أوردنا في الأيام القليلة الماضية تجربة القرود في القفص والتي كانت تتفادى الرش بالماء البارد بترك الأمور كما هي دون تغيير في مثال إداري للبيروقراطية وعدم تغيير الواقع ولو كان غير منطقي وغير مقنع. يوم الثلاثاء الماضي دُعيت للمشاركة في استقبال الوالي عند زيارته لطريق ود السائح، هذا الطريق الذي أصبح لغزاً كبيراً من حيث طول مدته وقصر طوله، وهو لمن لا يعرفه طريق يتفرع من طريق الخرطوم مدني ليقطع مسافة 54 كلم إلى قرية أبو شنيب وبدأ العمل فيه عام 2003 م، تمت حتى الآن خلال هذه الأحد عشر سنة سفلتة 10 كلم بمعدل كيلو كل سنة يعني بعد 54 سنة سيصل إلى أبوشنيب إن شاء الله. يا بخت أحفادنا. صراحة كتبت كثيرًا عن أدب أو بدعة لملمة الناس لاستقبال مسؤول ليقوم بعمل روتيني أو يفترض أن يكون روتينياً وبدون مضيعة للمال والوقت. هذه البدعة حسب علمي المتواضع ليس لها مثيل في العالم المتقدم أو المتخلف ولا توجد إلا في سودان الهناء هذا، وهي ليست بدعة إنقاذية وسبقتها عليها حكومات ولكن الإنقاذ زادتها مش حبتين زادتها مائة حبة. لدرجة أن وزير داخلية بدرجة بروفسير ووالٍ برتبة فريق أول ركن افتتحا كشك بسط أمن شامل في يوم من الأيام. بفضول الصحفيين قررت أن أرى ما الجديد وذهبت قبل حضور الوالي إلى مكان الاحتفال وعلى طول الطريق انتشرت الشرطة والأطفال وأكيد هم عطشى وجياع إلى أن وصلت إلى خيمة الاحتفال عند محطة قهوة الخشب ووجدت أمة من الناس وسيارات ومايكرفونات ولمة ووجوهاً مغبرة وغناء ومايكرفونات وداخل الخيمة وفي الصفوف الأولى نفس الوجوه منذ عشرين سنة يكررون نفس السيناريو. وقفلت راجعًا وانتظرت عند تقاطع الجديد حيث يتفرع الطريق وجاء الوفد الميمون وأوقفت شرطة المرور الحركة على طريق مدني واصطفت السيارات والشاحنات تنتظر عبور الوفد الذي تتقدمه ويويويوو حسبت السيارات في حدود عشرين سيارة في صف طويل وعدت أدراجي إلى بيتي. صراحة كنت أمني النفس بأن يُغيّر الوالي الدكتور محمد يوسف تغييراً وخصوصًا في هذا الجانب وأن لا يفعل إلا ما هو مقتنع به، هنا أنا أقرر أن الأخ الوالي وبعضاً من وزرائه غير مقتنعين بهذا النهج أو أدب اللملمات وتضييع وقت الناس وتعطيل العمل في دواوين الدولة إن لم يكن أياماً فلنقل يوم الزيارة فقط ولكن هكذا وجدوا آباءهم. أقدم مقترحاً للأخ الوالي بأن يقدم استبانة لقادة حكومته من وزراء ومعتمدين ومستشارين ومجلس تشريعي حيث يجيب كل منهم وبقناعة شخصية عن أسئلة في هذا الخصوص وننتظر النتيجة، لاحظوا كلهم مؤتمر وطني إلا قليلاً ولا تصرف استبانة واحدة للمعارضة. ولنرى كيف ستكون النتيجة. وطلب آخر أن يقوم باحثون من الطلاب بدراسة متكاملة للآثار السالبة والموجبة لمثل هذه (اللملمات) البشرية بتفصيل شديد يصل إلى حصر الحضور ودوافعهم من الحضور. أخي د. محمد يوسف نعول عليك كثيرًا في التغيير إلى الأحسن ولك سيرة طيبة في ديوان الزكاة ووزارة المالية.