إسماعيل شمس الدين – مقيم في قطر الدكتور عبدالوهاب الأفندي في مساره الفكري والاعلامي أصبح يمثل الصفوة المتطورة والمتحررة من قيود الأطر المغلقة سياسياً واجتماعياً مما يساعد على الطرح الصادق والمعمق للمواضيع التي تشتعل بها الساحة اليوم على مستوى العالمين العربي والأفريقي مما يجعل الحيطة والحذر أساساً للمساس للقضايا المطروحة من جانبه ولكن وجدناه هذه المرة هو نفسه معقباً على برنامج تلفزيوني الأمر الذي يفتح الباب للغوص في أطروحاته الناصرية والمباركية والساد آتية وصولاً للسيسية خاصةً وأنه قد فتح الباب لمبادرته الشخصية لإعادة كتابة التاريخ مما يجعل اطروحاته قابلة للتسليم بها. بدءا بعهد عبد الناصر فقد كانت السمة المميزة لهذه الحقبة هي محاربة الاستعمار ومساعدة حركات التحرر في الوطن العربي وخاصة الجزائر ومعظم الدول الأفريقية ، أما عن حرب عام 1956فقد كانت ملحمة تاريخية كبرى اجتمعت فيها الأمة العربية والاسلامية على كلمة سواء في اجتثاث الاستعمار من القارة بأكملها وقد كانت الصورة رائعة للمشاهد أنداك فلا يمكن النظر اليها بعد عقود من الزمان بصورة هزلية على الرغم من تكرر الملحمة الخاسرة عام 1967 فكلاهما مراحل نضالية تاريخية ، اما عن صراع النظام الناصري خلال الفترة التاريخية من حكمه فقد كان صراع على السلطة وليس غير ذلك وهو صراع شاركت فيه الاحزاب التقليدية والاشتراكية بل الأكثر من ذلك حلفاء العصر من قادة شعار القومية العربية من بعثيين وغيرهم وكل ذلك أمام الهجمة الشرسة على النظام من قوى الاستعمار، أما داخلياً فقد شهدت هذه الفترة مشاريع اقتصادية وتنموية كبرى بدءاً بالسد العالي ولعدد من المصانع الثقيلة والخفيفة وطفرة في التعليم والمشاريع الزراعية وهي مشاريع لا تزال شاهدة على هذا العصر ،، ولكن يأستاذنا الأفندي هكذا نحن في هذا العالم العربي بنكران أفضال البشر والتركيز فقط على سلبياتهم وليس أدل على ذلك النضال الشريف للشعب السوداني ضد حكم الرئيس عبود في ثورة أكتوبر 1964 الخالدة ، ونسي الناس الانجازات المتفردة لهذا العصر ولعل منها قيام مصانع النسيج وقيام أول خطوط بحرية سودانية وتدعيم السكة الحديد وانشاء خزان الروصيرص وتدعيم مشروع الجزيرة وتطوير الخطوط الجوية السودانية وغيرها من المشاريع التي أحالتها العقود التالية لهشيم تذروه الرياح. أما عن الاستبداد والتسلط فهو نهج كل الأنظمة بوصول البطانة الفاسدة حول السلطان وهي آفة تستلزم أن يفكر الناس فيها قبل اختيار السلطان نفسه وإلا أصبح هو نفسه همبولاً (الهمبول ) أو لعبة في أيدي الصغار . أما عن سياسة التوريث السياسي والتاريخي بخلافة عبدالفتاح السيسي لجمال عبدالناصر فهذه بدعة جديدة في عالم السياسة خاصة وأن حلبة الصراع لا تزال مفتوحة وبشهية للسلطة والتسلط والوصول لكراسي الحكم بعد أن تلاشت واختفت أكذوبة تحقيق المبادئ والشريعة الاسلامية ولعل تجربة السودان أصدق دليل على ذلك من حكم الاسلاميين 24 عاما هي السنوات العجاف في تاريخه .فمن يُصدق اليوم أن أي حزب قد جاء لتطبيق شرع الله وهم أبعد ما يكونون عن الاسلام وتعاليمه فالذي يدور هو صراع وصراع على السلطة سواء عن طريق انتخابات مسبقة في اعلان نتائجها أو مزورة ولعلكم توفقوننا الرأي أن الانقلابات العسكرية المباشرة وغير المباشرة في البلدان الأفريقية والعربية قد أفقدت التداول على السلطة معناه . إن ما يدور في مصر اليوم هو صراع على السلطة بل أصبح الأمر واقعاً على الرغم من أن الصورة قاتمة لاحتجاجات الاسلاميين الدموية وعنف السلطة في قمع الاحتجاجات ويدور الصراع اليوم أمام اعلام مصري ضعيف لا يواكب متطلبات الثوار سواء في 25 يناير أو 30 يونيو . أم سعي الشعب المصري في ميلاد قائد جديد له يعيد أمجاد الزعيم الذي أحبوه جمال عبدالناصر فسلطوا الأضواء على من انبرى لنفوذ الاخوان وأخونة الدولة فوجدوا في السيسي الملاذ لقيادة المسيرة القادمة ودعنا أيضاً نتخيل لو أن الوضع استمر بقيادة الإخوان فماذا كان مصير السيسي وقيادات الجيش ؟ ألم تكن واجهة للانشقاقات العسكرية وتحويل مصر الأمنة الى أتون من حرب مشتعلة والدليل على ذلك سينا ونشاط التكفيريين . خلاصة القول أن الأقنعة قد سقطت بتبني الشعارات حتى لو كانت دينية فكلنا موحدون ومسلمون بحمد الله ولا نحتاج لوساطة بيننا وبين الخالق الجبار فهو العالم بحالنا وليس امام القيادات المصرية إلا الوفاق على نهج جديد في وطن يسع الجميع ووسط صراع نظيف وخالي من الأنانية وإقصاء الأخرين. [email protected]