في أقل من سنة زيدت تعرفة النقل الخاصة بالبصات والحافلات السفرية بين المدن مرتان، وتعالت صيحات المواطنين الاحتجاجية تجأر بالشكوى، ولكن الذين في أيديهم سلطة الحل والعقد لا يسمعون تلك الصيحات التي تعالت وتعالت ولكن لا حياة لمن تنادي. احتج أصحاب البصات الأهلية للسلطات فاستجابت لهم فورا وقررت الزيادة، ولكن المواطن الغلبان من يسمعه فقد (بح) صوته و (جف) ريقه وجأر بالشكوى، يرفعها لمن؟؟؟؟ ومن يؤمن على مصلحة المواطن؟؟ مع اقتراب بداية عطلة عيد الأضحى المبارك، أعلن عن زيادة (عيدية) لأصحاب البصات الأهلية قدرها خمسة وعشرين في المائة من قيمة التذكرة (التعرفة المقررة {يعني لو كان السعر العادي 40 جنيها، فان السعر بعد الزيادة يكون 50 جنيها) في الظروف العادية، ودعونا نتساءل ما هو سبب تلك الزيادة (الكبيرة) التي لا يقوى الكثير من المواطنين على تحملها؟؟ هل هي زيادة منطقية وما هي أسس تقديرها وفرضها؟؟؟ هذا القرار الجائر في حق المواطن زاد الطين بلة، فالمواطن أصلا يشكو مر الشكوى من تلك التعرفة المجحفة الموغلة في (الانحياز) الى جانب اصحاب البصات من السلطات المسئولة. ففي الأيام المقبلة (خلال عطلة العيد) سترتفع وتيرة السفر بين المدن واقاليم وولايات السودان المختلفة وسييقفز عدد المسافرين الى اضعاف أضعاف ما كان عليه في الأيام العادية والاحصائيات تبين ذلك بشكل واضح وجلي. وذلك التضخم في عدد المسافرين سيعوض اصحاب تلك البصات أية خسائر قد يتعرضون لها من جراء ذلك الاجراء المتعلق بتفويج البصات في الطرق البرية، رغم انه لدينا كثير من التحفظات على موضوع التفويج، اذ أنه ليس بالحل الناجع والدائم لمشكلة (السلامة) المفقودة في طرقنا السريعة، وليست ادارة المرور هي المعنية بالامر وحدها، اذ أن الامر يحتاج الى (مراجعات) ودراسات ينبغي ان تجريها الجهات المعنية (الأصيلة) المسئولة عن انشاء وتشييد تلك الطرق بالمواصفات والمقاييس التي تضمن السلامة للمواطنين وسلامة المركبات بأنواعها. فالموضوع (قومي) ينبغي ان تتضافر فيه كل الجهود الولائية والاتحادية والمحلية والشعبية وغيرها. والسؤال موجه للمعنينن بالسلامة، لأن الأمر لا يحتمل التأجيل والحلول المؤقته (الهشة)، اللهم الا اذا كانت السلامة مسألة هامشية يعنى بها فقط في أيام العطلات والمناسبات ؟؟؟ وما ذا عن السلامة في ايام التشغيل العادية؟؟؟؟ واذا سلمنا بأن اصحاب البصات يخسرون (نظرا لطول الرحلة التي ستستغرق وقتا طويلا بسبب تطبيق سياسة التفويج)، فأين المواطن من تلك الخسارة؟؟، اليس من المجحف ان نعوض أصحاب البصات خسارتهم ونترك المواطن (الضعيف) دون ان نراعي خسارته. أليس من المنصف ان كانت هناك خسارة (فعلية) ان يتقاسمها الطرفان؟؟؟؟ لماذا يدفع المواطن (الغلبان) وحده تلك الخسارة ويتحمل وحده ذلك العبء الكبير؟؟؟؟ والقادرون (يتملصون) من مسئولية الدفع. العدل يقول ان تقسم تلك الخسارة (مناصفة) بين المواطن وأصحاب البصات على أقل تقدير، ان نسبة 25 بالمائة نسبة كبيرة وهي فوق طاقة تحمل المواطن (المغلوب على امره)، وكان حري بمن وضعوا تلك الزيادة مراعاة الانصاف والعدل والمساواة والحالة الاقتصادية للمواطنين، وفي واقع الأمر فإن اصحاب البصات ليسوا بخاسرين، اذ أن اجراء التفويج يستهدف (طرفي المعادلة) سلامة المواطنين كما يستهدف سلامة بصاتهم ومركباتهم على حد سواء، فلماذا يدفع المواطن الثمن وحده؟؟؟؟؟ وللمعلومية، أهمس في اذن المسئولين وأقول ان غياب الرقابة والتحكم في الأسعار المعلنة يوفر لكثير من ضعاف النفوس العاملين في مجال النقل من استغلال ايام المناسبات والعطلات، مما يجعلهم يعملون على تسريب معظم تذاكر البصات الى السوق الأسود، فبالاضافة الى الزيادة المجحفة يتحمل المواطن اعباء اخرى ناجمة عن (تجفيف شباك التذاكر ومنافذ البيع) واختفاء التذاكر (في أماكن ومنافذ بيعها الرسمية) لتباع بأسعار خرافية خارج تلك المنافذ، وهذه الظاهرة (السيئة) ليست بالجديدة ولكنها ظلت ظاهرة ملازمة ومزمنة ، منذ وقت طويل، في مرافق شركات ومؤسسات النقل البري والمواصلات (الموانئ البرية). نأمل اعادة النظر في تلك النسبة المجحفة والعمل على تخفيضها مراعاة لظروف المواطنين.