بالصورة.. "الإستكانة مهمة" ماذا قالت الفنانة إيمان الشريف عن خلافها مع مدير أعمالها وإنفصالها عنه    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية مغمورة تهدي مدير أعمالها هاتف "آيفون 16 برو ماكس" وساخرون: (لو اتشاكلت معاهو بتقلعه منو)    بالفيديو.. بعد هروب ومطاردة ليلاً.. شاهد لحظة قبض الشرطة السودانية على أكبر مروج لمخدر "الآيس" بأم درمان بعد كمين ناجح    ناشط سوداني يحكي تفاصيل الحوار الذي دار بينه وبين شيخ الأمين بعد أن وصلت الخلافات بينهما إلى "بلاغات جنائية": (والله لم اجد ما اقوله له بعد كلامه سوى العفو والعافية)    منتخب مصر أول المتأهلين إلى ثمن النهائي بعد الفوز على جنوب أفريقيا    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية غير مسبوقة على مواقع التواصل.. رئيس الوزراء كامل إدريس يخطئ في اسم الرئيس "البرهان" خلال كلمة ألقاها في مؤتمر هام    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان شريف الفحيل يفاجئ الجميع ويصل القاهرة ويحيي فيها حفل زواج بعد ساعات من وصوله    النائب الأول لرئيس الإتحاد السوداني اسامه عطا المنان يزور إسناد الدامر    إسبوعان بمدينتي عطبرة وبربر (3)..ليلة بقرية (كنور) ونادي الجلاء    لاعب منتخب السودان يتخوّف من فشل منظومة ويتمسّك بالخيار الوحيد    الدب.. حميدتي لعبة الوداعة والمكر    منشآت المريخ..!    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    صلوحة: إذا استشهد معاوية فإن السودان سينجب كل يوم ألف معاوية    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    كامل إدريس في نيويورك ... عندما يتفوق الشكل ع المحتوى    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    بولس : توافق سعودي أمريكي للعمل علي إنهاء الحرب في السودان    البرهان وأردوغان يجريان مباحثات مشتركة    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبة الجمعة التي ألقاها الأمير: عبدالمحمود أبّو الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار يوم: 2 رمضان


بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة التي ألقاها الأمير: عبدالمحمود أبّو الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار يوم: 2رمضان 1436ه الموافق 19يونيو2015م
بمسجد الإمام عبدالرحمن المهدي بودنوباوي – أم درمان - السودان
اللهم أني أحمدك حمدا كثيرا وأثني عليك ثناء كبيرا يامن أسدى نعما لاتحصى ووفق بفضله على حسن العمل، وأفوض أمري إليك فقد عجزت عن القيام بشكرك والثناء عليك بما أعطيت من خِول، وأسألك اللهم بكرم ذاتك أن تصلي وتسلم وتبارك على سيدنا محمد نبيك المرسل، وعلى آله وأصحابه الذين فازوا بحسن التصديق فاجتهدوا بأحسن العمل، وأن تُشوِّق قلوبنا إليك وأن تمدنا بنور منك موصل إليك قبل انقضاء الأجل.
أمابعد:
قال تعالى: " وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون" صدق الله العظيم
أحبابي في الله وأخواني في الإنسانية:
حددت الآيتان السابقتان من سورة الذاريات المقصد من خلق الثقلين – الجن والإنس- وحصرته في العبادة، وإذا اجتمع النفي والاستثناء في الجملة فإن ذلك يفيد الحصر. وإذا نظرنا إلى أصول العبادات في الإسلام لوجدناها خمسة أصول هي: الشهادة، والصلاة، والصيام، والزكاة، والحج.فهل العبادة التي خُلقنا لأجلها محصورة في هذه الأصول الخمسة؟ والجواب لا.
إن مفهوم العبادة في الإسلام واسع يشمل كل الطاعات وأعمال البر والمعروف، بل حتى الامتناع عن المعاصي وكل أنواع الشر يدخل في باب العبادة؛ لأن العبادة تعني العبودية لله والخضوع لأحكامه، قال تعالى: " قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ" فكل عمل صالح نفعله وكل منكر نتجنبه وكل موقف نبيل نلتزم به؛ يدخل في باب العبادة لله، مادام موافقا لمقاصد الشرع وكان خالصا لوجه الله الكريم. روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر: أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يارسول الله: ذهب أهل الدُّثور بالأجور، يصلون كمانصلي، ويصومون كمانصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، قال: "أوليس قد جعل الله لكم ماتصدقون: إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمربالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة". قالوا يارسول الله أياتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر" . فأبواب الخير كثيرة أمام المسلم كل حسب طاقته ومايُسِّر له. وفي حديث آخر عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "على كل مسلم صدقة" قيل أرأيت إن لم يجد؟ قال: "يعتمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق" قال: قيل: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: "يعين ذا الحاجة الملهوف" قال: قيل له: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: "يأمر بالمعروف أو الخير" قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: "يمسك عن الشر فإنها صدقة" رواه مسلم. فليس هنالك عذر لأحد عن الصدقة فكل يتصدق بما يستطيع ولعل الجميع يستطيعون أن يكفوا أذاهم عن الناس وهو لهم صدقة.
أحبابي في الله:
جعل الله سبحانه وتعالى العبادات متنوعة لأنه يعرف أن الإنسان ملول ومتقلب المزاج؛ ولذلك نوَّع له في العبادة حتى لايمل؛ فجاءت الشهادة عبادة عقدية، والصلاة عبادة عملية، والزكاة عبادة مالية، والحج عبادة مالية سياحية، والصوم عبادة إمتناعية، وهكذا...الخ.
إن للعبادات في الإسلام مقاصد نص عليها القرآن الكريم ، فقال عن الصلاة: " وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ" وقال عن الزكاة: " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا" وقال عن الحج: " الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحَجِّ " وقال عن الصوم: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ". فالعبادات وسائل تَعَبُّد وتَقَرُّب إلى الله سبحانه وتعالى وفي نفس الوقت وسائل لإصلاح النفس وتحقيق الصلاح الإجتماعي، فإذا استحضر المسلم مقاصدها وحرص على تحقيقها بلغ المقصد من خلقه، وإن أهمل مقاصدها وفرط في غاياتها؛ عاش في الضنك والشقاء.
أحبابي في الله: لقد أظلنا شهر رمضان وهو موسم للطاعات ولكثير من أبواب الخير قال تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُون" ففي هاتين الآيتين ذكرالله جملة من أنواع الطاعات منها: هداية القرآن، والصوم ، واليسر ، والتكبير ، والشكر، والدعاء، وإذا تأملنا في نفحات شهر رمضان لوجدناها كثيرة خص الله بها الشهر الكريم فعلينا أن نعيَها ونتعرض لها:
النفحة الأولى: رمضان موسم لغفران الذنوب، وتطهير النفوس، وتنقية القلوب من الأمراض الحالقة للدين، فلنجعل من رمضان فرصة لتجديد التوبة من المعاصي، والاقلاع عن الآثام والمخالفات الشرعية، خاصة وأنه شهر تُضَيَّقُ فيه أبواب المعاصي بتضييق منافذها، قال صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء رمضان فُتِحَت أبواب الجنة وغُلِّقَت أبواب النار، وصُفِّدَت الشياطين" علينا أن نجعل صيامنا حارقا لذنوبنا، وماحيا لسيئاتنا، ومزيلا لآثامنا.
النفحة الثانية: الصوم وسيلة لكسر سلطان العادة، وتغيير السلوك قال صلى الله عليه وسلم: "...فإذا كان يوم صوم أحدكم ، فلا يرفَث يومئذ ولايسخَب فإن سابَّه أحد أوقاتله فليقل: إني امرؤ صائم.." إن الصوم يقوي العزيمة، ويروض النفوس على الصبر، فلنجعله موسما لتغيير العادات السالبة في حياتنا.ولنجعل قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي مدحه ربه بقوله: "وإنك لعلى خلق عظيم"
النفحة الثالثة:شهر رمضان شهر القرآن ، قال تعالى: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان" فهنالك سر في ارتباط القرآن بشهر الصيام، ولذلك نجد كثيرا من المسلمين يحرصون على تلاوة القرآن في رمضان، ويؤدون صلاة القيام بجزء من القرآن كل يوم، والواقع أن المؤمن وهو صائم أكثر استعدادا للعيش مع القرآن تلاوة ومراجعة وتدبرا لأن خواء البطن يساعد على سمو الروح وتقوية ملكة التفكر، يقول الحكيم:
ياخادم الجسم كم تشقى لخدمته أتطلب الربح ممافيه خسران
أقبل على النفس واستكمل فضائلها فأنت بالروح لابالجسم إنسان
النفحة الرابعة: رمضان موسم مُحفِّز على الإحساس بألم الحرمان، وبالتالي يقوي عاطفة الإهتمام بالمحتاجين، ومواساتهم وبذل الخير لهم، كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود مايكون في رمضان، فمن كان له فضل ظهر فليعد به على من لاظهر له ومن كان له فضل مال فليعد به على من لامال له ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لازاد له ،كما ذكر ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم، قال الصحابة رضوان الله عليهم: فجعل يعدد أنواع الفضل حتى ظننا أنه لاحق لأحد منا في فضل. فلا تحرموا أنفسكم من التزوُّد بالانفاق في هذا الشهر الكريم وتذكروا يوما لاينفع فيه مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
النفحة الخامسة:شهر رمضان شهر التواصل وتجديد العلاقات الاجتماعية، فلنجعله موسما لصلة الأرحام، والتواصل مع الأصدقاء والأحباب، فالمحبة في الله خير زاد للمؤمن قال صلى الله عليه وسلم: "لاتدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولاتؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" ففي الحديث القدسي "إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: ياابن آدم..مرضت فلم تعدني!! قال يارب .. كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لوعدته لوجدتني عنده؟ ياابن آدم استطعمتك فلم تطعمني؟ قال يارب.. كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟ ياابن آدم .. استسقيتك فلم تسقني؟ قال يارب... كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه. أما إنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي". رواه مسلم.
النفحة السادسة: رمضان موسم لشكر النعمة، إن الصوم ينبهنا للنعم التي تحيط بنا ونحن غافلون عنها، فنعمة الخلق، ونعمة الصحة، ونعمة الرزق، ونعمة العقل، وغيرها من النعم التي تتزاحم علينا دون أن نؤدي شكرها يقول الإمام المهدي عليه السلام مناجيا ربه: "إذ أنت الذي أنعمت علينا بإخراجنا من العدم، فخلقتنا في أحسن تقويم وخصصتنا بما لانقدر على عدِّه من التكريم، وأريتنا في أنفسنا مالايقدر عليه غيرك، مما يدل على انفرادك، والشوق إليك، وجعلت لنا من بين أيدينا ومن خلفنا ومن فوقنا ومن تحتنا نعما لايحيط بها فكرنا، ودللتنا إلى حب ذاتك التي احتوت على جميع الخيرات، وعرفتنا بآياتك ماخفي من الأنوار، فكانت ظاهرة لأولي الألباب والأخيار ، ولاتخفى عظمتك باستيلائك على كل شيء مع الرحمة الظاهرة الكاملة إلا على خفاش ينكر ظهور ضوء النهار" فنسأل الله أن لايجعلنا من الخفافيش الذين ينكرون نعم الله عليهم .
النفحة السابعة: الإكثار من الدعاء، فبعد أن تحدث المولى سبحانه وتعالى عن أحكام الصيام أعقبها بقوله: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون" إن الإكثار من الذكر والدعاء مطلوب من المؤمن في كل الأحوال، وفضل الذكر ورد في أحاديث صحيحة منها مارواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إن لله تبارك وتعالى ملائكةً سيارة فُضُلاً، يتبعون مجالس الذكر، فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم ، حتى يملؤوا مابينهم وبين السماء الدنيا، فإذا تفرقوا عرجوا وصَعِدوا إلى السماء،قال: فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم بهم: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عباد لك في الأرض، يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك، قال وماذا يسألوني؟ قالوا يسألونك جنتك، قال: وهل رأوا جنتي؟ قالوا: لا أي رب!قال: فكيف لو رأوا جنتي؟ قالوا: ويستجيرونك ، قال: ومم يستجيرونني؟ قالوا: من نارك يارب! قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا. قال: فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا: ويستغفرونك، قال: فيقول: قد غفرت لهم، فأعطيتهم ماسألوا، وأجرتهم مما استجاروا، قال: فيقولون ياربنا فيهم فلان عبد خطاء، إنما مر فجلس معهم، قال: فيقول: وله غفرت، هم القوم لايشقى بهم جليسهم".
أحبابي في الله وهنالك نفحات كثيرة تعلمونها في هذا الشهر الكريم فلنتعرض لهذه النفحات الربانية حتى يكون صومنا محققا لمقاصده ومقبولا عند علام الغيوب.
الحديث:
قال صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لاترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم.." رواه الطبراني . أوكما قال: يغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين.


الحمدلله الوالي الكريم والصلاة على سيدنا محمد وآله مع التسليم
وبعد:
قال تعالى: " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" صدق الله العظيم
أحبابي في الله وأخواني في الإنسانية:
عالمنا اليوم يمر بظروف حرجة بالغة التعقيد؛ فالحروب ، وتلوث البيئة، وانتشار الأمراض، والفقر والبطالة، وانتشار المخدرات، والهجرة غير الشرعية، وعدم الاستقرار؛ مظاهر تتصدر أجهزة الإعلام: مقروءة ومسموعة ومرئية، وعالمنا الإسلامي له نصيب الأسد من هذه الظواهر مع زيادة الحروب الأهلية، وطغيان الإستبداد، وانتشار الجهل والفساد، وبلادنا خير مثال للدولة الفاشلة: حروب منتشرة في أرجائها، وفساد مستحكم في مؤسساتها، وإحباط محيط بشعبها، وعدم رضا من معظم مواطنيها، ونظام حكم متشبث بالسلطة بضعة وعشرين عاما نتيجتها، ضيق في المعيشة وفصل للجنوب وتعطيل للزراعة، وخراب للصناعة ، وانتشار للحروب، وهجرة لثلث السكان، وبما أن رمضان موسم للمراجعة فإننا ندعو النظام للآتي:
أولا: مراجعة أدائه للفترة التي قضاها في الحكم ليحدد الإيجابيات والسلبيات بكل أمانة وصدق اتباعا للمنهج الراشد للحكم الذي نص عليه القرآن الكريم في قوله تعالى:" إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" والذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:" اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به" وقول الخليفة الراشد عمربن الخطاب الذي كتب لعامله يقول: "ولايمنعنك قضاء قضيته بالأمس فراجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق فإن الحق قديم لايبطله شيئ ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل" فالمراجعة الذاتية أفضل أسلوب لتصحيح الأخطاء.
ثانيا: الحكم في الإسلام وفي التجربة الإنسانية الراشدة؛ وسيلة لبسط الأمن والعدل والكرامة الإنسانية؛ وليس غاية، والحاكم العادل خادم لشعبه وليس متسلطا، وعليكم أن تسألوا أنفسكم هل السياسات المتبعة تهدف لمصلحة الإنسان أم للمحافظة على كرسي السلطة؟ ومهما كانت الإجابة فهل حققت السياسات المتبعة كرامة الإنسان وتفجير طاقاته للتنمية والاستقرار؟ يقول ابن الخطاب "ولانا الله على الناس لنسد لهم جوعتهم ونوفر لهم حرفتهم فإذا عجزنا عن ذلك اعتزلناهم".
ثالثا: الأمن من أعظم نعم الله على الإنسان وعلى المجتمعات والدول ولذلك جعله الله شرطا لصحة العبودية قال تعالى:" فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" ومعلوم أن الخائف لاحياة له. إن السلام اسم من أسماء الله، والسلام مقصد شرعي دعا له الإسلام، المطلوب العمل على تحقيق السلام وتقديمه على غيره قال تعالى: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها" وقال تعالى:" ولاتقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا" فتقديم التنازلات من أجل السلام انتصار وليس هزيمة! فالرسول صلى الله عليه وسلم في سبيل تحقيق السلام وحقن الدماء قبل أن تحذف البسملة من وثيقة الاتفاق وقبل أن يكتب اسمه مجردا من الرسالة! ليؤكد أهمية السلام للإنسان وللحياة وللكون. فاقتدوا برسول الله ولاتظنوا بأنكم أحرص على الدين من صاحب الرسالة الخاتمة.
رابعا:إن شرعية الحكم تقوم على الرضا والتوافق وليس على القهر، والوطن ملك لجميع المواطنين؛ لهم كافة الحقوق وعليهم كافة الواجبات، والتنوع إرادة إلهية وضرورة اجتماعية وواقع كوني؛ مطلوب إدارته بالحق والعدل، ومطلوب الاعتراف بجميع المكونات الاجتماعية والسياسية والدينية واحترام خياراتها، إن الجهود التي يقوم بها الحبيب الإمام وبقية القوى السياسية ينبغي أن تجد التقدير والاحتفاء لأنها تهدف لتحقيق السلام العادل والانتقال السلمي للسلطة. آن الأوان لمراجعة منهج التعاطي مع الفعل السياسي والعمل على قيام نظام للحكم يشترك الجميع في إقامته ويعبر عن تطلعاتهم دون عزل لأحد ولاهيمنة لأحد.
خامسا: رفع الظلم عن جميع المواطنين أفرادا ومجموعات، وتعويض المتضررين عن الأخطاء التي ارتكبت في حقهم، فالدول تستقر بالعدل والمساواة، وتنهار مع الظلم والمحسوبية، فالشريعة عدل كلها ورحمة كلها وحكمة كلها كما قال ابن القيم ، وقال صلى الله عليه وسلم:" أيها الناس من كنت قد جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت قد شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه، ومن كنت قد أخذت له مالا فهذا مالي فليأخذ منه ولايخشى الشحناء من قبلي فإنها ليست من شأني ألا وإن أحبكم إليّ من أخذ مني حقا كان له أو استعفاني حتى ألقى ربي وأنا طيب النفس".
فارفقوا بأنفسكم وبالشعب، فقد ضاق الحال، واخشوا يوما تُذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد" آن لهذا الشعب أن يعيش في أمن واستقرار وكرامة، آن لهذا الوطن أن يلحق بركب الدول المتقدمة فموارده كثيرة وخيراته عظيمة ولكن الأزمة في إدارته، قال تعالى: "إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم"
اللهم أحفظ بلادنا من الفتن ماظهر منها ومابطن، اللهم هيء لنا من أمرنا رشدا، اللهم أحقن دماء أهلنا في السودان ودماء جميع أمة الإسلام، اللهم وفق أهل السودان لتجاوز أزماتهم وحقق لهم الأمن والسلام والحكم الراشد. اللهم ربنا تقبل صيامنا وقيامنا واجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم، اللهم اجعلنا من عتقاء هذا الشهر المبارك اللهم لاتؤمنا مكرك ولاتنسنا ذكرك ولاتكشف عنا سترك واغفر لنا ولوالدينا ولمن صحبنا ومن أحبنا على نبيك صلى الله عليه وسلم وأصلح لنا في ذرياتنا إنا تبنا إليك وإنا من المسلمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.