(الوثيقة الدستورية الجديدة) عبدالرحمن ناصف المستشار الإعلامي بسفارة بمصر بالخرطوم مقدمة : إن الدستور الجديد هو الخطوة الأولى في خارطة المستقبل التي حددها الإعلان الدستوري الصادر في يوليو الماضي .. فهو دستور لكل المصريين .. يخاطب جميع فئاته .. فقدم ضمانات كبيرة لحقوق الانسان كما أَولىَ اهتماماً خاصاً بالمرأة والأقباط، بالإضافة للمبدعين والمثقفين وَوضعَ بعض الأسس للعدل الاجتماعي ، فهذا الدستور يحمل بين طياته الحياة الكريمة للمصريين. إن هذه المرحلة الإنتقالية .. بالرغم من صعوبتها وكثرة التحديات التي تواجهها البلاد، إلا أنها بمثابة مرحلة بناء لدولة ديمقراطية أكثر قدرة على مواجهة المشكلات لإنهاء المرحلة الانتقالية وتحقيق طموحات الشعب المصري والإرتقاء بمصر إلى أوضاع أفضل، وعودة الاستقرار للشارع السياسي، فلكي تعود الدولة بكل ما تحمله من الضوابط والالتزامات يجب أن نبدأ بالدستور لكي نحدد العلاقة بين الشعب ومؤسساته وبين هذه المؤسسات وبين بعضها البعض. إن هذا الاستفتاء علي الدستور سيثبت للعالم أن ثورة 30 يونيو هي ثورة حقيقية ومكملة لثورة 25 يناير، فحين تنجح فكرة مصر مع الدستور في أولى الخطوات نحو الديمقراطية ستتغير مواقف وحسابات دولية ... وسوف يدرك العالم أجمع بأن ما حدث هو ثورة حقيقية وليس إنقلاباً عسكرياً. إن مشروع الدستور المصري الجديد هو محور ارتكاز العملية السياسية في مصر، وإن هذه الوثيقة هي الطريقة للخروج من الوضع الحالي، ولذا فلقد صدر قرار جمهوري رقم 570 بتاريخ 1/9/2013 لتعديل الدستور الصادر في ديسمبر 2012 من رئيس الجمهورية المؤقت بتشكيل لجنة الخمسين وفقا للمادة 29 من الإعلان الدستوري وهي مكونة من خمسين شخصية من كافة طوائف المجتمع الذين يمثلون الملايين من الأطياف السياسية والإجتماعية من المصريين للعمل على إعداد الصياغة النهائية لدستور مصر بجانب خمسين إحتياطين ليس لهم حق التصويت وعشرة من خبراء القانون. فقد قُسم مشروع الدستور على ستة أبواب : الباب الأول: الدولة (من المادة 1حتى المادة 6). الباب الثاني: المقومات الأساسية للمجتمع (من المادة 7 حتى المادة 50). الفصل الأول: المقومات الإجتماعية (من المادة 7 - حتى المادة 26). الفصل الثاني: المقومات الإقتصادية (من المادة 27حتى المادة 46). الفصل الثالث: المقومات الثقافية (من المادة 47 حتى المادة 50). الباب الثالث: الحقوق والحريات والواجبات العامة (من المادة 51 حتى المادة 93). الباب الرابع: سيادة القانون (من المادة 94حتى المادة 100). الباب الخامس: نظام الحكم (من المادة 101 حتى المادة 221). الفصل الأول: السلطة التشريعية "مجلس النواب" (من المادة 101 - حتى المادة 132). الفصل الثاني: السلطة التنفيذية (من المادة 139حتى المادة 183). الفصل الثالث: السلطة القضاية (من المادة 184 حتى المادة 187). الفصل الرابع: المحكمة الدستورية العليا (من المادة 191 - حتى المادة 195). الفصل الخامس: الهيئات القضائية (من المادة 196حتى المادة 197). الفصل السادس: المحاماة (مادة 198). الفصل السابع: الخبراء (مادة 199). الفصل الثامن: القوات المسلحة والشرطة (من المادة 200حتى 207). الفصل التاسع: الهيئة الوطنية للإنتخابات (من المادة 208 حتى المادة 210). الفصل العاشر: المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام (من المادة 211حتى 213). الفصل الحادي عشر: الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية (من المادة 214حتى المادة 221). الباب السادس: الأحكام العامة والأحكام الإنتقالية (من المادة 222حتى 247). المواد الخلافية في الدستور الجديد: أثارت مسودة الدستور النهائية التى أقرتها لجنة تعديل الدستور المصري المعطل المعروفة بلجنة الخمسين ردود فعل متبانية من بعض القوى السياسية على خلفية إقرار بعض المواد التي كانت مثار خلاف. شملت المواد المثيرة للجدل: إلغاء نسبة العمال والفلاحين في المجالس النيابية، وإلغاء مجلس الشورى وعدم تبني نظام انتخابي وإحالته للمُشرِع، بالإضافة إلى محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية فضلاً عن نزع حق الرئيس تعيين وزير الدفاع في فترتين رئاسيتين متتاليتين لبدء تطبيق الدستور الجديد . إلغاء نسبة 50% عمال وفلاحين .. وإن إلغاء هذه النسبة من الدستور ليس خسارة للعمال، وإنما هو مكسب كبير فسوف يمنح حقوقا حقيقية للعمال والفلاحين حيث إنه سيدفع النقابات العمالية للعمل والمشاركة في الحياة السياسية حتي تمثل في المجالس المنتخبة، وحقهم فى السيطرة الفعلية على التجمعات التى يمثلونها، ومنها تمثيل العمال بنسبة 50% فى إدارة شركات ومصانع القطاع العام.. وأن يمثل الفلاحون 80% من الجمعيات الزراعية للدفاع عن الفلاح الضعيف. فقد نص الدستور الجديد في المادة 180 على ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين بالمائة من إجمالي عدد المقاعد في الوحدات المحلية، وهو مجال واسع الإنتشار للتمثيل النيابي. وأثارت المادة 204 من الدستور أزمة كبيرة واعتراضات واسعة، والتي تنص على أنه "لايجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشراً على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو معداتها أو أسلحتها، والإعتداء المباشر على ضباط القوات المسلحة أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم، ويحدد القانون تلك الجرائم ومن خلال قراءة هذه المادة يتضح أن خطورة تلك المرحلة وحجم التهديد وفداحة المسئولية التي تتحملها قواتنا المسلحة دفاعاً عن الوطن، إلا أنه في أشد اللحظات الظلامية قسوة، يبقى التمسك بالمبدأ هو الوسيلة الوحيدة للنجاة، ومن جانب آخر لم يترك المُشرِع هذه الجرائم عامة دون تحديد إنما حددها بشكل واضح ومحدد بما يضمن العدالة. وتم إلغاء المادة 219 وهي المادة المُفسرة لمبادئ الشريعة فالمحكمة الدستورية وضعت لها تفسيراً وهي المرجع لذلك، إن أهمية هذه المادة قطعت الطريق أمام سلطة رجال الدين أو يمكن تسميته بالولي الفقيه، وحددت بشكل واضح أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، كما تركت للمحكمة الدستورية العليا تفسير هذه المبادئ، كل ذلك يجب أن يكون في إطار المؤسسية التي تنشدها مصر في المرحلة المقبلة. أبرز المواد المستحدثة: تضمن مشروع الدستور 96 مادة مستحدثة أبرزها: مادة (52) من الباب الثالث حول التعذيب تؤكد على أن التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم. وأخرى تتحدث عن حظر التهجير القسرى التعسفى للمواطنين بجميع صوره وأشكاله، ومخالفة ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم. أن المادة المتفردة التى لم تكن فى أى دستور من دساتير مصر السابقة هى مادة الحفاظ على السيادة المصرية. للمرة الأولى ينص الدستور المصرى على إمكانية انتخاب المحافظين والعُمد كرئيس الجمهورية، لافتاً إلى أن تلك تعد الخطوة الأولى لاستقلال المحليات. أن الدستور كفل جميع الحريات كحرية الرأي والعقيدة والإبداع والإعلام، كما نص على إتاحة المعلومات وحرية تداول البيانات والإحصائيات . أن مصر دولة زراعية من الدرجة الأولى وبالتالى لابد من ضمان توفير كافة احتياجات ومستلزمات الإنتاج الحيوانى والزراعى لكافة الفلاحين وشراء المحاصيل الزراعية الأساسية منهم، وهو ما نصت عليه مواد الدستور الجديد. توجد مواد مستحدثه متعلقة بحماية المؤسسة العسكرية لفترة انتقالية حتى تستقر الأمور. لا توجد مادة لمحاكمة المدنيين في الدستور أمام المحاكم العسكرية ولكنها مواد تتعلق بالجرائم التي تمثل اعتداء علي المعدات أو المنشآت العسكرية أوالأفراد أثناء الخدمة. واستحدثت مادة تؤكد التزام الدولة بالحقوق والحريات الواردة في الإتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والتى تصدق عليها مصر. تضمنت المسودة مادة مستحدثة أخرى تنص على التزام الدولة بحماية قناة السويس والحفاظ عليها بصفتها ممراً مائياً دولياً مملوكاً لها، كما تلتزم بالتنمية المستدامة لقطاع القناة باعتباره مركزاً اقتصادياً عالمياً متميزاً تحت إشراف الدولة. وإحدى المواد المستحدثة أيضا نصت على التزام الدولة بوضع خطة قومية شاملة لمواجهة مشكلة العشوائيات تشمل توفير البنية الأساسية والمرافق وتحسين نوعية الحياة والصحة العامة، كما تكفل توفير الموارد اللازمة للتنفيذ خلال مدة زمنية محددة. ونصت مادة أخرى مستحدثة على ضرورة أن يُراعىَ فى فرض الضرائب أن تكون متعددة المصادر، وتكون الضرائب على دخول الأفراد تصاعدية متعددة الشرائح وفقا لقدراتهم التكليفية. ونصت على مادة أخرى مستحدثة وهي مادة المعوقين وهى مادة نفتخر بها، وكذلك مادة "حق الثقافة" وهى أن الثقافة حق للمواطنين وليست رفاهية . "تلتزم الدولة برعاية ذوي الإحتياجات الخاصة، وتيسير سبل الحياة لهم بما في ذلك تحديد فرص العمل ومادة لرعاية النشء، نصت على: "تلتزم الدولة برعاية النشء والشباب وتعمل على إتاحة الفرصة لهم وتمكينهم من المشاركة في تولى المناصب العامة". والمادة 89 التي تحظر كل صور العبودية وكل أشكال الإتجار بالبشر. وعن ديباجة الدستور، أوضح موسى أن تعبير «حكومتها مدنية» أشمل من تعبير «دولة مدنية» حيث أن الحكومة بما فيها من قضاء ومؤسسات أخرى مدنية تصب في صالح مدنية الدولة. حقوق المرأة والطفل في دستور مصر الجديد: تضمنت مسودة الدستور ما يزيد عن 20 مادة أو أكثر تخص المرأة، و قد أولى رعاية خاصة أيضاً للطفل باعتباره من الفئات الضعيفة والمهمشة وأفرد له (المادة 80) والتي تشكل ظهيراً دستورياً لقانون الطفل رقم 126 لسنة 2008.