لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"... واضرِبوهنَّ ...": دعوة إلى المدارسة بشأن "العنف الأسري" .. بقلم: د. عشاري أحمد محمود خليل
نشر في سودانيل يوم 26 - 11 - 2014


بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة.
..
"واللاتي تخافون نُشوزهُنَّ فعِظوهُنَّ واهجروهُنَّ في المضاجِع واضرِبوهُنَّ ..." [سورة النساء]
(1)
أخصص هذا المقال لتعريف إجرائي ل "العنف الأسري". طبيعته، وأفعاله، ومحركاته، وخصائصه. وهو موضوع يهم جميع الناس. على اختلافهم.
وقد كنت ركَّبت التعريف ابتداء في سياق تجربتي كمستشار لدار الحماية (للنساء ضحايا العنف الأسري) في جدة بالمملكة العربية السعودية في العام 2006. وفي ورش عمل في الإمارات. وأخيرا في ورشة عمل لتدريب الشرطة ووكلاء النيابة في مدني ولتدريب دار في مدينة كوستي، 2008.
..
ويتطرق التعريف الذي أنشأته إلى الآية الكريمة التي جاء فيها "واضربوهن". وهي العبارة التي اجتهد كثيرون في ابتداع تخريجات بشأنها عن معنى "الضرب" في هذا السياق. مما لا يستحق تكراره، بسبب سخفه. بينما معنى الضرب واضح من النص ومن السياق، هو الضرب، كما نعرفه. وهؤلاء أرادوا بالتحايل اللغوي إزالة ما أدركوا خطأً أنه أمر محرج أمام موجة خطاب الجندرة وحقوق المرأة والدعوة إلى القضاء على العنف ضد النساء. مما أتت به الحداثة!
..
لكن الذي أراه هو أن الضرب المتحدَّث عنه في الآية في سورة النساء لا علاقة له بالمصطلح العلمي، "العنف الأسري". دوميستيك فيولانس. ذلك المصطلح الساري أحيانا بأسماء مختلفة وبمكونات متباينة في أدبيات الجمعيات الأهلية وفي مجال دراسات المرأة، في العالم أجمع. بسبب تأثير اتفاقية المرأة، سيداو، وبسبب برامج الأمم المتحدة والمانحين الدوليين.
...
والتعريف الذي أقدمه كان في أشكاله الأولية مضمنا في نموذج في حقيبة تدريبية متكاملة بشأن برنامج محافظة أو هي منطقة مكة المكرمة لحماية ضحايا العنف الأسري.
(2)
فإلى التعريف الشارح لطبيعة "العنف الأسري" المختلفة جذريا عن الدلالات الظرفية الواردة في الآية الكريمة.
فإن الفرق الذي يميز بين "واضربوهن"، من جهة، و"العنف الأسري"، من جهة أخرى، هو أن العنف الأسري معرَّف علميا بخصائص النسق، والاستمرارية، والتنامي لأفعاله المختلفة. وليس الضرب إلا واحدا من الأفعال. وقد لا يكون الأهم ولا الأكثر خطورة عند عدد مقدر من النساء ضحايا العنف الأسري.
..
"العنف الأسري" نسق من الأفعال أو التهديدات الإيذائية القاصدة، والمتواصلة، والمتنامية عبر الزمن. وتقع ضحيةً لهذه الأفعال والتهديدات النساءُ، بصورة غالبة. ويتأثر بها سلبا الأطفال، ومنهم من يطاله العنف الأسري أيضا.
وتدور الأفعال والتهديدات ذات النسق والاستمرارية والتنامي عبر الزمن في سياق علائقي بين المُعنِّف والمعنَّفة. فتشمل وضعيات الخطوبة، والحياة الزوجية، وحالات ما بعد الطلاق، والوضعيات القرابية، بما في ذلك وضعيات النساء المسنات، وعقوق الأبناء، والعنف بين الإخوان.
..
جوهر العنف الأسري سعي المُعَنِّف إلى بسط السيطرة على المرأة المعنَّفة والتحكم فيها، والتسلُّط عليها. دائما عن طريق تلك الأفعال والتهديدات الإيذائية التي سأقدم أمثلة متعددة لها في هذا المقال.
..
ويدور العنف الأسري على المستويات الجسدية، والجنسية، والنفسية، والاقتصادية، والروحية، والمسبِّبة للعزل الاجتماعي، وتلك المتصلة بالحرمان. بالإضافة إلى سوء استخدام الرجال للامتيازات الذكورية في المجتمع وفي مرافق الدولة وأجهزتها.
..
فهذا تعريف مصطلحي "اجتماعي" أو "مؤسسي". وتندرج تحته إمكانات التعريفات ذات الأبعاد الطبية، والشرعية، والقانونية، وغيرها. فيمكن الاسترشاد به من قبل أية جهة تتصدى إلى العنف الأسري.
..
يقضي التعريف المصطلحي للعنف الأسري أعلاه بأن يكون العنف "نسقا" من أفعال متعددة ومتكررة ومتنامية. فلا يكون فعلا واحدا منعزلا. وهذا موضوع يناقض فلسفة القانون الجنائي المركِّزة على الفعل المحدد. وهي لا تكترث لحركية العنف الأسري وماضيه الممتد على مدى أربعين عاما أحيانا بالنسبة للمرأة المعنَّفة.
ولهذا السبب لا يفهم القانون سبب قتل الزوجة المعنَّفة لزوجها المعنِّف. بينما يتمثل ذلك الفعل دفاعا عن النفس بسبب أعوام من التعذيب مضت وبسبب أعوام من التعذيب تعرف المرأة التي تقتل أنها آتية.
..
ويقتضي تعريف العنف الأسري أن يكون القصد من وراء الأفعال والتهديدات هو "التحكم والسيطرة والتسلط"، من قبل الرجل المعنِّف. ويقتضي أن تكون الأفعال العُنفية إيذائية. كذلك على المستوى النفسي. فلا علاقة لهذا ب "واضربوهن" التي وردت في الآية.
(3)
وهكذا يفرِّق هذا التعريف، بصورة قاطعة، بين دلالات الآية الكريمة التي تشتمل على "واضربوهن"، من جهة، وبين "العنف الأسري"، من جهة أخرى.
فالعنف الأسري هو المعرًف بإيذائيته، وبتكرار أفعاله عبر الزمن، وبتنامي نٌسٌقه المدمِّرة لنفسية المرأة، والمخربة لطفولة الأبناء، وبفساد مساعيه لبسط السلطوية الجائرة على المرأة، وببؤس طغيانه الذكوري، وبمفارقته لمقاصد الشرع.
..
إذن، ينبغي أن نعتمد التمييز القطعي بين "العنف الأسري"، من جهة، والسماح القرآني بالتعامل مع نشوز الزوجة، من جهة أخرى. فهذان أمران مختلفان. وبينهما قطيعة بينة. ويتم النظر إلى كل منهما في سياقه ووفق معطياته.
لأن خصائص النسق والاستمرارية والتنامي عبر الزمن التي تُعرِّف العنف الأسري غير موجودة في حيثيات الآية الكريمة. فليس كل لطمة أو ضربة من "العنف الأسري"، إلا بمعناه الشعبي الساري، لا المصطلحي العلمي المعتمد.
...
فالعنف الأسري بالمعنى المصطلحي المعتمد يتطلب في بعض الأحيان تدخل الدولة لحماية المرأة. أو هو على أقل تقدير يتطلب تدخل الجمعيات الأهليات لتقديم المناصرة وأشكال الدعم اللازمة.
..
أما العنف المندرج تحت "واضربوهن"، فلا يستدعي أي تدخل من الدولة ممثلة في الشرطة أو القضاء لحماية المرأة منه. إنما مجاله في التربية العامة بتمكين النساء من رفض أي نوع من العنف ضدهن مهما كان خفيفا أو تمثل حالة فردية ظرفية. ومن وسائل التمكين نجد الاستقلال المالي للمرأة، مثلا.
..
كذلك من حق المرأة أن تتعامل بقوة وبحزم مع استغلال الرجل للآية الكريمة لتبرير أي عنف ضدها. أي، أن تتمثل المرأة تفسيرها الخاص للآية في وضعيتها الخاصة. كأن تكون وجدت العنف ضدها متمثلا لسمات العنف الأسري كما أُعرِّفُه في هذه الورقة. وأهم هذه السمات هي، كما أسلفت وكررت، النسق والاستمرارية والتنامي عبر الزمن.
..
فإذا لم يتسم العنف ضد المرأة بسمات النسق والاستمرارية والتنامي، لا يكون "عنفا أسريا"، بالمعنى المصطلحي. بل يكون نوعا آخر من العنف يجوز للمرأة أن تفعل إزاءه ما تريد، دون تدخل الدولة، من قبل النيابة على سبيل المثال.
..
فتدخُّل الدولة بل يكون حصرا، ولازما، في وضعية العنف الأسري المتسمة بالنسق والاستمرارية والتنامي. لأنها تشكل جريمة مركبة.
..
ولا يعتد بأي فعل واحد، أو منفرد، أو معزول في وضعيات التعامل الاجتماعي أو القانوني مع العنف الأسري، كمشكلة اجتماعية، أو كجريمة.
ولكن، يمكن للفعل المنفرد أن يكون مؤشرا أو عاملا للخطورة باحتمال تحقق نسق العنف الأسري. وقد يكون الفعل الواحد المعزول فظيعا فيستدعي تدخل الحكومة، بالطبع. منه ذلك الذي ينطوي على تسبيب الأذى الجسيم.
..
ولا يحدث أصلا أن تلجأ امرأة إلى الشرطة أو القضاء أو إلى دار إيوائية للحماية، تاركة كل شيء آخر وراءها، فقط لأنها تعرضت لفعل تعنيفي واحد ومنفرد. ونعرف أن المرأة تستجير بالدور الإيوائية، في حال وجودها، وبالشرطة، إن لم تكن جاهلة ومتحاملة ضد المرأة، بعد أن تتكاثر أفعال العنف المختلفة وتتنامى عبر الزمن وتشكل ذلك النسق المعروف. أي، بعد أن يكون طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى، وانسدت السبل.
..
وفي جميع الأحوال، ثابت حق المرأة في أن لا تقبل أي عنف يقع ضدها. وأن تتصدى له بقوة في ذات الوقت والحين. لا يغير من ذلك عقيدتها الدينية أو تفسيرها الخاص والصحيح للآية "واضربوهن". التفسير المشدود إلى وضعيتها الخاصة المحددة كما تعرفها هي. وأن يتم احترام هذا الحق، وتسهيل تحققه، وتنفيذه بالتدابير التي تجَسدِن ماديته. في التمكين.
...
ولابد أن المرأة المعنَّفة ترغب في التفكر في جميع الخيارات المتاحة لها. محورها أن تكون تلك هي المرة الأولى والأخيرة لفعلة العنف التي تعرضت لها. حتى لا تكون الفعلة الوحيدة متبوعة بأفعال أخرى شبيهة.
..
وكذا من حق المرأة أن ترفض سوء استخدام الرجل للامتيازات الذكورية. كأن يستخدم ولاية الأمر والامتيازات الأخرى المكتسبة لكونه ذكرا، يستخدمها كأدوات لإحكام سيطرته على المرأة ولتثبيت تسلطه عليها.
(4)
فيما يلي أقدم القائمة التحققية للتعرف من قبل المهمومين بهذا الموضوع على أشكال أفعال العنف الأسري. بعضها معروف أصلا، وجزء منها قد لا يدرك كثير من الناس أنه من صميم "العنف الأسري". فالضحية لا تعرف أحيانا طبيعة الذي يجري لها، ولا تجد له اسما.
..
فإن كنتِ تتعرضين لأي واحد من الأفعال في القوائم أدناه، بصورة مستمرة ومتنامية عبر الزمن بحيث تجدينها نسقا مترابطا، فاعرفي أن ذلك هو "العنف الأسري". المكيف على أنه من الجريمة، موضوعا. ولا علاقة له بالآية الكريمة التي جاء فيها "واضربوهن".
..
والحال ينطبق عليكَ من الرجال إن كنت تقترف أيا من هذه الأفعال كنسق من السلوك المستمر والمتنامي عبر الزمن. ولا يحق لك أن تتعلل بالسماح في "واضربوهن". فأنت تكون تقترف الجريمة. موضوعا، إن لم يكن قانونا.
وكذا لا علاقة للعنف الأسري بما يسمى "الثقافة المحلية"، أور لوكال كلشر! مما لا يحتاج لمزيد بيان. غير أن نقول إن بعض أسوأ الممارسات ضد المرأة يتم تبريرها ب "الثقافة المحلية".
..
ويدور العنف الأسري على المستويات التالية، وفق إدراك ضحايا العنف الأسري وتجاربهن الشخصية:
العنف الجسدي، والجنسي، والنفسي، والاقتصادي، والمتعلق بالعزل الاجتماعي، وبالحرمان والإهمال. وكذا نجد العنف الثقافي والروحي. وذلك المسيء لاستخدام الامتيازات الذكورية.
وهذه من نوع قوائم التدريب الأولية للتوعية العامة السريعة في مجال المنظمات الأهلية. لكن الموضوع فيه تضاريس وتخريمات علمية عديدة ليس هنا مجالها، موجودة في دراسات المرأة، والجندر، بمسمياتها المتعددة وتقاطعاتها مع تجاريب الجنس والعنصرية والقوة والسلطة والمقاومة وتاريخ التفريق بين الرجل والمرأة وما بينهما من وضعيات بيولوجية وميول جنسية.
ويقع العنف الأسري ضد الزوجة، والمطلقة، والخطيبة، والصديقة الحميمة، والوالدين، خاصة الوالدة، المسنة أو غير المسنة، وضد الأخوات أكبر من 18 عاما، وضد الأطفال (أبناء، أو أخوان، أو أخوات).
...
هذه قائمة مفتوحة طورتها مباشرة مع النساء في دار الحماية بجدة في العام 2006. فأغلب الأفعال في القوائم جاءت بها النساء في الدار في سياق مدارسات ممتدة معهن في حضور مديرة الدار أحيانا، وأحد المستشارين السعوديين المهمومين بالموضوع. وكان التكليف جاءني من قبل اللجنة الاجتماعية في محافظة مكة المكرمة، منهم الدكتور سهيل صوان.
..
وقد أجريت مناقشة التعريف والقائمة مع رهط من الناشطات السعوديات المتمكنات في مقدمة قضايا المرأة في المملكة العربية السعودية. آمل أن أكتب عنهن في مقال لاحق.
..
وفي بعض الأحيان كنت أسأل النساء في دار الحماية، ماذا عن هذا النوع من الفعل؟ فيجبن نعم هذا حدث لنا، فأثبته في القائمة. وأترك ما كان غريبا أو غير معروف. فالفكرة هي أن العنف الأسري لا يعرف حدودا ويأتي في أغرب الأشكال دون أن يتم تصنيفه على أنه عنف أسري.
وكنت آتي ببعض الأمثلة بالاقتباس من بعض الكتب التي تناولت هذا الموضوع العالمي الموجود في جميع الدول والثقافات. وكذا كنت أستلهم بعض الأمثلة من معطيات تجربتي في التدريب في مجال حماية الأطفال.
فجميع الأمثلة للأفعال العنفية تم اعتمادها في سياق تلك المدارسات في دار الحماية بمدينة جدة. وتم تعزيزها في ورش العمل في الإمارات عن العنف الأسري، وفي ورش عمل عن حماية الأطفال في كوستي وود مدني ومحلية جبل أولياء وأمبدة.
..
ويمكن للقارئة تجديد القائمة وتغييرها وتطويرها كلما كشفت التجربة أفعالا وأشكالا جديدة للعنف الأسري.
(5)
أولا،
أفعال العنف الجسدي. وهي المعروفة، لكنها ليست الوحيدة.
الضرب؛ الجلد؛ الحرق؛ الصفع واللطم؛ اللكم؛ الهز؛ الطعن؛ العض؛ الرفس والركل؛ الخنق؛ القذف بأشياء تجاه المرأة؛ استخدام الأسلحة والآلات والأدوات المنزلية ضد المرأة؛ خبط بالصحن أو بماعون على الرأس؛ قذف ودفع على الجدار.
بالإضافة إلى: الحرمان من النوم؛ الهجر في مكان خطير؛ الاعتداء أثناء فترة الحمل؛ إغلاق الباب دون دخول المرأة لبيتها؛ الإمساك بالمرأة للمنع من الخروج لضرورة حددت هي أنها مشروعة؛ الحبس الفظيع في غرفة مغلقة بباب حديدي؛ الحبس في البيت بغرض التسلط والتحكم؛ السجن في المنزل لشهور أحيانا.
وهناك: قص الشعر وأية أفعال مماثلة لتقبيح المرأة؛ تمزيق ملابس المرأة، مصل تمزيق العباءة لمنعها من الخروج؛ وتمزيق الملابس الجميلة في نظر المرأة.
..
ثانيا،
أفعال العنف الجنسي
وذلك ضد الزوجة، أيا كان عمرها.
من هذه الأفعال، متابعة النشاط الجنسي بينما الزوجة لم تقدم الرضا أو لم تكن متمكنة من تقديمه؛ اغتصاب الزوجة؛ إلحاق الضرر بالأعضاء التناسلية للزوجة؛ الإصرار على ممارسات جنسية غير مرغوبة من قبل الزوجة؛ انتقاد الأداء الجنسي للزوجة (الاتهام بالبرود الجنسي)؛ تتفيه المشاعر الجنسية للزوجة؛ ختان الإناث؛ الهجر الجنسي والحرمان من الجنس والحنان؛ تفتيش العذرية، أحيانا عن طريق الطبيب؛ الغيرة والاعتقاد الخاطئ بالخيانة الزوجية؛ الإصرار على لباس الزوجة بصورة خلاعية؛ الاتجار بالزوجة (الدعارة القسرية)؛ الإجهاض القسري؛ الحرمان من استخدام عازل جنسي للحماية الذاتية من المرض المحتمل عند الزوج؛ فرض الجماع بدون وقاية من الأمراض الجنسية المحتملة لدى الزوج؛ فرض الحمل غير المرغوب؛ الإذلال الجنسي؛ أحاديث الزوج عن العلاقات الجنسية مع أطفال أمام زوجته؛ الدخول في علاقات جنسية محرمة مع نساء أخريات؛
إقامة علاقة جنسية مع الخادمة؛ زواج المسيار، كجزء مكمل للنسق العام للعنف الأسري وليس كحدث منفرد؛ فرض مشاهدة الأفلام الخلاعية.
..
وبشأن الأطفال أقل من 18 عاما في مجال العنف الأسري على المستوى الجنسي، نجد: الاتجار بالأطفال في الجنس والدعارة؛ المضايقة الجنسية للأطفال، مثل التحرش الجنسي بالأطفال؛ الاعتداء الجنسي على الأطفال؛ الاستغلال الجنسي للأطفال؛ التصوير الخلاعي للأطفال؛ فرض مشاهدة الأوضاع الجنسية على الأطفال؛ الزواج بالأطفال؛ الدخول في علاقات عشقية مع البنات أو الأخوات؛ اغتصاب البنات / الأخوات؛ سفاح الأقارب؛ الاتجار بالبنات / الأخوات؛ الاتجار بالقريبات في الأسرة الممتدة؛ التحرش الجنسي بالبنات / بالأخوات؛ الملاعبة الجنسية للمحارم؛ اللمس الجنسي غير المريح للبنات / الأخوات.
..
ولدى وحدة الأسرة والطفل في المقرن أمثلة متعددة للعنف الأسري على هذا المستوى الجنسي. والأمثلة موجود أيضا لدى الأطباء، وفي مستشفيات الأمراض العقلية.
ثالثا،
أفعال العنف النفسي
تخويف الزوجة (أو الخطيبة، أو الصديقة، أو المطلقة)؛ التقريع المستمر؛ المضايقة في المنزل وفي مكان العمل؛ الاستهزاء المستمر؛ تحطيم الممتلكات؛ الشتم العلني؛ انتقاد الزوجة باستمرار؛ الإهانة أمام الأطفال؛ التسمية القبيحة والشتم بأقذع الألفاظ؛ الإيذاء بالكلام من نوع: "يا حيوانة؛ أنت ساقطة؛ ما عندك كرامة، أنت زي الحيوان"؛ نشر حديث كاذب عن أن المرأة مجنونة أو مريضة نفسيا أو أنها في مستشفي الأمراض النفسية؛ الصراخ والصياح في وجه الزوجة؛ "حرق القلب" بالحرمان من رؤية الأطفال؛ الإهانة وطرد الأقارب؛ استخدام الأطفال ليشاركوا في الأفعال الإيذائية؛ الإذلال في مكان عام (وفي خصوصية المنزل)؛ انتقاد ملابس الزوجة أو طريقة كلامها أو شكلها أو طبخها؛ التهديد المستمر بالطلاق؛ اتهام الزوجة أن أمها جرارة (قوادة)؛ التهديد بالحرمان من رؤية الأطفال؛ الصمت غير المبرر؛ الانسحاب من التواصل الكلامي؛ المخادعة بالأكاذيب والتناقضات؛ العضل (منع الزواج)؛ تجاهلها ونسيانها كزوجة أولى عند زواجه اللاحق؛ التهديد بأفعال عنيفة؛ التهديد بالأطفال؛ ملاحقة الزوجة السابقة (المطلقة) بغرض الانتقام منها؛ التهديد بالقتل؛ الاندراج في ألاعيب لجعل الزوجة تشعر أنها سوف تجن؛ التهديد بالفضح؛ استخدام الأطفال كجواسيس ضدها؛ التهديد بالمحكمة؛ الملاحقة في أي مكان بغرض المضايقة؛ الترهيب بالسلاح (إشهار السلاح؛ إظهار السلاح)؛ وإرسال طفل ذكر صغير السن ليرافقها كرقيب على تصرفاتها عند الخروج من المنزل.
...
ثالثا،
أفعال العنف المتصلة بالعزل الاجتماعي
العزل من الأهل والأصدقاء؛ جعل الأهل وأفراد الأسرة يحسون أنهم غير مرحب بهم؛ منع الزوجة من استخدام الأنترنيت؛ المراقبة اللصيقة للزوجة عند الخروج؛ منع المكالمات التلفونية؛ المنع من الخروج؛ الحبس؛ السجن؛ المنع من فتح الباب للأهل؛ المنع من رؤية الأقارب، والصديقات، والمعارف، والجيران؛ منع زيارة الأطفال (بالنسبة للمطلقة)؛
منع المجلات والكتب؛
..
رابعا،
أفعال العنف المتصلة بالإهمال والحرمان
المنع من التعليم؛ فرض نوع من التعليم يخالف رغبة الأطفال والبنات والأخوات
الإهمال؛ إهمالها كمطلقة وإهمال أطفالها وعدم الإنفاق عليهم؛ إهمال تقديم المساعدات والرعاية والحماية؛ الحرمان من التغذية الكافية والعناية الطبية؛ الهجر؛ الحرمان من الأشياء البسيطة.
الفشل في ضمان حصول الطفل على التغذية الكافية، والملبس، والمأوى، والإشراف؛ الفشل في ضمان أن الطفل يحصل على الرعاية الصحية الكافية، والعناية بالأسنان.
..
خامسا،
أفعال العنف الاقتصادي
الحرمان من الحصول على مبالغ نقدية؛ المطالبة بحسابات مفصلة؛ المطالبة بالإفادة القصوى عن كيفية صرف المبالغ الصغيرة؛ رفض السماح للمرأة بالعمل؛ الاستيلاء على الأموال الخاصة بالمرأة؛ اتخاذ كل القرارات المالية المتصلة بالأسرة؛ رفض العمل أو المشاركة في الدخل؛ عدم الصرف؛ السيطرة على الراتب الشهري؛ الاستحواذ على التركة؛ تعويق العمل الاقتصادي أو الاستثماري (مثل مشاركة المرأة في سوق الأسهم)؛ الإجبار على عمل غير مرغوب فيه؛ عدم النفقة على الزوجة.
..
سادسا،
أفعال العنف الثقافي والديني
حرمان الضحية من متابعة النشاطات الدينية والروحية والثقافية؛ تحقير معتقدات الزوجة؛ تبرير أشكال الإيذاء المختلفة على أساس ديني (واضربوهن) أو ثقافي؛ الاتهام بالسحر والشعوذة.
..
سابعا،
سوء استخدام الامتيازات الذكورية, وأغلب الأمثلة تنطبق على المملكة العربية السعودية. فيمكن للقارئة التفكر في أمثلة مشابهة تندرج تحت عنوان "سوء استخدام الامتيازات الذكورية".
..
سوء استخدام "ولاية الأمر"؛ سوء استخدام بطاقة العائلة (السعودية)؛ التزويج القسري؛ سوء استخدام كرت العائلة كأداة عنف؛ التطليق القسري (أحيانا بعون المحكمة)؛ الحرمان من استخدام بطاقة العائلة؛ كشف العذرية؛ عدم الإضافة في الأوراق الثبوتية؛ الحبس في المنزل؛ الإضافة التعسفية في كرت العائلة بغرض التحكم؛ عدم السماح للمرأة بدخول البيت أو العودة إليه؛ إخفاء الأوراق الرسمية عند الطلاق مما يعيق تعليم الأطفال؛ استخدام أجهزة النظام لتعنيف المرأة؛ التهديد بالإبعاد (للزوجة الأجنبية)؛ القسر على التوقيع على أوراق؛ عدم السماح لها بالعمل لأنه ولي الأمر؛ تسبيب فصلها من العمل كولي لأمرها؛ استغلال تعزيز المجتمع والأجهزة النظامية للسلوكيات الإيذائية ضد المرأة؛ طرد الزوجة الأجنبية التي ليس لها أهل أو أقارب في منطقة إقامة الزوج؛ الحرمان من حرية اتخاذ القرار والإصرار على مراجعته في كل شيء؛ استخدام المستشفى لكشف العذرية؛ التعسف في المنع من الخروج؛ ادعاء أن هروبها من العنف الأسري كان لأغراض أخرى؛ فرضه عليها السكن مع أهله؛ سوء استخدام أجهزة إنفاذ القانون والقضاء للتحكم والتسلط في المرأة؛ طرد المطلقة ورميها في الشارع لوحدها أو مع أطفالها؛ استخدام الشرطة ضد الزوجة أو الأم أو الأخوات (البلاغ الكيدي؛ الكذب؛ الاستمالة لموقفه)؛ نزع الأطفال من والدتهم عند الطلاق؛ مكيدة الطرد ببلاغ الزوج عن هروب الزوجة فتتعرض للسجن بتهمة الهروب؛ حرمانها من إرثها؛ الاستخدام التعسفي أو الكيدي لصك الاستحكام؛ الخيانة الزوجية المتكررة خارج الدولة؛ تسبيب جلد الزوجة أو الأم أو الأخوات؛ استغلال وضعيته كولي أمر عندما يكون خصما للمرأة؛ تسبيب سجن الزوجة أو الأم أو الأخوات؛ الاتهام الكيدي بإفساد البنات.
(6)
فذلك كان إسهاما متواضعا في الاحتفال باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة. وبشأن لزامة عدم الخلط بين "واضربوهن" في الآية، من جهة، والعنف الأسري المعرف بنسقه واستمراريته وبتناميه عبر الزمن، وبموضوعه المتمثل في تسلط الرجل على المرأة. من جهة أخرى.
..
ولابد أن أذكر هنا أن العنف الأسري يدور أيضا ضد الأشخاص ذوي التركيبات التناسلية الأخرى، منها المزدوجة. وضد المثليين من الجنسين. وهاتان الفئتان موجودتان في عدد غير معروف من الأسر السودانية. ويمكن أن نقدر تقديرا أن أفرادهما يتعرضون إلى العنف الأسري، بأشكاله المختلفة. بالإضافة إلى ما يتعلق بوضعياتهم.
فلابد من كسر حاجز الصمت إزاء هذه الوضعيات الأخيرة التي تثير قضايا قانونية وشرعية واجتماعية وطبية أحيانا. ذلك أن الهم بموضوع العنف الأسري، ذي النسق والاستمرارية والتنامي، لا يمكن له أن يتصنع عدم وجود هاتين الفئتين في أسر سودانية، على قلة الأعداد المفترضة.
فالعنف الأسري جريمة مركبة ضد جميع الأشخاص الذين يتعرضون له. بصرف النظر عن التكييف البيولوجي أو الاجتماعي أو القانوني أو الشرعي لهؤلاء الأشخاص في وضعياتهم التجريبية المادية، وبينهم أطفال دون الثامنة عشر من العمر.
عشاري أحمد محمود خليل
[email protected]
26 نوفمبر 2014
///////////


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.