تتداول مواقع التواصل الإجتماعى هذه الأيام الإعلان الذى نشره وكيل نيابة الخرطوم الأعلى فى الصحف عن مجرم هارب من العدالة ودعوة المواطنين للقبض عليه. الى هنا والأمر عادى ولا يثير الإنتباه او التعليق. ولكن الموضوع يصبح مثار إنتباه عندما يظهر ان المتهم المطلوب للعدالة، ياسر حامد سليمان عباس، هو شقيق مدير مكتب بروفسير ابراهيم غندور مساعد رئيس الجمهورية وشقيق معتمد شرق النيل، والمرشح ليكون والياً للخرطوم، وشقيق ايضاً لعميد فى الشرطة السودانية. يزداد الأمر فجاجة اذا علمنا ان ياسر هذا هو أمين المال بالغرفة التجارية (لاحظ المفارقة بين "أمين" و "مجرم هارب") وان القضية التى هرب من التحقيق فيها، والتى تتعلق باحتيال تجارى، هى الأخيرة فى سلسلة من القضايا المشابهة والمشبوهة التى تورط فيها والتى تضرر منها عدد من اصحاب الأعمال الشرفاء. لا يملك المرء إلا ان يتساءل عن طبيعة هذا الفساد وعما اذا كان هناك تداخل بين ما هو سياسى وولائى وشرطى به ومدى علم او تواطؤ هذه الجهات فيه؟ ان اختفاء المتهم المذكور لابد ان يثير شبهات، قد ترقى الى القطع، بأن نفوذاً على عدة مستويات لابد ان يكون قد ساهم فى هذا الإجرام اوالمساعدة فى الهروب من تبعاته. ان الرئاسة وولاية الخرطوم ووزارة الداخلية مطالبة بفحص هذا الأمر وتطهير صفوفها من الفساد والفاسدين والنأى عن الشبهات فليست هذه الجهات بحاجة الى مزيد من سوء الظن ف"الفيها مكفيها". ان المواطنين مطالبون بما هو أكثر من مطاردة هذا المحتال والمساعدة فى القبض عليه، انهم مطالبون بمطاردة الفساد فى المؤسسات القومية وعزل اصحاب المناصب العليا، والمرشحين لها، ممن تثبت او تحوم حولهم الشبهات. لقد عانى السودانيون الشرفاء كثيراً على يد الفساد المحتمى بالنفوذ وقد آن ان يتخلصوا منه الآن والى الأبد. [email protected]