يقال إن من بين الذرائع التي تذرعت بها الولاياتالمتحدةالأمريكية لغزو العراق في العام 2003م م قضية الديمقراطية التي زعمت الولاياتالمتحدة في ذلك الوقت أنها تريد نشرها حول العالم والظلم الذي يعانيه الشعب العراقي القول بإنعدام الديمقراطية والدكتاتورية التي يمارسها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وأبناؤه وهناك جند آخر لايبعد كثيرا عن الجند الأول وهو حادثة إختطاف الصحفي العراقي ضرغام هاشم وإعدامه في عام 1991م وهو الذي كتب مقالا خاطب فيه صدام حسين تحت عنوان : السيد الرئيس أترضي أن يهان شعبك ؟. واليوم يواجه السودان مشكلة حكم المحكمة الإبتدائية بالحاج يوسف علي الفتاة أبرار أو مريم بالإعدام بعد أن ثبت للمكمة أن أبرار مرتدة . وقد صارت هذه القضية بخلفياتها وتطوراتها المعروفة ،، من أكبر مشكلات السودان علي الإطلاق فقد كانت الخلافات بين السودان والعالم الغربي تأخذ منحي ثنائيا بحيث تتوتر العلاقات بين الخرطوم ولندن حول مشكلة جنوب السودان( مثلا) أو بين الخرطوم وواشنطن بشأن المحكة الجنائية الدولية وإتهام الرئيس عمر البشير بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور ولكن في مشكلة الحكم علي أبرار تتحرك أوربا بقضها وقضيضها بما في ذلك إيطاليا التي لم يعرف عنها عداء للسودان منذ نهايات القرن التاسع عشر وما عرف بالغزو الطلياني لكسلا وكان ذلك الصراع بين القوي الإستعمارية المتنافسة علي إفريقيا ولكن اليوم في حالة تشبه حالة ((وا معتصماه )) تتنافس الدول الكبري لإنقاذ ما يحلو لهم أن يطلقوا عليها مريم يحي إبراهيم وحتي الآن : إستدعت الخارجية البريطانية القائم بالأعمال السوداني وطلبت منه إبلاغ خكومته التدخل لإلغاء حكم المحكمة في مواجهة مريم وقالت الخارجية الإيطالية صراحة أن بلادها تعمل علي إنقاذ حياة إمرأة سودانية حكم عليها بالإعدام لإتهامها بالردة بعد إعتناقها الديانة المسيحية وأثارت وزيرة خارجية إيطاليا قضية أبرار مع الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام للأمم المتحدة أدان حكم محكمة الحاج يوسف الإبتدائية ومن المنتظر أن تتم إدانة الحكم بواسطة الجمعية العامة للأمم المتحدة أما الولايات المكتحدة الأمريكية فقالت إن إجراء فحص الحمض النووي لإثبات بنوة طفلين لأمريكي(( من أصل سوداني )) تواجه زوجته مريم عقوبة الإعدام بعد أن تم إتهامها بالردة والزنا وهذا معناه أن مريم هذه زوجة لمواطن أمريكي وأم لأطفال يعتبرون أمريكيين من جهة الأب وتقع حمايتهم علي الولاياتالمتحدةالأمريكية حسب ما يفهم من تصريجات الناطق بإسم الخارجية الأمريكية . وفي رأي أن إجتهاد كثير من المسئولين ومن بينهم الدكتور الفاتح عز الدين رئيس البرلمان في حصر القضية في الإطارار القانوني وعدم الخروج بها إلي السياسة لن يفيد الأمر في شئ وهناك جدل سياسي بين الحكومة والمعارضة حول القضية التي تقول المعارضة أنها جزء من إعتداء النظام علي حرية التعبير وهناك من يحتج بأن المادة المتعلقة بالردة في القانون الجنائي تتعارض مع المادة 38 من الدستور الإنتقالي والتي تكفل حرية التعبير بل إن دفاع البعض عن هذه القضية بأنها جزء من السيادة الوطنية يضعها مباشرة في تماس مع السياسة والأيدلوجية السياسية التي يحملها النظام الذي يسعي لتطبيق الشريعة الإسلامية علي طريقة الأخوان المسلين في مصر وهكذا يقولون .ومن خلال هذه الضغوط الدولية المكثفة علي السودان فإن وزارة الخارجية في موقف لا تحسد عليه فهل تستطيع هذه الوزارة أن تواجه العالم كله وماذا يمكن للخارجية أن تقول أو تقف أمام هذه الحملة الشعواء علي السودان من جانب الدول الغربية وسفاراتها المعتمدة في الخرطوم هل يقوم وزير الخارجية علي كرتي بإقناع الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوربا بأن ما تم بشأن الفتاة مريم هو قضية قانونية محضة فهل كرتي هو أكثر ذكاءا من طارق عزيز الذي إستخدم خبرته الدبلماسية ومسيحيته لإقناع الأمريكيين والبريطانيين بأن العراق لا تمتلك أسلحة للدمار الشامل وهل كرتي أكثر ذكاء من رجل المخابرات الأول في ليبيا موسي كوسا الذي فشل في تبرئة العقيد القذافي من إسقاط طائرة البان أمريكا فوق قرية لوكربي فوق سماء إسكتلنداعام 1988م والتي عرفت بمشكلة لوكربي . إن هؤلاء الغربيين لديهم إصرار ودأب لتحقيق ما يريدون الوصول إليه خاصة إذا إجتمعوا وتوحدوا علي رأي واحد ودائما الحرب عندهم أولها كلام ونحن في هذا العالم مثل أمة النمل في عهد نبي الله سليمان الذي كان يملك جنودا من الجن والفرصة الوحيدة أمام النمل حتي لايحطمه سليمان وجنوده هو أن يدخل النمل بيوتهم وحاشي للنبي سليمان أن يفعلها إلا في حالة كونه وجنوده لايشعرون وهذا ما قالته نملة في وادي النمل بالحرف الواحد ولكن الولاياتالمتحدة وحلفائها يفعلونها بأقل الذرائع ويهلكون الحرث والنسل وهم يتعمدون ذلك . ولا أنسي أنني قابلت الأعداد الغفيرة من الدبلماسيين العراقيين المبعدين من أوربا وهم يعودون لبغداد بأسرهم ولم يعودوا بعدها لمقار عملهم حتي دمرت القوات الأمريكية الغازية العراق . إن قضية الخروج من مشكلة أبرار هي مسئولية الدولة كلها وليست وزارة الخارجية وبإمكاننا أن نخرج من هذه الورطة إذا إستخدمنا فقه المصالح المرسلة ونحن علي مذهب الإمام مالك وأخذ به جميع الفقهاء ولا خلاف بين الفقهاء في القول بالمصالح المرسلة فالأحناف والشافعية يرون أن المصلحة التي لا تؤخذ بالنص من القرآن والسنة بالقياس حملا علي النص وهو فقه واسع يعلمه الفهاء عندنا وفي بلاد أخري فهل من المصلحة الإبقاء علي فتاة محكومة بحد الردة وهناك شبهات تدرأ عنها الحد كما قال نبي الرحمة أدرأوا الحدود بالشبهات أم نتحصن خلف هذه المشكلة ونجعل منها قضية سيادة ودين ونتلقي المقاطعة الإقتصادية والحصار وربما الحرب التي يمكن لأي دولة أن تشنها علينا بدعم الولاياتالمتحدة إن لم تكن أمريكا نفسها والأخطر من ذلك كله ما يواجه السودان من إشانة سمعته في وسائل الإعلام العالمية بأن السودان لا تتوفر فيه الحرية الدينية والحكومة السودانية تتدخل في معتقدات الناس تدخلا مباشرا لدرجة تطبيق أحكام الردة وأن يغير الشخص معتقده . وفي حقيقة الأمر هذه ليست مشكلة الإسلام والله غني عن العالمين ولكنها مشكلة إجرائية قانونية يجب إصلاحها ليس بترك ابرار وشأنها ولكن بالدعوة لمؤتمر للإصلاح القانوني ومن لايشكي من القوانين في السودان سواءا المقيدة للحريات أو المعاملات التجارية والمدنية والقضاة لاذنب لهم غير أنهم يطبقون القوانين فمن كان يشرع لنا هذه القوانين يا تري ؟[email protected]