ونحن اطفال صغار كنا نسمع بائع قصب السكر (الجوال) يجوب الطرقات و (الازقة، جمع زقاق) وهو فوق (حماره) ينادي بصوت قوي دون مكبر صوت: قصب السكر......قصب السكر.... بلحن وصوت جميل، وهي وسيلته لترويج تلك السلعة التي كنا لا نعلم مدى فوائدها الطبية أو الصحية وكانت بالنسبة لنا مجرد (تسلية) كحب التسالي، او الفول السوداني وغيرها من الأشياء الحلوة التي يحبها الأطفال. وفي واقع الأمر نحن شعب بسيط قنوع ليس لدينا تلك التطلعات التي تمكننا من (سبر) غور أسرار بعض ما في ايدينا من (نعم) انعم الله بها علينا، واستكشاف المزيد من فوائدها (المستترة)، ولايزال في نطامنا العام ذلك الموروث الذي ورثه منهجنا التعليمي والبحثي، وعلى سبيل المثال قد نستخدم و (نستهلك) بعض الموارد بشئ من السطحية دون التعمق و(الغوص) داخل اسرارها كما يفعل غيرنا، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد قال لي صديق ان بعض الشعوب تستنفد وتستهلك ما في يدها من نعمة فمثلا اذا ذبحوا خروفا استفادوا من كل جزئية منه (ولا يرمون شيئا في القمامة)، سلخوا جلده وصنعوه، اكلوا لحمه، استخرجوا الدهن منه، ووظفوا كل شحمة ولحمة منه، حتى العظام صنعوا منها (الزراير)، ولا يتركون شيئا دون الاستفادة منه. والبحث التالي في قصب السكر وافاني به الاخ الصديق الدكتور عبد المنعم عبد المحمود العربي، اخصائي الكلى المقيم بالمملكة المتحدة (بريطانيا)، يحكي كيف استفاد المصريون من قصب السكر، بل قد سبقونا ايضا في (استنباط واستخراج) عصيرا من (الدوم) ونحن كنا نعتقد (واهمين) ان الدوم هو (سوداني مائة بالمائة) وانه (تفاح) السودان (الذي تحجر من عدم الاستخدام)، وقد بالغوا حتي صنعوا ( من الفسيخ شربات) والحمد لله بلدنا غنية بالموارد ولكن اقول: نعيب (سوداننا) والعيب فينا وليس لسوداننا عيب سوانا نموت عطاشى والماء فينا يجري جداول و انهارا معينا وأترك الحكم لك عزيزي القارئ، املا أن نصحو من تلك الغفلة وليس (الغفوة) ونشحذ الهمم ونصدق العزم (المصريون لهم الفضل في تصميم تلك الآلة العجيبة التي تعصر القصب ووظفوا علمهم و (بحوثهم) وانزلوها الى ارض الواقع) وبارك الله في علم ينفع وينتفع به. وفي ما يلي (عصارة) بحث واكتشاف الخبير الغذائي المصري. ينقي الجسم ويطرد السموم في الوقت الذي باتت فيه الشكوى من الاكتئاب على ألسنة الجميع يوميا، خرج خبير غذائي مصري بدعوة الى تناول شراب عصير القصب، المشروب الشعبي الاكثر قبولا بين المصريين. ويقول الدكتور فهمي صديق، الخبير بالمعهد القومي للتغذية » ان تناول عصير القصب لا يعالج الاكتئاب فقط بل والنحافة ايضا، ويقوي العظام وينشط الكبد ويقاوم الإمساك. وأشار الباحث الى ان عود القصب الذي يعد من المحاصيل الاستراتيجية في مصر، يحتوي على 3 انواع من العصير، اولها: العصير السكري، وهو غني بالسكر ويوجد في عود القصب بعد تقشيره ويمثل حوالي 80% من عصير القصب، وثانيهما: عصير خال من السكر، وهو عبارة عن ماء مرتبط بألياف القصب او المصاصة، وثالثهما: عصير المادة الحية بالقصب وهي مادة البروتوبلازم أي المادة الحية للنبات وتكون في حالة نصف سائلة وتحتوي على ماء ومواد معدنية واخرى عضوية ولا تحتوي على سكر. ويذكر الخبير المصري ان كوب عصير القصب يحتوي على هذه العصائر الثلاثة، وتعتمد نسبة تكوينه على الضغط المستخدم في عصارات القصب بمعنى انه اذا كان الضغط متوسطا، فسوف يكثر العصير السكري، ويقل العصير الخالي من السكر وعصير المادة الحية فيكون كوب العصير عالي النقاوة ومذاقه طيب، واذا زاد الضغط او اعيد عصر عيدان القصب اكثر من مرة فسوف يزداد العصير الخالي من السكر وعصير المادة الحية فتقل درجة حلاوة العصير. النحافة والعظام * وأكد أن عصير القصب سهل وسريع الامتصاص ويفيد في حالات النحافة ويقوي ا لعظام وينشط الكبد ويقاوم الإمساك ويزيد من افراز البول فيؤدي الي تنقية داخلية للجسم ويطرد المزيد من السموم كما ان شرب عصير القصب يجلب للمرء قدرا من الراحة النفسية ، والهدوء، موضحا ان السر في ذلك يرجع الي ان المواد السكرية الموجودة به تعمل على زيادة تكوين المادة الطبيعية المهدئة التي يكونها المخ وهي «السيراتونين» seratonin، الأمر الذي يؤدي الي زيادة قدرة الانسان على تحمل لمواقف الصعبة مثل الضيق والقلق والتوتر والارهاق وهي سمة الحياة الان. ولذلك فإن كوبا من عصير القصب يوميا يمكن ان يعيد المرء الى حياة الهدوء قليلا لتجنب الضغوط والتكيف معها الى حد معقول. ويوضح الباحث المصري ان محصول القصب هو مصدر صناعة السكر في مصر ويحتوي العصير على السكروز «سكر القصب» وسكريات احادية «جوكلوز وفركتوز» بالاضافة الي فيتامينات B.A كما امكن تحضير فيتامين C من العصير الطازج، مشيرا الى ان عصير القصب يستخدم ايضا في إنتاج العسل الاسود الذي أثبت فاعلية في علاج امراض المعدة والاجهاد الناتج عن نقص حمض اللاكتيك والكربونيك في انسجة الجسم. وهذا العسل الاسود غني بالسكريات والحديد والبوتاسيوم، الأمر الذي يوصف معه لمرضى القلب ولإدرار البول . ويتراوح لون عصير القصب بين الرمادي الفاتح الي الأخضر الداكن، تبعا للمواد الملونة التي توجد في قشرة العود، واذا تلوث العصير بمادة كلوية كالصابون مثلا او كانت الأكواب غير مغسولة جيدا، فإنه يظهر بلون اصفر خفيف، واذا كانت العصارات بها اجزاء مكشوفة من الحديد او في الاقماع والمصافي فإن العصير يظهر بلون داكن غير مرغوب فيه. * الكلى والكبد * ويشرح الخبير الغذائي المصري مكونات كوب العصير بأنه يشترط النظافة لكي يحتوي على 160 غرام ماء و25 غرام سكر قصب و6.6 غرام سكريات اخري، و3 غرامات بروتينات وأحماض عضوية وصمغ وشمع ومواد ملونة طبيعيا، وغرام واحد املاح معدنية مثل البوتاسيوم والكالسيوم والمغنيسيوم والصوديوم. ويعطي الكوب 130 سعرة حرارية، وهذه السعرات تصل الى 100 سعرة فقط نتيجة خفض سعة كوب العصير بإضافة قطع الثلج اليه، مشيرا الى ان كمية البول التي يدرها عصير القصب هي نفس الكمية التي يدرها كوب الماء، وان مريض ا لكلى يمكنه تناول كوب من الماء او عصير القصب كل ساعة وكوبين بعد الاكل وتجنب المياه الغازية تماما لأنها غنية بالأملاح. أما بالنسبة لمرضى الكبد، فيرى الخبير الغذائي المصري ان كوب عصير القصب يعطي الإنسان طاقة وحيوية، لما فيه من سعرات حرارية عالية لذلك يوصف لضعاف البنية ويعطى في حالات الحميات المرتبطة بضعف في الشهية، وخاصة لدى الأطفال كما يستخدم عصير القصب وغيره من السوائل السكرية في تغذية مريض الالتهاب الكبدي الحاد «تليف الكبد»، لأن المريض يشعر بالهبوط والهزال والدوخة في أحيان كثيرة، لكن ينبغي ان يراعى مريض الكبد الذي يعاني أيضا من مرض السكر، فيجب ضبط جرعة الانسولين في هذه الحالة. . [email protected] //////////