السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    إبراهيم عثمان يكتب: عن الفراق الحميم أو كيف تخون بتحضر!    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    تعرف على مواعيد مباريات اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    الأهلي مدني يدشن مشواره الافريقي بمواجهة النجم الساحلي    حمّور زيادة يكتب: السودان والجهود الدولية المتكرّرة    إبراهيم شقلاوي يكتب: هندسة التعاون في النيل الشرقي    حوار: النائبة العامة السودانية تكشف أسباب المطالبة بإنهاء تفويض بعثة تقصّي الحقائق الدولية    الأهلي الفريع يكسب خدمات نجم الارسنال    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    «تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    إبراهيم جابر يطمئن على موقف الإمداد الدوائى بالبلاد    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    المريخ يواجه البوليس الرواندي وديا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل وعد الله تعالى بحفظ جثة فرعون إلى يوم القيامة أم باع لنا القوم الترام ؟ .. بقلم : محمود عثمان رزق
نشر في سودانيل يوم 06 - 11 - 2014

من المؤسف أنّنا نحمل كثيراً من الأوهام في أذهاننا ونبني عليها كثيراً من الأحكام على أرض الواقع، وعندما نعرض ما نحمل على كتاب الله تعالى تتبين هشاشة وحقيقة معتقداتنا فتصبح هباءً منثورا. عندما أَدْرَكَ فرعونَ 0لْغَرَقُ وقَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِٰهَ إِلاَّ 0لَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ قال له الله تعالىَ{ آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ 0لْمُفْسِدِينَ }{ فَ0لْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ 0لنَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ }.
اتفق المفسرون جمعياً على أنّ سبب أنقاذ فرعون بجسده بعد غرقه في نهر النيل "اليم" ليكون آية لقومه بمعنى دليلاً على هلاكه، فأخرجه لهم آية ليشاهدوه ميتاً ويشهدوا على عجزه وكذبه من بعد كل تلك العظمة. ومن الملاحظ أن الله لم يقل: { ننجيك } فقط وذلك حتى لا يتوهم الناس أنّه لم يغرق، وإنما قال { ننجيك ببدنك }، والمعنى ننجي بدنك من هجمة الأسماك و التماسيح وغيرها ونلفظ بدنك في العراء سالماً لتكون آية لقومك على قدرة الله تعالى فيك وفي أمثالك.
والآية كما هو واضح رسالة لقوم فرعون وحكام الفراعنة الذين يأتون من بعده، فبعد هلاك فرعون أراد الله تعالى أن يرسل رسالة تحذيرية واضحة لقومه لعلهم يهتدون. وليس في الآية أيّ نوع من الرحمة بفرعون بل فيها مزيداً من الإهانة له باظهار ضعفه وكذبه على قومه. ولا توجد في الآية أيّ إشارة لحفظ جسده إلى يوم القيامة ليكون عبرةً للعالمين كما شاع بين الناس. فقد حفظ اللهُ تعالى بدنه لفترة قليلة من الزمن حتى يتأكد قومه أنّه هو، وبعد أن تأكد قومه من شخصه دفنوه ولا أحد يدرى يقيناً أين قبره وهل تم تحنيطه كعادتهم مع ملوكهم أم دفن من غير تحنيط.
وفي الحقيقة لا أحد يعلم يقيناً متى بدأت فكرة التحنيط أصلاً، هل بدأت قبل فرعون موسى أم جاءت بعده؟ وإذا كانت الفكرة موجودة ومعروفة في المنطقة فقد مات سيدنا موسى بعد زمنٍ طويلٍ من حادثة الغرق، فلماذا لم يحنطه اليهود وهو نبيهم الأعظم؟ و لماذا لم يحنطوا أي نبيّ من أنبيائهم أو عظيمٍ من عظمائهم؟ فإذن فكرة التحنيط قد تكون ظهرت بعد هلاك فرعون موسى الذي جعله الله تعالى آيةً لقومه خاصة عن طريق المعاينة وآية للأمم اللاحقة إلى يوم القيامة عن طريق السماع وإختفاء الملك والأثر.
والمنطق يقول لو أراد الله تعالى أن يجعله آية لكل الخلق إلى يوم الدين لجعله معروفاً لا خلاف عليه، ولرأته الأمم السابقة من قبل وكتب عنه الكتاب والعلماء من جميع الأمم. ولكن الأمم السابقة لم تره، ونحن في عصرنا هذا غير متفقين على تلك "المومياءآت" الكثيرة المحنّطة التي يدعي المصريون أنّ إحداها هي جسد فرعون موسى ويتكسبون من ورائها مليارات الدولارات كل عام. وفي الحقيقة انحصر كلام الباحثين في هذا الشأن في خمس شخصيات متهمة بأنها فرعون موسى وهي:
1- أحمس الأول:(تزوج أحمس الأول من الملكة أحمس-نفرتاتي والتي ألّهها المصريون القدماء حسب معتقداتهم. وزوجة فرعون موسى التي ذكرها القرآن لم تكن تُعبد بل كانت من عباد الله الصالحين، وبالتالي لا يمكن أن يكون أحمس الأول هو فرعون موسى. وبالإضافة لذلك فقد لعبت أحمس نفرتاري دورًا بارزًا في المعركة التي انتهت بطرد الغزاة الهكسوس من مصر وكانت أول امرأة في التاريخ تتقلد منصب قيادة فرقة عسكرية كاملة وقاتلت بكفاءة شديدة حسب ما ذكر المؤرخون، وكل هذه الصفات ليست صفات زوجة فرعون التي ذكرها القرآن.)
2- تحتمس الثاني: (زوجته هي الملكة حتشبتوت ولم تكن زوجة فرعون موسى ملكة وبالتالي لا يمكن أن يكون تحتمس الثاني هو فرعون موسى)
3- تحتمس الثالث: (لا يمكن أن يكون تحتمس الثالث هو فرعون موسى لأنه لم يقل أنا ربكم الأعلى وبالإضافة لذلك فقد عرف بالتواضع وحسن الخلق خلافاً لفرعون موسى)
4- توت عنخ آمون: (كان توت يؤمن برب السموات والأرض وعليه لا يمكن أن يكون هو فرعون موسى)
5- رمسيس الثاني: (هو أكثر فرعون قام ببناء عدد كبير من الإهرامات والآثار، وآثاره ما زالت باقية إلى يومنا هذا، وبالتالي لا يمكن أن يكون هو فرعون موسى لأنّ الله تعالى قال أنّه دمر آثار فرعون موسى. ثانياً قد فحصت مومياء رمسيس الثاني وثبت علمياً انه لم يمت غرقاً وبالتالي لا يمكن أن يكون هو المقصود)
فكيف يعقل أن يكون جسد الرجل أراده الله تعالى أن يكون آية للعالمين والناس غير متأكدين من شخصه أصلاً؟ وكيف يكون جسد الرجل آية للعالمين وجزءٌ كبيرٌ من هؤلاء العالمين قد قضى نحبهم ولم يروه رأي العين وبالتالي لم يقفوا على تلك الآية التي تستهدفهم في الأساس؟ وبالرغم من رفض كثير من علماء الاثار فى مصر وغيرها بالاعتراف بانّ رمسيس الثانى هو فرعون موسى الا انّ هناك من يحاول تسويقه كما ذكرنا لمكاسب مادية بحتة، وحجتهم المضحكة هي أن مومياء رمسيس الثاني قد وجدت فيها آثار ملح كثير مما يدل-في ظنهم- على غرقه في البحر الأحمر ونسوا أن القرآن قال صراحة أنّه أُغرق في "اليم" أيّ نهر النيل حيث المياه العذبة، كما نسوا أن الملح قد يكون أحد المواد التي يتم بها التحنيط.
للأسف لقد باع لنا القوم الترام في وسط الزحام واشتريناه بكل غباء!!!
وحتى تطمئن قلوبكم إليكم بعض أقوال المفسرين الذين سبقوا اكتشاف جثث الفراعنة فانظروا فيها جيّداً هل تجدون واحداً منهم يقول إن الله حفظ جسد فرعون إلى يوم القيامة؟ وانظروا تفسيرهم لمعنى قوله تعالى:{لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً } هل فسروا مقصود كلمة "آية" بأنّها آية سماع أم مشاهدة للأمم اللاحقة؟
تفاسير الفترة الزمنية التي سبقت اكتشاف المومياءآت:
- الامام الطبري:
"حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً } قال: لما أغرق الله فرعون لم تصدق طائفة من الناس بذلك، فأخرجه الله آية وعظة."
- البيضاوي:
" {لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ أية } لمن وراءك علامة وهم بنو إسرائيل إذ كان في نفوسهم من عظمته ما خيل إليهم أنه لا يهلك، حتى كذبوا موسى عليه السلام حين أخبرهم بغرقة إلى أن عاينوه مطرحاً على ممرهم من الساحل، أو لمن يأتي بعدك من القرون إذا سمعوا مآل أمرك ممن شاهدك عبرة ونكالاً عن الطغيان، أو حجة تدلهم على أن الإنسان على ما كان عليه من عظم الشأن وكبرياء الملك مملوك مقهور بعيد عن مظان الربوبية."
- ابن كثير :
قال: { لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءَايَةً } " أي: لتكون لبني إِسرائيل دليلاً على موتك وهلاكك، وأن الله هو القادر".
- القرطبي:
في تفسير قوله تعالى { لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً }قال: " أي لبني إسرائيل ولمن بقي من قوم فرعون ممن لم يدركه الغرق ولم ينته إليه هذا الخبر.
- السيوطي:
قال: " {لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ } بعدَك { آية َ} عبرة فيعرفوا عبوديتك ولا يقدموا على مثل فعلك."
- ألإمام الشوكاني:
قال:{ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءايَةً }: " هذا تعليل لتنجيته ببدنه، وفي ذلك دليل على أنه لم يظهر جسده دون قومه إلا لهذه العلة لا سوى، والمراد بالآية: العلامة، أي لتكون لمن خلفك من الناس علامة يعرفون بها هلاكك، وأنك لست كما تدّعي، ويندفع عنهم الشك في كونك قد صرت ميتاً بالغرق. وقيل: المراد ليكون طرحك على الساحل وحدك دون المغرقين من قومك آية من آيات الله، يعتبر بها الناس، أو يعتبر بها من سيأتي من الأمم إذا سمعوا ذلك، حتى يحذروا من التكبر والتجبر والتمرّد على الله سبحانه، فإن هذا الذي بلغ إلى ما بلغ إليه من دعوى الإلٰهية، واستمرّ على ذلك دهراً طويلاً كانت له هذه العاقبة القبيحة. وقرىء «لمن خلفك» على صيغة الفعل الماضي أي: لمن يأتي بعدك من القرون، أو من خلفك في الرياسة أو في السكون في المسكن الذي كنت تسكنه".
- الزمخشري:
قال: "{لِمَنْ خَلْفَكَ ءايَةً } لمن وراءك من الناس علامة، وهم بنو إسرائيل، وكان في أنفسهم أن فرعون أعظم شأناً من أن يغرق. وروي أنهم قالوا: ما مات فرعون ولا يموت أبداً."
- الإمام الرازي:
قال: " وأما قوله: { لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءايَةً } ففيه وجوه: الأول: أن قوماً ممن اعتقدوا فيه الإلهية لما لم يشاهدوا غرقه كذبوا بذلك وزعموا أن مثله لا يموت، فأظهر الله تعالى أمره بأن أخرجه من الماء بصورته حتى شاهدوه وزالت الشبهة عن قلوبهم. وقيل كان مطرحه على ممر بني إسرائيل. الثاني: لا يبعد أنه تعالى أراد أن يشاهده الخلق على ذلك الذل والمهانة بعد ما سمعوا منه قوله{أَنَاْ رَبُّكُمُ 0لأَعْلَىٰ }، (لنازعات: 24) ليكون ذلك زجراً للخلق عن مثل طريقته، ويعرفوا أنه كان بالأمس في نهاية الجلالة والعظمة ثم آل أمره إلى ما يرون. الثالث: قرأ بعضهم { لِمَنْ خَلَقَكَ } بالقاف أي لتكون لخالقك آية كسائر آياته. الرابع: أنه تعالى لما أغرقه مع جميع قومه ثم إنه تعالى ما أخرج أحداً منهم من قعر البحر، بل خصه بالإخراج كان تخصيصه بهذه الحالة العجيبة دالاً على كمال قدرة الله تعالى وعلى صدق موسى عليه السلام في دعوى النبوة."
- الإمام الألوسي :
قال: "{لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً } أي لتكون لمن يأتي بعدك من الأمم إذا سمعوا حال أمرك ممن شاهد حالك وما عراك عبرة ونكالاً من الطغيان أو حجة تدلهم على أن الإنسان وإن بلغ الغاية القصوى من عظم الشأن وعلو الكبرياء وقوة السلطان فهو مملوك مقهور بعيد عن مظان الألوهية والربوبية، وقيل: المراد بمن خلفه من بقي بعده من بني إسرائيل فهو مملوك مقهور بعيد عن مظان الألوهية والربوبية، وقيل: المراد بمن خلفه من بقي بعده من بني إسرائيل أي لتكون لهم علامة على صدق موسى عليه السلام إذ كان في نفوسهم من عظمته ما خيل إليهم أنه لا يهلك فكذبوا لذلك خبر موسى عليه السلام بهلاكه حتى عاينوه على ممرهم من الساحل أحمر قصيراً كأنه ثور وروي هذا عن مجاهد.
تفاسير الفترة الزمنية التي عاصرت اكتشاف المومياءآت:
- سيّد قطب : " فاليوم ننجيك ببدنك }..لا تأكله الأسماك، ولا يذهب منكراً مع التيار لا يعرف للناس. ذلك ليدرك من وراءك من الجماهير كيف كان مصيرك {لتكون لمن خلفك آية} يتعظون بها ويعتبرون، ويرون عاقبة التصدي لقوة الله ووعيده بالتكذيب::"
- ابن عاشور : "و{ لمن خلفك } أي من وراءك. والوراء: هنا مستعمل في معنى المتأخر والباقي، أي من ليسوا معك. والمراد بهم من يخلفه من الفراعنة ومن معهم من الكهنة والوزراء، أي لتكون ذاته آية على أن الله غالب من أشركوا به، وأن الله أعظم وأقهر من فرعون وآلهته في اعتقاد القبط، إذ يرون فرعون الإله عندهم طريحاً على شاطيء البحر غريقاً. فتلك ميتة لا يستطيعون معها الدجل بأنه رفع إلى السماء، أو أنه لم يزل يتابع بني إسرائيل، أو نحو ذلك من التكاذيب لأنهم كانوا يزعمون أن فرعون لا يُغلب، وأن الفراعنة حين يموتون إنما ينقلون إلى دار الخلود. ولذلك كانوا يموّهون على الناس فيبنون له البيوت في الأهرام ويودعون بها لباسه وطعامه ورياشه وأنفَس الأشياء عنده، فموته بالغرق وهو يُتبع أعداءه ميتَة لا تُوَوّلُ بشيء من ذلك، فلذلك جعل كونه آية لمن خلفه علة لإخراجه من غمرة الماء ميتاً كاملاً، فهم مضطرون إلى الاعتراف بأنه غرق إذا نظروا في تلك الآية." ويقول أيضاً : "قال ابن جُريج: كان فرعون هذا قصيراً أحمر فلا نشك في أن منفطاح الثاني مات غريقاً في البحر، وأنه خرجت جثته بعد الغرق فدُفن في وادي الملوك في صعيد مصر. فذكر المنقبون عن الآثار أنه وجد قبرُه هناك، وذلك يومىء إلى قوله تعالى: { فاليومَ نُنَجّيك ببدنك لتكونَ لمن خلفك آية }. ووجود قبر له إن صح بوجه محقق، لا ينافي أن يكون مات غريقاً،" وقال أيمن دقائق القرآن قوله تعالى: { فاليوم نُنجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية } وهي عبارة لم يأت مثلها فيما كتب من أخبار فرعون، وإنها لمن الإعجاز العلمي في القرآن إذ كانت الآية منطبقة على الواقع التاريخي. والظاهر أن الأمواج ألْقَت جثّته على الساحل الغربي من البحر الأحمر فعثر عليه الذين خرجوا يتقصون آثاره ممن بقُوا بعده بمدينة مصر لما استبطأوا رجوعه ورجوع جيشه، فرفعوه إلى المدينة وكان عبرة لهم أيضاً ".
- الشعراوي : " {فَ0لْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً.. } [يونس: 92]. وباللهِ، لو لم يأمر الحق البحر بأن يلفظ جثمان فرعون، أما كان من الجائز أن يقولوا: إنه إله، وإنه سيرجع مرة أخرى؟ ولكن الحق سبحانه قد شاء أن يلفظ البحر جثمانه كما يلفظ جيفة أي حيوان غارق؛ حتى لا يكون هناك شك في أن هذا الفرعون قد غرق، وحتى ينظر من بقي من قومه إلى حقيقته، فيعرفوا أنه مجرد بشر، ويصبح عبرة للجميع، بعد أن كان جباراً مسرفاً طاغية يقول لهم:{ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي} (القصص: 38). وبعض من باحثي التاريخ يقول: إن فرعون المقصود هو " تحتمس " ، وإنهم حلَّلوا بعضاً من جثمانه، فوجدوا به آثار مياه مالحة. ونحن نقول: إن فرعون ليس اسماً لشخص، بل هو توصيف لوظيفة، ولعل أجساد الفراعين المحنطه تقول لنا: إن علة حفظ الأبدان هي عبرة؛ وليتعظ كل إنسان ويرى كيف انهارت الحضارات، وكيف بقيت تلك الأبدان آية نعتبر بها.
- الشيخ طنطاوي : "قوله سبحانه وتعالى: { فَ0لْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً.. }إننا اليوم بعد أن حل بك الموت، نلقى بجسمك الذى خلا من الروح على مكان مرتفع من الأرض لتكون عبرة وعظة للأحياء الذين يعيشون من بعدك سواء أكانوا من بنى إسرائيل أم من غيرهم، حتى يعرف الجميع بالمشاهدة أو الإِخبار، سوء عاقبة المكذبين، وأن الألوهية لا تكون إلا لله الواحد الأحد، الفرد الصمد."
والخلاصة هي أن كل التفسير التي سبقت اكتشاف جثث الفراعنة والتي عاصرت تلك الإكتشافات لم تقل بوجود آية مشاهدة عدا ما قاله ابن عاشور في تفسيره ولم يجزم بما قال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.