عندما إلتحقنا بالجامعة كان هناك عدد محدود من حملة شهادة الأستاذية(بروفيسر) وهم عبد الله الطيب،النزير دفع الله،عمر عثمان؛مصطفى حسن ومدثر عبد الرحيم مع حفظ الألقاب وهم شخصيات معروفة حينها على مستوى المجتمع الأكاديمي في السودان وخارج السودان وذلك بفضل ماقدموه للعلم من إنجازات وخدمات إنعكس أثرها على المجتمع من خلال ماقدموه من بحوث ودراسات أسهمت في خدمة الإنسانية واليوم عمت الفوضى وأصبحت شهادة الأستاذية(بروفسر) مثل لقب(ياحاج) تنسب لك من هب ودب دون التقيد بالمعايير العلمية لمنح تلك الدرجة والتي في مقدمتها تقديم إنجاز علمي يساهم في خدمة العلم والبشرية وهو ما ينطبق على هؤلاء العلماء الأجلاء أمثال الأٍستاذ عبد الله الطيب والنزير دفع الله وعمر عثمان ومصطفى حسن ومدثر عبد الرحيم نظير ماقدموه من بحوث ونظريات كل في مجال تخصصه واليوم أصبح هذا اللقب يطلق على البروفسرات الجدد خاصة من قبل وسائط الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية مع كل تقدير طبعا لمن تقدم منهم بإنجاز علمي وإستحق هذا اللقب عن جدارة وإذا نظرنا للدول من حولنا خاصة مصر والتي تضم أعداد هائلة من الفطاحلة في مجالات العلم المختلفة أمثال(زويل)و(الباز)و(طه حسين) و(مجدي يعقوب)وغيرهم كثر من الذين أثروا العلم والثقافة ولم ينسب إليهم هذا اللقب الذي أصبح بلا معنى في بلادنا التي تردى فيها كل شيئ وإختلت فيها معايير التقييم وأصبحت الألقاب تباع في سوق الله أكبر مثل السلع منتهية الصلاحية ولعل ذلك من أسباب التردي الذي أصاب مؤسساتنا التعليمية وأدى إلى إنهيار التعليم خاصة التعليم الجامعي والذي أصبح يخرج لنا مستويات ضعيفة لاأبالغ لو قلت بأنها أدنى مستوى من مستويات خريج الثانوي في الزمن الجميل والذي كان فيه خريج الإبتدائي يكتب العريضة التي ترفع للقاضي وبعض الخريجين اليوم يعجزون حتى عن كتابة طلب الإلتحاق بالوظيفة ويرجع ذلك لتدني التعليم الثانوي وتدني مستويات القبول في الجامعة التي أصبحت تتحكم فيها الناحية المالية وضعف التمويل وقيام جامعات وكليات خاصة تفتقر لأبسط مقومات البيئة العلمية والأكاديمية اللازمة ولكم أن تقارنوا مستويات الخريجين اليوم لتروا الفرق الشاسع وللأسف حتى شهادات الدكتوراة والماجستير أصبحت تمنح دون التقيد بالمعايير العالمية وتوفر متطلبات منح مثل هذه الدرجات وفي مقدمتها تأهيل وأهلية المشرف الأكاديميةعلى منح تلك الرسالة ورصيده الأكاديمي الذي يؤهله للإشراف على مثل تلك الدراسات الرفيعة والتي أصبحت عبارة عن بحوث إنشائية تعتمد في معظمها على البيانات غير الموثقة من المواقع المنتشرة على الشبكة العنكبوتية ومن المفارقات أن بعض من تلك الرسائل العلمية ليس لها علاقة بالتخصص الأساسي لصاحب الرسالة كما أن البعض يفتقرون للخبرة العملية في ذات المجال وهو أمر هام من المنظور التطبيقي لنتائج تلك البحوث والتي تعتمد على التجارب والتي هي أصلا أساس العلم وإذا إستمر هذا العبث الأكاديمي دون كبح جماحه فسوف نصل دون شك للهاوية والتي نحن منها قاب قوسين أو أدنى ولك الله ياسوداننا من مايحدث من تردي في كل ضروب الحياة ورحم الله من قال(وإذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتما وعويلا) وأنا أقول(وإذا أصيب القوم في تعليمهم فأقم عليهم مأتما وعويلا ) ونسأل الله السلامة [email protected]