- قبل حلول عيد الأضحية المبارك بفترة وجيزة (أعاده الله علينا وعليكم باليمن والبركات وأمنّا في أوطاننا)، أنعقد اللقاء التشاوري للمجتمع المدني الدارفوري بالدوحة في الفترة من 17- 20 نوفمبر الماضي برعاية وحضور الوسيط المشترك جبريل باسولي والوسيط القطري لمنبر الدوحة وممثلين للمؤسسات والأجهزة الإقليمية والدولية ودول الجوار مثل وفد المجتمع المدني الدارفوري وعدد من القيادات الشعبية ذات الاهتمام والتعاطي مع المشكلة منذ تفجرها. - يجيء هذا اللقاء التشاوري في ظروف مغايرة لتلك الظروف التي تحركت فيها الفعاليات المدنية الدارفورية من ملتقيات ومؤتمرات طرابلس قبل اتفاق أبوجا 2006م، ففي الفترة التي أعقبت أبوجا حدثت متغيرات عديدة في خارطة المشكلة من حيث العناصر المكونة لها والموقف الحكومي الرسمي والتطورات السياسية والدستورية في السودان واتجاهات المجتمع الدولي مما جعل لقاء الدوحة في نوفمبر الماضي لقاءً ذا دلالات وتأثير لصالح عملية سلام دارفور. - النقطة الأولى التي أضافها لقاء الدوحة لصالح سلام دارفور تمثلت بداية في الحضور الحقيقي للقوى المدنية الدارفورية والتي تمثل العنصر الأكبر في مشكلة دارفور وهو العنصر المتضرر الأكبر من الحرب وإفرازاتها السلبية، وقد ظل المجتمع المدني ومنذ اندلاع الأزمة يعمل باجتهاد كبير في الأخذ بزمام المبادرة لتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة. كانت البداية الحقيقية في الملتقى الأول للسلام والتنمية الذي بادرت به الهيئة الشعبية لتنمية دارفور ومن ثم المبادرات الشعبية والحزبية والتي بلغت أكثر من 34 مبادرة، والتي تم تجميعها في منبر سوبا والذي بدوره أنتج منبر دارفور للسلام والتعايش السلمي برئاسة الفريق إبراهيم سليمان، وقد لعب منبر دارفور دوراً كبيراً في التمهيد لتوقيع اتفاقية أبوجا 2006 وصنع جسوراً لعبور المجتمع المدني الدارفوري إلى ساحات دول الجوار والساحة الإقليمية والدولية، ويعبر اللقاء التشاوري في الدوحة عن اقتناع الوسطاء الدوليين بأهمية أن يلعب المجتمع المدني في دارفور دوراً في المفاوضات القادمة لتحقيق الإتفاق ولضمان استدامة وفعالية ما تم الإتفاق عليه مستقبلاً . - أما النقطة الإيجابية الثانية، فإن اللقاء التشاوري للمجتمع المدني الدارفوري بالدوحة قد تجاوز دور المسهلين ودور الأجاويد بين الطرف الحكومي والحركات المسلحة وتجاوز وضع المجتمع المدني الدارفوري في دور الكومبارس، فالمجتمع المدني الدارفوري صاحب حق أصيل إلى جانب الأطراف الأخرى في طرح رؤيته بطاولة المفاوضات القادمة في تحديد معالجة جذور المشكلة ومحاور التفاوض وفي رسم وتحديد معالم مستقبل دارفور في داخل إطار الدولة السودانية الواحدة، وفي هذا الإتجاه فإن على فعاليات دارفور المدنية أن تناضل لرفع مستوى تمثيلها في المفاوضات القادمة وعدم الاستسلام للوضع الذي حدده الوسيط القطري في خطابه أمام اللقاء التشاوري والذي أشار فيه (بأن للمجتمع المدني الدارفوري دوراً مساعداً ومكملاً لعملية السلام في دارفور)، فالمستوى المطلوب لمنظمات المجتمع المدني هو المشاركة الأصيلة في طاولة المفاوضات وطرح نتائج المبادرات التي أطلقتها القوى الداخلية منذ بداية المشكلة والتي أحاطت بكل جوانب الأزمة. -أما النقطة الثالثة، فقد وفر اللقاء التشاوري بالدوحة فرصة كبيرة لتفعيل الحوار الدارفوري الدارفوري المكتمل الذي لا يعزل أحداً أو فئة مما يحقق وحدة الكلمة لتحقيق الأهداف المرجوة والمتمثلة في استعادة الأمن والاستقرار ومعالجة الإفرازات السالبة التي عصفت بالنسيج الاجتماعي والتعايش السلمي بين مكونات الإقليم من خلال آلية واحدة تتحدث وتتحرك باسم المجتمع المدني في معالجة قضايا الداخل والتواصل مع أبناء دارفور في الخارج سواء الحركات المسلحة أو تجمعات أبناء دارفور بدول المهجر. - أخيراً فإن هذا المقال يأتي قبل يوم واحد من دعوة منظمة الهيئة الشعبية لتنمية دارفور إلى منتدى حواري حول مخرجات اللقاء التشاوري الذي انعقد بالدوحة الاثنين الماضي، الشيء الذي يتيح لنا الكتابة عن التوصيات الختامية للقاء والتي جاءت في إطار نداء الدوحة. ولله الحمد