أجرت الزميلة مها التلب بصحيفة (الجريدة السودانية) حواراً صحفياً مع الأستاذ " دينق الور" القيادي بالحركة الشعبية لتحرير السودان رئيس " مجموعة السبعة " في مقر إقامته في أديس أبابا حيث نشر الحوار في بعض الصحف والمواقع الإلكترونية ، وقد أشتمل الحوار على الكثير من المحاور والقضايا التى تخص مجريات الشأن السياسي بالبلاد وما إلت عليه الأوضاع السياسية ، ونبشت بيت الحزب الحاكم، وجاءت محاور الحوار التي أستوضح القليل من الكثير الذي قاله " الور" ، ولا بد أن من الإشارة هنا فيما قاله تخص الأوضاع السياسية بالبلاد والاماكن التى تكمن الخلل فيها. أهمه أن الور نعى حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان لمثواه الأخير معتبراً إياه " حزب ميتاً " قد ولى عهده، وأشار بصريح العبارة على أن رئيس الدولة والحزب الحاكم " سلفاكير ميارديت " هو من تمرد على الحركة الشعبية، مجيباً على سؤال كيف تمرد عليهم الرئيس بإجابة مدرك له أم غير مدرك، فقد قال فيها " أن الأثبات هو إقالة الرئيس لعدد كبير من قادتها وكوادرها، وإعلان الحرب عليهم وإتهامهم بتدبير محاولة إنقلابية مزعومة، وإنه نجأ من ثلاثة محاولات أستهدف إغتياله ومع رفاقه أثناء إعتقالهم، وكشف عن نوايا الرئيس لإستمالة مجموعتهم إلى صفه، وأتهم الرئيس بممارسة إنتهاكات وتصفيات واسعة لقبيلة النوير، وأن ما بين 10 – 15 ألف من النوير قد قتلوا خلال أيام الحرب، وإن مجموعته تتفق مع مجموعة مشار في كل شئ إلاّ في خياره المسلح، وأنهم يمثلون تياراً سياسياً يسعى لخلق مصالحة وطنية في جنوب السودان. وإنتقد بعنف سياسات الحركة الشعبية منذ الإستقلال التى أطلق عليها سياسات فاشلة، وأنهم يدعون إلى إصلاحات سياسية في كافة أجهزة الدولة والحزب، وتمنى إلى أن يكون دستور دولة جنوب السودان ديمقراطياً ترضى عنه جميع الأحزاب، وإن مجموعتهم تدعو وتسعى لتحقيق الديمقراطية .. بحسب أفادات الحوار. وأن فشل الحركة الشعبية لتحرير السودان في إدارة الدولة منذ الإستقلال بقيادة " سلفا كير " فإن سبب فشله يعود إلى قادة الحركة الشعبية الملتفين أو بالأحرى المرتمين في حضنه على رأسهم " دينق الور" الذي ظل العقل المدبر لسياسة وإدارة هذه الدولة، السياسة العرجاء والسليمة منها أن وجدت، السياسة التى كان الور العقل مدبراً لها إلى وقت قريب أو بالأدق منذ الإستقلال إلى حين إتهامه " بالفساد " من قبل الرئيس الذي إعلن ذلك على الملأ عبر إذاعة و شاشات التلفزيون الرسمي للدولة " تلفزيون القرارات " ،التى كانت قد تحيز على جائزة التلفاز الأكثر تلاوة للقرارات في العام 2013 دون منافس أن أدرجت في مسابقة عالمية جديدة تضاف على مسابقات الأجهزة الإعلامية العالمية في تصنيفها، الأتهام الذي أصبح نقطة إنطلاقة " دينق " للألتحام مع قائده ورئيسه في الأونة القريبة، حين أظهر " خروجه من عرش الملك " على العلن مع مجموعة التى عقدت مؤتمر صحفي في جوبا بتاريخ 6- ديسمبر- 2013، وكان هو الكلمة الشاذة في المؤتمر الذي ضم مقالي ومتهمي العام 2013م من الوزراء وبعض حكام الولايات ونائب الرئيس الأسبق، الذين لم تجمعهم أي أسس تنظيمية أو إصلاحية سوى إنهم " مظاليم "، وما حدث وقته ليس الإ لمة " مظاليم " على " الظالم " الذي أكتشفوه بمجرد جلوسهم على كراسي "منازلهم" وليس كراسي سلطتهم لفترة لا تقل عن 6 أشهر فقط، وكم هو قاسي عليهم هذا الجلوس الطويل لستة أشهر بأكملها! وهم جالسين فيها منذ عام 1983 – إلى منتصف عام 2013م وما خروجهم الإ " تزمر " من أجل سلطتهم. ألم تكن الدولة ترنو نحو الفشل وقته و" دينق الور " ومع غيره من المجموعات " المتمردة " والمناهضة الأن للحكومة يشكلون أهم أركان الحكومة ويتناقلون ويتبادلون الوزارات منذ السودان القديم إلى السودان الجديد، " دولة جنوب السودان " اللا جديدة فيها سوى أنها أضيف لها " الجمهورية " قبل الجنوب، وكان الور يمثل حكومة هذه الدولة الوليدة التى أصبحت " فاشلة " بعد خروجه من السلطة! إذ إنها لم تكن كذلك عندما كان يتوزر! وقتما كان وزيراً للتعاون الإقليمي ومسؤولاً عن ملف قضية أبيي ووزيراً لشؤون مجلس الوزراء، أي الوزير الأول بالبلاد الذي يلقى النظر على المشروعات الإستراتيجية المطروحة من قبل الوزراء ويعمل على إجازتها بحضور رئيس الجمهورية أو بدونه ، الوزراء الذين يدير شؤونهم ويقع على عاتقه وقته رسم السياسة المتبعة من قبلهم في إدارة شؤون الدولة، وإنعاش أقتصادها، وتطوير بنيتها التحتية والعمرانية، وإستدامة تنميتها ، وترقية شؤونها السياسية وتطوير مؤسساتها، سعياً لإزدهارها ورفاهية شعبها، هل تحقق هذه الأمنيات البسيطة حينما كان " دينق الور" يتمتع بصلاحيات السلطة ومميزاتها ألم تكن الدولة وقتها " فاشلة " !!؟؟؟ أم بوجوده خارج اللعبة السياسية و" السلطة المنزوعة منه " لأيام معدودة فقط أجلت بتحقيق تلك المطالب!؟ أتفاجأ " الور " تواً بفشل حكومة جنوب السودان منذ الإستقلال إلى يومنا هذا بعد صحيته أخيراً من غيبوبة السلطة التى أدت لصدمته وأدخلته في أخرى أستيقظ منها ولا زالت مؤثراتها باينة عليه ،وما قاله في الحوار ليس الإ دليل على ذلك ، هل يستطيع " دينق" أقناع الشعب المغلوب على أمره، بإن الدولة أضحى فاشلة فقط بعد قرارات الرئيس الذي أطاح به وبكثيرين مثله؟ هل يمكنه القول بأن معارضتهم هذه الأن من أجل حقوق وتطلعات وأمال الشعب التى باتت منسية ومهضومة ؟ لماذا الزم الصمت لطيلة فترة طويلة هل أعمته " الدولارات " وأسكتته عن قول الحق؟ لماذا صرخ به الأن " كصرخة طفل يحلق " بالبذة " تارة في رجليه ويضعه في فمه تارة أخرى ، ويأتي أخيه الأكبر ويسحب من فمه البذة "!، هل كذب " الور " التهمة الموجه له وقد أتهم بقضية الفساد فاضحة بجلل وبشهادة رئيسه؟ هل أقنع شعب جنوب السودان على أنه لم يأكل أموالهم وأن الرئيس أتهمه زوراً وبهتاناً؟ لن أقول له : ما قاله أحد اللصوص الذين صلبوا مع الرب يسوع حينما قال أحدهم للرب : أن كنت أبن الله حقاً فخلص نفسك أولاً وخلصنا معك. عرف نيال دينق نيال، باقان أموم ، و" دينق الور" عرفوا بأبناء جون قرنق، وأرتمى الأخير في أحضان أباه "الجديد" وظل ملتصقاً به لوقت قريب، فعلى أي أساس كان ! تنظيمياً أم ماذا؟ أي كان فقد كان خياره أن " يجلس على عرش الملك " متماشياً مع الواقع الجديد ، وأصبح بذلك " الأبن المدلل للملك " الإ أن توسع عرش الملك وكثر أبناءه ، أتظنوه لخلفيته الثورية كان الأبن المدلل!؟ لا أظنه يتفوق على هؤلاء بشيء من ذاك القبيل، أهو لذخيرته الفكرية والسياسية والتنظيمية؟ شبه متسحيل لطالما من بين تلك الأسماء نيال دينق ؟! لا يزال هذا اللغز قيد الحل بما أن الخيوط المؤدية إلى حلها قد لاحت. ظل النزاع الداخلي لحزب الحركة الشعبية لتحرير السودان منذ تاريخ إنطلاقه وتأسيسه في 16/مايو/1983م يتمحور حول السلطة وكسب النفوذ لا لأكثر مما نتصور، وهو في الحقيقة صراع قديم متجدد، وتجدده هذا يرتبط لحد ما بتطور حيز السلطة وحاجة الكل على الحصول على الكعكة الأكبر حجماً ليزداد ثراءً وثمناً، ولا يمس النزاع الأخير لقيادات الحركة ولو من بعيد بصيص شيء من أمال وتطلعات هذا الشعب، بل كان حول من الذي يحق له أن يحكم، أهو سلفا أم ريك أم نيادينق أم باقان؟! لا يمكن توقعه حول " كيف تحكم هذه الدولة " على أسس جديدة أم قديمة كما هي الأن ، ديمقراطية أم ديكتاتورية ، فدرالية أم كونفدرالية ، قبلية أم وطنية، شيطانية أم رحمانية ، لم يعطى أي منهم نفسه فرصة ولو بضعة ساعات مفكرين في هذه الأمر، بل أستثمروا جل أوقاتهم لتخطيط و إزالة الأخر عن الساحة السياسية، كيف؟ ولماذا ؟ ليس بذات أهمية، ولو على جثث الموتى من الشعب. أستفحل نزاع تيارات الحركة " ريك ومجموعته ، سلفا ومجموعته " وتحول بسرعة البرق وبصورة بشعة إلى صدام " دينكا ونوير" بما أن لا للنوير ناقة ولا للدينكا جمل فيها، وكانت النتيجة موت الألاف من المواطنين الأبرياء وتشرد الأطفال وأرملة النساء ونزوح ولجوء الأسر، ومستقبل البلاد تواجه خطر الإنهيار، ولن تستقر أوضاع هذه الدولة بل ستبقى على ما هي عليها، طالما ترسخ في أذهان الكثيرين من قيادات هذه الدولة، بإن الدولة ومواردها ممتلكات تتبع لهم، لذا يتصارعون ويتقاتلون عليها ليتحصل أي منهم على أكبر قدر من السلطة ، وحباً لها يسعى " ريك " وخصوم " سلفا " جمعياً وهم رفاق الأمس وأعداء اليوم، من أجل أسقاطه على فحوة البندقية كمبدأ حسم الصراع لهم مبررين ذلك بفشله " كقول حق أريد بها باطل " قد فشل نعم! وهل سبل النجاح قتل الإبرياء وزهق الأرواح وأغتصاب النساء والرجال وتشريد الأطفال وحرق المدن وسرق ممتلكات المواطنين ؟؟. أعلى أصواتهم في الغابات والدول المجاورة صارخة على فشل رئيسهم وعدوهم، فشل الدولة التى فشلت تواً فقط بعد رميهم خارج " حلبة العرش " وتجويعهم "وما الجوع الإ أبو الكفار " ، فكان الخيار الإصلح عند " الور" الخروج من عرش الملك، وهل من أسباب أخرى يا " الور" ؟؟!!. ولأن المسؤولية القصوى تقع على عاتق رئيس الجمهورية سلفا كير ميارديت فهذا يتطلب منه بذات القدر تقديم تنازلات ثمناً يشتري به السلام والأمن والوئام لشعب جنوب السودان ، وذلك في أن يقبل بمقترح تكوين الحكومة الإنتقالية، وتقتضى ذلك بموافقة " المتمردين " أو المعارضة كما يحلو لهم على رئاسة سلفا كير لهذه الحكومة، الحكومة المعنية في إنتقاليتها تلك على إرساء السلم والأمن في البلاد ، فتح حواراً وطنياً شاملاً فيما يخص دستور الدولة ليخطو من الدستور الإنتقالي إلى دستور دائم ، تكوين مجلس الأحزاب السياسية لتعمل على تسجيل الأحزاب السياسية حتى يتسنى لهم تنظيم الأنشطة والبرامج والندوات السياسية ، إجراء إنتخابات حرة ونزيهة تشمل المجالس التشريعية الولائية والقومية وحكام الولايات ورئيس الدولة، ولتظهر الحركة الشعبية لتحرير السودان ولو لمرة واحدة بعد إعلان الدولة جراءتها وترشح وجهاً جديداً في رئاسة الدولة، وجهاً لا يشبه " سلفا " في صمته ولا " ريك " في طمعه ولا حتى بقية القائمة في تبعيتهم ، وليكن القول الحاسم لشعب جنوب السودان عبر صناديق الأقتراع الذي سيعلن ويكتب عن عهداً جديداً. " وما أنت يا الور الإ غلاماً خرج من عرش ملكاً "