ظهور الدكتور حسن الترابي الى واجهة الاعلام اثار غرائز الاسلاميين واحيا فيهم شوق الوحدة التي ضاعت وسط الصراع من اجل السلطة والمصالح ورغبات النفس الجامحة فتراهم مهللين ومستبشرين لعودة شيخهم الذي اوصلهم الى هذا النعيم المقيم. ولكن المشهد الآن وقبل المفاصلة لا يمكن لاي احد ان يتمناه ان يكون هو المكان والزمان المناسبين لهذه العودة. وبغض النظر عن الشخوص فان المشهد بالكاد نحصل فيه على قيمة واحدة تجعل لهذا البطل عودة ذات قيمة تذكر ، اعلام السلطه يعلو هذه الايام من لقاءات شيخ حسن وموسى هلال في مؤتمرات الصلح بدارفور وما ادراك ما دارفور التي اشبعوها موتاً وجلدا واغتصابا ويريدون مره اخرى ان يتسلقوا على اكتاف مواطنيها. المشهد السياسي والامني والاقتصادي والاجتماعي كله معطوب وعلى بعضه لا يمكن ان تشير الى اي خير في المشهد برمته واذا حاولنا ان نطبق قيمة السلام والامن على واقع دارفور اليوم فانها تحترق من جديد بعد ان فشلت كل التسويات الثنائية والمحاصصه في ايقاف النزف وليس منا ببعيد اجزاء اخرى من الوطن تستغيث الطعام في جنوب كردفان وبعضها مكتوب عليه الاهمال والنسيان الاجباري في حلايب وشلاتين بعد ان تخلت عنهم الدولة وتركتهم لأقدارهم. وفي سعينا للبحث عن قيمة النزاهه والشفافية فهما ريحانة الانسانية والدولة العصرية وهما غرة القيم في الاسلام والدين الحنيف فتم ابدالهما بقيم الولاء والتمكين وبهما تم الافلاس والفقر الجماعي لكل الافراد والكيانات التجارية من غير اهل الولاء. واي ظلم ان يتم قطع الارزاق والفصل للصالح العام وابعاد الكفاءات بدعوى انها غير منسدحه مع فكر التنظيم والاخوان. ما رآه الشعب السوداني في الواقع والتطبيق لهذا الفكر الماكر والمخادع لو عرض على اي شعب في منامه لافزعه وغض مضجعه وعلى الاخرين ان يعتبروا بالعبر والدروس بمن سبقوهم وهكذا المصريين اخذو المبادرة في العراك بالاسنان قبل ان يتمكن المارد من ابتلاع مصر . واخذت الدول العربية الاخرى في العمل بجد من السيطرة على هذا المارد الذي اصبح يخيف اهله بدلاً من ان يخيف الاعداء. في السودان قدرنا ان نكون اشقياء لكي نرى في انفسنا ما صنعه الاسلاميين فينا ولكننا نربأ بأخواننا واشقائنا في البلاد العربيه والافريقية الاخرى ان تاخذ الحذر في ان تجرب المجرب وان يكن لهم في السودان الاسوة التي تنجو بهم من الفرار. وما هذه الالتفاتة والاجراءت العملية في دول الخليج ضد هذه الحركات التي تدعي الاسلام الا صحوة من اجل استئصال هذا الورم في جسد الامة. ولتكن عظه للمسلمين ان من يحتكرون الاسلام اسماً وقولاً اي كان اخوان مسلمين أو حزب الله او جماعة انصار السنة او الجماعة الاسلامية كل هؤلاء ينفون الآخر حتى في الأسم وما بالك عندما يطبقون رؤاهم في الواقع اليس هذا نوع من الاحتكار والادعاء بانك تمثل الاسلام وان الآخرين ليسوا بمسلمين. اليس هذا نفي للآخر في العقيدة اليس هذا هو العصبية والأنا في الطرح. يشهد التاريخ ان الاسلاميين اخذوا حظا في حكم السودان لم يحصل عليه رواد الاستقلال الاوائل وناشطي مؤتمر الخريجين. ولو كانت اقوال الاسلاميين ونياتهم سليمه وافعالهم لله وفيها رافة ورحمة على الناس لما آل البلد الى هذا الحال رغم ان شعبنا صبور ويعشم كثيرا ويصفح عند تصحيح المسار ولكن ظلوا في غياهب ضمائرهم المريضة التي لا ترى الا نفسها ومن تعاطف معهم غير آبهين للشعب المكلوم الذي تقطعت اوصاله حربا ورزقا. الناس الطيبين لا يمكن ان يتم استغفالهم اكثر من مره وبنفس الشعارات البائرة فماذا ينفع تاخر او مجي شيخ حسن الى الواجهه من جديد اذ لا يستطيع أشهر اخصائي العلاقات العامه ان يجعل من شيخ حسن قيمة تضاف للسودان ولا تستطيع اقوى محركات الطائرات النفاثة ان تقلع بمحرك شيخ حسن في سماء السودان مره اخرى من جديد. واذا افترضنا ان لهم مناصرين وكوادر ظلت باقية ووفيه لشيخها ولكن السؤال ما الفكر والمبدأ الذي يجعلها تواجه به الرياح العاصفة التي سوف تهب على الاسلاميين بمجرد ان يفكك الحوار المرتقب من قبضتهم على السلطه والمواقع والاموال وظل الدولة وهيبتها وهذا هو سر تاخر الرئيس في المبادرة باجراءات تهيئة المناخ وذلك بفك القيود عن الاعلام والصحافة والندوات واللقاءات وغل ايدي الامن والشرطه لكي تحول عن مئات من حالات الثار والانتقام التي ظلت محبوسه قهرا في النفوس. كم من المرارات والاحزان خلفها هؤلاء العلوج واي سماء تظلهم واي ارض يمشون عليها بعد ان تزول عنهم السلطه والحراسات والاضواء واي مصير ينتظرهم ، هل يستطيع اي من المؤتمران ان يذهب الى دارفور وكردفان او الى الشمالية يدعو الناس الى التصويت لهم في انتخابات قد يعشمون في ذلك ولكنهم سيجدون انفسهم منبوذين ولا يجدون الا الرمي بالحجارة والصد والعدوان ينتظرهم. الهادي ادم حامد المملكة العربية السعودية - جدة [email protected]