الكشف عن المرشحين للفوز بجائزة الكرة الذهبية 2025    عزيمة وصمود .. كيف صمدت "الفاشر" في مواجهة الهجوم والحصار؟    مناوي يُعفي ثلاثة من كبار معاونيه دفعة واحدة    المريخ يختار ملعب بنينا لمبارياته الافريقية    تجمع قدامي لاعبي المريخ يصدر بيانا مهما    بالصور.. تعرف على معلومات هامة عن مدرب الهلال السوداني الجديد.. مسيرة متقلبة وامرأة مثيرة للجدل وفيروس أنهى مسيرته كلاعب.. خسر نهائي أبطال آسيا مع الهلال السعودي والترجي التونسي آخر محطاته التدريبية    شاهد بالفيديو.. بالموسيقى والأهازيج جماهير الهلال السوداني تخرج في استقبال مدرب الفريق الجديد بمطار بورتسودان    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    شاهد بالصورة والفيديو.. سيدة سودانية تطلق "الزغاريد" وتبكي فرحاً بعد عودتها من مصر إلى منزلها ببحري    حادث مرورى بص سفرى وشاحنة يؤدى الى وفاة وإصابة عدد(36) مواطن    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس يصل مطار القاهرة الدولي    شاهد بالفيديو.. بعد عودتهم لمباشرة الدراسة.. طلاب جامعة الخرطوم يتفاجأون بوجود "قرود" الجامعة ما زالت على قيد الحياة ومتابعون: (ما شاء الله مصنددين)    الشهر الماضي ثالث أكثر شهور يوليو حرارة على الأرض    شاهد.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تفاجئ الجميع بعودتها من الإعتزال وتطلق أغنيتها الترند "أمانة أمانة"    شاهد بالفيديو.. بعد عودتهم لمباشرة الدراسة.. طلاب جامعة الخرطوم يتفاجأون بوجود "قرود" الجامعة ما زالت على قيد الحياة ومتابعون: (ما شاء الله مصنددين)    يؤدي إلى أزمة نفسية.. إليك ما يجب معرفته عن "ذهان الذكاء الاصطناعي"    شاهد.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تفاجئ الجميع بعودتها من الإعتزال وتطلق أغنيتها الترند "أمانة أمانة"    عمر بخيت مديراً فنياً لنادي الفلاح عطبرة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (روحوا عن القلوب)    الجمارك تُبيد (77) طنا من السلع المحظورة والمنتهية الصلاحية ببورتسودان    12 يومًا تحسم أزمة ريال مدريد    الدعم السريع: الخروج من الفاشر متاح    التفاصيل الكاملة لإيقاف الرحلات الجوية بين الإمارات وبورتسودان    بيان من سلطة الطيران المدني بالسودان حول تعليق الرحلات الجوية بين السودان والإمارات    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا أبيض .. أبقي عافية.. وقفات مع مدينة هدها التعب .. بقلم: مأمون الباقر
نشر في سودانيل يوم 26 - 05 - 2015

"وقال لي أعرف من أنت، فمعرفتك من أنت هي قاعدتك التي لا تنهدم وهي سكينتك التي لا تزل" النفري - موقف إسمع عهد ولايتك-
ألى "أبيضاب" الدوحة، بابكر، معروف، الفحيل، أمين، إسماعيل، الخضرجي وكرياكو "خالص التعازي في فقيدنا برنو الجميل، وأي كرت أحمر منك مقبول"، حسن وصلاح. والمسقطي عبد المنعم خليفة خوجلي.
إغتيال شخصية المدينة
بين لحظة الاستفاقة ولحظة الجنون، كانت شوارع المدينة الفسيحة تمنح جسدها للغرباء. القادمون من فيافي ذاكرة الأمكنة البعيدة. القادمون من بيادر الجفاء والخواء. القادمون دون نعالات أو جبب، القادمون الذين لم تكن تستر عوراتهم إلا جلودهم المبرقعة. القادمون الذين لا يحملون سوى فتات أحلام وآمال أسرجوها نحو صدرها المدى.. الإتجاهات جميعها كانت تقود هؤلاء القادمين إليها. وهي في برزخها السماوي وعليائها الرباني وعقلها الفسيح تتلون مثل حديقة ملونة من الترحاب وتفرش خضرتها بساطا من الحب يطأوه القادمون الجدد.
أيتها البهية الغبية! يا سليلة النقاء! ها قد أتي قاتلوك أيتها الوردة الشقية، يا مدينة المتعبين. الأبيض يا وطنا يفرمن ذاته ويذوب في عصارة الهشاب والتبلدي والأرض الملونة، إلى متى تخاصمين الجسد الذي أغويت ذات عمر، وإلتف مثل شجرة ملخ حول خصرك بلا فكاك!
نادم أنا، وكسير القلب. كيف لزقاق أن يخرج عن شارعه العريض؟ كيف لزهرة أن تخرج عن بستانها الفسيح؟ كيف لقصيدة أن تخرج عن ديوان شعرها، أو أغنية عن لحنها؟ أو ظفر عن أصبعه؟ كيف يخرج اللحم عن جلده، والسحاب عن مطره؟ كيف يخرج البان جديد عن حدائقه وبساتينه، أو التبلدي عن لحاه، أو ود البغا عن دليباته وهجلجياته وضحكاته، أو الدليب عن ثمرته؟ كيف أخرج أنا منك يا أيتها التي تفتح قلبها بوابة تستقبل القادمين من ذوي الإبتسامات الجرباء؟ من هؤلاء يا مدينتي ومن أين أتوا؟ من الذي أخرج الآخر عن الآخر، أنا، أم أنت؟
"عنواني ليس مدينتي، عنواني الإتحاد السوفيتي". أغنية مجيدة كانت ترمز لقوة جبارة ذات يوم، غنت بها البشرية من شرقها لغربها، من شمالها لجنوبها! لو حق لي أن أستعير هذا المعنى الشعري الرقيق، لقلت "عنواني الأبيض"، هل لأحد أن ينكر أو ينسى أين هي، أوليست هي عنواني أنا الذي عشقها في زمن البراءة حين إندغم وجدانانا، وكأن لا إنفصام! أو ليس أنا الذي ضيعها ووهبها للجرب وسحب عنها عنوان تلك الأغنية الفارهة، كما سحبته البريسترويكا عن الإتحاد السوفيتي، أوليست هي التي منحت جسدها لشرازم الفارين من أسمائهم؟. من الذي خرج عن الآخر، أنا أم أنت؟
أراك الآن يا سيدة المدائن وقلبها وسرتها، أيتها المتعبة، والقادمون الجدد يتمكنون " ولقد حذرتك" من جسدك الذي ترهل بتواجدهم، وتفسخ بأفعالهم وتقذم بأفكارهم التي ما تنفك تغتال روح "التفرد" فيك وها أنت ترضين أن تنامي جوعانة وعطشانة وفوقك المطر وتحتك "الدرت" يزدرده القادمون الجدد! يا إلهي كم أنت مرهقة! نامي، علك تحلمين بما مضى ياجميلة. من الذي أخرج الآخر عن الآخر، أنت، أم أنا؟
وبعد لحظة الإستفاقاة، دعيني أقص عليك ما رأيت أنت من حلم وأنت تنامين على سجادة من شوك الهجليج. رأيت فيما يرى النائم أن أحيائك وقبابك وشوارعك وأزقتك، بكل أسمائها الندية التي كنت أحفظ، قد بدلت الأسماء القديمة بأسماء جديدة إختارها القادمون الجدد، كي تعكس أسماء المناطق التي هربوا منها إليك. وهي مناطق وجهات، لو تعلمين ما عرفناها في علم الجغرافيا، أو علم الإجتماع. ثم رأيت أيتها الناعسة في نومتك تلك أن حبات مطر رمادية اللون قد هطلت وغطت على عشبك الأخضر الطري وحولته إلى ساحة لزجة، بعد أن كان العشب ملعبا مكتمل الإخضرار. ثم رأيت في نومتك تلك ،هل تصدقين يا عزيزتي، جمهرة من الأتقياء يرفعون أكفهم بالدعاء كي تنهضي وتهربي من حلمك ذاك! الأتقياء أجدادك ومؤسسوك. كانت فيهم روح أبو شرا، كانت فيهم روح ود اب صفية وأرتال من الأصفياء الأنقياء يمشون مشية الذاكرين خلف إرزام طبول أبوشرش وهي تنطلق من قلبك النابض" أب شرش دقه، حضروا الفته ". ثم ينتقل الإيقاع الصوفي لجهة غرب المدينة حيث شيخنا تبن "تبن جاكم حضروا عشاكم". وتندغم مسيرات العارفين بفضل الله وفضلك في ميدان المولد أمام ضريح القاضي عربي أحمد كنين الهواري- الذي شيد مسجدك العتيق عام 1793- وتتجمع رايات التيجانية والقادرية والإسماعيلية تحت راية الختمية، أم الرايات الأولهية الألوان والمعاني التي كان القاضي عربي أول المؤمنين بها في بارا، وسرقها العارفون بفضلها ذات ليل دامس الظلام بعد مؤامرة خبيثة حاكها الجاحدون بفضل عربي والحاسدون لإنجازاته وشهرته التي إنداحت حتى تخوم مملكتي تمبكتو ووداي وبعد القرار الشهير الذي أصدره المقدوم مسلم وعين بموجبه عربي قاضيا عاما على مملكته ووهبه في تجمع مهيب، وسط دهشة شيوخ ذلك الزمان العجيب حيكورة تمتد من الدليبات الغربية وحتى الدليبات الشرقية.
مدينة الورد أنت. خلقت له، وخلق لك. أزاهيرك وورودك النضرة ومتعددة الألوان ليست مجرد شجيرات يسقيها الإنسان فتنبت وهي تحمل من الألوان أجملها. أزاهير يسقيها المطر الهطال. سنمكة، ضريسة، حسكنيت، زهرة لالوب، زهرة سدر، تمليكة، زهرة دليب، عفوص التبلديات، زهرات السمسم والفول وفول أبو نقوي والصمغ وغابات التمر هندي والعوير والملخ والقضيم والعشر و...و.....وأنا وعيالك الكتار البريدوك. تلك الأزاهير الموسمية هي أسماء لبني آدمين من لحم ودم أضافوا لكتابك وحفظت أنت أسمائهم الوضيئة....أفتحي كراسات الأسماء وطالعي، كراسة الرياضة، كراسة الغناء، كراسة الشعر، كراسة الصحافة، كراسة السياسة، كراسة الأدب، كراسة قلة الأدب "المؤدب" وكراسة الصعلكة وكراسة ال....وكراسة ال.... لا تكتفي بالرجال، بل نقبي في دفاتر النساء. قلبي الصفحات لترين غرسك، ما أجمله كان، ما أحلاه بنا وبك كان، برغم جحود الحيكومة، وقسوتها عليك وعلينا. إسستفيقي يا سيدتي المرهقة وتوضأي بما تبقى من عسل فمك الرقيق أو تيممي بحجر من جبل كردفان وإزرفي الدمع فقد إغتالوا شخصيتك بعد أن علموا أن عيالك الكتار البريدوك قد تهيأوا للرحيل، حين علموا أن الغرباء سيحيلون جسدك النضر لمقبرة كبيرة.
خربشات
1
في أوائل ستينيات القرن الماضي لعبنا كرة القدم والبلي والقرقور" السورو" والجقجوق. كنا نشتري البلي من دكان عبد الدائم خيال، "جد المهندس المعماري الفذ طه عوض". وكان فاروق راشد "الحلبي" يصنع لنا السورو من بقايا الصفيح الذي كان يصنع منه " الجبنات والغرابيل والحلل وغيرها من الأواني المنزلية الجميلة" في دكان أهله وسط السوق الكبير. وكنا في صباحات أيام الجمعة نسعى بين أحياء المدينة ونحن نحمل أدوات اللعب والتحدي تلك. نعود مرات غانمين بأعداد كبيرة من البلي، ونعود مرات أخرى وظواهر أكفنا يسيل منها الدم بفعل القرقور أوالجقجوق وجيوبنا ما فيها بلية واحدة. وكنا نخاف "عيال فلاتة". ولنا معهم قصص عجيبة. منها أن الكرة التي كنا نلعب بها في ذاك الزمان كانت عبارة عن أم بوالة كان يمنحنا إياها القصابون في سوق المدينة، خاصة عم الطاهر شيخ الجزارين. كنا نحملها ونمرغها في الرمل حتي يستوي سطحها ثم نحملها لفضل الله العجلاتي الذي يعبأها بالهواء حتى تستدير وتتحول لشيئ يشبه كرة القدم. كنا نحملها ونهرول بها نحو ميدان المولد –الحرية- النصر- حيث ضريح جدنا القاضي عربي الهواري، وليس المكاوي. كان أولاد حلة فلاتة ينتظرون قدومنا نحن "إيال السوق". شرطهم الوحيد كان "نلأب ماكم ولا واللاهي نقدها" . إن وافقنا "قدوها ودقونا"، وإن رفضنا "قدوها ودقونا". وكان ذلك يحدث صباح كل يوم جمعة. نعود لأمهاتنا "مدقوقين، وأمبوالتنا مقدودة" رحم الله ود مسكين وود جقاد الفلاتيان العملاقان. كانا عملاقين لا قبل لنا بهما. وقبل أن "يوزع" زاهر يوسف مصطفى "اللعاب" الباص يخطف ود مسكين الأمبوالة بتاعتنا ويغرس فيها أنيابه "السكاكين"..ثم طاخ "جزء مما تتبقى من المستديرة وبقايا لحمها في فمه وجزء في "هوا الله". نسأل "يا ود مسكين مالك ماكل الأمبوالة بتاعتنا؟"، ونفك البيرق. كنا نسمعه ونحن نهرول نحو مركز شرطة المدينة وصوته يطاردنا بلسان معوج، كأنو بالع مايكرفون "أشان ما أداني الباس، واللاهي الجمأة الجاية أكلها أكل. كان إنتو رجال ما تلأبونا معاكم وتدونا باسات". ياأخي هي جابت ليها رجالة كمان، تعال ألعب لعبك، بس ما تاكل أمبوالتنا ولا تدقنا. عليك اللعنة والرحمة أيها الفلاتي الجميل.
نادي الترسانة، وقبله نادي الرفاق كانا قصتين من نسج خيال الأبيض الجامح.الناديان كانا عبارة عن تجمع لعصارة شباب عائلات وسط المدينة. هذا لايعني أن الأندية الأخرى مثل الأهلي والموردة والهلال والمريخ والأعمال الحرة والتحرير لم تكن كذلك. حافظ (ألعب واحد بعد عثمان حمد النيل) والحاج والسر في الرفاق. عثمان حمد النيل (أفضل لاعب على مر تأريخ المستديرة) وعامر شبور وإبراهيم قطر وعبد القادر أبو شرش وأولاد نايل وان (كمال وقاسم والسر"طروش"، ونايل تو " حمزة وصلاح الكحيان") وحديدة في الترسانة. وفي الموردة حسن بابكر الفنان وشقيقه الأصغر أحمد بابكر وضلمان " نوباوي بتمسح بزيت السمسم وبياكل عصيدة دخن. وكان زميلي في مدرسة كمبوني". وفي الأهلي......وفي التحرير.....والتماري وعوض محمداني " الله..الله عليك يا عوض" وأحمد عبد الرحيم وعبد الله جامباكا ومحمد أحمد المأمون وإخوته والحاج عيسى وأشقائه وفيصل محمد نور وإخوته بدر الدين وصلاح وصديق ومن كان قبلهم ومن جاء بعدهم من عباقرة لاعبي كرة القدم وإداري الأندية. وكان يوسف أبوشرش وتؤأم روحه عابدين أبو ترس يتحولان من ناد لآخر -حسب المزاج!. والرشيد عبده موسى، اللاعب الأنيق "مكهرب المشجعين"! وكان الراحل الجميل عوض محمداني، سكرتير نادي الترسانة ينصحني قبل المباريات قائلا " يا مامون يا تلعب كورة يا تقرا شعر وتغني، كان داير تلعب انسى غنا ام كلثوم وأديني ديوان نزار قباني". عوض هذا كان أول من فتح آذان الأبيض على سيدة الغناء العربي، ولم تكن أذني إستثناء. ولا ننسى هنا شيخ كرة القدم في كردفان الكبرى الحاج سليمان دقق، ذلك الرجل الفاره المعطاء والعاشق المتيم للرياضة والرياضيين، خاصة كرة القدم ولاعبيها. أما فريق الأهلي فقد كان "حكاية تانية خالص" مع عبقرية أولاد جادين، وكذلك جاره التحرير والسر اب دومة وفاروق جيمس وأزهري الحلبي!
حين قرر نادي الترسانة الذي كنت ألعب له أن "يمنحني" كدارة، ناداني كابتن الفريق الشيخ الجاك الجزار والثيرباك المهيب..."الشيخ ده كان كلوا عضلات، كأنوا كان بياكل لحم الجزر وخضار السوق كلوا". وضع كفه الغليظة فوق كتفي وأسر لي " بكرة العصر تمشي دكان عبد المجيد عشان يفصل ليك كدارة، أوعك تكلم أي زول". وكانت فرحة مشوبة بخوف "عبد المجيد ظاتو؟؟" وهكذا إنتعلت أول كدارة "محترف ياولد". ولعبت، وتلاعبنا أنا والسر نايل وبدر الدين شاحوطي وحمد وحسن بدوي "أولاد النينية" وحامد ود القرشي، الشاعر الكبير وعلي يعقوب وإبراهيم عضيم ومجموعة فريدة من اللاعبين الشباب بكل فرق المدينة، إلا الموردة، حيث ضلمان السعران، الذي شق ساقي، والربيع "أولاد فلاتة الزمان كانوا بياكلوا أمبوالتنا ويدقونا". وختموا عمايلهم بكسر يدي. تتذكر يابدر الدين شاحوطي باصك القصير الوداني الإستبالية عشان يجبصوا إيدي المكسورة، بصحبة سيد أحمد التوم "محضر العمليات" والمريخابي المعتق الذي فاوضني للتسجيل بناديه داخل غرفة العمليات الصغرى بعد أن وضع المخدر بيدي المكسورة عشان تتجبص، وبعدها أوصلني لمنزلنا وكأن شيئا لم يكن. أنا مدين لهذا الرجل الإنسان؟. أحمد الله إن الباص لم ينتهي بي في مقابر أجدادي أولاد البرد السبعة؟ بالمناسبة كانت صنعاء هي المدينة التي رأيت فيها بدر الدين وزوجته الروسية الرائعة لآخر مرة "تتذكر يا عبد السلا نور الدين؟". وكان ذلك أوائل ثمانينيات القرن الماضي. يا بدر الدين عليك الله ياها دي إيدي أكسرها مية مرة، بس خليني أشوفك ياخي.
2
الأبيض كانت مدينة "غناية". مدينة توقظك أصوات مطربيها من نومك وتجبرك على رمي غطائك وإرتداء ملابسك وتأمرك ب "سك الصوت"، إنشاء الله في فريق فلاتة. تصل وتجد كل أولاد المدينة هناك، وكلهم ما معزومين.تبشر وترقص وتكورك وتنطط زي قرد الطلح. وبعد إنتهاء "الحفلة" ترافق "كحارس" بعض الصبيات لمنازلهن، إنشاء الله في فريق القبة. ثم مع السلامة. تقولها برفق كأنك تخاف من أن يسئن فهم معانيها. ثم تودع وأنت تجمل عينيك بمجموعة إبتسامات من ثغور فتيات لا تعرف حتى أسمائهن!
قريبي حمودة، علي يعقوب، فرقة دولي، عم آدم، الرشيد، طبجي – الليل الأزرق ولاعب فريق الترسانة- فتحي أبيض "أضخم شيال في التأريخ". أصوات بهية كانت تأتي من كل إتجاه وفي كل ليلة. ولا تستطيع أن "تسكها" كلها. عبد القادر العسكري. نزل الأبيض المضيافة من إحدى قرى الجزيرة "جابو القطر ساكت" فإستقلبته المدينة مرحبة كعادتها. صوته الرخيم كان مدخله لجهاز الشرطة. تم تعيينه. لكنه كان فنانا.أذكر أننا كنا نحتفل بزواج إحدى شقيقاتي في منتصف الستينيات. كان عبد القادر الشرطي الفنان يمتطي صهوة جواده. سواري وردية ليل في السوق. ربط حصانه بماسورة مظلة دكان ود الإسيد تاجر البلح الذي كان يستأجر أحد متاجرنا -أيام كانت لنا دكاكين في قلب البلد..ياهوي!!!- خلع الكاكي وإرتدي بنطالا وقميصا "مكوة سيف بتاعت عساكر" كان يحملهما معه، تماما مثل البندقية أبو عشرة "أم رصاصا فشنك". دخل منزلنا. لم يعرفه أحد. بشر في الفنان- لا أذكر إسمه، لكنني أظنه حموده إبن العائلة. إنتهى فاصل حمودة وأمسك عبد القادر بتاع السواري بالعود وهاك يا غنا وسط دهشة الجميع. وكان صوته بديعا. غني لمحمد وردي وأجاد. إنتصف الليل وهو يغني. إنتهى الحفل، وبكل بساطة "لهف" العشاء مع الفنانين وخرج. وإذا بنا ونحن "نقدم" بعض الفتيات لمنازلهن نراه على صهوة جواده أمام دكان نيكولا أبو ديك وكأن شيئا لم يكن. سواري وساري ليل وفنان "ضارب ضلع مكرب". بس دي يفهموها كيف ياالأبيض؟. وتبقي عافية يا أبقبة، وإنشاء الله نرجعك تاني فحل الديوم. وإصرخي، حلفتك بي عربي وود أب صفية أن تصرخي، علهم يلملمون سؤاتهم وتنهضين من جديد مدينة تفتح هذه المرة قلبها لعيالها "الطفشوا ولسع بريدوها". عند مدخل المدينة ناحية المطار نلتقي.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.