موافقة "شفهية" ابدها رئيس حركة جيش تحرير السودان، مني أركو مناوي للعودة والدخول في تفاوض مرة اخرة مع الحكومة بعد دعوة الحوار الوطني التي اطلقها الرئيس عمر البشير للقوى السياسية والحركات المسلحة للتحاور، نقل موافقة مناوي للحكومة بالقبول بالحوار من اجل انهاء حرب دارفور رئيس لجنة الاتصال بالمتمردين صديق ودعة، يبدو أن دعوة الرئيس بدأت تاتي " اكلها"، وبالرغم من أن مناوي لم يعلن رسميا قبوله بالحوار ولكن الفكرة وجدت قبولا لدى المؤتمر الوطني، بل واستحسنها غاية الاستحسان وفي تصريح ل"قناة الشروق" قال الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني د. مصطفى عثمان إسماعيل، إن صديق ودعة أفادهم بموافقة عدد من الحركات المسلحة على الحوار مع الحكومة، من بينها حركة مناوي، واستعدادها لذلك ونحن نتجاوب مع أركو"، واردف قائلا" نقول له إن الحل المطروح على طاولة الحوار الوطني لمعالجة مشاكل الوطن، يشمل الكل دون أي إقصاء، والحوار يعطي الضمانات المطلوبة كافة للمشاركة بجدية تامة". وبدأ أركو مناوي رحلة شائكة مع البندقية بعد أن تمرد في أقليم دارفور، و دخل القصر مساعدا لرئيس الجمهورية عقب توقيعه على اتفاق أبوجا.. وأمضى مناوي خمس سنوات في القصر انتهت بخروجه مغاضبا ومتمردا، ويقول قولته الشهيرة "أنا كنت مساعد حلة" ليعود ويحمل بندقيته مرة أخرى وبالضرورة يبدل خطابه السياسي بما يتوافق مع مرحلة التمرد. وبعد أحداث أبو كرشولا سعى لاستخدام حرب إعلامية عكسية، بعد أن أعلن سيطرتهم على أبو كرشولا وتدمير قوات الحكومة. د. مصطفى عثمان اسماعيل قال إن الحكومة اضطرت خلال الفترة الماضية لتكثيف العمليات العسكرية، بعد أن وجدت أن الحركات المسلحة نفذت هجمات على المدنيين في عدة مناطق بكردفان ودارفور، الا انه يؤكد أن قناعة الحكومة أن الحل لابد أن يكون سياسياً، راهناً استجابة الخرطوم للحوار مع الحركات المسلحة بوضعها للسلاح. ويرى د. مصطفى أن وقف العدائيات في اتفاق باريس هو تعبير عن مرحلة لإيقاف الحرب بشكل نهائي أو الاستعداد للحرب، مشترطا أن يتجسد موقف الحكومة في الأمر في رؤيتها لوقف العدائيات كجزء من وقف شامل للحرب تعلن بعده إيقاف الحرب ثم البدء بالحلول السياسية والأمنية، معتبرا أن مني أركو كان متردداً في تنفيذ اتفاق الترتيبات الأمنية، وكشف عن معلومات موثقة من الغرب والحركة الشعبية حرَّضت أركو على عدم إنجاز الترتيبات الأمنية عندما كان مشاركاً بالحكومة. ويرى استاذ العلوم السياسية والكاتب المعروف البروفسير. الطيب زين العابدين أن على الحكومة الترحيب بهذه الموافقة "الشفهية" سواء كانت مشروطة او غير مشروطة من اجل تحقيق السلام وان توفر له الضمانات إن ارد ذلك، وقال ل(الخرطوم) أمس إن الحكومة لجأت لسياسة "تفتيت" الحركات الدارفورية، وهذا الطريقة هي افضل لاهل دارفور من اجل وقف الاقتتال، ويضيف أن موقف مناوي سابقا كان قويا حينما كان متوحد مع عبد الواحد محمد نور، ولكن الآن عليه الجلوس مع الحكومة، الا انه عاد قائلا إن اجندة الحوار او خارطة الطريق التي طرحها المؤتمر الوطني ليس بها بند يخص الحركات المسلحة وعلى الحكومة أن تفرد اجندة لها. ويقول زين العابدين "اذا كانت الحكومة جادة في الحوار كان عليها قبول اعلان باريس ومناقشته مع القوى السياسية والحركات وتقديم تنازلات بدلا من المطالبة بمحاكمة عرمان وعقار من اجل تهيئة المناخ والا فلن يكون هنالك حوار. امن على حديث زين العابدين الخبير الاستراتيجي حسن بيومي بقوله ل(الخرطوم) إن الرئيس فتح الحوار للجميع لذلك علينا أن "نتناسى" الماضي طالما أن مناوي ابدى الرغبة في الحوار وتجاوز ما قام به سابقا من تمرد واقتتال من اجل السلام، واعتبر بيومي هذه الخطوة مكسبا لشعب دارفور اولا وللسودان عامة لوقف الاقتتال، وخطوة جيدة في اتجاه دعوة الرئيس البشير للحوار، ويرى أن إبداء النوايا تجاه السلام مكسب كبير للبلاد. ويبدو أن مناوي كان متفقا مع الحكومة في موقفها من اعلان باريس، وربما هذا ما جعله يبدي موافقه شفهية للحوار مع الحكومة حينما قلل من جدوى اعلان باريس ومن شأن الأطراف الموقعة عليه، ووصفه بأنه "لا يساوي الحبر الذي كتب به" الأمر الذي أحدث خلافات بين الفصيل وقيادات بقطاع الشمال أبرزهم ياسر عرمان، وقال في ذلك القيادي بفصيل مناوي يعقوب صديق في تصريح صحفي إنهم أعربوا عن موقفهم الرسمي من إعلان باريس على لسان المستشار السياسي للفصيل عبد العزيز سام الذي وصف الإعلان بأنه لا يساوي الحبر الذي صيغ به - على حد تعبيره - معتبراً أن الأطراف التي أجمعت على تبني الإعلان تتسم بعدم الجدية واهتزاز الفكر. موقف فصيل مناوي من اعلان باريس ادى الى نشوب ملاسنات وتبادل ألفاظ اتهم فيها مناوي عرمان بالخيانة والانتهازية وتأجيج الفتن بين فصائل دارفور بتحالف الجبهة الثورية عبر ممارسة التمايز بينهم والاستفادة من هذه الأجواء المتوترة لتمرير أجندته الخاصة، معتبرا أن التقارب بين الجبهة الثورية وحزب الأمة لن يحقق فائدة تعود على فصائل دارفور وذلك من واقع تجاربهم التاريخية مع الأحزاب. مناوي عسكري شجاع.. لكنه ايضا سياسي يتميز بالذكاء، هكذا يصفه كل من يعرفه عن قرب. وقع اتفاق سلام مع الحكومة، في مايو 2006 عرف باسم "اتفاق ابوجا" نسبة للعاصمة النيجيرية. كان شاباً حينما دخل القصر، وخرج منه دون أن يحدث تغييراً يذكر ما عدا المنزل الفخم الذي كان يسكنه في وسط الخرطوم ما زال يذكر باسمه منزل مني أركو مناوي! عندما أبرمت اتفاقية أبوجا كانت ضربة حاسمة لتمرد دارفور الذي بدأ بظهور حركة تحرير السودان في يوليو من العام 2002 . وبعد أن خرج من القصر متمردا اختار جوبا مقرا له، ولكن اتفاق الخرطوموجوبا بعدم ايواء الحركات التمردة وجد مناوي نفسه في مطب سياسي فأطلق تصريحاته متشبثاً بالجبهة الثورية أكثر من قطاع الشمال وهو يقول: "وكل من أراد الذهاب إلى منبر تفاوضي نتمنى له التوفيق، وكل الحراك السياسي في المنابر أو خلاف المنابر، و كل تنظيم لديه هويته الخاصة يتدارس الأمور بالشكل المستقل بعيدًا عن القيود المفروضة من قبل الجبهة الثورية السودانية، وإن كانت هناك عضوية للتنظيم في شكل محدد فهم أحرار، لكن نصيحتي لهم أن يطالبوا الاتحاد الإفريقي وبشدة لضرورة إحضار الجبهة الثورية كتنظيم، وأن أصبح صوتا موحداً سنجني ثمار ذلك في المستقبل القريب، ولكن إن كانت هناك هرولة وراء المنابر دون أن ترفع صوتك مطالباً لبقية رفاقك وأجندتهم في منبرك فهذه انتهازية".