لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعقيب على مقال بدرالدين حامد الهاشمي في17 نوفمبر هب الشعب طرد جلاده .. بقلم: الأمين عبدالرحمن أحمد عيسى
نشر في سودانيل يوم 30 - 11 - 2009


وقال عبود أحكموا علينا بأعمالنا ...
ولم نفعل ذلك حتى الآن
Alamin Ahmed Ahmed [[email protected]]
مقالات الأخ بدرالدين الهاشمي شيقة وممتعة وقد اعتدت حينما أفتح موقع سوادانايل أن أبحث عن إسمه بين أحدث المقالات في الموقع فأمتع نفسي بمطالعتها ومقالات الهاشمي ليست ككل المقالات المترجمة فالرجل يغوص بك في أعماق الكتب والمجلات ويتحفك بقصص وحكاوي رائعة لأناس جميلين ورائعين هم من أواسط وأدني مستويات المجتمعات لكنهم الأكثر أصالة.
إثر إعجابي يوما ببعض مواضيعه أرسلت له تعليقا و استلمت منه ردا كان بداية المعرفة بينه وبيني ، الحقيقة أنا أعرفه من زمن كما ذكرت ، لكن المراسلة البريدية الإلكتروني عرفته بي وكانت سببا لأن أخبره عن كتاب إبراهيم عبود الذي أصدرته قبل أربع أعوام ، ثم تمكنت فيما بعد أن أرسل له نسخة مطبوعة من الكتاب.
وقد برني الأخ الهاشمي بأن أعد مقالا عن كتاب الفريق إبراهيم عبود في ذكرى ثورة 17 نوفمبر الحادية والخمسين بدأه متسائلا لعله من الغريب أن يكتب مقالا عن إبراهيم عبود من ترجم كتابا عن ثورة أكتوبر، وذاك ليس بالأمر الشاق ، فقد كتب من قبل الأخ أحمد محمد شاموق أول كتاب صدر عن ثورة أكتوبر أسماه الثورة الظافرة وطبعت منه ثلاث طبعات، وهو الآن منذ أكثر من ست أعوام يكتب بانتظام عن إبراهيم عبود وعن عهده الزاهر.
انتهز هذه السانحة أن أشكر الأخ الكريم بدر الدين حامد الهاشمي على مقاله وتصويبه وتنبيهه لبعض الهنات والأخطاء في كتابي ، وأشكره أنه يظنني من المؤرخين فيرشدني إلى الأسلوب الأمثل لكتابة التاريخ ، لكني كما ذكرت لبعض من انتقد الكتاب من قبل لست سوى هاو وكتابي عن عبود هذا أتي نتيجة غضبة لنفسي عن عدم نشر رد قمت بإعداده على الدكتور زهير السراج وسلمته لصحيفة الصحافة فرفضوا أن ينشروه ، ثم وجدت المقال بعد حوالي العام في أوراقي، قرأته وحزنت أن رأيي في إبراهيم عبود وفي مقال الدكتور السراج قد حجبا عن القراء، عبت في ذاك المقال على الأخ السراج إساءته لعبود وحكومته وقلت له أن المنطق يقول أن عبود ليس بدكتاتور ولو كان كذلك لما تنازل عن الحكم ولظل يحكم بقوة وجبروت السلاح إلى أن يموت كما يفعل كل الطغاة ، في آخر مقالي ذاك كنت قد تساءلت متى يكتب التاريخ عن الفريق إبراهيم عبود الرجل الذي أحسن إلى شعبه وقابله الشعب بالإساءة ، وكان أن قررت حينذاك أن أكتب عن عبود رغم عدم تخصصي ، وأحمد الله أن المادة كانت مغرية وغنية وثرة وقد ساعدتني كثيرا، وهكذا تم إعداد الكتاب في فترة زمنية وجيزة.
الأخ الهاشمي مثلما هو ضليع في علمه وتخصصه العلمي ، ومثلما هو رائع في مقالاته المترجمة ، فقد جاء إستعراضه للكتاب جيدا مثيرا للنقاش، إلا أن قلمه قد خذله في بعض المواقف فجاء نقده غير مرتكز على أسس متينة، مما مكني أن أرد عليه ، لذا أرجو أن يسمح لي صديقي الهاشمي أن أوجه بعض النقد لمقاله وبالتالي أكون قد دافعت عن شخصي وكتابي والشخصية التي أكتب عنها.
يقول الهاشمي :
" ... بدأ المؤلف بإهداء الكتاب إلى السيد رئيس الجمهورية المشير البشير، وإلى النائب الأول (آنذاك) السيد علي عثمان طه، وإلى النائب الثاني (آنذاك) السيد موسس مشار، وكل ذلك يشير إلى السنوات التي تمت فيها كتابة ذلك الكتاب، وأهدى المؤلف الكتاب أيضا إلى السيد أحمد إبراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطني، وإلى رتل من الوزراء الاتحاديين والولائيين وإلى نواب الشعب في المجلس الوطني والمجالس الولائية وغيرهم، ثم يختم بإهداء الكتاب "إلى كل أفراد الشعب السوداني شيباً وشبابا"! لقد صدمني ذلك الإهداء الطويل، وتمنيت لو أن الكاتب الكريم اكتفى بإهداء كتابه إلى "كل أفراد الشعب السوداني شيباً وشبابا"، فمن ذكرهم هم بلا ريب من شيب وشباب الشعب السوداني، أليس كذلك؟ والإهداء بالصورة التي ورد بها يشير إلى ظلال حزبية ضيقة تتنافى مع صفة المؤرخ المتجرد (إن كان هنالك بالفعل مؤرخ "متجرد" تماما!)...."
أرد أنني إنما فعلت ذلك متعمدا فقد أعددت كتاب عبود لأن يقرأه حكام السودان أولا ، وهم الجهة المستهدفة من إصدار هذا الكتاب ، قلت لحكام السودان صراحة أنا أهدي لكم سيرة رجل عظيم ، لكني لم أشأ أن أقل صراحة بل قلت لهم ضمنيا وأني لأرجو أن تقتدوا بهذا الأنموذج الفريد للحاكم السوداني الذي من الله به على هذه البلاد في إحدى حقب الزمان ، وأني لأرجو تنهجوا نهجه وأن تحذو حذوه وأن تديروا شؤون البلاد كما أدارها. هذا ما كان من أمر الإهداءات التي صدمت الإخ الهاشمي.
أيضا يقول الهاشمي :
" .... كذلك هون المؤلف – غفر الله له - من شأن قتل شرطة نظام عبود لشباب الأنصار عام 1961م، في ما أسماه "حادثة المولد"، وعزاها لخرق شباب الأنصار لقرار حكومي يحظر التجمع وتسيير المواكب. ولا أدري كيف يسوغ المؤلف لقتل تلك الأنفس البريئة بسبب واهٍ مشكوك في قانونيته."
أرجو أن أبين أنني ذكرت الحدث واصفا إياه في ثلاثة جمل جاءت ضمن عرضي للأمر ، أولا بالحادث المؤسف ، وثانية الحادث الأليم، وفي المرة الثالثة قلت وهكذا أمضت أمدرمان يوما حزينا وهي تودع بنيها، ألا يدل ذلك على إحساسي وتفاعلي مع الحدث؟ ، ثم إنك لو طالعت بشئ من التأمل لوجدت أن الحادث لم يكن قتلا من رجال الشرطة لأنفس بريئة كما ذكرت ، بل كان اشتباكا بين شباب الأنصار ورجال الشرطة أدى إلى وفاة اثني عشر شخصا من الأنصار ووفاة خمسة وجرح أربعة من رجال الشرطة ، وإذا قدرت أن رجال الشرطة كانوا يحملون أسلحتهم النارية ، وأن شباب الأنصار كانوا مسلحين فقط بعصيهم وأسلحتهم البيضاء لتأكد لديك أن العنف الذي كان من جانب شباب الأنصار لم يكن أقل مما قابله من رجال الشرطة. ثم أننا أخي بدرالدين كثيرا ما ننحي باللائمة على رجال الشرطة وما هم إلا مواطنين سودانيين تضطرتهم ظروف عملهم أن يقفوا في مواجهة العنف أحيانا ، يجب علينا أن ندرك أنهم لا يلجؤون لإستخدام أسلحتهم النارية إلا حينما يكونوا في أصعب وأحلك المواقف وحينما لا يكون أمامهم خيار لإنقاذ أنفسهم من القتل ، وهذا ما حدث في ليلة 21 أكتوبر، فالمعلوم أن إتحاد طلاب جامعة الخرطوم الذي انتهى بمواجهته لحكومة نوفمبر لإسقاط حكومة عبود ، كان قد أجل قيام الندوة الأولى المعدة لنقاش قضية الجنوب إلى موعد آخر حتى يكون أكثر إستعدادا لمواجهة الشرطة. وفي كتابه الثورة الظافرة أشار شاموق إلى ما لقيه رجال الشرطة من عنف الطلاب بعد نفاذ الغاز المسيل للدموع.
وفي مقاله أيضا يقول الهاشمي :
" ... بيد أن الخلاف الرئيس مع المؤلف هو في معايير الحاكم الراشد في زماننا هذا، والتي أهمها أن يكون الحاكم منتخباً ديمقراطياً، وأن يكون الحكم ديمقراطياً مؤسسياً، فلا مجال للتعويل هنا على "طيبة القلب" و"الزهد" و"التصوف" عند الحاكم، وهذه من البدهيات التي لا يتصور أن تفوت على الكاتب اللبيب."
أشارتنا لطيبة قلب عبود هي أيضا مقصودة ، حتى نبرئ ساحة عبود من تهم وإساءات ما زال البعض حتى مضي خمسين عاما يصرون على إطلاقها عليه كل حين وآخر، فلا يعقل لشخص بهذه الصفات من الزهد والتصوف وطيبة القلب أن يستولي على الحكم بليل ، ولا يمكن لمن هذه صفاته أن يكون سفاحا ، أو يكون دكتاتورا.
يتصل نقد الهاشمي لكتاب الفريق إبراهيم عبود قائلا :
" ... وفي مواضع أخرى من الكتاب يهون المؤلف من شأن المعارضة لحكومة عبود، إذ يوحي بأن كافة أطياف الشعب السوداني كان يقف خلفها مشيداً ومؤيداً ومناصرا... "
توقف الأخ الهاشمي عند مقولتنا أن الشعب كله كان يقف خلفها مشيدا ومؤيدا ومناصرا مدللا على معارضة الشعب لعبود بالشعارات التي كان يقرأها في طريقه من منزلهم إلى المدرسة ، نعم كلنا قرأنا هذه الشعارات لكن السؤال المهم هل كانت هذه المعارضة من كل أفراد الشعب السوداني ومن كل أحزابه ، إنك لتعلم جيدا أنها لم تكن إلا من أفراد الحزب الشيوعي ولك أن تقدر كم كانوا يشكلون من مجموع الشعب السوداني آنذاك حتى نصل لتقدير منصف لمعدل السودانيين الذين كانوا في رضى عن حكومة عبود ونسبة الذين كانوا في معارضة لنظام عبود .
وهناك حقيقة يجب ألا تغفل هي أن الحزب الشيوعي توقف في أخريات عهد عبود عن المقاومة والمعارضة وصار مشاركا في التنظيم السياسي الذي أنشاه عبود وقد ذكرت أنت في مقالك أن أحمد سليمان كان أحد المرشحين لإنتخابات المجلس المركزي ، وحتى قبل أكتوبر بأيام قليلة كان أعضاء الحزب الشيوعي في إتحاد حافظ الشيخ الزاكي إتحاد أكتوبر كانوا ضد المواجهة بين الإتحاد وحكومة نوفمبر وهذه حقيقة يعلمها الجميع.
أما الأمر الغريب حقا في مقال الهاشمي فهو إفادته أن تخطيط عبدالله خليل للإنقلاب أمر مشكوك فيه ولا دليل مادي عليه ويستند الهاشمي على إفادتين جاءتا على لسان عبدالله خليل ، الأولى تصريحه لصحيفة الصراحة بأنه لا يزمع التخطيط لأي إنقلاب في يوم 16 نوفمبر ، والثاني هو إنكاره عند التحقيق معه بعد أكتوبر، إذن الهاشمي يرفض كل الإفادات القائلة بأن خليل هو المخطط للإنقلاب وينفي صحتها ، بينما يصدق عبدالله خليل ، وللأخ الهاشمي أن يرى ما يعتقد أنه صوابا لكني أرجوه أن يطالع كتاب خريف الفرح لعبدالرحمن مختار، وبالذات الجزء الخاص بزيارة عبدالله خليل لأثيوبيا ليتأكد من تدبير عبدالله خليل للإنقلاب ، أرجو أن أضيف أن لعبدالله خليل دوافعه الخاصة التي حدت به لتسليم السلطة للجيش ، وأنه لم يكن يبغي تسليم الحكم لعبود في البداية بل بدأ المحاولة مع أحمد عبدالوهاب وقد رفض أحمد عبدالوهاب، قائلا أنه لا يمكن أن يتخطى قائده الأعلى ، ( ولعلها من عجائب الدهر أن أحمد عبدالوهاب حينما إنقلبت مجموعة محي أحمد عبدالله على عبود لم يوافق على الحل الودي بإشراكهم في مجلس الثورة فقدم إستقالته) ، حينذاك لجأ عبدالله خليل إلى عبود، وأرسل له زين العابدين صالح يخبره ، ومن القصص التي تحكى أن عبود لما زاره زين العابدين صالح في منزله وقبل أن يناقشه في مسالة تولي الحكم ذكرله عبود أنه سوف يتقاعد قريبا وأنه يرجو منه بحكم علاقته بالمسؤولين أن يتوسط له ليمنح ترخيصا بإقامة ورشة لصيانة الآليات الثقيلة، فخرج زين العابدين يقول ذهبت للرجل أطلب منه أن يحكم البلاد فإذا به يطلب مني ترخيصا لورشة!! بالطبع هذه المقولة الهازئة لا تقلل من قدر عبود ، بل أوردناها لتأكيد أن التدبير للإنقلاب جاء بلا شك من عبدالله خليل.
إيضا يقول الهاشمي في مقاله:
" .... كان على المؤلف – في نظري - أن يلتزم جانب الحيدة والإنصاف ما وسعه ذلك، وأن يورد الرأي والرأي الآخر توخياً للموضوعية والتوازن المطلوب في الكتب التاريخية الموثوقة. فعلى سبيل المثال لم أجد في الكتاب أثراً لرأي د. حسن الترابي في نظام عبود، وهو ممن كانوا قد قادوا ثورة أكتوبر التي أطاحت بنظام عبود، وكان أول من أعلن صراحة في ندوة شهيرة بجامعة الخرطوم بأن حل مشكلة الجنوب مرتبط بزوال ذلك النظام العسكري..."
يريدنا الهاشمي ان نلتزم جانب الحيدة والإنصاف وأن نذكر الرأي والرأي الآخر ، حقيقة نحن الآن نفعل ذلك فهذا أول كتاب ينشر في تاريخ السودان يذكر الرأي الآخر، فالرأي السائد كان دائما مناصرا لثورة أكتوبر ، ظالما لعهد عبود، هذا هو الرأي الآخر الذي لم يسمع من قبل ، نرجوكم أن تصبرو قليلا وأن تتحملوا الإستماع إليه، نحن الآن قد نكون أمام ساحة عدالة التاريخ نقدم شهاداتنا ومرافعتنا عن عبود ، بالطبع ليس من واجبنا أن نورد إفادات من هم ضد عبود ، تلك مهمة الآخرين وهم كثر وهم لم يتوانوا عن ذلك، لقد قاموا بدورهم على أفضل وجه، ونحن الآن نقدم شهادتنا ودفاعنا ، فأرجو أن لا تعيبوا علينا إختيار شهودنا بعناية فائقة كما ذكرتم.
قلتم أنكم لم تجدوا في الكتاب أثرا لرأي الدكتور حسن الترابي ، لقد ذكرنا رأي الدكتور الترابي في حكومة عبود وقلنا لولاه لما تحولت الندوات التي طلبت حكومة عبود من الفئة المستنيرة والمتعلمة عبرها عونها والمساهمة معها في إيجاد حل لأزمة الجنوب ، لما تحولت تلك الندوات إلى ندوات لمعارضة الدولة ، ذكرت في كتابي ما قاله الدكتور الترابي في تلك الندوة أن الأزمة ليست أزمة جنوب السودان وحده بل هي أزمة دستورية وأنه لابد من ذهاب الحكومة العسكرية حتى تنحل مشكلة جنوب السودان ، ثم عقبت على قول الترابي ذاك أن عبود ذهب وبقيت أزمة جنوب السودان لم يجد لها السودانيون حلا إلا بعد أربعين عاما !! ترى هل كان الترابي محقا فيما قاله في تلك الندوة ؟؟ أن حل أزمة الجنوب كان في ذهاب عبود؟؟
وعن أزمة جنوب السودان نقرأ تعليق الأخ الهاشمي هذا:
" .... ولا يحتاج المرء لأن يذكر المؤلف أن ما وصفه في يسر وجزافية ب "الأوضاع في الجنوب" كان وما يزال هو "كعب أخيل" الذي فَعَل بالسودان ما ترون!.... "
كيف يا أخي تقول أنني ذكرت في يسر وجزافية الاوضاع في الجنوب ، لعلك لم تقرأ الكتاب كله ، لقد أفردت لأزمة جنوب السودان ملفا كاملا شغل ما يقرب من ربع الكتاب والصفحات من 163حتى205 كانت لأزمة جنوب السودان كيف بدأت في 18 أغسطس 1955 وكيف تطورت إلى أن وصلنا للندوات الشهيرة في اكتوبر 1964 وحتي تنازل عبود ، ولله هذا أمر عجيب ألا ترى كل هذا المجهود الذي بذلته من أجل إيضاح ان مشكلة جنوب السودان كانت هي العقبة التي تسببت في القضاء على عهد عبود وأنها ظلت العقبة الكؤود أمام تقدم السودان حتى اليوم.
عاب علينا الهاشمي أننا لم نورد شيئا من الكتب المعارضة وأشار بالذات لكتاب الحزب الشيوعي ثورة شعب ، أرجو أن أذكر أنني أحد المهتمين بعهد عبود الذين يملكون نسخة من كتاب ثورة شعب ست سنوات من النضال ضد الحكم العسكري وقد أودعت هذه النسخة بإسمي في دار الوثائق من أجل المنفعة العامة ، لكن لا جديد في الكتاب سوى الإساءة لعهد عبود التي بدأها الشيوعيون يوم 18 نوفمبر 1958 ولا يزالون في ممارسة لها حتى اليوم .
ويقول الهاشمي أيضا:
" ... ولم يكلف المؤلف نفسه تفسير اندلاع ثورة شعبية ضد نظام يتمتع بكل تلك الإشادة والتأييد والمناصرة..."
لقد تساءل الهاشمي كيف نفسر أن تهب ثورة شعبية ضد حكومة تحظى بكل هذا التأييد من الشعب ، ولله لا نملك نحن إلا أن نعيد السؤال له مرة أخرى كيف يثور السودانيون على حكومة كحكومة عبود ؟؟؟؟ إن سؤالك هذا وردنا عليه يجعلنا أمام خيارين إما أن نظام عبود يستحق أن يزال بالثورة ضده ، أو أن الثورة ضد نظام نوفمبر لم يكن لها ما يبررها ، والآن بعد مضي أكثر من خمسين عاما على هذه الأحداث فإن نظرات فاحصة لذلك العهد ومقارنات يمكن أن تعقد بينه وبين العهود قبله وبعده ليمكن أن تقودنا إلى الإجابة الصحيحة .
وأخيرا نأتي إلى أجمل جملة جاءت في مقال الهاشمي إذ يقول :
" ... وشاءت إرادة المولى أن نتحلق تارة أخرى حول مذياع "فيليبس" كهربائي هذه المرة.. "
لعل هذه الجملة هي أبلغ شهادة جاءت دون قصد، تحكي عن التقدم والتطور الذي أحدثه نظام عبود في السودان لقد استمع السودانيون إلى بيان عبود الأول من أجهزة إذاعية تعمل بالبطارية الجافة بيريك، واستمعوا للبيان الختامي الذي ودع فيه عبود الشعب السوداني من مذياع فيليس كهربائي هذه المرة كما شهد الهاشمي. كان عبود أول من عمل على إنشاء وحدة لتوليد الكهرباء في خزان سنار ، وهو من شيد محطتي بري وبحري الحراريتين لإنتاج الكهرباء ، وأول من شيد سدا على نهر عطبرة يروي مشروع خشم القربة الزراعي ويروي مزارع قصب السكر وينتج الكهرباء وهو من بدأ بتشييد خزان الروصيرص من أجل إمداد السودان بالكهرباء.
هل حكينا للشعب السوداني عن منجزات عهد عبود الأخرى، ذاك هو الباب الرائع في تقديري في الكتاب، وفيه إستعراض موجز لما شيده عبود في ست سنوات، منجزات إذا ما قورنت بالعهود قبله وبعده لأظهرت الحكومات الأخرى كما الأقزام إلى جانب قامة حكومة نوفمبر الفارعة الطول .
لكن لم يشر الأخ الهاشمي في مقاله إلى هذا الجانب من كتابنا وهو ما وضعنا له عنوانا العصر الذهبي وأقول لك بكل صدق أن الإنجازات التي تمت في عهد عبود ما زالت حتى الآن تفوق إنجازات كل الحكومات التي تلته سواء كانت حزبية أو عسكرية مجتمعة . منها على سبيل المثال 1400 كيلو مترا من خطوط السكك الحديدية في عهد عبود في مقابل صفر في العهود التي تلته، 23 معدية علي مواقع مختلفة من النيل في مقابل صفر، مصانع القطاع العام العديدة في مقابل صفر، ري مليون فدان في الجزيرة، الجسور ، الكهرباء ، المشروعات الزراعية ، الأبحاث الجيوليوجية، البنوك المتخصصة الصناعي والعقاري والتجاري ، الجامعات والمعاهد والكليات ، التوسع في التعليم الأولى والمتوسط والثانوي، والصحة والمستشفيات ، الإسكان المدن الشعبية، الخطوط الجوية السودانية ، الخطوط البحرية ، مصانع السكر والغزل والنسيج ، والألبان والتعليب، الإتصالات السلكية واللا سلكية، النقل النهري، الإذاعة ، التلفزيون ، ووو قائمة تطول وتطول أو ننسى كل هذه الإنجازات لعبود ولا نذكر إلا أنه غير منتخب ديمقراطيا ! ما الذي فعله الذين أنتخبوا ديمقراطيا ؟
لقد وصف عبدالناصر إنجازات عبود بأنها أكبر من قدرتهم على حصرها.
قال عنه المراقبون كان عبود قليل الكلام كثير العمل
وقال عبود أحكموا علينا بأعمالنا
ولم نفعل ذلك حتى الآن
بل كانت جموعنا تهتف " إلى الجحيم يا عبود "
وما زال مثقفونا يسودون الصحائف يسبون عبود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.