بشرنا بالسد وبأن الكهرباء ستفيض علينا وتتدفق من الخطوط جداولا حتي تكون الكهرباء سلعة قابلة للتصدير وتدر دخلا وفير على اهل السودان. واستبشرنا خيرا وقلنا سنقول وداعا لقطوعات الكهرباء، وعاش الناس الحلم، ولكن فجأة طارت الفرحة فالكهرباء مع عودة (برمجة) القطوعات ارتفعت اسعارها. وبشرنا بمنظومة استثمارية جديدة في قطاع الاسمنت يتم معها مضاعفة الانتاج ووفرته الى درجة الاكتفاء الذاتي بل والتصدير للدول المجاورة، وفرح الناس وبخاصة أهل بيوت الطين وقالوا على الأقل نغطي حيطان الجالوص بالاسمنت الذي سيكون (راقد) كالتراب، وبالفعل دارت عجلة الانتاج في المصانع الجديدة وتوافر الاسمنت بأسعار تعتبر معغولة ولكن فجأة حدثت النكسة، وطارت اسعار الاسمنت بدون مبررات. وتمت البشارة ايضا في قطاع انتاج السكر وفرح الناس بالمصنع الجديد وتوفر السكر ايضا في البداية بأسعار معقولة وبكميات مهولة، وحتى الان وفي اصغر البقالات نجد تلالا من جوالات السكر، وفرة حقيقية ولكن بأسعار لا يقوى اصحاب الدخل (المهدود) على تحملها، وهكذا تتوالى الانتكاسات. وبشرنا ايضا بكميات كبيرة من الاراضي ستزرع في الموسم الزراعي بالقمح وسيكون الانتاج وفيرا وسيدخل (الرغيف) بيوت الغلابة ويتوفر بكميات وسيتحقق الاكتفاء الذاتي (المنشود) من عقود مضت وأزمنة غابرة, وكالعادة يفرح الناس ويمنون النفس برغيف متوافر وباسعار معقولة، وينقضي الموسم الزراعي ويفاجأ الناس في صفحات الجرايد وأجهزة الاعلام بأزمات متكررة في الدقيق ينكمش فيها وزن الرغيفة الى وزن (الذبابة) ويرتفع سعرها لتلحق باخوتها من السكر والأسمنت والطماطم التي اصبحت سلعا قابلة الى و ضعها في (المتحف) أو رفوف المحال التجارية تكون محل فرجة الناس، لأن القوى الشرائية هي قد انكمشت وانحسرت الى مستويات متدنية للغاية. ضربات متتالية من الانتكاسات والاخفاقات كلها على ادمغة ذلك المواطن المغلوب على امره، الذي انتقل من خانة المستهلك (بكسر اللام) الى المستهلك (بفتح اللام). ولا اعتقد ان ذلك المسلسل من الاخفاقات قد وصل الى حلقته الاخيرة او حتى قبل الاخيرة. فبالامس القريب اصيب المواطن المستهلك بفتح اللام الى ضربة قاضية جديدة كانت هي بمثابة عيدية عيد الفطر المبارك فقبل العيد بقليل سرت اشاعة بأن زيوت الطعام ستشهد ارتفاعا شديدا في اسعارها، وبالفعل صدقت الاشاعات وذهب الناس الى البقالات والأسواق ووجدوا الأمر حقيقة ماثلة بين ايديهم، فقد تضاعفت اسعار زيوت الطعام بشكل (محموم). والناس اضحوا لقمة سائغة يلعب بها السوق الذي لا روابط ولا ضوابط تحكمه ولا رقابة ولا حماية. فالتجارة اصبحت مهنة غير مؤسسة. والمواطن اصبح ضحية لجشع التجار الذين يدعون انه لا دخل لهم في تلك الزيادات وهم ايضا ضحية لجشع من هو اكبر منهم من المؤسسات الاحتكارية الكبيرة التي تسيطر على السوق والتي هي بأيدي قلة من كبار التجار الذين لا ذمة لهم و لا اخلاق أو قيم تحكمهم، وهم انفسهم أي كبار التجار يرمون اللوم على الدولار بينما تجد مخازنهم ومستودعاتهم تشكو من تكدس السلع والبضائع قبل ان يستوردوا سلعا جديدة خاضعة لزيادة اسعار الدولار, فاسعار السلع اصبحت غير مستقرة بشكل كبير، فكل يوم تشرق فيه الشمس يفاجأ المواطن بسعر جديد لذات السلعة وبذات المواصفات التي اشتراها بها بالأمس. المواطن اضحى يشكو مر الشكوى من تلك الفوضى التي اعترت الأسواق ولسان حاله يقول : ساء الحال فهل من مغيث، ونحن بدورنا نتساءل مع المواطن المغلوب على امره، كيف تكون الحماية يا مسئولي وزارة التجارة و يا من بيدهم امر الأسواق والسلع؟؟؟؟؟ [email protected] /////////