدة عام كمنتج إبداعي بقسم الإبداع دون أن يكتشف أحدا بأن لي علاقة بصناعة وإخراج الافلام. كنت أعمل في النطاق النظري كحامل دكتوراة في النقد وجماليات الشاشة.
بعد العام الاول اتيحت الفرصة للانتقال لقسم الانتاج البرامجي والفيلمي او مايطلقون عليها إدارة البرامج عندهم وبدأ عملي كمنتج ومخرج وثائقيات.
قدمت أول مشاريعي في الإدارة الجديدة لإنتاج فيلم عن مقتل قرنق. وبدات إتصالاتي التحضيرية مع اسماء أصدقاء مختلفين منهم د. منصور خالد وياسر عرمان والحاج وراق ووزراء حكوميين تجمعني بهم علاقات جيدة مثل الدكتور أمين حسن عمر والدكتور محمد المختار حسن حسين وغيرهم لمعرفة إن كان ثمة جدوى للمضي في هذا الشان.
بغض النظر عن ما وردني من آراء الا أن الادارة العليا للقناة قررت التحفظ علي الموضوع وطولبت بتقديم مشروع جديد.
كانت هذه المقدمة الطويلة ضرورية للنفاذ الي موضوع المقال وهو الرد علي جملة من إخوتنا الجنوبيين الذين ينظمون حملة غريبة المقاصد والأهداف ضد فيلم بروق الحنين .
كان الإنفصال هو الموضوع الجديد لأسباب معلومة أهمها ملاحظة أن نسبة هائلة من شمالي السودان لا تزال لا تنظر للامر نظرة غير عميقة أو لا تأخذه مأخذا جديا.
دفعت بالمعالجة وتمت إجازتها بعين من الإرتياب وبسبب أننا كسودانيين غير معروفين في مجال الصناعة الفيلمية بنحو كاف.
جاءت كافة مراحل التجهيز والتحضير مصحوبة بملاحظات و بنقد إداري يقول بأني أنحاز في معالجتي للجنوب والجنوبيين.
خضنا معارك شتي وإيضاحات مختلفة [أن الفيلم يسعي لتوصيف آثار الإنفصال والمتأثرهو المواطن الجنوبي الذي تحرك من مكان الي مكان وليس الشمالي الذي بقي في مكانه.
أخذنا المهمة و الميزانية والخطابات ، شخصي والمصور السوداني أشرف إبراهيم وسافرنا الي السودان أولا بسبب أن السفر من الدوحة الي الجنوب لا يتم بخطوط مباشرة. قضينا حوالي العشرة أيام في الخرطوم بعد إستخراج كافة الوثائق المطلوبة للتصوير دون أدني ملاحقة أو ضغوط من الجهات الامنية والتي كنا نخشي مقاطعتها لنافي اي لحظة. بل ركبنا القطار وصورنا رغم ان ذلك أمر فيه مخاطرة جسيمة يعلمها الزملاء الذين يعملون في مجالنا.
دلفنا في اليومين الاخيرين الي سفارة الجنوب لطلب التأشيرات . للحق فوجئنا منذ الوهلة الأولي بمقابلة محتدة وشريرة وطالبونا بإظهار هوياتنا وووثائقنا من خطابات وغيرها.
تم السفر. في مطار جوبا مفاجئة أٌخري غير سعيدة كانت بإنتظارنا رغم التمهيد الذي قام به الدكتور منصور خالد عندما أوصي علينا في مكالمة وزير الأعلام برنابا و أمين عام الوزارة مصطفي بيونق.
بمجرد أن دخلنا صالة الوصول ومعنا الأجهزة والكاميرا ورغم إنتظار مندوب وزارة الاعلام لنا في المطار الا أن ذلك لم يشفع مصادرة الأجهزة والكاميرا وتعرضنا لتحقيق مبدئي بمكتب الأمن بالمطار.
عندما خرجنا بدون الكاميرا والأجهزة أخذنا مندوب الوزارة الي فندق فخم. إنتابتني المخاوف من أن أتعاب النزول في هذا الفندق سوف تتجاوز المال المقدر لنا في الإقامة.
آثرنا تعديل الفندق والبحث عن فندق آخر ( فيما بعد تكشف لنا أن هذا التعديل سوف تكون له آثارا مدمرة علينا وعقوبات نافذة ربما تفسر كل الحدتوتة بسبب أنه ملك لأبن السيد دينق ألور وثمة معاملات بينه وبين وزارة الإعلام عن طريق السيد مصطفي بيونق أمين عام الوزارة وأبن خالة السيد دينق ألور) .
ذهبنا الي فندق إستار وما أن وضعنا حقائبنا حتي مضينا الي وزارة الإعلام لإستخراج تصريح التصوير وتحرير الأجهزة والكاميرا من مكتب الامن بالمطار.
تمت مطالتنا بدفع مبلغ خمسين دولارا لكل منا ومعنا الصديق مصعب حسونة الذي كان يعمل معنا في الخرطوم كمساعد إنتاج وإخراج ورأينا أن من باب الوفاء أخذه معنا الي جوبا التي سبقنا اليها بيوم. أستلمنا التصريح وهوعبارة عن ورقة مكتوب عليها بعدم الممانعة من السلطات لنا بالتصوير في مدينة جوبا فقط.
بدأنا العمل مع الشخصيات التي كان قد قام بتحضيرها لنا الباحث الميداني الجنوبي بجوبا دومنيك منديل، رغما عن أنني كنت قبلها قد تحدثت الي الاخ عادل فارس كي يقوم بهذه المهمة وعدلت من رأيي هذا بعد نصائح تلقيتها من مقربين منه في الشمال والجنوب.
كنا نشعر وطيلة أيام التصوير باننا مراقبين وملاحقين من قبل شخصيات ما ولم نحيد عن فكرة تصوير ما هو بالسيناريو الذي تطلب إجراء لقاءات مع رسميين وشعبيين وتقديم الاسئلة لهم بخصوص ما جري لهم او ما يفكرون به. وكنت في غاية السعادة وانا التقي أصدقاء مثل إدوارد لينو وفاروق جات كوت وعبد الله دينق وغيرهم من شباب تعرفت عليهم في الخرطوم ومنهم طالبات وطلاب قمت بتدريسهم ومنهم ميري صمويل وجوزيف.
إستيلا التي أثار بكاؤها الحرب عليها و علينا هي وقبل كل شي إحدي ايقونات السودان الأدبية ( بالقديم )وكنت قد دعوتها أثناء عملي بالجامعة ونشاطي في ندوة كتاب الشهر لتقديم مجموعتها (أزهار ذابلة) والتي كانت تعري فيها النظام الاجتماعي والإقتصادي والسياسي بالخرطوم بأكمله عبر سردها لقصص مؤثرة ورائعة عن حياة سكان أطراف الخرطوم وهذا ما يشهد له كل المتابعيين من المثقفين.
عندما كتبت إستيلا في الراكوبة مقال : (عندما بقيت اجنبية ) إحتفظت به ووجدت فيه ضالتي مستقبلا لعمل النهاية لفيلم بروق الحنين ، كما توظيف إستيلا كراوية للفيلم .
قمنا بالتصوير لجميع لقطات الفيلم ما عدا تصوير إستيلا في النهاية بوجود أعين ومراقبين ومشاهدين شتي وكان اكثر المواقع لذلك التصوير هو موقع صحيفة المصير والتي أقمنا فيها مقابلاتنا بحضور الجميع وبكت (كدين) وحكت بحضور الجميع.
جاء يوم الإحتفال بالذكري الثانية لإستقلال الجنوب والإحتفال بوصفه مناسبة وطنية كنا نريد تصوير إستيلا فيها وهي تنسرب الي قبر الراحل جون قرنق.
طلبت من الصديق إدوارد لينو التوسط في ذلك بالسماح لمنا بدخول إستيلا للمقبرة وتحركنا لمقابلة السيد رمضان مدير الإدارة الإعلامية وذهبنا له وكان وقتها بوزارة الإعلام والتقيناه ووعد خيرا.
في اليوم التالي طلبوا منا الحضور لاخذ تصريحات خاصة بتصوير يوم الإحتفال وكنا بالموقع منذ الصباح في إنتظار إستلام البطاقات الخاصة بالتصريح وملكم كانت مفاجأتنا بان رفضوا لنا رغم وجود عادل فارس المراسل المتعاون بقناة الجزيرة .
حملنا الكاميرا وسرنا بأقدامنا قاصدين العودة الي الفندق ولكن في نهاية الشارع كان ثمة ضباط عسكريين قاموا بسؤالنا عن سبب عودتنا فأجبناهم باننا ممنوعين من التصوير.
إنبري أحدهم وكان صاحب رتبة كبيرة آمرا أحد الجنود من سائقي العربات بأن يأخذنا الي الأحتفال وإدخالنا الي موقع المصورين.
حسب نوايانا الطيبة فهمنا أن هذا الرجل يملك قراره وأن تنسيقا ما يتم بينهم وبين الأمن الإعلامي. في بوابة الميدان تم إيقافنا وإرجاعنا من ذات رجال الأمن الذين رفضوا إعطانا الإذن بالتصوير قبلا. وعدنا أدراجنا الي الفندق وبقينا نجهز للسفر في اليوم التالي صباحا.
في صالة المغادرة وبعد ان انهينا الإجراءات وأثناء دخولي لصالة المغادرة ظهر من الداخل شاب ذو ملامح تنذر بوقوع كارثة ما وسألني : ها أنت فلان؟ فقلت نعم أنا فلان .
طلب مني الخروج وومعي المصور الي الشارع. في الشارع تجمهر حولنا مجموعة الجنود المسلحين واخذونا بنحو مهين الي مكاتب الأمن وسيل من السباب والإتهامات مثل جواسيس وغيره. بعدها تم حشرنا في عربة تاتشر واجلاسنا أرضا تحت المقاعد وأنطلقت العربة تنهب الارض.
تحت عمارة تحت الإنشاء تم إستجوابنا عمن نحن ومهمة تصويرنا ولصالح من نعمل في السودان والخ من أسئلة تدير العقل وتجعل الشخص غير مصدق لما يجري.
كنت طيلة الوقت أٌحاول الحفاظ علي رباطة جأشي الي انتم أخذتا الي مباني جهاز الامن وإستجوابنا تحت التهديد مرة أخري ووضعنا بعدها لساعات في غرفة مجاورة للمكتب. بعد هذه الساعات جاء أحد الجنود وقال لنا أن المدير في أنتظاركم. ذهبنا بكل تهذيب .أدخلوا أشرف لمكتب نائب المدير وادخلوني الي مكتب المدير.
شاهدت وجلست الي شخص في غاية التهذيب وهو ذات رمضان الذي قابلناه مع لينو. وقبل ان يبدأ في توجيه أية اسئلة خاطبته بهدوء وثقة قائلا بأني لن أتحدث معه إلا بوثائق. اخرجت بطاقة العمل وسلمتها له ليتأكد منها . شاهدها وقام بهز راسه مستغربا، بعدها قدمت له بطاقة الدخول الي مباني شبكة الجزيرة وفيها الرقم الوظيفي وأيضا نظر اليها وهز رأسه . قدمت له التصريح الخاص بوزارة الإعلام بالتصوير. بعدها قرأخطاب من الشيخ عبدالله ال ثاني يطلب من الجهات المختصة في السودان وجنوب السودان حسن التعاون وتسهيل المهمة التي نحن بصددها.
بعد ها رأيت ألما في وجه الرجل الذي قال لي بالحرف الواحد: دكتور وجدي نحنا آسفين ...ثم تابع ...كل المعلومات اللي جاتني طلعت غلط ونحن نتحمل كافة التبعات من اعادتكم للفندق وأكل مجاني الي ان نجد لكم حجزا في يوم الغد أو بعده.
صحيح في أثناء الإعتقال أو الإحتجاز سرت معلومة أننا معتقلين واتصل عدد من اناس برمضان ولكن الحقيقة هي ان رمضان رجل امن ولو لم يتأكد من الخطا الفظيع الذي وقع لما أمر بكل ما أمر.
سافرنا بعد يومين وسط عتذارات رجال الامن وتعاملهم المهذب معنا. و لكن الأهم من ذلك هي الدعوة المسائية التي قام الأصدقاء اتيم واستيلا وميثيانق لنا بفندق نمولي نشكرهم متأخرين عليها. وغادرنا عن طريق نيروبي الي الدوحة ونحن نشعر بإهانة ما بعدها إهانة حاقت علينارغم الإعتذار.
كشخص أدين للديمقراطية وأتهذب بأدبها ، وكمهني محترف لم تدخل تلك المشاعر أبدا لتعديل أفكاري الإيجابية عن الجنوب والجنوبيين وبدات أنخرط في نظام مونتاج لياليوليالي بكل همة وإخلاص لإخراج فيلم يليق بنا كسودانيين شماليين وجنوبيين رغم كل شي. وكان (بروق الحنين) الذي شاهدتموه.
ماتمت كتابته في الاسافير وما خرج من هجوم من بعض الإخوة الجنوبيين لن يغير من موقفنا الوطني الأنساني تجاه قضية الفصل السياسي وما صاحبها من تعنيف للمواطنيين وما صاحبها من آلام في ذاكرة البعض خاصة الذين عاشوا أغلب أوقاتهم في الشمال وحكوا وبكوا دون ادارة ذلك منا بالعصي والتهديد والوعيد كما كتب البعض ، كما لا تقلل او تسفه نضالاتهم لأاجل الاستقلال.
فقد كتب بعضهم أني أخرجت الفيلم بعقلية شمالي ابيض ومستعمر قديم وأقول عفوا لا يوجد شماليون بيض وسود بل يوجد شعب سوداني قبل أن توزع الطبيعة الألوان علي الجميع وتجعلها نغمة عليهم فيما بعد. وقوع الإستقلال لا يعني التخلص من الذاكرة والعلاقات السابقة والأمكنة. صحيح أن هنالك مظالم وقعت علي الجنوبيين وعبر عنها أغلب المشاركين ويعبر عنها ويعترف بها الغالبية من المثقفين والشعبيين في الشمال ولا مجال هنا للمسخرة أو التشكيك في مفاهيم وتجارب الناس.
اما من أراد أن يقدم وجهة نظر أخري فليأخذ كاميرته ويدلي بدلوه وسنشاهده دون إساءات له.
عاش السودان الموحد في أفئدة أبنائه المخلصين.وعاش نضال أهلنا في الجنوب لاجل بناء دولة ديمقراطية تحترم الحقوق وتبذل الواجبات تجاه مواطنيها.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.