سيد الاتيام في ضيافة نادي الجزيرة بدامر المجذوب    غرامة مالية على الأمل والسهم ولفت نظر الحكم ياسر الله جابو    هبة المهندس مذيعة من زمن الندى صبر على الابتلاء وعزة في المحن    شاهد بالفيديو.. تفاجأت بتصويرها دون علمها.. الحسناء "ود" إبنة الفنانة ندى القلعة تخطف الأضواء وتبهر المتابعين في أحدث ظهور لها    شاهد بالصور.. بعد أيام قليلة من تعيينه.. الحسناء "جدية" زوجة وزير الصحة السوداني تتصدر "الترند" بإطلالة مبهرة    شاهد بالفيديو.. في لقطة نالت إعجاب الجمهور.. فنان الربابة "ود دوبا" يوقف حفل جماهيري ويتدخل لإنقاذ أحد معجبيه من قبضة رجال الشرطة    شاهد بالصور والفيديو.. إعلامية سودانية زوجة مطرب شهير تثير ضجة إسفيرية واسعة بعد ظهورها في جلسة تجميل مع خبير شعر مصري    شاهد بالصور.. بعد أيام قليلة من تعيينه.. الحسناء "جدية" زوجة وزير الصحة السوداني تتصدر "الترند" بإطلالة مبهرة    شاهد بالفيديو.. تفاجأت بتصويرها دون علمها.. الحسناء "ود" إبنة الفنانة ندى القلعة تخطف الأضواء وتبهر المتابعين في أحدث ظهور لها    مونديال الأندية .. ثنائية بيدرو تقود تشيلسي إلى النهائي    تقليل ساعات قطوعات الكهرباء بولاية الخرطوم اعتباراً اليوم    موسم الأمل… ومؤامرات الصمت!    أطراف "مسار دارفور" يتمسكون بتنفيذ اتفاق جوبا ويعلنون دعم الجيش لتحرير الوطن    تصريحات إماراتية جديدة بشأن السودان    مليشيا أسرة دقلو تنهب وتدمر 17 ألف نوعاً من السلالات الوراثية للنباتات بهيئة البحوث الزراعية    نجم ريال مدريد يدرس عرضًا قطريًا    تداول فيديو للرئيس المصري الراحل مبارك حول سنترال رمسيس وتجسس إسرائيل    حتى عطبرة..تحذير من إدارة الخزانات للمواطنين    السودان..مسؤول يكشف عن نهب خطير    بموجب عقد ومكافآت سخية.. بوتين يُشرّع انضمام الأجانب للجيش الروسي    "ترامب" يفرض جمارك جديدة تصل إلى 40% على 14 دولة.. هل العالم على أعتاب اضطراب اقتصادي أوسع؟    المباحث الجنائية بولاية الخرطوم تضبط متهمين إثنين يقودان دراجة نارية وبحوزتهما أسلحة نارية    السفير عبدالله الأزرق .. برحيله يفقد السودان ابناً من أبنائه البررة ومثقفاً من الطراز الأول وقلماً ندي العبارة    حريق سنترال رمسيس بالقاهرة.. 4 قتلى واستمرار عمليات التبريد    حريق بالقاهرة يعطّل الاتصالات ويصيب 22 شخصًا    طاقة شيطانية".. شائعات مرعبة تطارد دمى "لابوبو"    5 أجهزة يجب فصلها عن الكهرباء قبل مغادرة المنزل    مجموعة لصوص!!    "مبابي" يحقق رقماً تاريخياً مع ريال مدريد    هيئة المياه بالخرطوم تطالب المواطنين بالإسراع في سداد المتأخرات    نانسي عجاج: لستُ من ينزوي في الملماتِ.. وللشعب دَينٌ عليّ    بشرط واحد".. فوائد مذهلة للقهوة السوداء    بالفيديو.. شاهد لحظات قطع "الرحط" بين عريس سوداني وعروسته.. تعرف على تفاصيل العادة السودانية القديمة!!!    بعد أهلي جدة.. ميسي يعود لطاولة الهلال    عَودة شريف    الي إللقاء مستر لقمان    مصر تغلق الطريق الدائري الإقليمي بعد حوادث مميتة    رئيس الوزراء يؤكد أهمية احكام العملية التعدينية وفقًا لرؤي وضوابط جديدة    قطَار الخَامسَة مَسَاءً يَأتِي عند التّاسِعَة!!    تركي آل الشيخ يُوجّه رسالة للزعيم عادل إمام بعد حفل زفاف حفيده    مصر .. فتاة مجهولة ببلوزة حمراء وشاب من الجالية السودانية: تفاصيل جديدة عن ضحايا حادث الجيزة المروع    ضوابط صارمة لإعادة التأهيل في الخرطوم    اداره المباحث الجنائية بشرطة ولاية الخرطوم تضبط شبكة إجرامية تنشط في جرائم النهب والسرقة بامبدة    مأساة في أمدرمان.. تفاصيل فاجعة مؤلمة    السودان.. الشرطة تلقي القبض على"عريس"    السودان..مجلس الأدوية والسُّموم يوقّع إتفاقية تعاون مشترك مع إندونيسيا    صفقوا للدكتور المعز عمر بالأمس وينصبون له اليوم مشانق الشتم لقبوله منصب وزاري    إعلان خطوة بشأن النشاط التجاري بالسوق المحلي الخرطوم    بعد زيارة رسمية لحفتر..3 وفود عسكرية من ليبيا في تركيا    إدارة المباحث الجنائية بشرطة ولاية الخرطوم تسدد جملة من البلاغات خاصة بسرقة السيارات وتوقف متهمين وتضبط سيارات مسروقة    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    السودان..قرار جديد لكامل إدريس    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مأزق الحريات .. اعتقال الإمام واغتيال الحوار .. بقلم: محمد الأمين عبد النبي
نشر في سودانيل يوم 29 - 05 - 2014

إنشغل الشارع السوداني في الأونة الأخيرة بقضايا الفساد والحوار ولعبت أجهزة الإعلام دوراً في كشف الفساد والتبشير بالحوار الوطني ، الامر الذي إعتبره المراقبون دليل عافية ، ومؤشر جدية الحكومة في الغاء القيود علي حرية الصحافة والتعبير السياسي ، ومن ثمرات الحوار الوطني ، ووجدت هذه الخطوة الدعم والاشادة مع السعي للمزيد من الحريات والإنفراج وملاحقة المفسدين ، تم كل ذلك وسط زخم تصريحات المسؤولين أن لا تراجع عن الحريات والحوار وأن إستراتيجية النظام كشف الفساد، وظهرت موجة محاصرة عدد من الولاة بالفساد والعجز والفشل . ولكن وكما توقع الكثيرون فقد كانت الإنتكاسة سريعة جداً عن هذه الإصلاحات بمنع النشر في قضايا الفساد وإغلاق صحيفة ( الصيحة) الي أجل غير مسمي والتراجع عن الحريات الصحفية من جديد مع تهديدات وزير الإعلام بإغلاق صحف أخري في خطوة تؤكد قبر حرية الصحافة ..
هذا الحراك السياسي لم يكن منحة من الحكومة وإنما جاء نتيجة ضغوط متواصلة من ( الجبهة الثورية ، الاجماع الوطني ، حزب الامة القومي ) مع وحدة الهدف وإختلاف الوسائل ، وقد إتخذ الإمام الصادق المهدي إسلوباً أكثر فاعلية وهو تفكيك النظام عبر الطرق السلمية والحوارية ما أطلق عليها (الكوديسا) هذا الإسلوب يفرق بين ممسكات الوطن وأجندته ونقده لكل سياسات النظام التي تضر بالمواطن مما أحدث إنقسامات في صفوف الحزب الحاكم وضاق به ذرعاً. وفي مؤتمره الصحفي الاخير وجه نقداً للنظام وممارساته القمعية والإستبدادية وإستعرض الوضع الأمني في دارفور وما تمارسه قوات الدعم السريع من إنتهاكات وطالب بمحاسبة المسؤولين وإنصاف المظلومين ، ومؤكداً ما جاء علي لسان مسؤولين حكوميين ورئيس بعثة يونميد في دارفور ، وتفأجا الشعب السوداني بعد أيام بفتح بلاغ من قبل جهاز الأمن لدي نيابة أمن الدولة وإتهام الإمام الصادق المهدي بالتحريض وتجاوز الخطوط الحمراء ، وقد إستبشر الإمام الصادق خيراً بأن جهاز الأمن أصبح يلجأ للقانون والقضاء وهذه محمدة تحسب اليه في دولة سيادة حكم القانون ، وقال أنه بصدد فتح بلاغ مماثل ضد جهاز الأمن لتجاوز صلاحياته الدستورية بالقيام بأعمال غير مدنية ، ولكن يبدو أن الأخير قد أدرك ضعف موقفه القانوني وخسارته لذا تم إعتقاله بموجب مواد أخري تتعلق بتقويض النظام الدستوري ليرحل فوراً لسجن كوبر . وبذلك تكون الأجهزة الأمنية قد كتبت شهادة وفاة لحرية التعبير التي لم يمضي علي إعلانها شهر. كل هذا متزامناً مع إنتهاك حرية التنظيم السياسي برفض تسجيل الحزب الجمهوري بدعاوي متزمتة ، وإنتهاك حرية المعتقد والتدين بمحاكمة الطبيبة مريم بالردة والزنا ، وغيرها من الإنتهاكات الصريحة لوثيقة الحقوق في الدستور ، هذه أهم وقائع الرجوع للمربع الاول ودخول الحريات في مأزقها التاريخي.
ما نود الإشارة له هنا تحديداً أن البرلمان المفترض يكون ممثلاً للشعب تولي كبر حملة تخوين الامام وإتهمه بعض الأعضاء بالخيانة العظمي ، وتسأل الكثيرون لماذا هذا التخوين والهجمة الشرسة من البرلمان وتجاوز كل الاعراف البرلمانية ؟ لتاتي الإجابة من أي مواطن لأن هذا البرلمان أكثر مؤسسة تمارس الفساد وترعاه وتحلله وتسره ب " فقة السترة " وأبجديات الحوار الوطني الجاد تؤكد محاسبة وحل هذا البرلمان لصالح جمعية تأسيسية لصناعة الدستور القادم ومن ثم إنتخاب برلمان ممثلاً فعلياً للشعب وليس إفتراضاً .
موقف المؤتمر الوطني من قضية الحريات هذه متأزم وملتبس وذلك يرجع للعقلية المدبرة التي لا تنتج سوي الفشل والتعثر والتلفيق ، بعد أن فقّد مصداقيته تماماً لدي المواطن الذي أصبح يفهم القصد والمآل من أي إدعاء أن " العكس صحيح " أو كما يقول المثل " يأشر يمين ويلف شمال " مثلاً دعوة المؤتمر الوطني للسلام تفسر بمزيد من الحروب والتقتيل، والوثبة بالسقوط والتراجع، الشريعة بالدغمسة ، والوحدة بالتفرقة والتشرزم ، والقومية بالعنصرية والقبلية ، الحوار بالإستبداد والتمكين ، والقضاء وحكم القانون بالإدانة والتعسف ، والتحلل من الفساد بحماية المفسدين وعلي ذلك يكون القياس ، لذلك لم يكن مستغرباً تنصل بعض قيادات الوطني عن مسؤوليتها من عملية الإعتقال والتهرب من مواجهة الحقيقة وذر الرماد علي العيون والإصرار علي حوار تكشفت كل خباياه في أول مختبر ، أما بقية قيادات الوطني جاز فيهم وصف المتنبي كنقص القادرين علي التمام .
إختفاء الدكتور الترابي عن مسرح الحدث وعدم إدلائه بأي حديث مسار تسأول لدي الراي العام والمراقبين وقد أتهم بالمهادن والمتواطئ تارة وبالشريك والمتورط تارة أخري هذه التهم وغيرها لا يمكن نفيها أو تأكيدها الا عبر تصريحاً من د. الترابي نفسه .
وفي سياق توابع وتداعيات الحدث سارعت القوي المعارضة والرافضة لدعوة الرئيس للحوار لاسيما الجبهة الثورية وقوي الاجماع الوطني بإعلان موقفها القوي والمساند لموقف حزب الامة وإتخاذ خطوات وبرامج للتعبير عن التضامن والمطالبة بإطلاق سراح الامام . في الوقت الذي أمهلت فيه الأحزاب المعارضة المشاركة في الحوار الحكومة 48 ساعة لإطلاق سراحه أو أنها سوف تتخذ موقفاً جذرياً حول القضية بكلياتها مع تأكيدها علي أن لا حوار بدون مشاركة الصادق المهدي ، مع تفهمها لموقف الأمة الداعي لوقف الحوار وإعلان التعبئة .
وحول تداعيات الحدث أعربت الولايات المتحدة عن أسفها للإعتقال وتبعتها دول أخري ومنظمات دولية وإقليمية منها علي سبيل المثال نادي مدريد والمنتدي العالمي للوسطية والمنظمة العربية لحقوق الانسان والإتحاد الافريقي وهيومن رايت أوتش وغيرها هذا وقد صدر علي المستوي المحلي أكثر من 70 بياناً من كل الأحزاب والمجموعات الشبابية والنسوية والمدنية منددة بالإعتقال والمطالبة بإطلاق سراحه ماعدا المؤتمر الوطني وحلفائه في السلطة .
كثيرون يظنون ( وليس كل الظن إثم ) أن إعتقال الإمام لا ينفصل عن سفور توجهات النظام الأيدلوجية المرتبطة بالتنظيم العالمي للاخوان المسلمون والتي تحتم علي النظام إبعاد كافة المتاريس أمام المشروع الإخواني عقب كسر شوكة الإخوان في مصر ودول أخري ، والسماح بدخول أعداد كبيرة من عناصر التنظيم عبر بوابة فقة الإستجارة وأشواق الوحدة الإسلامية وتحت زرائع الإستثمار والزيارات الدعوية والعمل الطوعي ، وأول هذه المتاريس هو الطرح المعتدل للإسلام الذي يقدمه الإمام الصادق المهدي . ويذهب أخرون الي أن بعض جهابذة النظام قد ضاقت ذرعاً بملفات الفساد التي خرجت من تقارير المراجع العام وأدراج المكاتب الي صفحات الجرايد ومجالس المدنية ومواقع التواصل الاجتماعي فلا مخرج الا بإعتقال الامام كأكبر حدث يمكن أن يشغل الراي العام ويلفت إنتباه لفترة من الوقت . وأيقن الكثيرون أنه نتيجة صراع الكواليس الذي بانت نذره منذ إبعاد نفر من العصبة خارج المنظومة ليشكل مأزق داخلي يتجازب الحزب والحكومة وحالة التوتر والتشنج لصقور الإنقاذ من خطوات الحوار التفكيكية التي يقودها الامام في تحالف ضمني مع حمائم الإصلاح داخل الحزب الحاكم .
إذاً نحن أمام أزمة شاملة تطأل العقل الذي يدير شئون الدولة بمختلف إنماطه المنتجة مزيداً من الاشكالات ، وللفكاك من هذا المازق تتحمل القوي السياسية مسؤولية إعادة التفكير في مفهوم التغيير عبر الحوار في ظل هذه العقلية التي يعني لها مرحلة جديدة من التمكين ، المسؤولية لا تقع علي حزب الامة فحسب وإن كانت مسؤوليته كبيرة وإنما يحتمل تبعية الموقف من الحريات الكل عبر تحالف عريض للحريات لا تنتهي حركته بإطلاق سراح الإمام وإنما تبدأ به ، كما لا مجال للعودة الي الوراء ، أي حديث عن حوار في هذه الاجواء يصبح مدعأة للسخرية والشفقة ، الا في حالة دفع كامل لإستحقاقات الحوار الوطني المنتج والمثمر الذي يفضي لتفكيك دولة الحزب وتركيب دولة الوطن .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.