السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوثيقة: (6) ورطة البروفيسور إيريك ريفز .. بقلم: عشاري أحمد محمود خليل
نشر في سودانيل يوم 31 - 10 - 2014


(1)
يظل البروفيسور الأمريكي إيريك ريفز متمترسا في موقعه الشبكي وفي موقفه أن الوثيقة صحيحة. وأنها محضر لاجتماع أمني محدد تم انعقاده في يوم 31 أغسطس 2014.
وواضح من كتاباته في موقعه الشبكي أن البروفيسور منزعج أيما انزعاج. بسبب ظهور بينات تدفع بقوة في اتجاه أن الوثيقة مصطنعة. وهو كان وضع سمعته على المحك. حين حلف بأن مصدره صاح مية في المية. 14 سنة من الصدق والأمانة. قال لنا.
لا يدرك إيريك ريفز أن ضباط جهاز الأمن عرفوا ليهو طريقة. وأن الكذب والاحتيال بين السودانيين موجود، على أعلى المستويات.
وبعد أن أدرك البروفيسور أن المصدر السري في دماغ الكاتب لا قيمة له، وأن مصدره ربما لا يكون موثوقا به، ذهب يبحث يمين شمال عن مصادر أخرى خارجية لدعم مقولته بصحة الوثيقة كمحضر الاجتماع الأمني.
فإذا كان البروفيسور يثق مية في المية في مصدره الرسل ليهو الوثيقة ومعاها الترجمة، لا يحتاج لأية تأكيدات جديدة من أي طرف آخر.
لكنا نراه يفتش في ناس أقل مية مرة من مصدره "الحنجرة العميقة". عشان يقولوا آي والله أنا متأكد الوثيقة دي حقيقية. كدة بس. بالطريقة السودانية!
وجاء إيريك ريفز بآفريكا كونفيدينشيال لدعم نظريته وعمل ليها هلولة. رغم إنها حشرت ليها في النص براحة كدة فعلين انجليزيين إنو الوثيقة "تبدو" وإنو الوثيقة "تدعي بدون دليل"، إنها محضر لاجتماع أمني. وبعدها قعدت تقول إنو مصادرها في الخرطوم قالوا ليها!
ثم أورد البروفيسور عددا متكثرا من أشخاص قالوا! غازي صلاح الدين. عثمان ميرغني. أسامة توفيق. ومنو ومنو. أسماء لا حصر لها.
لكنها جميعها لا تقدم أية إضافة لدعم نظرية إيريك ريفز. وبعضها أصلا استقى المعلومات من إيريك ريفز!
ولابد أن أصدقاء البروفيسور ريفز في الإدارة الأمريكية الممسكين بملف السودان يساورهم الشك بشأن صدقية الوثيقة كمحضر لاجتماع أمني سري. فتتأثر نظرتهم إلى التحليلات المقدمة من البروفيسور.
..
وندرك بالمنطق أن الجهة الوحيدة القادرة على إثبات قطعي بأن الوثيقة صحيحة كمحضر لاجتماع أمني هي حكومة الإنقاذ الفاسدة. وهي نفتأية علاقة لها بالوثيقة كمحضر لاجتماع أمني.
لكنها لم تنف إطلاقا بالواضح أن الوثيقة مصطنعة من قبل جهاز الأمن!
والجهاز زاتو الإسمو في الصفحة الأولى سكت ساكت ما قال أي حاجة، رغم إنو جنو كلام!
..
إذن، لا يبق إلا نص الوثيقة. مسرح الجريمة. ليخبرنا عن سر الجريمة.
وقد أنشأت نظريتي عن أن الوثيقة مصطنعة، من قبل جهاز الأمن، على أساس التحقيق الجنائي في مسرح الجريمة. نص الوثيقة. التحقيق الذي يستنطق الوثيقة، تحت التعذيب، لتفصح عن هويتها. ويكون هذا الاستنطاق مرتكزا على تفكيك نص الوثيقة. بتقصي الوقائع اللغوية. في خيوط الكتابة الاحتيالية المتدبرة. الخيوط التي نسجها الكاتب عميل جهاز الأمن في جسد الوثيقة.
(2)
فيدور الإثبات ويدور على ثلاث مراحل متتابعة، لكنها متداخلة.لأغراض المحاجة وصولا إلى نتيجة منطقية وسائغة:
(ألف) فإذا تم الإثبات الكافي بأن نص الوثيقة منسوج بالكتابة الاحتيالية المتدبرة، بأفعال الانحراف والخداع والتدليس، تكون الوثيقة مصطنعة. أي، ليست محضرا لاجتماع أمني.
(باء) وإذا ثبت أن الوثيقة مصطنعة، سيكون سائغا الاستنتاج بأن جهاز الأمن هو الذي اصطنعها. الاستنتاج المرتكز على تفسير محتوى الوثيقة (في صالح الإنقاذ)، وعلى عدم وجود جهة خارجية على الحكومة لها فائدة مرجوة من اصطناع هكذا وثيقة، وعلى أن جهاز الأمن هو الجهة الوحيدة ذات الاختصاص في نظام الإنقاذ لتنفيذ مثل هذه الفعلة الاحتيالية.
(جيم) وإذا كان جهاز الأمن هو الذي اصطنع الوثيقة، يكون منطقيا أنه هو الذي سربها. على مرحلتين: إلى البروفيسور إيريك ريفز (مع ترجمة انجليزية، مع تحيات جهاز الأمن)؛ ثم إلى الصحفي المعروف الأستاذ فتحي الضو (المعروف بوثائقه من داخل جهاز الأمن).
...
فأقتصِر في هذا المقال على انتقاد منهج البروفيسور إيريك ريفز في تناول الوثيقة. تحديدا اعتماده على الترجمة الإنجليزية الخاطئة للنص العربي للوثيقة، وهو الأصل. ومن ثم، ظل البروفيسور الأمريكي يبني بعض تحليلاته للوثيقة على أساس هذه الترجمة الخاطئة لبعض النصوص الجوهرية في الوثيقة. مثل النص عن مقاصد الإنقاذ لاستخدام التجويع كسلاح في الحرب في منطقة جنوب كردفان.
..
في البدء، أسجل أن الأخطاء في الترجمة، وبعضها شنيع ومتعمد من قبل المترجم السوداني، لا تقوض نظرية البروفيسور إيريك ريفز القائلة إن الوثيقة حقيقية وصحيحة.
لكنالثابت هو أن أخطاء الترجمةمنعت البروفيسور من إدراك أن الوثيقة مصطنعة. إذن، هو ضحية الترجمة. لأنه أصلا اعتمد ترجمة مصدره (العميل في جهاز الأمن). ثم كلف سودانيا بإجراء ترجمة جديدة. فكانت أسوأ من سابقتها المهداة مع تحيات جهاز الأمن السوداني الشديد اللضيد. قدر يغش الأمريكي العارف السودان كويس.
(4)
ولأدلل على شناعة أخطاء الترجمة لدى البروفيسور، أركز على النص الذي قدمته سابقا عن "كلما جوعناهم ... في منطقة جبال النوبة". هذا هو النص العربي في الوثيقة، وهو الأصل:
("وهذا العام ناس الجيش الشعبي زرعوا أراضي كبيرة بجنوب كردفان. يجب أن نسمح لهم بحصاد هذه الزراعة لابد من منعهم. لأن الحصاد يعني تشوين للحرب. وكلما جوعناهم. استسلم منهم قيادات وهروب مواطنين. ممكن نستفيد منهم في ملاحقة المتمردين.")
في البداية، قدم البروفيسور ترجمة إنجليزية للنص أعلاه في موقعه الشبكي النص على النحو التالي:
This year the Sudan People's Army (SPLA) managed to cultivate large areas in South Kordofan State. We must not allow them to harvest these crops. Good harvest means supplies for the war effort.
فأسجل ترجمتي العربية لترجمته الإنجليزية من الأصل بين قوسين معقوفين دائما [....].
["وهذا العام تمكن جيش شعب السودان (إس بي إل إي) من زراعة مساحات كبيرة في ولاية جنوب كردفان. يجب أن لا نسمح لهم بحصاد هذه المحاصيل. المحصول الجيد يعني مؤنا لمجهود الحرب"]
فنلاحظ الآتي على هذه الترجمة الإنجليزية الأولى (ستكون هناك ترجمة إنجليزية ثانية):
غيَّر البروفيسور إيريك ريفز ترجمة العبارة الجوهرية في بداية الجملة الثانية، "يجب أن نسمح لهم بحصاد هذه الزراعة ...". غيرها إلى عكسها بإضافة أداة النفي "لا" لتكون النتيجة عنده ما معناه"يجب أن لا نسمح لهم بحصاد هذه المحاصيل." ثم حذف من الترجمة العبارة العربية "لابد من منعهم".
فلكأن البروفيسوردمج العبارتين سويا في المعنى التحتي المقصود. والمعنى المقصود بالدرجة الأولى هو، كما قال البروفيسور: " يجب أن لا نسمح لهم بحصاد هذه المحاصيل".
لكن الأصل في نص الوثيقةالعربية هو:
("يجب أن نسمح لهم بحصاد هذه الزراعة لابد من منعهم.")
والثابت هو أن الترجمة الإنجليزية الصحيحة للجملة في الوثيقة المشكوك في أمرها ("يجب أن نسمح لهم بحصاد هذه الزراعة لابد من منعهم.") هي الجملة الإنجليزية المتناقضة مع ذاتها، كما هو حال الجملة العربية الأصل ذاتها:
"We must allow them to harvest this agriculture preventing them we must"
فالجملة الإنجليزية أعلاه، بترجمتي،غريبة ومتناقضة. لكنها الترجمة الصحيحة.
فلو كان البروفيسور ريفز قبل هذه الترجمة الصحيحة، لكان توقف طويلا عندها ليتفكر في سبب التناقض.
عندئذ، كان سيبدأ في تفتيش النص. وإخضاعه للتحقيق. وتعذيبه. ليفصح النص المستهبل عن مراميه الدفينة وراء إعمال الركة وإزلاق التناقض في مثل هذه الجملة الماكرة المحتالة ("يجب أن نسمح لهم بحصاد هذه الزراعة لابد من منعهم.").
ولو كان البروفيسور فعل ذلك، لكان النص انهار واعترف بكل شيء. والله أنا مصطنع! في جهاز الأمن!
..
ولا يجوز للبروفيسور إيريك ريفز التصرف في الترجمة لتخدم أغراضه التفسيرية. كان عليه أن يسجل الترجمة الصحيحة كما هي، بتناقضاتها. ثم أن يحقق في أسباب التناقض.
(5)
الترجمة الشنيعة الثانية لذات النص
بعد ترجمته الخاطئة أعلاه، أضاف البروفيسور إيريك ريفز ترجمة جديدة مختلفة. وأعلن لها بتهليل كبير وبإثارة في موقعه الشبكي.
لكنه كرر فيها ذات الخطأ الشنيع. وجعله أسوأ. لأنه، هذه المرة، فصل بين عبارتي الجملةالأصلية ("يجب أن نسمح لهم بحصاد هذه الزراعة لابد من منعهم."). بأن وضع علامة وقف بعد كلمة "الزراعة". لتكون الجملة الجديدة مختلفة عن الأصل، كما سنرى.
وقد تمثل هذه الترجمة الخاطئة تزويرا للنص. ربما بسبب عدم دراية المترجم السوداني المتحمس. تزوير، لأن الوثيقة أصلا مشكوك في أمرها. ويتم إخضاعها للتحقيق من عدة جهات، منها جهة إيريك ريفز نفسه الذي كتب بإسهاب لإثبات أنها حقيقية وليست مصطنعة!
(6)
مرة أخرى أعيد تسجيل النص العربي الأصل. ثم يجد القارئ ترجمة إيريك ريفز الإنجليزية، متبوعة بترجمتي إلى العربية من النص الإنجليزي المعتمد من قبل إيريك ريفز.
(ألف)هذا هو النص الأصل في الوثيقة:
("وهذا العام ناس الجيش الشعبي زرعوا أراضي كبيرة بجنوب كردفان. يجب أن نسمح لهم بحصاد هذه الزراعة لابد من منعهم. لأن الحصاد يعني تشوين للحرب. وكلما جوعناهم. استسلم منهم قيادات وهروب مواطنين. ممكن نستفيد منهم في ملاحقة المتمردين.").
(باء) وهذه هي الترجمة الأخيرة من قبل لإيريك ريفز، بأخطائها المتعددة:
"This year the Sudan People's Army (SPLA-N) managed to cultivate large areas in South Kordofan State. We must not allow them toharvest these crops. We should prevent them. Good harvest means supplies to the war effort. We must starve them, so that, commanders and civilians desert them and we recruit the deserters to use them in the war to defeat the rebels"
(جيم) ثم الترجمة العربية الدقيقة للنص الإنجليزي أعلاه ذي الأخطاء الشنيعة:
["وهذا العام تمكن جيش شعب السودان (إس بي إل إي الحركة الشعبية لتحرير السودان- قطاع الشمال) من زراعة مساحات كبيرة في ولاية جنوب كردفان. يجب أن لا نسمح لهم بحصاد هذه المحاصيل. يجب أن نمنعهم. المحصول الجيد يعني مؤنا لمجهود الحرب. يجب أن نجوِّعهم، لكي، يهرب منهم القادة والمدنيون ونجند الهاربين من الخدمة لاستخدامهم في الحرب لهزيمة المتمردين".
(7)
فيستبين من الترجمة الإنجليزية أن البروفيسور إيريك ريفز يستند على ترجمة خاطئة بدرجة مريعة. بل هي ترجمة شنيعة من مترجمه السوداني الذي عليه أن يفصح عن هويته وأن يدافع عن نفسه وأن يبين فلسفته في ترجمة الوثائق المشكوك في أمرها المتساءل عن صحتها.
لكن المسؤولية النهائية عن الترجمة تقع على عاتق البروفيسور إيريك ريفز.
فأبين أخطاء الترجمة الشنيعة ذات الأثر. لأنها منعت البروفيسور الأمريكي من ملاحظة البينات النصية الواضحة في سطح النص الأصلي التي تقول إن الوثيقة مصطنعة.
مسح المترجم السوداني من النص الإنجليزي المترجم الحركات الخطابية الاحتيالية التي كان أصلا أزلقها الكاتب عميل جهاز الأمن في النص أعلاه. ومن ثم اختلق المترجم، وإيريك ريفز المسؤول، نصا مغايرا للأصل في الوثيقة العربية.
فلاحظ الجملة الواضحة ذات التناقض في الأصل ("يجب أن نسمح لهم بحصاد هذه الزراعة لابد من منعهم.") تم تزويرها لتكون:
"يجب أن لا نسمح لهم بحصاد هذه المحصولات. يجب أن نمنعهم."
فالذي فعله إيريك ريفز هنا هو أنه أقحم علامة وقف بين جزئي الجملة. ليزيل التناقض بينهما.
ثم أقحم أداة النفي "لا" في الجملة الأولى، ليستقيم له المعنى.
(8)
أخطاء شنيعة إضافية في الترجمة
اقترف المترجم السوداني والبروفيسور إيريك ريفز خطأ شنيعا آخر في الترجمة للجمل الثلاث في نهاية النص:
"وكلما جوعناهم. استسلم منهم قيادات وهروب مواطنين. ممكن نستفيد منهم في ملاحقة المتمردين."
فلاحظ أولا أن الكاتب في جهاز الأمن خرب متعمدا بنية الجملة الشرطية. بأن فصل بعلامة وقف فاسدة بين شرطها، "وكلما جوعناهم."، وجوابها، "استسلم منهم قيادات وهروب مواطنين".
على النحو التالي:
"وكلما جوعناهم. استسلم منهم قيادات وهروب مواطنين."
ولاحظثانيا أن الكاتب عميل جهاز الأمن دغمس فعل الماضي اللازم في جواب الجملة الشرطية من "هرب"، وهو التصريف الصحيح، إلى المصدر "هروب". لأنه أراد إزالة تبعية جواب الشرط في "هرب مواطنون" إلى شرطِه في "كلما جوعناهم".
لأن الكاتب عميل جهاز الأمن الذي يعرف اللغة العربية جيدا كان يريد أن لا يسجل على نظام الإنقاذ جملة "كلما جوعناهم ... هرب مواطنون". فهذه كانت ستكون عبارة تجريمية واضحة. وهي الصحيحة نحويا. لكن الكاتب أعمل فيها الركة اللغوية لطمس مفعولها التجريمي غير المرغوب فيه. فأصبحت عبارة "هروب مواطنين" لا معنى واضح لها، وخطأ نحويا.
(9)
فأعود إلى ما فعله إيريك ريفز بهذا النص المحوري. محوري لأنه يتعلق بجريمة الحرب عن تجويع المدنيين. فالكاتب في جهاز الأمن كان يريد أن يقول إن الجواب في الجملة الشرطية على "كلما جوعناهم" هو حصرا "استسلم منهم قيادات". بحكم لزامة فعل الماضي في الشرط "جوعناهم" وفي جوابه "استسلم".
ثم غير الكاتب عميل جهاز الأمن فعل الماضي بالنسبة للمدنيين من "هرب" إلى "هروب". وبهذه الحركة المايكروسكوبية الدقيقة والممعنة في الشطن تمكن هذا الكاتب عميل جهاز الأمن من إزالة المواطنين المدنيين من دائرة الشرط "كلما جوعناهم". فيكون "هروب مواطنين" لأسباب لا علاقة لها مباشرة ب "كلما جوعناهم".
(10)
لقد ترجم إيريك ريفزالجملة المنتهية بعلامة الوقف"كلما جوعناهم." إلى "يجب أن نجوعَهم"!
We must starve them.
وهي ترجمة موغلة في الخطأ من جميع النواحي.
فلكأن الكاتب عميل الجهاز أوقع إيريك ريفز في هذا الشرك. حين فصل الكاتب العميل بين الشرط "كلما جوعناهم"، وجوابه "استسلم منهم قيادات ..".
فقلب إيريك ريفز الأمر من البنية الماضوية في الشرط وفي جوابه إلى "خطة مستقبلية" لتجويع النوبة. كما جاء في مقاله بعنوان "الخرطوم تعلن عن حملة لتجويع شعوب جبال النوبة".
بينما كان الأمر أسوأ. لأن أداة الشرط "كلما" تفيد التكرار الذي يعني أن التجويع ربما كان أصلا مستمرا له سابقات!
..
ثم يمضي إيريك ريفز في إكمال خطئه الفادح في الترجمة للجملتين المفصولتين المترابطتين"وكلما جوعناهم. استسلم منهم قيادات وهروب مواطنين. ممكن نستفيد منهم في ملاحقة المتمردين"
(ألف) ترجمها إلى:
We must starve them, so that, commanders and civilians desert them and we recruit the deserters to use them in the war to defeat the rebels"
فقارن بين النص الأصلي في الوثيقة تحت متبوعا بترجمتي لترجمة غيريك ريفز:
(باء)الأصل في نص الوثيقة:
("وكلما جوعناهم. استسلم منهم قيادات وهروب مواطنين. ممكن نستفيد منهم في ملاحقة المتمردين.")
(جيم) ترجمتي العربية من ترجمة إيريك ريفز الإنجليزية الخاطئة:
["يجب أن نجوعهم، لكي يهرب منهم القادة والمدنيون ونجند الهاربين من الخدمة لاستخدامهم في الحرب لهزيمة المتمردين".]
(11)
استخدم إيريك ريفز هذه الترجمة الخاطئة والشنيعة في الخطأ لتعزيز كلامه عن ما اسماه "القصد الإبادي الجماعي" للنوبة في جنوب كردفان.
وبالرغم من أن الإنقاذ تقصد إلى إبادة النوبة، وفق معطيات أخرى، إلا أن النص في الوثيقة لا يثبت هذا القصد الإبادي الجماعي بصورة واضحة. بل إن الكاتب عميل جهاز الأمن يفعل كل شيء لمسح مثل هذا التكييف القانوني السائغ من نص الوثيقة.
(12)
أخيرا،
يقول إيريك ريفز في موقعه الشبكي إن طالبا سودانيا للدراسات الجامعية العليا في أمريكا يجري تحليلا لغويا للوثيقة!
ربما لدعم نظرية إيريك ريفز الآيلة إلى السقوط. نظريته التي تعتمد الوثيقة على أنها صحيحة ومحضر لاجتماع أمني صحيح!
..
لكني أقول لإيريك ريفز، وله تراجمة سودانيون، إنه يخطئ إن ظن أن "تحليلا لغويا" لنص الوثيقة سيثبت صدقيتها. ففي ذلك نوع التفكير مغالطة وخلط شنيعان.
لأن التحليل اللغوي لا يسعف إلا من يشكك في صحة الوثيقة. أما إذا كانت الوثيقة حقيقية وصحيحة، كما يصر على ذلك البروفيسور إيريك ريفز، فلا يوجد في نصها ما يتطلب إثبات صحته. وإلا كان الأمر من نوع تفسير الماء بالماء.
فالذي ينظر في الوثيقة لغويا، من منطلق تحليل الخطاب لنقل، وبعدسة نظرية "الوثيقة الصحيحة المحضر لاجتماع أمني"، لن يجد في النص شيئا يدعم حجته بصحة للوثيقة.
فالطريقة الوحيدة للبروفيسور إيريك ريفز هي أن يدحض ما كتبته أنا عن الوثيقة. بأنها مصطنعة بالكتابة الاحتيالية المتدبرة. وأن فيها حركات خطابية لا يمكن أن تكون إلا مقصودة. غرضها التنصل من أفعال النذالة في النص. بإزلاق تلك الحركات الخطابية.
عليه تفسير وجود هذا النسق من هذه الحركات الخطابية في نص الوثيقة. تفسيرها على أنها لسبب لا يتعلق بالكتابة الاحتيالية المتدبرة.
فإذا تمكن البروفيسور ريفز من دحض نظريتي، تصبح نظريته الوحيدة المعقولة الموجودة في الساحة. نقبلها إلى أن يقيض لنا رب العالمين فيضا منه نتمكن به من تدمير نظام الإنقاذ تدميرا. لننفذ إلى ملفات جهاز الأمن. فيها الإجابة الحاسمة.
عشاري أحمد محمود خليل
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.