(1) (آه يا مفتري) عبارة مصرية، تعبّر احساس عميق بطغيان الطرف الآخر.. من يثري ثراءً فاحشاً على حساب الغير والقيم والمثل فهو مفتري يستدعي تأهو الآخرين.. عندما أشارت المستندات الموثقة إلى امتلاك مدير عام الأراضي بولاية الخرطوم ووكيل وزارة العدل الحالي العديد من قطع الأراضي المميزة خلال فترة محددة بلغت قيمتها حوالي (30) مليار جنيه بالقديم.. حينها عقدت الدهشة لساني ووضعت كلتا يدي على رأسي مرددا العبارة المصرية (آه يا مفتري).. إن قالوا أن هذه القطع كلها تجارية - وهي ليست كذلك – وهذا النوع من القطع متاح لأي مواطن الحصول عليها، فقط يكون جاهزا ب(الكاش).. نقول لهم من أين لموظف حكومي مهما على راتبه أن يشتري قطعا بمبالغ تصل إلى (30) ملياراً؟! ربما يكون وارثاً وربما يكون غير ذلك.. سر صدمتي أنني جلست إلى الرجل قبل عدة أعوام محاوراً له وهو ذلك الموقع (مدير عام الأراضي)، فحدثني حديثاً طرق سويداء قلبي عن الاعتداءات على أراضي الدولة.. حدثني كذلك عن محاولاتهم المستميتة للحد من تجاوزات الأراضي ومحاربة الجشعين من السماسرة والزود عن حقوق الدولة وهي في النهاية حقوق المواطنين. (2) لماذا تحولت قطع الأراضي لسلعة في بلد ليس فيه شيء أكثر من الأراضي.. مستوى ارتفاع اسعار الأراضي أعلى من لندنونيويورك.. حدثني مصدر عليم بإدارة الأراضي أن وفدا من الأراضي ذهب إلى نيويورك ليبيع قطع أراضي تحت لافتة إستثمارية للمغتربين السودانيين هناك.. مكث الوفد في فندق (7) نجوم لعدة أيام أو أسابيع لكنه رجع بخفي حنين لأنه ببساطة لم يجد المغتربون جدوى من شراء أراضي بتلك المبالغ المهولة، في الوقت الذي يمكن لهم شراء منازل وشقق تمليك في الدولة الأعظم بدلا عن أراضي بلا خدمات وفي اصقاع العاصمة الخرطوم.. الفساد المستشري في جهاز الأراضي والمضاربات في أسعار الأراضي والخيار والفقوس ممارسات جعلت من الأراضي سلعة سوداء في واقع وفرة لا تخطئه عين.. يا له من جو يغلف العمل في جهاز الأراضي، إنه جو مفعم بالإغواء حتى الثمالة.. هناك في مكتب والي الخرطوم دارت قصة من قصص الفساد المزكم للأنوف محورها التلاعب في صلاحيات الوالي بشأن تصديقات الأراضي.. مليارات الجنيهات المنهوبة وتعثرت وزارة العدل ابتداءً ومنحت المتهمين مسارب للهروب من العدالة باسم العدالة قبل أن تهب عليها الصحافة الوطنية هبة رجل واحد فأصدر وزير العدل قرارات بإلغاء مسخرة (التحلل) وإحالة القضية إلى قضية جنائية. (3) يا ويح قلبي كم كنا منخدعين في مسؤولين ظننا حينا من الدهر أنهم تُسدّ بهم الثغور ويتقى بهم المكاره ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء.. نعم وأيم الله كنا نظن أن لا محل لحظوظ الأنفس في حياتهم وإذا مسهم من ذلك طائف فإذا هم مبصرون.. أولئك على قلوبهم أقفالها، فهي مطبقة لا يخلص إليها شيء من معاني الطهر والأمانة.. لا يتحسبون لزوال النعمة وفجأة النقمة وتحوّل العافية.. لم يسمعوا بهول الدنيا وبوائق الدهر ومصائب الليالي.. نقول للرجل المفتري: (يمكن استعادت المال ولا يمكن استعادة السمعة). آخر الكلام: الصحف نوعان: صحيفة كأسد هصور، وأخرى كنعامة فتخاء. [email protected] ////////