حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    تحولات الحرب في السودان وفضيحة أمريكا    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ماذا قالت قيادة "الفرقة ال3 مشاة" – شندي بعد حادثة المسيرات؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد مستشفى الجكيكة بالمتمة    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    للحكومي والخاص وراتب 6 آلاف.. شروط استقدام عائلات المقيمين للإقامة في قطر    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النشاط الحزبي بين الدستور والقرار الجمهوري الأخير .. بقلم: أحمد حمزة أحمد
نشر في سودانيل يوم 16 - 04 - 2014


16/4/2014
[email protected]
بتاريخ 14/04/2014م أصدر رئيس الجمهورية القرار الجمهوري رقم 158 لسنة 2014م بتنظيم الأنشطة الحزبية.وذلك عملاً بأحكام المادة 58"1" من دستور السودان الانتقالي لسنة –حسب 2005 حسب ما ورد بالقرار. وقد اشتمل القرار على ستة عناوين هي:المبادئ العامة –الموافقة على الاجتماعات العامة والندوات واللقاءات – ضوابط استخدام الملصقات والمطبوعات-استخدام وسائل الإعلام- المواكب السلمية-التزامات الأجهزة التنفيذية – مكبرات الصوت وأخيراً سلطات الولايات.وتحت كل من هذه العناوين اندرجت بنود وبنود فرعية.نتناول هنا أبرز وأهم هذه البنود ومدى توافقها مع الدستور الانتقالي لسنة 2005م.
( = ) وكما هو واضح فإن القرار الجمهوري المذكور يأتي ضمن سعي الحكومة لإحداث خلخلة لواقع تقييد الحريات وتقييد النشاط الحزبي وبما قد يهيئ للحوار الوطني المنشود.ونتمنى أن يكون هذا القرار من بين الوسائل التي تحقق الهدف المذكور. لأن الذي لا جدال حوله،هو أن الإرادة السياسية لمن بيدهم السلطة هي العنصر الحاسم في إطلاق الحريات وضمان الممارسة الحزبية وتهيئة المناخ السياسي بعيداً عن السيطرة والتعالي والإقصاء-هذا بغض النظر عن أي قرار يصدر مهما جاء مبرأ من العيوب.ودوننا دستور 2005 الانتقالي الذي تضمن ما يكفي من نصوص واضحة،إن وجدت التطبيق،لكانت كفيلة بتحقيق الحريات وكفالتها دون حاجة لقرار من رئيس الجمهورية!.
( = ) أولى الملاحظات التي ترد على القرار،هي هل المادة (58/1)من الدستور تمنح رئيس الجمهورية صلاحية إصدار قرارات تنظم النشاط الحزبي؟بمراجعة هذه المادة التي تشتمل على سبعة عشر فقرة،لا نجد ما يمكن أن يندرج تحته صلاحية الرئيس لإصدار قرار ذو صلة بتنظيم النشاط الحزبي.اللهم إلا إذا تعسفنا واعتبرنا أن سلطة الرئيس في إعلان حالة الطوارئ الواردة ضمن فقرات المادة 58 وحقه في إلغائها لها علاقة بالنشاط الحزبي!.وهذا تأويل لا يوجد ما يجعله مبرراً!. لذا كان الأجدى ان لا يصدر مثل هذا القرار،بل يكفي إعلان سياسي من الرئيس بأن تعود الحياة للناشط الحزبي وأن يوجه أمراً داخلياً للسلطات الأمنية والشرطية والتنفيذية بتطبيق وثقة العهد والحقوق التي تضمّنها دستور 2005م الانتقالي،مع أي توجيهات تساعد وتسهل تطبيق مواد الدستور ذات الصلة.وكما معلوم فإن وثيقة العهد والحقوق المذكورة اشتملت على العديد من النصوص التي إن طبقت –وهي واجبة التطبيق ولا يوجد ما يعلو عليها وإن كانت قرارات رئيس الجهورية-كفيلة بتحقيق الممارسة الديمقراطية في مستوى من مستوياتها السياسية الهامة.
من نصوص وثيقة الحقوق أنها "عهداً بين كافة أهل السودان، وبينهم وبين حكوماتهم بأن يحترموا حقوق الإنسان والحريات الأساسية المضمنة في هذا الدستور وأن يعملوا على ترقيتها؛وتعتبر حجر الأساس للعدالة الاجتماعية والمساواة والديمقراطية في السودان"."تحمى الدولة هذه الوثيقة وتعززها وتضمنها وتنفذها". "تنظم التشريعات الحقوق والحريات المضمنة فى هذه الوثيقة ولا تصادرها أو تنتقص منها".وتمضي الوثيقة مفصلة حرية التعبير والإعلام وكفالة الدولة لحرية الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى وفقاً لما ينظمه القانون في مجتمع ديمقراطي".تلتزم كافة وسائل الإعلام بأخلاق المهنة وبعدم إثارة الكراهية الدينية أو العرقية أو العنصرية أو الثقافية أو الدعوة للعنف أو الحرب".وكذا عندما نصت على كفالة حرية التجمع والتنظيم " يُكفل الحق في التجمع السلمي، ولكل فرد الحق في حرية التنظيم مع آخرين، بما في ذلك الحق في تكوين الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والاتحادات المهنية أو الانضمام إليها حمايةً لمصالحه"."و ينظم القانون تكوين وتسجيل الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والاتحادات المهنية وفقاً لما يتطلبه المجتمع الديمقراطي".لاحظ أن القيد الذي يرد على هذه الحقوق هو القيد الذي يتطلبه "المجتمع الديمقراطي"،وليس القيد الذي تستحدثه الحكومة لحماية نفسها!.لقد خُتمت وثيقة العهد بنص المادة (48) التي تقرأ:"حُرمة الحقوق والحريات مع مراعاة المادة 211 من هذا الدستور, لا يجوز الانتقاص من الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذه الوثيقة, وتصون المحكمة الدستورية والمحاكم المختصة الأُخرى هذه الوثيقة وتحميها وتطبقها، وتراقب مفوضية حقوق الإنسان تطبيقها في الدولة وفقاً للمادة 142من هذا الدستور". وحتى لا نذهب في تفاصيل نكفي بالتأكيد على أن الأمر لم يكن في حاجة لقرار جمهوري- بل في حاجة لإرادة سياسية لا تضيق بالرأي الآخر وذهن يحتمل الحرية وما تبعثه في الناس من وعي ومعرفة وتراكم خبرات وتداول سلمي للمواقع وتولي للوظائف كفاءة وليس موالاة.
في ضوء هذا فإن القرار الجهوري المشار إليه،لا يمنح الأحزاب حقوق سياسية،في الأصل قررها الدستور. والأصح أن نقول أن القيود التي وردت بالقرار الجمهوري المذكور تنتقص من الحقوق التي أقرها الدستور، وذلك حين ينتقص ويقيد النشاط الحزبي بقيود إدارية لا تنسجم مع ما يتطلبه المجتمع الديمقراطي. ولإلقاء ضوء على النصوص السالبة التي احتواها القرار،وأيضاً ما هو إيجابي منها،أشير إلى بعضها :-
( = ) تحت عنوان المبادئ العامة تحدثت الفقرة 2/أ من القرار عن (أن حرية التنظيمات والأحزاب في إقامة الأنشطة السياسية مكفول ويمارس وفق الدستور والقانون).وهو نص لا يأتي بخلاف ما نص عليه الدستور وليس هنالك ما ستوجب مثل هذا النص الشاذ!. الفقرة "د" تناولت عدم قيام الأحزاب بأي عمل من شأنه تأجيج الصراعات وإثارة الفتن والكراهية والتحريض على العنف..الخ. وهذا النص يمنع أفعال هي أصلاً مُجرَّمة بواسطة القانون الجنائي لسنة 1991م في الباب الخامس (الجرائم الموجهة ضد الدولة ) والباب السابع (الفتنة الدعوة لمعارضة السلطة العامة بالعنف أو القوة الجنائية .وإثارة الكراهية ضد الطوائف او بينها.ومنظمات الإجرام والإرهاب.ونشر الأخبار الكاذبة ..الخ).فإن كان الهدف التحوط من حدوث الفعل الجنائي فما ورد بالقانون الجنائي كافياً،اللهم إلا إن كان الأمر سوف يتسع لإيجاد تفسير يتوافق مع الرؤية السياسية لمن سوف يطبقون القرار الجمهوري عند تعريفهم لمعنى "الفتن" والدعوة للكراهية" "و إحداث توتر بين الطوائف"،لأن جميعها قد يؤول بما ينسجم وما يفرضه الصراع السياسي في أي مرحلة من منعطفاته.لهذا يجب ترك الأمر للمحاكم وللقضاء لكي يقرر طبقاً لأدلة الإثبات و النفي إن كان الفعل ينطوي على أي من عناصر الجريمة المعرفة في القانون وأن لا يترك تفسير ما يقال في ندوة سياسية أو ما يكتب في صحيفة أو بيان للجهاز التنفيذي في الولاية كما ورد بالقرار عند منحه لجنة من أمن الولاية، يرأسها الوالي،الإختصاص لمتابعة النشاط المذكور!!.
( = ) تحت عنوان الموافقة على الاجتماعات والندوات،نص القرار في فقرته رقم "1" على أن (لا يكون لأي حزب عقد اجتماعات عامة أو ندوات داخل دورها أو مقارها دون الحصول على موافقة مسبقة من السلطة المختصة)؟.وهذا أمر مثير للدهشة،حيث أن الأحزاب حالياً في ظل وطأة التضييق تمارس نشاطها داخل دورها دون أن يطلب إليها الحصول على موافقة مسبقة-هذا حسب علمي-!،فهل هدف القرار التوسيع أو التضييق؟
(= ) و تحت نفس العنوان قرر منح الأحزاب حق عقد الندوات في الميادين العامة.ولكن هذا "المنح" لن يدوم عندما تقرأ الفقرة التي تليها التي تشترط لعقد مثل هذه الندوات الحصول على "الموافقة المسبقة" قبل مدة لا تقل عن 48 ساعة لأغراض التأمين والحماية وتنظيم المرور!). والذي لاشك فيه هو أن تحقيق الأهداف المذكورة لتبرير الحصول على الموافقة،بالإمكان تحققها في حال الاكتفاء "بإخطار" السلطات المختصة قبل وقت كاف،فلماذا النص على الموافقة؟.فإن كانت هذه الأهداف التأمينية والمرورية هي المقصودة فلماذا الحصول على الموافقة عندما يعقد النشاط داخل دور الأحزاب؟.الإخطار: Notification وليس الإذن: Permission يكفي ويحقق الحرية التي كفلها الدستور ويحقق ما يتطلبه التنظيم الأمني والمروري لعقد الندوات وتسيير المواكب..
الفقرة "5" نصت على أن تتحمل الأحزاب ما ينتج عن نشاطها من أضرار على الأفراد والممتلكات. لا مانع في ذلك والشرط الوحيد هو أن تتم المحاسبة قضائياً وليس بواسطة لجنة أمن تحت رئاسة الوالي،ذلك لان الأمر أمر أدلة وبينات تثبت أن عضوية الحزب هي من تسببت في الأضرار وليس غيرهم. فضلاً عن أن الممارسة السياسية في السودان لم تشهد تخريب ندوات وإعاقة الليالي السياسية،وهنالك تراث تفخر به الحركة السياسية السودانية،خاصة عندما تنداح دوائر الحرية فالممارسات تتم في الضوء!.
( = ) المواكب السلمية:
هنا أيضاً يشترط القرار الجمهوري،موضوع المناقشة،(على الأحزاب لتسيير المواكب السلمية،حصولها على الموافقة من السلطة المختصة على 48 ساعة لأغراض التأمين والحماية وتنظيم المرور على أن يتضمن طلب الحصول على الموافقة هدف الموكب).ونقدنا السابق لطلب الموافقة عند عقد الندوات ينطبق على هذا النص،بل المخاوف تتزايد بسبب ما تضمنه طلب الموافق لذكر هدف الموكب،أي أن الموافقة هنا ليست للدواعي التنظيمية فقط،بل أيضاً سوف تنظر الجهة المانحة للموافقة في هدف الموكب هل مناسب هل "مهيج" هل "مغرض" هل "محرض"!!.وما يلفت الانتباه هو أن النص يحدد المهلة الزمنية ب 48 ساعة،ولكنه لا يحدد الوقت الذي يجب أن ترد فيه السلطة المانحة على الطلب سلباً أو إيجاباً: هل هو يوم يومين أسبوع!.
النقطة المهمة هنا هي أن اشتراط موافقة السلطة المختصة لتسيير المواكب وعقد الندوات ،أدخل النشاط الحزبي إلى دائرة الروتين الحكومي!،بل قد تحدث "المماحكة" مثل أن يقال: أن اللجنة الأمنية اجتماعها تأجل بسبب الحدث الفلاني العاجل! أو أن أعضاء من اللجنة في مهمة خارجية ..الخ الأعذار.والخطير أن أمر منح الموافقة أو عدم منحها تستقل به لجنة أمن الولاية التي تشكل تحت رئاسة الوالي،ولم يشير القرار إلى أي جهة سياسية لها حق التعقب على قرارات هذه اللجنة.بالطبع من الممكن الطعن قضائياً في قراراتها-ولكن هذا يعني توقف النشاط الحزبي المطلوب والدخول في جلسات محاكم لا يعلم إلا الله متى وكيف يكون حكمها؟.
( = ) الفقرة رقم "4" من بند المواكب السلمية،تحدثت عن (التزام الأحزاب بعدم التعرض للممتلكات العامة والخاصة أو الإساءة بما يؤدي إلى الانفلات الأمني).وهذا نص يتفق عليه الجميع،ولكن التظاهرات والمواكب التي لا تشوبها أي شائبة من مظاهر الغضب التي تصاحبها والصدام،هو أمر تقع مسئوليته على السلطات والأحزاب والجماعات وشيوخ القبائل والمعلمين والآباء والأمهات وأجهزة الإعلام العامة و الخاصة...لأنها تعبير عن وعي ومسئولية تتحقق بدوام الممارسة بعد زوال الكبت السياسي والاجتماعي ،فالذي يعتاد على ممارسة التعبير السلمي دون أن تلاحقه أجهزة الأمن أو يتعرض للضرب بواسطة السلطات،سوف يجد الطمأنينة ويعبر في هدوء ويصبح هذا هو السلوك في مجتمع ديموقراطي.لهذا فهي مسئولية كبرى تعبر عن نضج مسيرة الممارسة السياسية التي عادة ما تقطعها الانقلابات العسكرية.
( = ) ضوابط استخدام الملصقات قد ورد ت بشأنها تفاصيل في مجملها صحيحة وقد تكون مناسبة،ولكن ليس محلها قرار جمهوري وتخصيص لها(9) فقرات،لأن طبيعتها طبيعة إدارية تنظمها لوائح تصدر عن الولاية أو المحلية وأقحمت في هذا القرار كما أقحم القرار نفسه على الدستور!.
( = ) استخدام وسائل الإعلام:في هذا البند يلفت الانتباه نص الفقرات "ج" و "د" حيث نصت الأولى منهما على أنه:( لا يجوز لأي مؤسسة إعلامية رسمية القيام بأي نشاط حزبي أو دعائي يمكن أن يفسر بأنه دعم لحزب سياسي على حساب الأحزاب الأخرى) أما الفقرة الأخرى فقد نصت على أنه:(يجب على وسائل الإعلام الرسمية إتاحة فرص متكافئة ومناسبة لكافة الأحزاب).بالطبع في ظروف انفراد حزب المؤتمر بالسلطة-أو بمعظمها-فإن أجهزة الإعلام بطريقة غير مباشرة تعبر عن وتنحاز لهذا الحزب الحاكم.وعلى الرغم من ذلك فيجب الترحيب بهذا النص ،ولكن يجب السير به إلى غاياته المنشودة،وهذا يتطلب أن يعاد تكوين قيادات الأجهزة الإعلامية الرسمية بأن تكون إداراتها من ذو الخبرة المهنية من المؤمنين بالتعددية وبحرية الرأي.وهذا أمر لازم لتحقيق تكافؤ الفرص الذي تحدث عنه النص المذكور وأيضا لتحقيق الحيادية التي تناولتها الفقرة "5/2/ب"،فأي حياد وهذه الأجهزة في نشاطها السياسي تعبر عن رؤية سياسية واحدة؟.
وردت فقرات عديدة عن الخطاب الإعلامي والبعد عن التحريض والإساءة والنعرات،وكما ذكرنا فإن القانون الجنائي لسنة 1991 يتضمن ما يكفي ويزيد من مواد تعالج وتتجاوز في المعالجة مثل هذه الحالات!.
( = ) في الختام لابد من أن أكرر أن حقوق الممارسة السياسية تنظيماً وتعبيراً قد كفلها الدستور،وليس هنالك ما يستوجب صدور قرار جمهوري بتنظيم النشاط الحزبي،بل الضروري هو وضع ما نص عليه الدستور بشأن هذه الحقوق موضع التنفيذ،وهذا أمر في يد رئيس الجمهورية،شريطة أن يتم متابعته حتى لا يجد المقاومة من الذين يعادون التحول الديمقراطي.فإن لم نحترم الدستور بتطبيق نصوصه،فما جدوى الحوار،ومن أجل ماذا يتم الحوار،ومن أجل ماذا نبحث عن وضع دستور جديد ولم نلتزم بنصوص الدستور المعمول به والذي يشتمل على العديد من النصوص التي تفي بالتحول الديمقراطي،فقط الإرادة والذهنية التي تؤمن بالحرية هي التي نحتاجها.
تبقى أن نذكر القيادة السياسية في الحزب الحاكم،أن الحركة الإسلامية حققت الفوز في الجزائر في انتخابات 1991 بأغلبية المقاعد.كما حققت حركة المقاومة الإسلامية حماس الأغلبية في انتخابات 2005 وفازت حركة النهضة في تونس كما فاز الأخوان في مصر بمجلس الشعب والرئاسة.كل هذا يعني أن هنالك إدراك ووعي لدى الحركات الإسلامية بأن الديمقراطية هي الوسيلة للوصول للحكم،وهذا ما جعل المعادين للحركات الإسلامية يعادون الديموقراطية فحدث انقلاب مصر!.الحركة الإسلامية في السودان-الجبهة القومية الإسلامية- فازت ب53 مقعد في انتخابات 1986 التي أعقبت انتفاضة أبريل 1985،ولكنها انقضت على الديمقراطية وسفحت دمها،ولم تطيق تبعات الحرية،وقد عاد ذلك عليها بصراع حزبي داخلي وانقسامات وتحولت إلى حزب سلطة يلجه ذوي الأغراض المتباينة،وهذا شأن جميع الأحزاب العقائدية التي انفردت بالسلطة.استبشرنا خيراً بانتخابات ابريل 2010،لعلى الإنقاذ تسلخ جلد 30/ يونيو 1989وتتحول إلى الديموقراطية،ولكن عاد الإقصاء والقمع وعبر عن أبشع صوره في هبة سبتمبر 2013م حيث قُتل المحتجون علي زيادة أسعر المحروقات في الشوارع ومنعت النشاطات الحزبية-حتى النشاط الصحفي تعرض لهجوم مُخجِل!.الآن وفي أجواء بحث الشعوب في المنطقة عن الحرية والتحول نحو الديموقراطي،وفي ظل تمسك السودانيين بحقهم في الحياة السياسية والاجتماعية الكريمة،لا مناص من أن تلتزم الحكومة بنصوص الدستور في كل ما يلي الحقوق والحريات،فإن فعلت،فهذا سوف يكفيها إصدار أي قرارات جمهورية ، وهذا يحتاج إلى الإرادة والصبر على الحرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.