[email protected] ليعلم كل من يهمه الأمر وإدارة نظافة المدن على وجه الخصوص أن الموظفة الوحيدة– لم أقل موظفاً لحكمة يعلمها المخدم - التي لا تتأخر عن موعد أداء عملها هي محصلة رسوم النفايات التي فاجأتنا هذا الشهر برفع الرسوم إلى 19 (تسعة عشر) جنيها لكل منزل بحي المهندسين بأم درمان، وبالطبع تتفاوت الرسوم والزيادة بين الأحياء، قائلة بأن الزيادة العامة قررت مع بداية العام الجديد دون أن يكون لنا حق النقاش، إذ يكفي تكرمها علينا بتوصيل المعلومة عملاً بمقولة ناقل الكفر ليس بكافر، علماً بأن التحصيل عادة لا يتم بأرونيك 15 الذي افتقدنا طلته البهية منذ زمن طويل فاحتسبناه طالما أن الوجيع الأول على مالية الدولة لم يتحسر على غيابه. وقد علمتنا التجارب – وآخرها تجربة رفض الأستاذ الفاتح جبرا، كاتب عمود ساخر سبيل، التي لا أعتقد أن نهايتها كانت سعيدة – أن لجهة التحصيل حق المقاضاة وجرجرة ومحاكمة من لا يدفع أو يطالب بالإيصال الشهير بينما لم نعثر في ذات القانون على ما يسند ظهرنا أو يوجهنا لكي نحتج أو نقاضي أي جهة مسئولة حين تتخلف عربات النفايات عن الحضور،بحجة الأعطال المزمنة وشح الجازولين، أو عندما ينتقي عمالها ما يحلو لهم من أكياس سليمة تاركين ما تنبشه القطط والكلاب والشماسة لكي تتكفل الرياح وعوامل الطبيعة الأخرى بتشتيته وتذويبه وستر عورته دون جدوى. في فترة سابقة بشرتنا الولاية بتجويد عمل النظافة وانتظام جمع النفايات في أوقات معلومة وتوزيع أكياس معينة وإطلاق صافرة للتنبيه لكي يهرع السكان لإخراج أكياس القمامة في الوقت المناسب، ولكن شيئاً من كل ذلك لم يحدث. وفي المرات النادرة التي تلتزم فيها عربات النفايات بجدول الحضور يكون ذلك في أوقات غير معلنة حيث تمر سريعاً،فإذا ما لاحقها الشخص الذي لا يضع كيس نفاياته بالخارج خوفاً من النبش، سمع طنطنة أقرب للسب ودرساً وتوبيخاً من العاملين دون اعتبار لعامل السن والجنس أو تقديراً للحرص. وعلى نقيض ذلك ربما يلاحظ البعض أن عربات النفايات تتوقف لدقائق طويلة يتم خلالها الجمع والفرز ونظافة الموقع أمام منازل معينة في حين تمر مرور الكرام أمام الأخريات مما يؤكد أن هذا التمييزليس حباً لعيون أصحاب تلك الديار بقدر ما انه رد لجميل إضافي غير الدفع المقدم المعلوم. وحيث أن في نفاياتنا بعض الأشياء التي قد تصلح للتدوير وهي السبب الأساسي في جعل بعض الصبية يعبثون بأكياس النفايات، بحثاً عن الباقات والأكياس والكرتون والخردة، فقد يصبح ما تبقى منبو شاًفي حالة لا تشجع على الالتقاط بواسطة عمال النفايات الذين يقومون هم أيضاً بعمليات انتقاء وفرز تشغلهم عن واجب الرفع الذي جاءوا من أجله. وبما أن عربات النفايات الكبيرة يتعذر عليها السير داخل أزقة بعض الأحياء الضيقة، فلماذا لا يتم تخصيص نقاط تجميع وسطية تسهل على الطرفين عبء التخلص والجمع في أوقات معلومة؟ وهنا سيقول قائل بأن نقاطاً مثلما كان في السابق ستكون مرتعاً خصباً لمزيد من العبث بواسطة الباحثين عن البقايا الصالحة للتدوير، غير أن ذلك لن يحدث إذا توفر الحرص والدقة في توقيت الجمع وخصص أحد العمال للرقابة وتهيئة أكياس النفايات ليسهل نقلها سريعاً وهي سليمة حيث لا بأس أن يتم الفرز في مكبات الحرق بواسطة الراغبين بعيداً عنا،فقديماً كان بالأحياء عمال متخصصون في كنس الشوارع يمكن إعادتهم بتقليص طاقم كل عربة وتكليف المقلصين بهذه المهمة التي ستحد من فوضى انتشار الأوراق والبقايا وجمعها في أكياس تقوم برفعها ذات العربات أثناء طوافها لتصحيح الفهم السائد حول إلزامية الدفع ومزاجية الجمع،مع أن نظافة المدن كانت في أيام الاستعمار وما بعده من عهود واجباً تقوم به البلديات بلا مقابل حرصاً على صحة البيئة وجعل المدن خالية من الأوساخ.