شاهد بالصورة.. المذيعة السودانية الحسناء فاطمة كباشي تلفت أنظار المتابعين وتخطف الأضواء بإطلالة مثيرة ب"البنطلون" المحذق    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وزير الصحة: فرق التحصين استطاعت ايصال ادوية لدارفور تكفى لشهرين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا مثقف يا رقيق، تَخيَّل أن زوجتَك الحالية هي أبوك مشام أنقوي! .. بقلم: عشاري أحمد محمود خليل
نشر في سودانيل يوم 24 - 09 - 2014


(1)
في جميع الأحوال، الرق معرف قانونا في المادة 1(1) من اتفاقية الرق للعام 1926، وهي المادة التي تقرأ: "الرق هو المكانة [المقامية] أو الوضعية لشخص تُمارس عليه أي من القوى والسلطات المتصلة بحق الملكية أو كلُّ تلك القوى والسلطات".
ولأن الدولة الحديثة، كالسودان، لا تعترف بمقامية أو "مكانة" للرق، يتم تعريفه بخصائص"الوضعية". فكل وضعية شخص يُمارَسُفيها عليه التحكمُ الذي يرقى إلى درجة الاستحواذ، كما نستحوذ شيئا نملكه ونتصرف فيه، يتم تكييفها على أنها وضعية رق. مما ينطبق على حالة السيدة أبوك مشام أنقوي.
وأنا اخترت وضعية السيدة أبوك من بين مئات الحالات الأخرى، بسبب أن البيِّنة بشأن وضعيتها موجودة عند أسرة مادبو الحاكمة في دار الرزيقات. الأسرة الحاكمة التي حرر حد أعضائها السيدة أبوك من وضعيتها التي كانت عاشت فيها لمدة عامين في الرق، وأعادها إلى حياة الحرية والكرامة مع زوجها دينق دينق ماقوت وأطفالها السبعة، ووالدتها ألويل، وأشقائها، منهم باك مشام، الضابط السابق في القوات المسلحة.
فنجد في وضعية السيدة أبوك مشام أنقوي جميع قسمات الرق، أهمها التحكم الذي يرقى إلى درجة الاستحواذ.
فقد تم اختطافها بالقوة العنيفة المسلحة من بيتها في أشورو في شمال بحر الغزال. وجرى اقتيادها عنوة من بلادها إلى دار الرزيقات. وأثناء تلك رحلة العبور، كانت أبوك تتعرض للضرب من رجال المليشيا بالسوط.
وتم التوقف بها مع نساء وفتيات وأطفال مختطفين آخرين في أبو مطارق، عاصمة الرق في دار الرزيقات. حيث تمت القسمة للغنائم البشرية والمادية وفق إسهام التجار ورجال القبيلة وشيوخها في تموين الغزوة، ووفق قوة الدور في تنفيذ الغزوة. وكانت أبوك من نصيب أحد مختطفيها، آدم عبد الرحمن من قرية سوق بيِّن، مكان ليس بعيدا من دائرة أبو مطارق دائرة أحمد عقيل أحمد عقيل، ومن دائرة الفردوس التي فاز فيها لاحقا حسبو عبد الرحمن مساعد عمر البشير، الرئيس، على ما أذكر.
ما أن وصلت أبوك إلى قرية سوق بيِّن، حتى تم تدشين مقاميتها المنحطة بدعوة رجل المليشيا آدم عبد الرحمن لابنته كلتومة أن تركب فوق كتف أبوك وظهرها. وكذا تم تغيير اسم السيدة أبوك مشام أنقوي إلى "زهرة آدم". ومن بعد، جرى استغلالها، وتخديمها في الرعي وجلب الماء ودق العيش وطحنه. واعتدى عليها آدم عبد الرحمن جنسيا وتسبب في حملها بالإكراه. وباع آدم طفلها الرضيع، من زوجها دينق دينق ماقوت، لكنه اضطر إلى إعادته لها. وكان آدم وزوجاته وأمه يضربونها، وهو ضربها بنعله ليفقدها ثلاثة من أسنانها الأمامية، قبل خمسة أياما فقط من تحريرها. وكان يقيد حركتها، ويضعها تحت المراقبة، ويأخذ طفلها رهينة لكي لا تهرب، ويأتي بغير ذلك من أفعال ضدها في وضعيتها الجديدة.
فما دامت هذه هي وضعية أبوك الثابتة، ووضعيات غيرها لا تختلف عنها إلا في تفاصيل صغيرة، تكون الوضعية وضعية رق. لأنا نجد فيها أشكال أفعال "التحكم الذي يرقى إلى درجة الاستحواذ". ونجد رجل المليشيا يمارس جميع سلطات "الملكية" في السيدة أبوك مشام أنقوي.
(2)
إنكار وجود الرق في دار الرزيقات
يظل "المثقف" الشمالي العربي المسلم، القديم، وهذا تعميم مقصود، ينكر حقيقة هذا الرق. وهو رق له كذلك خصوصياته التاريخية والعنصرية والمتعلقة بالسياسة وبالحرب. الرق الذي دعمته وتسترت عليه حكومة حزب الأمة برئاسة الصادق المهدي، والذي وجد دعما لاحقا مكتوبا من قبل مبارك الفاضل المهدي ("دفوعات عشاري"، في سودانايل). وهو رق له خصوصية لأنه تسببت فيه أيضا قيادات القوات المسلحة السودانية (المليشيات، قطار بابنوسة واو، سياسة الأرض المحروقة). وهذه الخصوصيات المستفظعة هي التي تجعله رقا، إضافة إلى التكييف القانوني الأساس في اتفاقية الرق. وتعبير "الرق" إيحائي أيضا، نريد به أن نبرز هذه الخصوصيات. وبهذه الخصوصيات يتم استدعاء المحاسبية والعدالة الانتقالية.
ويظل الإنكار للرق يتصاعد، حتى بعد انفصال الجنوب، وكذا بسبب انفصال الجنوب. حتى لا يقال إن الرق كان من مكونات النفسية الجنوبية الطارئة التي حفزت الجنوبيين، بالمشروعية الأخلاقية، لرفض الوحدة مع الشمال العربي الإسلامي. الشمال القديم المُتمثِّلُه المثقف الذي ينكر وجود الرق (مصطفى البطل، مبارك الفاضل، وكثر غيرهما). والمتمثله المُدغمِس لحقيقة الرق بتضييق التعريف (الصادق المهدي) أو بتوسيعه وتمييعه للحد من حده القاطع (عبد الله علي إبراهيم، حسن الترابي)
...
أتناول في هذا المقال المثقفين الذين يرفضون تكييف الوضعية قيد النظر على أنها رق. وهم قطاع واسع من المثقفين المتعلمين، أغلبهم في المعارضة، ومن حزب الأمة على الأكثر، ومن "مثقفي" الرزيقات، ومن سلالة الإنقاذ. موقفهم واضح. إنو دا ولا رق ولا حاجة. دي مشاغبات، وعادات، ومراشقات بين القبيلتين الدينكا والرزيقات. والشكلة أصلا في مصالح الرعي والأرض. وإنهم بيتشاكلوا من زمان. وبعدين بيعملوا مؤتمر صلح. وبيرجعوا المخطوفين من كل طرف لقبيلتهم. وبيتصالحوا. حاجة بسيطة.
(3)
نصيحة الدكتور حامد البشير
نصحني الأخ الدكتور حامد البشير، عالم الأنثروبولوجيا، أن آخذ هؤلاء المثقفين الذين ينكرون وضعية الرق بالرأفة. "برَّاحة"، شوية شوية، بهدوء. يا عشاري، أشرح ليهم أولا تعريف الرق، كلمهم بالوقائع، وكدة يعني ... حبّة حبَّة. يا هو دا السودان.
يعني،بالعربي، ما استخدم معهم لغتي المعهودة. وهي لغة تحترم عقولهم، وتدخل معهم في الموضوع طوالي، لأني أفترض أنهم عارفين. ومافي أي دلع، إنهم والله ما فاهمين الموضوع ومتأثرين بالقبيلة وبالسياق الثقافي. أعرفهم يفهمونها طايرة.
أقصد دائما إلى استفزاز أفكارهم، ومشاعرهم أيضا. فالأفكار والمشاعر متلاحمة في الدماغ. ولا يكتب الكاتب في الشؤون الاجتماعية بدون مشاعر أو عواطف إلا وهو يقصد إلى إخفاء موقفه وموقعه. يريد ان يخدع القراء بأنه "محايد". وأنا أُعَرِّفهم مباشرة بالمكان الذي أقف فيه. وأعرف أنهم عندهم مواقف، وأنهم ليسوا بريئين أو محايدين كما يدعون.
فتكون بيني وبينهم البيِّنة والحجة المنطقية، لا حركات الحياد والكلام عن "الموضوعية". أقصد أن أخرجهم من طورهم منفعلين للتعامل مع المشكلة، مشكلة الرق.وللإفصاح عن مواقفهم. لأن في ذلك ما قد يعينني على فهمهم بصورة أفضل، وما قد يقودهم إلى اكتشاف أبعاد جديدة. لا أريد أن أتركهم مرتاحين إطلاقا، وخلاس كأنو الموضوع نقاش في جمعية أدبية، وكأنو موضوع الرق انتهى.
...
أريد اليوم أن أجرب تنفيذ نصيحة الدكتور حامد البشير. فأفترض "عدم الفهم" لدى هؤلاء المثقفين. وعليه، أريد في هذا المقال أن أُقرِّبَ الصورةَ أكثر لهذه الفئة الما قادرة تفهم "الرق" يعني شنو، أو عاملة ما فاهمة. سيان.
سأستخدم الأسماء "كمال"، و"ليلى بشير الهادي"، و"أحمد، حمودي" كأسماء وهمية، كما هو واضح ولا تشير إلى شخص بعينه. لتقريب الصورة.
واستلف الوعاء المعروف في المحاجة، أعلم أنه يستدعي العاطفة، واستخدمه شوقي بدري في مقاله. "هل تقبل هذا لأختك" سألوني هكذا عن مريم يحيى. ولا أستخدم هذا الإطار لدعم حجتي، ولكن لعرض موضوع الرق في إطار استفزازي مختلف لا يقنع أحدا، لكنه يبرز بعض الأبعاد التي قد تكون خافية على المنكرين لوجود الرق.
(4)
يا مثقف، يا رقيق، يا كمال (اسم كأي اسم!)
السيدة أبوك مشام أنقوي زي زوجتك، واحد. زوجتك نفسها الإنت عايش معاها اليوم.
ولو كنتما موافقني في الحتة دي، حدد موقفك واكتب لنا هنا في سودانايل. قول لا، في فرق. قول "والله أبوك دي دينكاوية ساكت! وأنا زوجتي من أسرة عربية مسلمة، جعلية حرة، ومن بنات الأسر في الخرطوم". نكون فهمنا، وكل واحد يمشي في طريقو.
يا كدة، السيدة زوجتك والسيدة أبوك حاجة واحدة، يا كدة لأ، السيدة أبوك مشام أنقوي دي غير!
...
أنا عارفك حتقول إنو أبوك مشام أنقوي والله يعني برضو تاريها متزوجة واحد زيي،كدة. صاح إنو دينكاوي، لكن، في النهاية، "بنو آدم". اسمو دينق دينق ماقوت. وكمان عندها أخو اسمو باك مشام كان ضابط في الجيش، ممكن يكون كان دفعة أخوي عبد النبي. وكمان قالوا عندها أخو تاني بيقرا مع ود عمي حمدان في جامعة الملك محمد الخامس في الرباط. وعندها أخو تاجر هنا ساكن في الجريف. دي حاجة عجيبة.
يعني عندها أسرة، حاجة غريبة، والله! ايوة ايوة. أبوك مشام أنقوي زي زوجتي ليلى بشير الهادي (اسم). ما في أي فرق. وأبوها الكتلوهو بتاعين المليشيا قالوا الناس إنو دا كان من أغنى الجنوبيين. كلنا سودانيين. الله نفسو قال خلقناكم من قبائل وشعوب لتعارفوا. حاجة عجيبة!
لا بأس. هذا تقدم.
طبعا أنا عارفك يا مثقف يا رقيق، وفاهمك كويس.
تِحِت تِحِت قاعد تقول إنو أبوك برضو خادم ساكت، وإنو زوجتك ليلى بشير الهادي امرأة حرة بت قبايل.
تشومسكي قال 99% من الكلام مُدَوِّر جُوَّة في الدماغ، وما بيطلع برة. عارفك بتتكلم مع نفسك وبتقول صاح أبوك قبيلتها أكبر قبيلة في السودان، لكين العدد يعني شنو؟زوجتي ليلى بشير الهادي بت أسر.وأبوك دي خادم ساكت. سمعك.
وعشاري دا زاتو لازم حبوبتو دينكاوية. لازم فيهو عِرِق. كلامو دا ما ساكت. خليهو يورينا جدو بعد خليل. حتلقوهو مرجان ولا ياقوت. خليل دي زاتها أظنها كانت خميس، هو بتاع لغويات قلبها!
سامعك. الكلام دا جوا هناك في أعماق دماغك، وما بيطلع. لأنو لو طلع حيشيلوا منك لقب "مثقف" وحتبقى واحد "رقيق" ساكت.
لكين أنا ماشي معاك.
يا مثقف. شوية شوية. زي ما قال دكتور حامد البشير. حَبَّة حبَّة. برَّاحة. بدون أي استفزاز، لحدي ما أجيبك في القاطرة. في اللفة. في الموضوع الأساسي. الحيخليك تتجنن. إنت عارفو شنو. بخليهو للآخر. في نهاية الحصة.
وبعد نهاية الحصة، كدة أسمعك تاني تتجرأ تقول والله دي حاجة بسيطة دا ما رق دي مشاغبات بين القبائل.
(5)
يلة، يا مثقف، نبدأ:
تصور أن زوجتك ليلى بشير الهادي هي أبوك مشام أنقوي! (انت قبيل قلت الحالة واحدة كلنا سودانيين).
تصور وتخيل. هذا الذي ينازعك في الموية والمرعى جاء يوما بالمليشيا بتاعتو إلى حلتكم في هجوم كاسح. كلهم مسلحين وراكبين عربات دفع رباعي (خيول)، وبكاسي (حمير) ولواري (جمال).
ولو التصور دا صعب عليك، حاول تتخيل إنو أبوك نفسها زوجتك، لكن اسمها ليلى بشير الهادي. اسم زوجتك القاعدة دي.
يعني، تخيل أن زوجتك ليلى بشير الهادي هي ذاتها المرأة التي حدث لها ما حدث لأبوك مشام أنقوي.
زوجتك ليلى يكون خطفوها بتاعين المليشيا. وساقوها من بيتك. وضربوها بالسوط .وشغلوها خدامة. وباعوا ولدك. وكسروا سنونها لما ضربوها بالمركوب. وفي الآخر بعد سنتين، رجعوا ليك. زوجتك. ليلى بشير الهادي. حنوا على حالتك.
ما حأسألك لسع دا رق ولا مشاغلات قبلية.
(6)
إنت طبعا هربتَ لما هم هجموا على بيتك. لأنو بتاعين المليشيا كانوا حيكتلوك لو لموا فيك. زوجتك ليلى بشير الهادي الفاهمة قالت ليك "أجري، يا كمال". لأنها بتحبك. وما عايزاهم يكتلوا أبو عيالها. مستعدة تضحي. عارفاهم بتاعين المليشيا عايزين النسوان والفتيات اليافعات والأطفال. وهي عارفة إنو أنت وأخوانها، وبعد ما ناس المليشيا يشيلوها، ويعملوا فيها الدايرنو، حتجو تفتشوها سما أرض عشان تحرروها. في النهاية أنت زول ما بطال. بس العنصرية عاملة ليك أرضي، ومقفلة ليك مخك وعيونك.
حبة حبة يمكن تبدا تفهم، زي ما بيقول دكتور حامد البشير.
..
وانت برضو عارف إنو بتاعين المليشيا ما حيكتلوا زوجتك ليلى بشير الهادي. لأنهم أصلا عايزين مرة تشتغل ليهم بالنهار. وبالليل كمان، أوف كورس. إنت مثقف وفاهم الحاجات دي بتكون كيف. لاكين الموضوع دا نجي ليهو بعدين. في الآخر.
(7)
زوجتك كلمتك بي الحصل ليها
يا مثقف يا رقيق، طبعا زوجتك ليلى بشير الهادي،بعد ما رجعوها ليك، كلمتك بالحصل ليها كلو. خلال سنتين في سوق بيِّن في الفريق بتاع الرجل من المليشيا.
"تصور يا كمال بتاع المليشيا التافه دا ضربني بالسوط. شايف الآثار لسع يا ها قاعدة. شايف؟"
هي ذاتها زوجتك الجميلة. لكني أراك لم تعد تراها جميلة. بعد العملوا فيها بتاعين المليشيا. في قرية سوق بيِّن مع الرجل الفظ آدم عبد الرحمن وأسرته من ثلاث زوجات شريرات وامه الماكرة وابنته كلتومة قلية الأدب.
كانت زوجتك تتذكرك وتفكر فيك يوميا. وهي الآن بعد التحرير مبسوطة إنها رجعت ليك. عايزاك تتحرك. وانت مهموم بتكرج في أسنانك.بعد الإهانة العرضك ليها بتاع المليشيا ماسك زوجتك عندو سنتين. ما عندك همة. ما قادر تتصور كيف انت تكون حصلت ليك حاجة زي دي. في السودان العزيز العربي المسلم. يشيلوا زوجتك عديل كدة، ما يرجعوها ليك إلا بالواسطة بعد سنتين! طبعا بتفكر ترحل من السودان، تمشي إسرائيل.
تاني تجي تقول مافي رق؟ يا مثقف، يا رقيق! مرعى وماء. وحاجات زمان. وصلح. وتبادل الأسرى. وينها الأسيرة الإنت شلتها من ناس آدم عبد الرحمن عشان تبدل بيها زوجتك؟ أمور الاحتيال دي خليها. هسي جات كفي بيتك جوة أوضة النوم.
(8)
زوجتك لا تتوقف عن الحكي:
"عارف يا كمال، بعدين تخيل بتاع المليشيا المجنون دا عمل فيني شنو. أول ما أنا وصلت لحلتهم في سوق بيِّن جاب بتو كبيرة عمرة 17 سنة وقال لي أبركي! عشان بتو تركب فوقي. يعني أنا حمارة".
إنت بتسمع ساكت، يا مثقف يا رقيق.
وماسك أعصابك. تقول لنفسك: مراشقات بسيطة، ما فيها حاجة. يعني شنو؟ ما أنا ذاتي مرات قاعد ألعب حمار حمار مع بنتي نادية.كنت برضو ببرك زي الحمار وبنتي ندويةعمرها ثلاثة سنة تجي تركب فوق ضهري. ونضحك. ما فيها أي حاجة. عايش الهذيان.
مبارك الفاضل المهديبرضو طيب خاطرك وكلمك قال ليك ما فيها أي حاجة. قال ليك لاحظ إنو لما زوجتك ما قدرت تقوم بي كلتومة راكبة فوق ضهرها،وآدم ضربها بي كعب البندقية لحدي ما وقعت، الحاجَّة أُم بتاع المليشيا جات وشالت مرتك عشان تطيب خاطرها.
مبارك الفاضل المهدي كلمك، إنت ما سامع؟قال ليك شايف، العجوز دي حساسة كيف؟ كلمك قال ليك ديل ناس محترمين بتاعين المليشيات ديل، وعندهم أخلاق ورحمة. الحاجَّةالكبيرة أم آدم جات وشالت مرتك عشان ترضي عليها وتخليها تنسى. في أول يوم تجي ضيفة عندهم ما ممكن يعملوا ليها كدة.
(9)
يا مثقف،
طبعا مرتك برضو كل يوم تكلمك بالشغل عند ناس المليشيا، آدم عبد الرحمن الرزيقي "الفارس"وزوجاتو الثلاثة.
وأنتيا مثقف يا رقيق، متذكر كيف إنك كنت بتعِز زوجتك، ومريحها، لا تنضف بيت، لا تغسل، لا تترسل. بس حِنة وتياب وزيارات للأهل وآولاد حلوين مؤدبين، وانت تستعرض، عن استحقاق.
"تصور يا كمال من أول الصباح كانوا بيشغلوني أدق العيش وبعدين أطحنو.علموني المرحاكة، بالقوة. عشان يعملوا عصيدة. لحدي ما قامت لي حاجات هنا في يديني. هسي انتهت، بالحنة. الحنة دي ما عاجباك ولا شنو؟"
طبعا إنت مثقف ما فاهم. لا فهمت كلام زوجتك الأولاني عن دق العيش والطحين ولا التاني عن الحنة. مخك مشوش. عايز تتهرب من الموضوع داك، الموجعك. طوالي غيرتَ الموضوع.
(10)
زوجتك شافتك ما فهمت قصة المرحاكة في بيت بتاع المليشيا هناك في دار الرزيقات. ولا فهمت إشارة الحنة. هي برضو غيرَت الموضوع، وبدت تحكي ليك قصة الرعي بالغنم.
"اتخيل يا كمال، أنا ليلى بت البشير الهادي، بت أسرة كبيرة، وزوجي كمال بطولو وعرضو، شمالي عربي مسلم، يدوني خمسين خروف وغنماية ويقولوا لي يلة أمشي أرعي بيهم. وأوعك تجي راجعة قبل الساعة تلاتة. وكمان مرسلين معاي ولدهم، الله يرحمو مسكين مات من العطش. مرسلنو يراقبني عشان ما اشرد.
وأنا اشرد كيف يعني، ولدي حمودي معاهم ماسكنو رهينة.
ديل ناس عجيبين".
طبعا إنت مثقف سوداني ورومانسي خالس. بتحب الغنم والخرفان والمراعي.ترفض ان تستوعب هذا الذي وقع لزوجتك. تنكر. فتهرب إلى أحلام اليقظة، وتستمر تهذي. أنت تحب حالة الهذيان، لأنها تريحك من مواجهة الواقع المر..
زوجتك بدت تستغرب. لا ترى أي تعاطف من جانبك. وما في أي فهم. كأنها بتتكلم مع حيطة. تقول ليك شغلوني راعية بالغنم، تقعد تعمل بتاع بيئة ونوستالجيا لي أيام زمان، وما أحلى الأغنام والخراف في الخريف والدعاش. يا سلام!لعبة حلوة، "راعي راعي".
(11)
زوجتك ليلى بشير الهادي كلمتك.
"تتصور يا كمال، كل يوم كانوا يرسلوني أمشي الدونكي أجيب موية بالحمار. مرتين في اليوم. خمسة باقات أملاهم. أربعة فوق الحمار وواحدة أشيلها فوق راسي. شعري في راسي اتقطع. لكن شايفاهو هسي رجع زي ما كان زمان. إنت ما شايف؟".
برضو هي شايفاك ما فهمت.
(12)
يا مثقف يا رقيق،
زوجتك ليلى بشير الهادي تحكي كل يوم.
"تتخيل يا كمال، ولدك أحمد كان شالوه مني وفطموهو غصب، وشالوهو باعوه، عديل كدي. دي حاجة عندهم عادية. جننتهم اسأل ولدي وديتو وين؟ جيبوهو! لحدي الله لطف، الاشتراه وبراه ورجعوا وشال الخرفان بتاعتو".
طبعا، يا مثقف، إنت شايف ولدك يا هو داك قاعد يلعب. عمرو هسي أربعة سنة. وبديت تكرج في أسنانك، تاني.والدم يغلي في عروقك. يا دوب بديت تفهم شوية. إنو "الحاجة دي حاجة تانية". كلام عشاري دا يمكن يكون صاح.
إنت طبعا بتحب ولدك أحمد موت. قبل ما يخطفوهو مع أمو أخوانوا كان بيسموهو "حمودي". لكن إنت كنت بتحب تناديه "حميدتي". انت يا مثقف كنت بتحب المليشيات. متأثر بكلام الدكتور عبد الله علي إبراهيم قال ليكم دا جسد قبيلي تاريخي معروف وله وظيفة اجتماعية، والقبيلة مرات عندها ترايبالفيود، يعني نزاع قبلي، ولازم يكون عندها مثل هذا الجيش المحلي الشعبي، زي ناس قرنق واحد.
بس أنا ما قادر أفهمك، يا مثقف. دكتور عبد الله علي إبراهيم، المفكر بتاعكم، قال ليكم "يا جماعة دا رق". وقال ليكم "بس انتو قولوا رق، لاكين خليكم مصرين إنو رق حِبي، افريقي، بتاع مراشقات، ومشاغلات، زي بتاع المورلي البيخطفوا أولاد الدينكا، يعني ما عنصري.كدة حتقدروا تطلعوا من الورطة الدخلكم فيها عشاري دي. وتدخلوه وعشاري زاتو في ورطة. بسكل ما هو عشاري يقول رق، تقولوا ليهو "وبتاع جون قرنق دا شنو؟ وبتاع المورلي، كمان" وما تنسوا المذابح بتاعت رييك مشار وسلفا كيير الأخيرة. برضو قولوا ليهو دا رق. كدا نطلع حبايب. كلو عند العرب صابون. يعني ما في مشكلة. الحالة واحدة. السودان كلو رق. ولا عدالة انتقالية ولا كلام فارغ".
(13)
يا مثقف يا رقيق، أخيرا،
نجي للحِتَّة الخطِرة، "شوف شامة فيسيلا، في الحِتة الخطِرة"! ... تتذكر البلغارية الجميلة، في كلية الآداب؟
خلينا نكون جادين.
زوجتك كلمتك بي الحصل ليها كلو. إنت فاهم كويس"كلو" دي يعني شنو. بتحبك. وكلمتك بالتفاصيل. امرآة فاهمة، زي ابوك مشام أنقوي. وبتفتكر إنها متزوجة من مثقف فاهم. وما ممكن تعمل ليك أنو الموضوع كلو كان بس رعي وغسيل هدومو مرحاكة وموية من الدونكي. في حاجات تانية. بالليل. ومرات بالنهار.
وهي شايفاك تكرج في سنونك، وتتعصب، عرقان، وخايف من سيرة الموضوع، خاصة مع التومات. أنا ما كنت عايز أجيب الموضوع بتاع التومات دا. لأنو حساس وبيعمل ليك أعصاب.
"ما تتحسس كتير كدة يا كمال!" تظل زوجتك تردد. امرأة قوية. فاهمة. مثقفة.
اسمع هنا،
ما مفروض تكون عندك أي مشكلة إنو بتاع المليشيا ظل يعتدي جنسيا على زوجتك على مدى عامين. عديل كدة. جريمة بالإكراه. وعشان تفهم. دي سياسة الحكومة الإنت بتحبها. الإمام الإمام مجننا. يا دابك حتبدأ تفهم.
...
تذكر أن باك مشام، شقيق السيدة أبوك مشام، كلم الرئيس كارتر لما زارني في بيت الإيجار في الرياض إنو بتاعين المليشيا "ساقوا أختي وعملوا ليها كدة وكدة وكدة".كلمو بالتفصيل.
وانت برضو سمعت وقريت الكلام بتاع مبارك الفاضل قال ليك إنو بتاع المليشيا "اقترن" بي زوجتك و"أنجبت له"، يعني هو مبارك عمل ليك فتوى شرعية."اقترن بيها"! يعني على سنة الله ورسوله. وقال ليك إنو بتاع المليشيا كان بيعامل مرتك كويس مرات.يعني مفروض ما تشوف فيها حاجة. داير شنو تاني؟
ديل ناس حزب الأمة فاهمين الحاجات دي كويس. وفاهمين الإسلام. قالوا ليك ما فيها حاجة، خلاس اسمع الكلام. إنو بتاع المليشيا "اقترن" بزوجتك و"أنجبت له أطفال"، كلام مبارك الفاضل. ارجع اقراه في سودانايل. يمكن يساعدك ويخفف عليك شوية.
يا مثقف، يا رقيق:
أنا متعاطف معاك. وعايزك تغير آراءك المهببة دي. وعندي ليك نصائح:
ما أسمعك تقول "المرة دي أنا ما عايزها تاني"، و"ما قادر أتحمل"، "بعد الحصل ليها" في دار الرزيقات، وشنو ما عارف. انت كنت مفتكر الحكاية لعب يعني. يا ها دي. آي. عديل كدة. رق.
حتكون شنو كمان تاني؟ وإنت زاتك السبب. لا يوجد رق! حبة خيال مافي؟
وما أسمعك تاني تقول "مراشقات" ولا "مشاغلات قبلية".
...
خليك راجل مثقف، فاهم. إنو زوجتك كانت مُكرهة، وما عندها أي ذنب.
يعني مشكلتك كلها هسي في الحتة دي بس؟ ما قبيل قلت دي حاجات بسيطة! مشاغبات ومراشقات وعلاقات مرعى وأرض ونعمل صلح نكون أخوان. يلة أمشي أعمل صلح مع آدم عبد الرحمن، بتاع المليشيا!
بس خلاص لما جينا للموضوع الأساسي، قعدت تتبكى وتعمل عندك أزمة نفسية!
وما اسمعك تاني تقول التومات الحلوات ديل "بنات حرام أنا ما عايزهم". كلام أولاد العرب دا خليهو. تذكر إنك رجل"مثقف".
شايف أبوك مشام أنقوي سيدة راقية وفاهمة كيف؟ حصل ليها نفس الحصل لي زوجتك. بالتفصيل..
سمعت قصة أبوك مشام أنقوي؟
قالت إنو البنتين الهي ولدتهم بالإكراه من الرزيقي بتاع المليشيات ما بناتو ولا حاجة. قالت إنهم ديل بنات راجلها دينق دينق ماقوت. البتحبو. ودينق فرح بالبنتين بعد ما شافهم مع أبوك بعد حررها عيسى مادبو. دينق طار من الفرح. سموهن أنقار وأشان دينق دينق ماقوت. أبو الزفت!
الرجالة الجد جد، يا ها دي. مش الرجالة التانيةالفي مخك. الفي مخك دي، أي واحد ممكن يعملها. كلبك الألزيشن المربوط دا ممكن يعملها وهو مربوط. خليك راجل جد جد.زي دينق دينق.
ولما تبقى راجل جد جد زي دينق دينق ماقوت، يمكنك أن تبدأ تفهم "الرق".
الرق يا هو كدة. بالعربي السوداني، ....
عشاري أحمد محمود خليل
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.