شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تنفجر غضباً من تحسس النساء لرأسها أثناء إحيائها حفل غنائي: (دي باروكة دا ما شعري)    وزير الإعلام يلتقي وزير الثقافة والإعلام والسياحة السوداني    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    كامل إدريس في السعودية: وعكة رباعية..!!    الكويت ترحب ب "الرباعية" حول السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    البرهان : " لايمكن أن نرهن سيادتنا لأي دولة مهما كانت علاقتنا معها "    يوفنتوس يجبر دورتموند على التعادل    نادي دبيرة جنوب يعزز صفوفه إستعداداً لدوري حلفا    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    د.ابراهيم الصديق على يكتب: معارك كردفان..    رئيس اتحاد بربر يشيد بلجنة التسجيلات ويتفقد الاستاد    عثمان ميرغني يكتب: المفردات «الملتبسة» في السودان    خطوط تركيا الجويّة تدشّن أولى رحلاتها إلى السودان    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البحر الأحمر ,,, الطبيب الأبكم ! .. بقلم: م/ عمر علي عثمان شريف
نشر في سودانيل يوم 02 - 11 - 2014

عرفت مياه البحر الاحمر منذ زمن بعيد بمعالجة جملة من الأمراض المزمنة في شرق السودان , حيث درج أهالي المنطقة على العوم والغطس في مياهه المالحة الشفافة لساعات طويلة للتخلص من الامراض او لتخفيفها..
وقد اشتهر شاطئ مدينة سواكن بحي كاس الدور امام المدرسة الاميرية كموقع رئيسي لمرتادي مياه البحر الاحمر وطالبي العلاج من الرجال والنساء على السواء, حيث يعوم الرجال على الناحية الجنوبية وتعوم النساء على الناحية الشمالية ( ماتئ بهر).
والمقصود بالعوم او الغطس هنا مجازا ,غمر الجسم كاملا ماعدا الرأس بماء البحر والجلوس بهدوء في الماء ولساعات طويلة بدون حركات كثيرة . والمياه هنا ضحلة ومناسبة لإرتياد كل الأعمار ولمسافة ثلاثين متر تقريبا داخل البحر. وأنا شخصيا تعلمت العوم في صغري في بحر سواكن ههنا وفي سقالة باحيدر في الجهة الشمالية قبالة الجزيرة , حيث كنا نقضي فصل الشتاء بسواكن.
ولعلي - والى تاريخ اليوم - لا أعرف مكانا يقصده سكان الولاية لخوض مياه البحر للعلاج والتداوي بها , إلا شاطئ سواكن امام المدرسة الاميرية العريقة ذات الطابقين, وهي اشهر بقعة للعلاج الشعبي على الساحل السوداني.
وقد كان عمي الحاج ابوعلي عثمان الملقب ب ( وهاج بابا) من الذين حجوا الى بيت الله الحرام اكثر من سبع مرات وكان ابا للجميع ورجل اعمال مشهور وناجح , يأخذنا الى سواكن والبحر ونحن صغار ويقول لنا ان البحر طبيب ابكم ! ويقولها بالبجاوية ( حكيميب قلوسيب) ! وهذا في رأيي ابلغ تعبير عن الاهمية الطبية للبحر الاحمر ومياهه المالحة المشبعة بالمركبات المعدنية والعناصر المفيدة . وكان عمي ينزل في مياه البحر في سواكن باكرا بعد صلاة الصبح مباشرة ويمكث فيها جالسا الى شروق الشمس. وبعد خروجه من البحر يطعمنا افطارا منوعا وشهي , لكن يخصص لنا اطيب انواع الاسماك لوجبة الغداء.
لقد قضينا على هذا الشط , وكلمة الشط من صديقنا الصحفي هاشم بابكر صاحب عمود من على الشط,. نحن قضينا اجمل سنوات العمر والصبا على شط سواكن وفي مياه البحر الاحمر, تعلمنا السباحة والغوص في المياه الغريقة عند سقالة باحيدر, المياه مالحة ولطيفة الملمس, لكنها شفافة نرى من خلالها الشمس كبرتقالة معلقة في السماء. كنا نقذف بليمونة صفراء داخل الاعماق تجاه ساحل الجزيرة ونتسابق بالحصول عليها في اعماق البحر. نتلاعب مع امواجه كيفما شئنا حيث لم نسمع ان البحر غدار كما لم ترتعش ابداننا في يوم من الايام خوفا من هاوية او دوامة او عرق ماء او موجة غدارة.
ههنا شاهدنا البحارة ومراكبهم وطقوس الانطلاق او الإنزال, وسمعنا اهازيجهم الجميلة , أخضر يا ليموني , وبنات المكلا,, وياليل يا صنارة ,, وسهران يا سهارى ,, وغيرها من الاهازيج الطروبة وكلها انغام على السلم السباعي ,,. لكنها تقترب من السلم الخماسي عبر الاصوات القوية لمبحوحة ذات النبرة الجميلة.
ورأينا اكواما من سمك الساردين الذي يتركه البحارة بعد عودتهم على رمال الشاطئ ولا احد يلتقطها , حيث كانوا يسمونه اللعف وتستخدم فقط كمصيدة للاسماك في الصنارة ولا يأكلها احد في ذلك الزمن. ايضاعرفنا الجلب والخيط والصنارة والشبكة وابومقص والجمبري وسمك الساردين والعربي والبياض والشاعور والكشري والسليماني والناجل وكذلك الشراع والمجداف ومد البحر والجزر والموج والباورة . والنوة والعاصفة ورياح الأذيب والخماسين.
ذكر الرحالة ابن بطوطة في ( تحفة الانظار في غريب الامصار) ان عمق الماء بين جزيرة سواكن والقيف المقابل لها ضحل ويمكن قطعه خوضا. اما المقريزي فقد سمى البحر الاحمر عند ميناء عيذاب ببحر جدة, ربما لشهرة ساحل الحجاز برحلات الحجيج. غير ان المحافظ ممتاز باشا قام بتشييد الجسر الترابي بين الجزيرة والقيف لتسهيل إنسياب المرور والتنقل وذلك في النصف الاخير من القرن التاسع عشر ميلادي في عهد التركية السابقة.
ايضا ذكر المقريزي ان جزيرة سواكن مستديرة وسطحها مرجاني , قطنتها جماعات من الهمج حتى العام 1255م حيث مارسوا النشاط البحري.
يعود إزدهار ميناء سواكن الى دمار ميناء عيذاب في بداية القرن الخامس عشر الميلادي حيث صارت سواكن ميناء الحجاج الرئيسي في افريقيا واصبحت اول مدينة يقطنها السكان المحليون والوافدون حيث استقرت بها الاسر الكبيرة من قبائل البجا , وسميت سواكن ( أوسوك).
تناوش على احتلال ميناء سواكن المزدهر العثمانيون والبرتغاليون والمماليك حتى غزاها السلطان سليم الاول وضمها الى املاك العثمانيين والحجاز في العام 1517م. وفي نفس الحقبة اتخذها الفونج ( السطنة الزرقاء ) كميناء بحري لصادراتهم تحت الادارة العثمانية .
تزوج الشريف محمد الحسيني القادم من مكة المكرمة من إحدى الاسر الكبيرة في سواكن وأنجب ابناءه , أجداد قبيلة الاشراف , كما تزوج السلطان الشيخ عجيب ابن الشيخ عبدالله جماع مؤسس السلطنة السنارية من اسر سواكن الكبيرة وانجب ابنه عثمان جد قبائل الأتمن في شرق السودان.
كما حضر إلى سواكن شيخ الطريقة الختمية السيد محمد عثمان تاج السر وبنى مسجده بجوار المدرسة الاميرية كما حضر شيخ الطريقة المجذوبية السيد محمد المجذوب قمرالدين وبنى مسجده بالقرب من المدرسة الاميرية.
ولد في مدينة سواكن حيث تقيم اسرته, الامير عثمان دقنة ( 1840م– 1926م ) امير شرق السودان وقائد قوات الثورة المهدية في الشرق. وقد بدأ حياته العملية بممارسة التجارة بين سواكن والحجاز , لكنه هاجر الى الابيض (1882م) لمبايعة الامام محمد احمد المهدي والانضمام الى الثورة المهدية حيث تم اختياره أميرا للشرق.
ظهرت المباني الكبيرة في جزيرة سواكن على الطراز العثماني والفونجي والمملوكي , غير ان المباني العثمانية اصبحت السمة الغالبة. وقد تشابهت سواكن في معمارها مع مدينة جدة في نظام الروشان والمشربيات واستخدام الحجارة المرجانية البيضاء وطلاء النورة او الجير الابيض.
كان لقبيلة الارتيقة في سواكن مجد ونظارة وكانوا اصحاب جاه ومكانة, حيث ورثوا امارة البلو في سواكن وذلك في القرن السادس عشر ميلادي .
يقول المؤرخ الأستاذ ضرار صالح ضرار في كتابه هجرة القبائل العربية إلى وادي النيل:
هبط الحضارمة ( الأرتيقه ) في سواكن وبدؤوا في مصاهرة زعماء البجة حتى يأمنوا على أنفسهم وأموالهم غائلة الإغارة والمشكلات0 وأخذوا يمارسون تجارتهم بهمة ونشاط .
فلما استقر بهم المقام في سواكن وما حولها أظهروا شمائلهم التي عرفوا بها والتي كانت تتمثل في الصدق والأمانة وحسن المعاملة بالإضافة إلى الابتعاد عن كل ما يمكن أن يسئ إليهم من قريب أو بعيد0 وكانوا لا يعتدون على أحد من أبناء البجة ، ولا يثيرون أي فرد من الأهالي الذين كانوا يسكنون معهم0 وكانوا بما عرف عنهم من خلق حسن ، وخصال حميدة قد جعلوا من أنفسهم سادة ونبلاء وأشرافا مما أجبر البجة أهل البداوة أن يحترموهم ويقبلوا على توقيرهم وأطلق الأهالي عليهم لفظ أرتيقه وهي كلمة تحمل معنى الزعامة والنبل والشرف والسيادة
أخذ نفوذ الأرتيقه الاقتصادي يتزايد وينمو ليصبح نفوذا سياسيا أيضا0 وقد وصل ذلك إلى القمة في سنة 663ه / 1264م عندما خلت المدينة ( سواكن) من أميرها وكل من كان بجانبه من البلويين0 وكانت سمعة هؤلاء القوم الأرتيقه وتحضرهم ونفوذهم الاقتصادي قد جعل منهم خير من يتولى أمور سواكن وما حولها من قبائل البادية0 (انتهى)
وعن تاريخ سواكن واسمها يقول المؤرخ الكبير محمد صالح ضرار ان تاريخها قد شابته الأساطير والخرافة. والبعض ينسبه إلى الجن ويقول بأن أحد ملوك الحبشة قد أهدى سبعين جارية الى النبي سليمان – حقبة قبل الميلاد- فاستراحت السفن في طريقها من مصوع إلى القدس في جزيرة سواكن واستطابت الإقامة فيها , فواطأ السواكنيون (أو الجن كما يزعمون أولئك الجواري) .
ثم وصلن القدس وظهرت عليهن آثار الحمل وعرف سيدنا سليمان بالأمر وأمر بردهن إلى سواكن وأن يقمن بها نهائيًا. واندمجن مع ذريتهن بأهل الجزيرة. وأمر سيدنا سليمان أن تكون سواكن سجنًا للمجرمين ( سواجن ) . أما قديمًا وفي عصر الفراعنة فقد اتخذها رمسيس الثاني قاعدة لأسطوله التجاري الذي كان يرتاد ثغور البحر الأحمر والمحيط الهندي، لتسهيل سبل التجارة بين بلاده والشرق الأقصى. فخضع ملك البجة لسلطانه.( انتهى).
يقول الصديق الاستاذ محمود ابوعائشة في كتابه سواكن ام المدن, والذي تشرفت بالمشاركة في تنقيه أبوابه قبل الطبع وذلك بالسعودية في العام 2000م, ان مدينة سواكن بلغت أوج إزدهارها في العام 1881م. وقد اورد سجلا لعدد البواخر القادمة الى ميناء سواكن والمغادرة وبعض المعلومات عن البضائع المتداولة ( وارد وصادر) وذلك في سجل يومي وشهري لفترات مختلفة.
لقد شاهدت صورة فوتغرافية مأخوذة في عشرينات القرن العشرين الميلادي للعمارات الشاهقة في جزيرة سواكن والطرقات النظيفة المأهولة بالحركة. وهذا دليل ان سواكن حافظت على بريقها ردحا من الزمن في حقبة الحكم الثنائي. لكن يظن الكثيرون وبالخطأ ان المهندس البريطاني ماكدوقال كنيدي هو السبب في انهيار ميناء سواكن واضمحلال مدينة سواكن باكتشافه مرفأ ميناء بورتسودان في العام 1905م كبديل لميناء سواكن لعيب في مدخل مينائه وتكاثر الشعب المرجانية به. بينما الذي نظنه ونزعمه ان السبب الرئيسي لانهيار ميناء سواكن يومئذ هو انعدام مياه الشرب وندرتها وشح المياه في آبار شاطا وقلة مياه الكونديسة بسواكن. وهي ذات المشكلة التي تعاني منها سواكن الى اليوم.
لقد توفرت مياه الشرب بالقرب من ميناء بورتسودان في خور اربعات حيث المياه العذبة الرقراقة تجري بين صخور الإيلابوك وبكميات كافية آنئذ.وكانت تلك حجة دامغة لتأسيس الميناء الجديد الذي سمي بورتسودان في العام 1905م وافتتحه الخديوي عباس حلمي الثاني في العام 1909م.
بعد افتتاح ميناء بورتسودان بدأت مدينة بورتسودان التي خططها المهندس البريطاني كنيدي تنمو رويدا رويدا بينما مدينة سواكن تتراجع بهدوء وسكينة وتسير نحو الموت ببطء. تم تشييد مباني مدينة بورتسودان ( المدينة الرئيسية ووسطها ) بحجارة المرجان البحرية بدون استخدام الاسمنت على نفس طراز مباني جزيرة سواكن.لكن كثرت في المدينة البيوت الخشبية المسماة ( سترينة) حيث ترتفع ارضيتها الخشبية عن الارض بدرجين او ثلاثة وخاصة حي نمرة خمسة يجوار البحرية وكذلك ديم المدينة وديم سواكن وديم جابر والسكة حديد وديم عرب وابوحشيش و ديم سلبونا.
ظهر الاثر البريطاني الهندسي والمتمثل في شكل العلم البريطاني في تخطيط حديقة بلدية بورتسودان. كما ظهر الاثر الانجليزي في اسم المدينة بورت سودان.
كان حتما على سكان سواكن ان يتحركوا حيث بدؤوا ينتقلون الى المدينة الجديدة بورتسودان وبحذر اسرة تلو اسرة كل يوم وبدأت قصول النسيان والاهمال على مدينة سواكن حيث صارت عمارات الجزيرة تتهرأ وتتساقط حجارتها المرجانية البيضاء بسبب الهجران. كما بدأت المؤسسات الحكومية والوكالات البحرية تنتقل الى مدينة بورتسودان.
اكتنلت حلقات الرحيل المر بعد صبر وجلد على خواتيم العام 1964م تقريبا حيث تركت عمارت جزيرة سواكن مفتوحة للنسيان ونعيق البوم وعربدة القطط الضالة وسميت بالخرابات. فحامت حولها الاساطير.
وبالتالي فإن الفترة وحسب تقديري من العام 1964م وحتى العام 1991م هي اصعب حقبة زمنية مرت على مدينة سواكن حيث انفض سامرها وجار عليها الزمان وتخلخلت سكانيا, فعاشت عزلتها المجيدة (27 عام) تجتر دكريات مجدها الذي أفل. بقيت في سواكن الاسر القابضلة على الجمر والتي صبرت مع ومضة لسفينة حجاج تقف في البحر بعيدا بين الفينة والاخرى على ساحل الكرنتينة المنسية.
ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر العمدة محمد الامين ارتيقة واهله عموما والشيخ محمد نور هداب واهله وآل ابوزينب القاضي وآل اوكير وآل جيلاني ابومحمد وآل العمدة علي علي موسى ومحمد علي موسى وآل مجذوب وآل كاظم وآل شلية وآل محمد احمد سنوكة ومحجوب وآل الشريف محمد طاهر عبيسى وآل جيلاني ابوفاطمة وآل شنقولي وآل بوشاي وآل عبدالرحيم الحيدرابي وآل اوكش وآل الشريف ابوطاهر السواكني وآل شيبة وآل فكي وآل محمود ابوعلي جيلاني وآل سلطان وآل الشريف محمد ادريس وشنقراي ودرير وسناري وآل الشريف كركر وآل ابوالحسن شاذلي وآل أداراب وآل طيفور وآل الشريف الكرار وآل الشريف عثمان بابكر وآل الشريف ابرقلهيت وآل نقيب الاشراف وآل طه ابوعلي وآل سيدنا وآل محمود جرتلي وآل شاشكيل وآل اوشي وآل ابوعيشة وآل يسن وآل اوهاج حسين وآل كرشون وآل بافلي وآل رجب وآل محمد سعد وآل شيخ طه وآل عثمان محمد طاهر وآل جعفر مدني وباكويت وآل محمد شريف وآل عاولي عيسى وآل شناب وآل احمد وموسى قربة وآل سقاف وآل قرموشي وآل جكنون وآل العمدة موسى الكرار ابوحوة وآل الكردي وآل ابن عوف وآخرين ممن لم اتمكن من ذكرهم في هذه العجالة فارجو المعذرة وخاصة فان سواكن ظلت بوتقة لجميع سكان السودان.
الاسر التي دكرتها ومن معهم استمروا في سواكن في كل العهود قابضين على الجمر في احيائهم السكنية العريقة خارج الجزيرة القيف وكاس الدور والليلي والمشيل والملكية والاندارا وشاطا وديم الهوسا وخور حجاج.
ونحن لا ننسى اهم الجوامع والمساجد التي ظلت ترفع النداء والاذان للصلاة في تلك الحقبة الهادئة وخاصة الجامع الحنفي والشافعي بالجزيرة الذين صمدا ردحا من الزمن وكذلك جامع المجيدي في القيف وجامع السيد تاج السر الميرغني وجامع الشناوي وخلوة المجاذيب وزاوية الانوار بجوار المدرسة الاميرية ومسجد كركر بالاندارا ومسجد الاشراف بالمشيل.
في العام 1991م افتتح ميناء الامير عثمان دقنة بسواكن فديت الحياة مرة اخرى في اوصال المدينة التاريخية لتعاود مسيرة النماء والازدهار وتستعيد قبسا من بريقها الآفل مرة اخرى. وتوافد إليها السكان من كل صوب وحدب.
غير ان اللافت للنظر ان سواكن في فترة عزلتها المجيدة التي ذكرناها ظلت نابضة بإيقاع هادئ في مجال زوار البحر وطالبي العلاج بمياه البحر في ساحل كاس الدور امام المدرسة الاميرية . كما درج بعض المهتمون بالآثار والسياحة والرحلات يتوفدون على جزيرة سواكن للتامل في عماراتها العريقة الآيلة للسقوط والتأمل في فنون الروشان والمشربية.
في آخر زيارة قمت بها الى مدينة سواكن بعد عيد الفطر المبارك وانا في طريقي الى ميناء الامير عثمان دقنة في مهمة عاجلة مررت بالساحل العريق امام المدرسة الاميرية فخطف نظري الكورنيش الجديد الممتد على طول الساحل وبهرني,, إنه عمل رائع اضاف مسحة جمالية كبيرة على الشاطئ كما فصل البحر عن المنازل والاختراقات مما اعاد الهيبة الى الساحل .واصبح الكورنيش متنفسا لسكان المدينة في الامسيات. شكرا لحكومة الولاية متمثلة في واليها الدكتور محمد طاهر ايلا وهيئة الموانئ البحرية متمثلة في مديرها الدكتور جلال شلية على هذا الانجاز الذي يستحق الثناء.
لقد لاحظت ان الكورنيش يخلو من منفذ الى البحر او مهبط بدرج لراغبي دخول البحر كالعادة, وقد اصبح دخول العجزة والنساء والاطفال غير ممكنا بالوضع الراهن . نحن نرى اهمية تخصيص مكان للرجال في هذا الموقع امام المدرسة بمنفذ, على ان يخصص مكان للاطفال والنساء في ساحل القيف والليلي في الناحية الشمالية.
نأمل دائما ان تحافظ سواكن على مكانة بحرها بالنسبة لسكان الشرق في التداوي كما اشتهرت بذلك وأن البحر الاحمر سيبقى في الوجدان الجمعي هو الطبيب الابكم, وسواكن والبحر صنوان .
,,,,,,,,,,,,,,,
م/ عمر علي عثمان شريف / هاتف / 0915011336 / بورتسودان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.