البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    السودان.."عثمان عطا" يكشف خطوات لقواته تّجاه 3 مواقع    افتتاح المعرض الصيني بالروصيرص    أنا وعادل إمام    القمة العربية تصدر بيانها الختامي.. والأمم المتحدة ترد سريعا "السودان"    كواسي أبياه يراهن على الشباب ويكسب الجولة..الجهاز الفني يجهز الدوليين لمباراة الأحد    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    إدارة مرور ولاية نهر النيل تنظم حركة سير المركبات بمحلية عطبرة    اللاعبين الأعلى دخلًا بالعالم.. من جاء في القائمة؟    جبريل : مرحباً بأموال الإستثمار الاجنبي في قطاع الصناعة بالسودان    الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان أحمد محمد عوض يتغزل في الحسناء المصرية العاشقة للفن السوداني (زولتنا وحبيبتنا وبنحبها جداً) وساخرون: (انبراش قدام النور والجمهور)    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    رسميا.. كأس العرب في قطر    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل هو اجتهاد أصيل من الشيخ أبو قرون أم مجرد نقل من الإمام الطوسي؟ .. تحقيق: محمود عثمان رزق
نشر في سودانيل يوم 30 - 08 - 2014


[email protected]
مقدمة:
إننا كمسلمين يجب أن نعلى من أهمية الحوار بيننا ويجب ألا يضيق صدرنا بما يقوله الأخرون وخاصة إذا كان في الأمر سعة للنظر والإجتهاد. ويجب أن نتعلم أن نستمع القول ونتبع أحسنه لأن الله تعالى مدح الذين يفعلون ذلك بقوله: { 0لَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ 0لْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَٰئِكَ 0لَّذِينَ هَدَاهُمُ 0للَّهُ وَأُوْلَٰئِكَ هُمْ أُوْلُواْ 0لأَلْبَابِ} ونحن في السودان نعاني من أزمة سماع جنباً لجنب مع الأزمات الأخر. والمسألة التي أثارها الشيخ النيل أبو قرون بخصوص سورة {عبس} قد سبقها إليه الإمام الطوسي المتوفي سنة 460 ه في تفسيره للقرآن الكريم وكان ذلك قبل ألف سنة تقريباً وقد اطلعت على رأيه هذا قبل سنين عددا. والإمام الطوسي هو أول من تعرّضَ لهذه المسألة كتابةً وذلك في تفسيره المسمى بالتبيان الجامع لعلوم القرآن وقد ذكر أن في المسالة خلاف فدلّ ذلك على وجودِ خلافٍ قديمٍ في المسألة قبل أن يثبته هو كتابةً في تفسيره. ومنهج الرجل في التفسير هو التعرض لمختلف القراءات أولاً ثم ينتقل بعدها للتفسير. وفي التفسير يأتي بالرأي الشائع بين المفسرين والعلماء أولاً ثم يبدى رأيه بالتأييد أو النفي لأقوالهم، وسنرى منه ذلك بوضوح في تفسيره لسورة {عبس} التي أثار تفسيرها خلافاً عاصفاً بين الشيخ النيّل أبو قرون وغيره من العلماء الأجلاء.
تنبيه : كل كلام بين علامتين هكذا "...." أو هكذا -........- في مقطع الإمام الطوسي هو اضافة مني لتوضيح الجملة.
تفسير الآيات:
{عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ } * { أَن جَآءَهُ 0لأَعْمَىٰ } * { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ } * { أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ 0لذِّكْرَىٰ } { أَمَّا مَنِ 0سْتَغْنَىٰ } * { فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ } * { وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّىٰ } * { وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ } *{ وَهُوَ يَخْشَىٰ } * { فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ }
يقول الإمام الطوسي: " قرأ عاصم وحده { فتنفعَه الذكرى} بالنصب على أنّه جواب (لعل) فجرى مجرى جواب الأمر والنهي، لانّ (لعل) للترجمي فهي غير واجبة، كما أنّ الامر غير واجبٍ في حصول ما تضمنه. الباقون "قرأوا" بالرفع عطفاً على {يذّكرُ}. وقرأ نافع وابن كثير {تصّدى} مشددة الصاد على أن معناه تتصدى، فأدغم أحدى التائين في الصاد لقرب مخرجهما. الباقون {تصدى} بتخفيف الصاد باسقاط أحدى التائين.وقرأ ابن ابي بزة وابن فليح عن ابن كثير {تلّهى} بتشديد اللام بمعنى تتلهى، فأدغم احدى التائين في اللام. الباقون بتخفيف اللام وحذف احدى التائين.
يقول الله تعالى { عبس وتولى } ومعناه قبض وجهه وأعرض، فالعبوس تقبُضِ الوجهِ عن تكرهٍ، والعبوس البسور وهو التقطيب. وعبس فلانٌ في وجهِ فلانٍ مثل كلح، ومنه اشتق اسم عبّاس، ومعنى { تولى } أعرض وذهب بوجهه عنه فصرفه عن ان يليه. يقال: تولى عنه بمعنى أعرض عنه، وتولاه بخلاف تولى عنه، فانّ تولاه بمعنى عقد على نصرته، وتولى عنه أعرض "عنه".
وقوله { أن جاءه الأعمى } معناه عبس لأن جاءه الاعمى، وقال ابن خالويه: تقديره إذ جاءه الاعمى، المراد به عبد الله بن أم مكتوم في قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد، وقال الفراء: كانت أم مكتوم أم ابيه. وقال غيره: كانت أمه. وقال ابن خالويه ابوه يكنى أبا السرج.
واختلفوا فيمن وصفه الله تعالى بذلك "العبوس"، فقال كثير من المفسرين وأهل الحشو: إن المراد به النبي صلى الله عليه وآله. قالوا ذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله كان معه جماعة من أشراف قومه ورؤسائهم قد خلا بهم فاقبل ابن أم مكتوم ليسلم فأعرض النبي صلى الله عليه وآله عنه كراهية أن تكره القوم إقباله عليه فعاتبه الله على ذلك. وقيل: إن ابن أم مكتوم كان مسلماً، وإنما كان يخاطب النبي صلى الله عليه وآله وهو لا يعلم أن رسول الله مشغول بكلام قوم، فيقول "منادياً" يا رسول الله.
وهذا فاسد، لان النبي صلى الله عليه وآله قد أجلّ اللهُ قدرَه عن هذه الصفات، وكيف يصفه بالعبوس والتقطيب، وقد وصفه بأنّه { لعلى خلق عظيم }وقال { ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك}. وكيف يعرض عمن تقدم وصفه مع قوله تعالى : { ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه }. ومن عرف النبي صلى الله عليه وآله وحسن أخلاقه وما خصه الله تعالى به من مكارم الاخلاق وحسن الصحبة حتى قيل إنه لم يكن يصافح احداً قط فينزع يده من يده، حتى يكون "الرجل هو" ذلك الذي ينزع يده من يده "ص". فمن هذه صفته كيف يُقطِّب في وجه أعمى جاء يطلب الاسلام؟ على أن الانبياء عليهم السلام منزهون عن مثل هذه الاخلاق وعما هو دونها لما في ذلك من التنفير عن قبول قولهم والاصغاء إلى دُعائهم، ولا يجوز مثل هذا على الانبياء من عرف مقدارهم وتبين نعتهم.
قال قوم: إن هذه الآيات نزلت في رجل من بني أمية كان واقفاً مع النبي صلى الله عليه وآله، فلما اقبل ابن أم مكتوم تنفّر منه، وجمع نفسه وعبس في وجهه وأعرض بوجهه عنه فحكى الله تعالى ذلك وانكره معاتبة على ذلك.
وقوله { وما يدريك } خطاب للنبي صلى الله عليه وآله وتقديره { قل} يا محمد "لذلك الرجل العابس" { وما يدريك لعله يزكى}. وإنّما اضاف العبوس إلى النبي صلى الله عليه وآله من أضاف –بسبب فهمه لقوله- { وما يدريك } " فرأى" أنّه خطاب متوجهاً اليه –أي إلى النبي-فظن انّه عتب له، دون أن يكون "الخطاب" متوجهاً اليه، "بل" على أن يقول "يقوله" لمن فعل ذلك ويوبخه عليه. ومعنى قوله { يزكى} أي يتزكى بالعمل الصالح، فأدغم التاء في الزاي، كما أدغمت في الذال في قوله {يذكر} ومعناه يتذكر، ولا يجوز إدغام الزاي في التاء، لأنها من حروف الصفير، وهي الصاد والسين والزاي.وقوله {أو يذكر} معناه أو يتذكر ما أمره الله تعالى به، ويفكر فيما أمره بالفكر فيه. وقد حث الله تعالى على التذكير في غير موضع من القرآن فقال: { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين }وقال {إنما يتذكر أولو الألباب }. وينبغي للانسان أن يستكثر من ذكر ما يدعو إلى الحق ويصرف عن الباطل.ثم بين انّه متى يذكّر { فتنفعه الذكرى } أي الفكر فيما أمره الله به من القرآن وغيره من الادلة.
وقوله { أما من استغنى } معناه أما من كان غنياً أو وجدته موسراً، فالاستغناء الاكتفاء بالأمر فيما ينفي الضرر وقد يكتفى الاناء فى ملئه بما فيه، فلا يستغني استغناء فى الحقيقة.
وقوله { فأنت له تصدى } فالتصدى هو التعرض للشيء كتعرض العطشان للماء. وأصله الصدى، وهو العطش. ورجل صديان أي عطشان والصدى الصوت الذي يرده الجبل أو الحمام ونحوهما. قال مجاهد: المراد ب { من استغنى } هما عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة. وقال سفيان: نزلت في العباس، فقال الله تعالى { وما عليك ألا يزكى } أي قل له (يا رسول الله) وما عليك ألا يتزكى؟ فالتزكي هو التطهر من الذنوب، واصله الزكاء وهو النماء، فلما كان الخير ينمي للانسان بالتطهر من الذنوب كان تزكياً.
ثم قال { وأما من جاءك يسعى وهو يخشى } يعني عبد الله بن أم مكتوم (الذي) جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله، وهو يخشى معصية الله والكفر، والخشية هي الحذر من مواقعة المعصية خوفاً من عقاب الله تعالى، { فأنت عنه تلهى} أي تعرض عنه. فالتلهي عن الشيء هو التروّح بالاعراض عنه، والتلهي به التروّح والاقبال عليه، ومنه قولهم إذا استأثر الله بشيء فالهِ عنه- أي اتركه وأعرض عنه." (انتهى كلام الإمام الطوسي)
وفي الختام قد رأينا كيف أتى الإمام الطوسي بالرأي الشائع في تفسير المسألة في المذهبين الشيعي والسني ثم جاء من بعد ذلك بتفسيره الخاص للمسألة تنزيهاً لرسول الله من العبوس والتقطيب كما يدّعي. فالطوسي يرى أن العتاب كان لرجلٍ من قريش عبس وتولى عندما جاء عبد الله بن ام كتوم لرسول الله (ص) يسأله ويستفسره وهو عنده. هذا وقد تضاربت الروايات في اسم الرجل القرشي الذى كان مع النبي (ص)، فمن المفسرين من قال: هو عتبة بن ربيعة، ومنهم من قال: هو شيبة بن ربيعة، ومنهم من قال: هو رجل مجهول من بنى أمية، ومنهم من قال: هو العباس عم النبي (ص) قبل إسلامه، ومنهم من قال: هو الوليد بن المغيرة. ومنهم من قال : هو أمية بن خلف ومنهم من قال: هو أبيّ بن خلف، ومنهم من قال: هو أبو جهل بن هشام. والطوسي يعتمد في تفسيره هذا على المحذوفات اللغوية من الكلام تخفيفاً له وهو أمر معروف ومقبول بين أهل اللغة. كما يعتمد على قراءة النص وتفسيره في ظل النصوص الأخرى.
وفي الحلقة القادمة سنتعرض إن شاء الله لرأي الشيخ أبوقرون من كتاباته لنرى هل هو أصيل في هذا الرأي أم هو مجرد ناقل من الإمام الطوسي إلا أنّه أضاف أبعاداً أخرى للموضوع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.