يفرقنا انقلاب.. يجمعنا واتساب ثلاثية القاهرةالخرطومطرابلس من جديد أرسلت لصديق، دعني اسميه "ميم"، الرسالة التالية عبر الواتساب: هل تذكر ما تحدثنا عنه هاتفيا قبل عودتك الأخيرة لأمريكا وقلت لك.. نعيش وسنرى قريبا انكشاف تدخل الخرطوم في أحداث ليبيا؟ اقرأ يا صديقي الخبر المختصر التالي تحت إشارة "عاجل الان". الحكومة الليبية تطرد الملحق العسكري في السفارة السودانية بليبيا وتعتبره شخصا غير مرغوب فيه.. الحكومة الليبية تتهم السودان بدعم جماعات إرهابيه بالسلاح.. الحكومة الليبية تطالب السودان بوقف التدخل في الشأن الليبي. فبدأ، بين "ميم" وبيني، "عين"، الحوار التالي: _ ميم: يا صديقي هل ليبيا فيها حكومة. الله يرحم القذافي، كان "ماسك ليهو بَلا"! * عين: حكومة مش حكومة.. المنطق يقول: لا يمكن ان تكون الخرطوم بعيدة عما يحدث في طرابلس. الذين يخربون ليبيا الان لم يكن القذافي ماسكهم بل رباهم بما فعل في ليبيا حتى وان لم يقصد ذلك. _ ميم: حكومة السودان "الفيها مكفيها". * عين: نعيش ونشوف وسترى حينها. بعدما حدث في مصر ما حدث، أصبح استمرار نظام الإسلام السياسي في السودان مرتبطا بمستقبل ما يجري في ليبيا من صراع وبمن يضع يده على السلطة والثروة فيها. _ ميم: دعنا من ذلك، ما رأيك، في كلمتين عشان ما أطول عليك، في إعلان المبادئ الذي وافقت عليه ووقعته الجبهة الثورية؟ * عين: النظام لن يدع الحوار ان تكون له نهايات غير تلك التي يريدها. _ ميم: والله تكون مصيبة ويكون حفر قبره بنفسه. * عين: وهل هو أول قبر؟ هل نسيت قبر تأييد صدام ضد دول الخليج، وهلمجرا بقية القبور، ولم يدفن في أي منها؟ _ ميم: يعني "هو بالقوة التخليهو" يستمر في الحكم؟ يا أخي ما كان في اقوي من شاوشيسكو ولا اخطر من القذافي ولا أشرس من امن الدولة في مصر، وبالتالي النظام في الخرطوم يعلم جيداً ان عمره الافتراضي قد انتهى وطوق النجاة له هو إعلان امبيكي الذي اعتقد انه كتبه في الخرطوم خلال زيارته الطويلة مؤخرا قبل ذهابه إلى أديس أبابا. * عين: الإنقاذ لا تشبه تلك الأنظمة التي سقطت، شاوشيسكو القذافي مبارك وغيرها. نظام الإسلام السياسي في السودان المسمى الإنقاذ، اخذ من كل منها أفضل _لتقرأ أسوأ_ الإجراءات الأمنية الناجعة في تكبيل الشعوب وأضاف إليها ما بزها في ذلك الاتجاه. ثم ان نظام الإنقاذ ليس قويا ولم يك قويا ولكنه ومنذ سرقته السلطة في ليلة الانقلاب على الديمقراطية عمل على تفريغ القوات المسلحة بأسرع ما يكون من أي شخص يمكن أن ينقلب عليه أو يفكر في ذلك. وتلك مهمة نفذها بعنف البشير ومن معه من عسكر تحت إشراف التنظيم السري. النظام نفذ مجزرة وجريمة مجذوب الخليفة في النقابات قبل ان يكمل الحول. اشترى الأحزاب وكثير من قياداتها واخترقها وعمل فيها "العمايل" التي لا تحصى ولا تعد فضلا عن انه كان فاهما تماما نفسية زعمائها ودرسها واستوعب الدرس ونجح بالتالي في التعامل معها فعرف كيف "يأخذها" في كل مرحلة من المراحل. بالسيخ والعصي والرصاص، واجه نظام الإسلام السياسي الطلاب داخل الجامعات، وفي الشارع قتل بدم بارد من خرج ضده. باختصار أرهب الشعب والمواطن فاستسلم له من استسلم وهاجرت الكوادر النشطة وركب البعض موجة التدين الزائف للحاق بقاطرة الفساد التي أطلقها النظام لعناصره ولبعض الآخرين. آثر الشرفاء الانزواء بين أحزانهم وما في جيوبهم قابضين على جمر أمل يصعب العمل له وتحويله لواقع في ظل عد الانفاس الذي يواجهونه، ومع ذلك استمروا ينحتون الصخر لأجل الخلاص. فوق كل ذلك سيطر نظام الإنقاذ على المساجد وأئمتها ويحكم باسم الدين شعب مسكين، بالفطرة يصعب عليه الخروج عن النظام بظن انه خروج عن الدين. فتح النظام حروب الهامش عمدا ومع سبق الإصرار والترصد ولم تضره، بل أطالت في عمره، بعكس ما يظن البعض، لأنها وفرت له فرصة الترويج بان المركز في خطر من عنصرية الهامش. وبالفعل تعامل مع الهامش بفعل عنصري كي يكون رد فعله مساويا في المقدار مضادا في الاتجاه. النظام أجاد لعبة امتصاص اثر التحولات الإقليمية والدولية عندما لم تكن في صالحة واستغل ما يفيده منها عندما توفرت له الفرصة وسيواصل اللعبة البهلوانية كأبرع لاعب سيرك يحافظ على لياقته وكأنه لا يهرم أبدا. عمر النظام الافتراضي انتهى يا صديقي بمجرد ان تم اكتشاف حقيقته وانتهت مرحلة التمويه الذي برع فيه عرابه الترابي. ولكنه حينها، أي النظام، كان قد حقق أعظم انجازات بقائه: السيطرة على مكامن القوة العسكرية في البلاد بأسرع مما كان يتصور، وتلك المهمة أداها بقدرات فائقة علي عثمان.. لذلك كان أقوى عناصر النظام ولا زال. تلك هي يا صديقي باختصار غير مخل عوامل بقاء النظام، ولكن عوامل إسقاطه أو قل سقوطه موضوع أخر، ومع ذلك أقول لك لتطمئن: بدأت مؤشرات نضوجها بل كادت ان تكتمل. هل تعلم ان قطف الثمرة الناضجة من "الشجرة" أفضل من تركها تسقط وأخذها؟ الأمر يتطلب "جباده" وهذه يربط عليها كيس من القماش تسقط فيه الفاكهة بعد أن تقطع ولا يتركها تسقط على الأرض فتفعل فيها عوامل الجاذبية ووزنها ما يضرها كثيرا كفاكهة. والوسيلة الثانية أن تتسلق "الشجرة" وتقطف الثمار واحدة بعد الأخرى مع مخاطرة أن تسقط إذا لم يتحملك "فرع" استندت عليه للوصول للثمرة البعيدة. تحياتي