مرتزقة أجانب يرجح أنهم من دولة كولومبيا يقاتلون إلى جانب المليشيا المملوكة لأسرة دقلو الإرهابية    بعثة منتخبنا تشيد بالأشقاء الجزائرين    منتخبنا المدرسي في مواجهة نظيره اليوغندي من أجل البرونزية    إتحاد الكرة يحتفل بختام الموسم الرياضي بالقضارف    دقلو أبو بريص    هل محمد خير جدل التعين واحقاد الطامعين!!    كامل إدريس يلتقي الناظر ترك ويدعو القيادات الأهلية بشرق السودان للمساهمة في الاستشفاء الوطني    أكثر من 80 "مرتزقا" كولومبيا قاتلوا مع مليشيا الدعم السريع خلال هجومها على الفاشر    شاهد بالفيديو.. بلة جابر: (ضحيتي بنفسي في ود مدني وتعرضت للإنذار من أجل المحترف الضجة وارغو والرئيس جمال الوالي)    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعلان الدوحة حول مقررات ورؤى المجتمع المدني الدارفوري ... ما له وما عليه .. بقلم: أبكر محمد أبوالبشر
نشر في سودانيل يوم 04 - 12 - 2009

في البدء لا بد أن نثمن عالياً مبدأ مثل هذه الاجتماعيات التشاورية الشاملة، لأن الحوار الجاد والخالص هو الطريق الصحيح للوصول إلى الأرضية المشتركة في المضي قدماً لحل المشكلة السودانية في دارفور.
نحن في حركة/جيش تحرير السودان لنا سبق الشرف في التشاور مع القواعد، فقد عقدت الحركة مئات الإجتماعات الجماهيرية على مستوى مناطق سيطرتها، وشاورت الناس في طرحها، وما كان التأييد الذي وجدته حينها إلا دليلاً على تكامل أهدافها مع طموحات المواطن. كما كان للحركة السبق في دعوة أهلنا من دارفور كخبراء في ملف تقاسم الثروة أثناء المفاوضات التي جرت في أبوجا في العام 2006م، إذ وجدناهم خير معين ومستشارين للهدف المنشود، فلهم منا من الشكر أجزله – لا نريد ذكر أسمائهم هنا لأنهم أرفع من التعرف في الإعلام – كما أننا استقبلنا أعداد كبيرة من أهلنا ممثلين لزعماء العشائر – سلاطين ونظار وشراتي وعمد – وتنظيمات نسوية في أكثر من مرة ومنظمات المجتمع المدني ممثلة في "منبر دارفور" إذ مكث ثلاثة من أعضائه معنا في مقر المفاوضات في الجولة الأخيرة لأكثر من شهرين متواصلين يسدوننا النصح الغالي في جماعات وأفراداً. لقد رأيت أسماء كثير من الأخوات وزعماء العشائر والخبراء وأعضاء منظمات المجتمع المدني الذين إلتقيناهم في المفاوضات مشاركين في الاجتماع التشاوري الذي عقد في الدوحة (قطر) في الفترة من 17 إلى 20 نوفمبر الجاري، وأحسب أنهم عكسوا كثيراً مما كان يدور في أبوجا.
لكن في نهاية المطاف فشلت مفاوضات أبوجا في أن تحقق السلام العادل المستدام في دارفور، ويبدو أن جهدكم هذا موجه في اتجاه تصحيح المسار. من هذا المنطلق نرى أنه من الضرورة بمكان أن نوضح بشئ من الإيجاز بعض مسببات فشل مفاوضات السلام في أبوجا.
1- المواجهة العسكرية المباشرة ضد الحكومة المركزية التي انطلقت من بلدة "قولو" بجبل مرة في يوليو 2002م، قد قامت قبل استكمال الإعداد الكامل للثورة، أي أن الرؤية السياسية وما يؤسس عليها من برامج لم يكتمل إعداده آنذاك، لذا تم تسمية الحركة ب"حركة تحرير دارفور" ثم عدل لاحقاً إلى "حركة/جيش تحرير السودان". ونتيجة لتحقيق الإنتصارات العسكرية المتلاحقة ضد الحكومة، لم تجد الحركة المسلحة سبيل أمام ضغوط المجتمع الدولى سوى الإستجابة للجلوس للمفاوضات مبكراً قبل استكمال بناء الجسم السياسي المتكامل. هذه الأحداث المتسارعة فتحت الباب على مصراعيها فدخل عدد كبير من الإنتهازيين غير الوطنيين في الحركة المسلحة، والدليل على ذلك أن الحركات التي تأسست بعد إتفاقية أبوجا ثم وقّعت على ما تم تسميته إعلان الإلتزام (Declaration of Commitment) جميعهم انتهازيون عدا فصيلا مني أركو مناوي وأبوالقاسم إمام.
2- كان هم المجتمع الدولي حل الأزمة الإنسانية والأمنية لسببين رئيسين هما؛ (أ) الضغوط المتزايدة من المجتمعات الغربية لحكوماتها في الإسراع لحل المشكلة الإنسانية في دارفور (ب) في ظل إعتقادهم بفشل زعماء الحركات في أن يثبتوا للمجتمع الدولي في أن لهم رؤية سياسية واضحة وموحدة لحل القضية السودانية في دارفور.
3- زعماء الحركات المسلحة في دارفور كانوا شيعة متفرقة، كانوا يرون أن السلطة قد دنت وبدأ التنافس الغير شريف على منصب زعيم دارفور الجديد، ولم يراعوا علاج جذور الأزمة وأن حالتنا هذه هي حالة تأسيس الدولة السودانية التي لم تؤسس بعد.
4- بعض الوفود التي أتت من الداخل لدعم عملية السلام في أبوجا، كانت مهمتها تعميق الخلاف السياسي وسط أبناء دارفور. مثال ذلك أن بعض أعضاء الوفود كانوا يروجون ويصرون على إبقاء الوضع الحالي للولايات الثلاثة في دارفور ولن يقبلوا بالإقليم الواحد والذي بداخله عدد من الولايات بوهم أن ذلك سيرسّخ سيطرة بعض القبائل، بينما تناسوا أن دارفور كانت دولة عاش الجميع فيها على قدم التكافوء، بل حتى قبل تقسيمها إلى ولايات كانت دارفور إقليماً واحداً ومنسجماً. هذه الآراء المتطرفة عن اجماع أهل دارفور جعلت كثير من قيادات الحركات المسلحة أن تتوجس من السماع للوفود القادمة من دارفور بحجة أنها تحمل آراء المؤتمر الوطني حتى وإن كانت النصائح وطنية وخالصة لوجه الله تعالى.
هذا ما كان في أمر المفاوضات للتذكير وللتأكيد بأن أبناءكم في الحركات المسلحة لم ينفردوا باتخاذ قرار يخص أمر دارفور دون مشورة الأهل – لكن قد يختلف الناس في تفسير عملية أخذ الرأي - وهنا يجب أن نعترف نحن في الحركات المسلحة بأن الفئة الاجتماعية الوحيدة التي لم تتم استشارتها مباشرة، هي فئة النازحين المتواجدين في مناطق تسيطر عليها الحكومة تحت رقابة منظمات المجتمع المدني الدولية إذ كانت عملية التشاور تجري بصور فردية وبطرق مختلفة وذلك لظروف تلك المرحلة. وإذا كان ذلك هو ماضي مرحلة من مراحل الصراع الجاري في دارفور، لذا وجب تفادي سلبيات الماضي إذا أردنا مخلصين أن نصحح تلك السلبيات والتي نراها معضلات رئيسية أمام تحقيق السلام العادل المستدام في دارفور:
أولاَ: أول تصحيح لهذه السلبيات هو مشاركة كل فئات مجتمع دارفور وبنسب متساوية. لكن يبدو من قائمة الأسماء الموقعة على الإعلان أن فئة النازحين واللاجئين غائبة في هذا الاجتماع التشاوري كما أن نسبة أعضاء حزب المؤتمر الوطني تفوق نسب الفئات الأخرى، إذن هذا هو أول فخ وقع فيه الباحث الجديد عن الحل العادل لمشكلة دارفور.
ثانياً: أول فقرة في إعلان الدوحة تقول "أن النزاع في دارفور هو صراع سياسي تنموي واجتماعي". نعتقد أن هذا تشخيص غير موفق من المجتمين في اللقاء التشاوري الأول، إذ أن الحقيقة هي أن أصل المشكلة في دارفور هي سياسية وما عداها هي تبعات للخلل السياسي المتأصل في البلاد عامة، مثلاً (أ) في البدء عندما قامت حركة/جيش تحرير السودان في نهايات العام 2002م بمواجهة الحكومة المركزية مباشرة، ما كان ذلك ممكناً لو لا اكتشاف الحركة آنذاك لبرامج الحكومة المركزية الخاص بالتطهير العرقي لقبائل بعينها في ذاك الزمان، لكن لاحقاً وضح جلياً بأن برامج الحكومة المركزية ممرحل لتشمل كل قبائل دارفور، وما الصراعات المسلحة الحديثة بين القبائل العربية الدارفورية إلا دليل قاطع على ذلك. (ب) وفي موضع آخر نجد أن عدم التنمية في إقليم دارفور مرده في الأصل الخلل السياسي في المركز، وأقرب مثال لذلك موضوع طريق الإنقاذ الغربي. (ج) الأمثلة الحية كثيرة في الخلل السياسي المركزي، نورد منها ما تم الإتفاق عليه في أبوجا 5/7/2005م إذ تنص الفقرة 16 من إعلان المبادئ بأن كل ما يتم الإتفاق عليه من قبل الأطراف يجب أن تضمن في الدستور القومي وبما أن الإرادة السياسية الوطنية للنخب الحاكمة في المركز منذ الاستقلال؛ بل وقبلها بكثير، مفقودة تماماً لم يتم تضمين إتفاقية سلام دارفور الموقعة في أبوجا 5/5/2006م في الدستور القومي للبلاد. وبما أن هذه هي أمر الإتفاقيات بشهادة المجتمع الدولي ما بال طلبكم المتواضع الذي ينص في الفقرة 2.3.10 بأن تعتبر إتفاقية سلام دارفور المرتقبة جزءاَ لا يتجزأ من دستور جمهورية السودان. هنا نرى أنه لا توجد لديكم رؤية واضحة لتشخيص المشكلة الدارفورية لذا عليكم أن تتبنوا على أقل تقدير ما خلص عليها لجنة حكماء إفريقيا، إذ تنص إحدى فقرات تقريرهم الشامل في شهر أكتوبر المنصرم أن جذور المشكلة في دارفور سياسية محضة تتمثل في عدم التمثيل العادل للإقليم في الحياة السياسية في السودان The roots of the Darfur conflict lie at its unequal incorporation into Sudan وفي موقع آخر ذكر تقرير الحكماء، بأنه وفوق كل الإعتبارات يجب مواجهة مشاكل السودان الرئيسية إذا كان الهدف هو تحقيق سلام مستدام في دارفور. Above all that the fundamental problem of Sudan must be confronted if lasting peace for Darfur is to be realized. هكذا إعلن حكماء إفريقيا بشجاعة في وجه الحكومة وللعالم أجمع بأن المشكلة سياسية في عموم البلاد وما يجري في دارفور انعكاس لذلك، إذن من باب أولى أن نكون نحن أصحاب القضية أكثر وضوحاً في تعريفنا للمشكلة ولا نجاري الحكومة في وصفها للمشكلة بأنها قبلية تارةً وتنموية تارةً أخرى.
ثالثاً: واضح من الإعلان بأن الأهل الذين اجتمعوا في الدوحة قد تحولوا من فريق ضاغط قوي لطرفي النزاع المسلح في دارفور إلى فريق مفاوض وذلك بطرحهم لأجندة المفاوضات المفصلة في وسائل الإعلام العالمية دون وجود الطرف الثاني للتفاوض معهم للوصول إلى اتفاق مرضي. أما التفاصيل الكثيرة التي وردت في الإعلان نعتقد أنها خطأ تكتيكي وقع فيه الأهل في اجتماعهم هذا إذ الصحيح في حالات التفاوض أن تطرح التفاصيل عندما تجلس حول طاولة المفاوضات فقط. كما أننا نلاحظ بشيئ من الريبة أن الإهتمام بموضوعي الترتيبات الأمنية وتقاسم الثروة كان أكبر من الإهتمام بموضوع تقاسم السلطة، لأن السؤال الحقيقي في هذا الموضع هو كيف لكم أن تديروا الأمن في الإقليم وتوجهوا التنمية إن لم تكونوا ممسكين بزمام السلطة السياسية الفعلية في الإقليم؟ كما أنه إن لم يوجد لكم تمثيل حقيقي في رأس الدولة بسلطات فعلية من ضمنها حق النقض (الفيتو) فيما يخص أمر دارفور، كيف لكم أن تعيدوا دارفور إلى سيرتها الأولى كإقليم يسع الجميع؟ نقول أن إعلانكم في مجمله دون طموح مواطن دارفور، وفيكم العلماء الأكفاء وخبراء دوليين وسياسيين محنكين وقادة عسكريين يشار إليهم بالبنان وإداريين أكفاء ورجال إدارة أهلية تدرس نظام الإدارة الأهلية القائمين على أمرها في الجامعات الأمريكية والأروبية. هل النتيجة التي خرجتم بها هي نتاج لتأثير أعضاء المؤتمر الوطني في مداولات الاجتماعات؟ أم هي نتاج لتأثير الوسيط المشترك؟ لأن همه الأساسي هو الحصول على أي نوع من الاتفاق بغض النظر عن مضمونه، أم خرجتم بهذا الإعلان إرضاءً لدولة قطر؟ إذ أن المبادرة القطرية جاءت أصلاً لتعطيل أو تأجيل صدور أمر قبض عمر البشير من قبل محكمة الجنايات الدولية، لذا تفتقر إلى الرؤية الاستراتيجية لحل قضية السودان في دارفور وكذلك يفتقرها جبريل باسولي مفوض الوساطة المشتركة. وحتى لا تضيع جهود الأهل دون جني ثمار ناضجة، نرى أن يتحول هذا الجمع الكريم بعد إضافة فئة النازحين واللاجئين وبعد إعادة تشكيله ليكون بنسب متساوية إلى مجموعة ضاغطة وفاعلة، كلمتها تكون مسموعة لدى طرفي النزاع المسلح (الحركات المسلحة والحكومة) بل أيضاً لدى المجتمع الدولى. يكون الضغط على الحركات في إتجاه توحيد صفوفها حول رؤى حل المشكلة والتي تكمن في تأسيس الدولة السودانية برضاء جميع مواطنيها. عندما يتم ذلك لا يهم من يحكم البلاد طالما يحكمه بالطرق التي رسمها أهله برضائهم الحر. ويكون الضغط على الحكومة في إتجاه تنفيذ المعاهدات وأن تلغي القوانين المقيدة للحريات في عموم السودان – أنتم سودانيون فمن حقكم أن تتحدثوا بإسمه – كما يجب أن تضغطوا الحكومة بأن تقدم المسئولين عن الجرائم في دارفور للمحاكمات العادلة بما في ذلك المطلوبين لدي محمكة الجنايات الدولية.هذه المطالب أساسية قبل إجراء المفاوضات الحقيقية وإلا فإننا نحرث في البحر.
رابعاً: إعلان الدوحة يوضح بجلاء تام خطة المؤتمر الوطني بإخراج جبريل باسولي ودولة قطر. ونستدل بالآتي: (أ) استبعاد النازحين واللاجئين في هذا اللقاء التشاوري هي خطة حكومية مقصودة لأنها أيقنت أن هذه الفئة من مجتمع دارفور قد تفهمت قضيتها تماماً وأصبحت متمسكة بالحل العادل الجذري دون مساومة أياً كانت، خاصة إجلاء الأجانب من أرض دارفور وارجاعهم إلى أوطانهم الأصلية ومحاكمة مرتكبي الجرائم في دارفور بالأخص في لاهاي دون إجراء أي تفاوض حول هذين الموضوعين. (ب) كثير من التوصيات التي وردت في الإعلان هي لصالح المؤتمر الوطني؛ الفقرة 2.3.1 ضرورة إعتماد تدابير تضمن المشاركة العادلة لأبناء وبنات دارفور في السلطة على المستويات المحلية والولائية والقومية هذه توصية غير موفقة إطلاقاً لأنه يعني أن المجتمعين قد سلموا أمرهم للمؤتمر الوطني حتى أن السلطة المحلية والولائية يطلبونها من المركز، ماذا بقي لكم من السيادة على دارفور؟ الفقرة 2.3.6 ...وأن يكون التوافق الدارفوري هو الفيصل في تحديد النظام الأمثل للحكم في دارفور خلال الفترة الإنتقالية. في الأساس هذا هو مطلب الحكومة في أبوجا الذي رفضته الحركات. وسؤالنا لكم أين مطلب أهل دارفور الخاص بالإقليم الواحد؟ إنكم حتى لم تؤمّنوا على ما ورد في اتفاقية أبوجا بخصوصها، علماً بأن ما ورد في اتفاقية أبوجا ينص على إجراء استفتاء بشأن الإقليم بحد أقصى في يوليو من عام 2010. أما الفقرة 2.5.2 التي تقول الإبقاء على ملكية الأرض (الحواكير) وتحديد حدودها بواسطة الإدارة الأهلية. فهي أسوأ توصية وهي بمثابة مغالطة للتاريخ الموثّق والذي لا يحتاج إلا إلى التأكيد عليها إذ أن واحدة من إفرازات الحرب والتي تحتاج إلى معالحة هي مسألة الحواكير، فكيف تترك أمرها لإدارات جديدة مستوردة (الإمارات).
خامساً: ورد في الإعلان أن دارفور جزء من السودان الواحد الموحد وسيظل يعمل بكل مكوناته من أجل تحقيق السلام العادل والتنمية المستدامة في كل ربوع السودان. هذه أمنية جميلة ولا تملكون أية آلية نافذة لتحقيقها، وعندما اطلعنا على هذه الفقرة من إعلانكم وردت في ذهننا عدة أسئلة منها: ماذا لو انفصل الجنوب في العام 2011م المقبل؟ هل سيظل دارفور جزءاً من السودان عندما يصبح السودان نفسه غير موحد؟ ماذا عملتم ليظل السودان موحداً؟ وماذا أعددتم في أمر القبائل الدارفورية الرعوية خاصة من جنوب دارفور الذين يقضون معظم أيام السنة في جنوب السودان حين انفصاله؟ ماذا عن رحلة الخريف والصيف بين دارفور والجنوب؛ وهل ستكون إجراءات التأشيرات لدخول الدولة الجديدة لرحلة الصيف سهلة أم معقدة؟ وهل سترفض هذه التأشيرات السنوية من أساسها؟ سقنا هذه الأسئلة لأننا شعرنا أن موضوع انفصال الجنوب لم يناقش رغم أهميته القصوى من منظور التلاحم الاجتماعي المتبادل خاصة بين قبائل التماس والمصلحة الاقتصادية المشتركة بين الإقليمين (الرعي والبترول على الأقل في مربع C) ومن المنظور السياسي والسلمي أين سترسم الحدود بين الإقليمين؟ كما أن عدم الاستقرار في أيِ من الإقليمين سيؤثر سلباً في الآخر.
سادساً: أيضاً واضح من أن المبادرة لم تكن من إبتكار أهل دارفور وبالطريقة الحرة إذ أن طريقة إخراج الإعلان وما صاحبه من مقررات هو نتاج طبيعي لتخطيط جهة خارجية غير دارفورية وطنية وهذه مشكلة رئيسية لأننا سننفذ برامج العدو. أولاً ورد في الفقرة 2.6.5.ز يظل منبر الدوحة المنبر الوحيد للتفاوض .... هنا يجب أن نذكر الجميع أنه تم الاتفاق بين الوساطة المشتركة وكل فصائل حركة التحرير إضافة إلى التحالف الفدرالي في أغسطس العام 2007م في أروشا بتنزانيا حول المعايير التي يجب توفرها لإختيار مكان المفاوضات. وبالتالي نقول بوضوح تام أنه ليس من حق تجمع المجتمع المدني أن يثبت منبر الدوحة مكاناً للمفاوضات إذ أنه ليس مفاوضاً مباشراً وإنما طرفاً في التشاور. وبالتالي نرى أن منبر الدوحة سوف يزيد الأمور تعقيداً (أ) الطريقة التي يدير بها جبريل باسولي العملية السلمية في دارفور موجهة إلى إزدياد قوى المجموعات التي تنتهج أسلوب الدكتاتورية في العمل السياسي، وهذا شيئ حملنا السلاح من أجل محاربته (ب) أما توجه دولة قطر فقد إتضح أنه يقوّي التوجه الإسلامي والعروبي وهما أيضاً توجهان نرفضهما في أن يقحما في العمل السياسي (ج) وبما أنكم تدعون الحركات المسلحة بأن تتحلل من الارتباطات الخارجية ... الدعوة نفسها موجهة إليكم بأن تتحللوا من الارتباطات بالأحزاب المركزية خاصة حزب المؤتمر الوطني وإحترام رغبة أهل دارفور في ايجاد حل عادل ومستدام للمشكلة.
أبكر محمد أبوالبشر
ممثل حركة/جيش تحرير السودان لدي الإتحاد الإفريقي
مانشستر، المملكة المتحدة
‏الخميس‏، 03‏ ديسمبر/كانون الأول‏، 2009م.
E-mail: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.