الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبة الجمعة التي ألقاها الأمير: عبدالمحمود أبّو الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار يوم: 2 رمضان


بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة التي ألقاها الأمير: عبدالمحمود أبّو الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار يوم: 2رمضان 1436ه الموافق 19يونيو2015م
بمسجد الإمام عبدالرحمن المهدي بودنوباوي – أم درمان - السودان
اللهم أني أحمدك حمدا كثيرا وأثني عليك ثناء كبيرا يامن أسدى نعما لاتحصى ووفق بفضله على حسن العمل، وأفوض أمري إليك فقد عجزت عن القيام بشكرك والثناء عليك بما أعطيت من خِول، وأسألك اللهم بكرم ذاتك أن تصلي وتسلم وتبارك على سيدنا محمد نبيك المرسل، وعلى آله وأصحابه الذين فازوا بحسن التصديق فاجتهدوا بأحسن العمل، وأن تُشوِّق قلوبنا إليك وأن تمدنا بنور منك موصل إليك قبل انقضاء الأجل.
أمابعد:
قال تعالى: " وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون" صدق الله العظيم
أحبابي في الله وأخواني في الإنسانية:
حددت الآيتان السابقتان من سورة الذاريات المقصد من خلق الثقلين – الجن والإنس- وحصرته في العبادة، وإذا اجتمع النفي والاستثناء في الجملة فإن ذلك يفيد الحصر. وإذا نظرنا إلى أصول العبادات في الإسلام لوجدناها خمسة أصول هي: الشهادة، والصلاة، والصيام، والزكاة، والحج.فهل العبادة التي خُلقنا لأجلها محصورة في هذه الأصول الخمسة؟ والجواب لا.
إن مفهوم العبادة في الإسلام واسع يشمل كل الطاعات وأعمال البر والمعروف، بل حتى الامتناع عن المعاصي وكل أنواع الشر يدخل في باب العبادة؛ لأن العبادة تعني العبودية لله والخضوع لأحكامه، قال تعالى: " قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ" فكل عمل صالح نفعله وكل منكر نتجنبه وكل موقف نبيل نلتزم به؛ يدخل في باب العبادة لله، مادام موافقا لمقاصد الشرع وكان خالصا لوجه الله الكريم. روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر: أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يارسول الله: ذهب أهل الدُّثور بالأجور، يصلون كمانصلي، ويصومون كمانصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، قال: "أوليس قد جعل الله لكم ماتصدقون: إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمربالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة". قالوا يارسول الله أياتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر" . فأبواب الخير كثيرة أمام المسلم كل حسب طاقته ومايُسِّر له. وفي حديث آخر عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "على كل مسلم صدقة" قيل أرأيت إن لم يجد؟ قال: "يعتمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق" قال: قيل: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: "يعين ذا الحاجة الملهوف" قال: قيل له: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: "يأمر بالمعروف أو الخير" قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: "يمسك عن الشر فإنها صدقة" رواه مسلم. فليس هنالك عذر لأحد عن الصدقة فكل يتصدق بما يستطيع ولعل الجميع يستطيعون أن يكفوا أذاهم عن الناس وهو لهم صدقة.
أحبابي في الله:
جعل الله سبحانه وتعالى العبادات متنوعة لأنه يعرف أن الإنسان ملول ومتقلب المزاج؛ ولذلك نوَّع له في العبادة حتى لايمل؛ فجاءت الشهادة عبادة عقدية، والصلاة عبادة عملية، والزكاة عبادة مالية، والحج عبادة مالية سياحية، والصوم عبادة إمتناعية، وهكذا...الخ.
إن للعبادات في الإسلام مقاصد نص عليها القرآن الكريم ، فقال عن الصلاة: " وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ" وقال عن الزكاة: " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا" وقال عن الحج: " الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحَجِّ " وقال عن الصوم: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ". فالعبادات وسائل تَعَبُّد وتَقَرُّب إلى الله سبحانه وتعالى وفي نفس الوقت وسائل لإصلاح النفس وتحقيق الصلاح الإجتماعي، فإذا استحضر المسلم مقاصدها وحرص على تحقيقها بلغ المقصد من خلقه، وإن أهمل مقاصدها وفرط في غاياتها؛ عاش في الضنك والشقاء.
أحبابي في الله: لقد أظلنا شهر رمضان وهو موسم للطاعات ولكثير من أبواب الخير قال تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُون" ففي هاتين الآيتين ذكرالله جملة من أنواع الطاعات منها: هداية القرآن، والصوم ، واليسر ، والتكبير ، والشكر، والدعاء، وإذا تأملنا في نفحات شهر رمضان لوجدناها كثيرة خص الله بها الشهر الكريم فعلينا أن نعيَها ونتعرض لها:
النفحة الأولى: رمضان موسم لغفران الذنوب، وتطهير النفوس، وتنقية القلوب من الأمراض الحالقة للدين، فلنجعل من رمضان فرصة لتجديد التوبة من المعاصي، والاقلاع عن الآثام والمخالفات الشرعية، خاصة وأنه شهر تُضَيَّقُ فيه أبواب المعاصي بتضييق منافذها، قال صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء رمضان فُتِحَت أبواب الجنة وغُلِّقَت أبواب النار، وصُفِّدَت الشياطين" علينا أن نجعل صيامنا حارقا لذنوبنا، وماحيا لسيئاتنا، ومزيلا لآثامنا.
النفحة الثانية: الصوم وسيلة لكسر سلطان العادة، وتغيير السلوك قال صلى الله عليه وسلم: "...فإذا كان يوم صوم أحدكم ، فلا يرفَث يومئذ ولايسخَب فإن سابَّه أحد أوقاتله فليقل: إني امرؤ صائم.." إن الصوم يقوي العزيمة، ويروض النفوس على الصبر، فلنجعله موسما لتغيير العادات السالبة في حياتنا.ولنجعل قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي مدحه ربه بقوله: "وإنك لعلى خلق عظيم"
النفحة الثالثة:شهر رمضان شهر القرآن ، قال تعالى: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان" فهنالك سر في ارتباط القرآن بشهر الصيام، ولذلك نجد كثيرا من المسلمين يحرصون على تلاوة القرآن في رمضان، ويؤدون صلاة القيام بجزء من القرآن كل يوم، والواقع أن المؤمن وهو صائم أكثر استعدادا للعيش مع القرآن تلاوة ومراجعة وتدبرا لأن خواء البطن يساعد على سمو الروح وتقوية ملكة التفكر، يقول الحكيم:
ياخادم الجسم كم تشقى لخدمته أتطلب الربح ممافيه خسران
أقبل على النفس واستكمل فضائلها فأنت بالروح لابالجسم إنسان
النفحة الرابعة: رمضان موسم مُحفِّز على الإحساس بألم الحرمان، وبالتالي يقوي عاطفة الإهتمام بالمحتاجين، ومواساتهم وبذل الخير لهم، كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود مايكون في رمضان، فمن كان له فضل ظهر فليعد به على من لاظهر له ومن كان له فضل مال فليعد به على من لامال له ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لازاد له ،كما ذكر ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم، قال الصحابة رضوان الله عليهم: فجعل يعدد أنواع الفضل حتى ظننا أنه لاحق لأحد منا في فضل. فلا تحرموا أنفسكم من التزوُّد بالانفاق في هذا الشهر الكريم وتذكروا يوما لاينفع فيه مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
النفحة الخامسة:شهر رمضان شهر التواصل وتجديد العلاقات الاجتماعية، فلنجعله موسما لصلة الأرحام، والتواصل مع الأصدقاء والأحباب، فالمحبة في الله خير زاد للمؤمن قال صلى الله عليه وسلم: "لاتدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولاتؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" ففي الحديث القدسي "إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: ياابن آدم..مرضت فلم تعدني!! قال يارب .. كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لوعدته لوجدتني عنده؟ ياابن آدم استطعمتك فلم تطعمني؟ قال يارب.. كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟ ياابن آدم .. استسقيتك فلم تسقني؟ قال يارب... كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه. أما إنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي". رواه مسلم.
النفحة السادسة: رمضان موسم لشكر النعمة، إن الصوم ينبهنا للنعم التي تحيط بنا ونحن غافلون عنها، فنعمة الخلق، ونعمة الصحة، ونعمة الرزق، ونعمة العقل، وغيرها من النعم التي تتزاحم علينا دون أن نؤدي شكرها يقول الإمام المهدي عليه السلام مناجيا ربه: "إذ أنت الذي أنعمت علينا بإخراجنا من العدم، فخلقتنا في أحسن تقويم وخصصتنا بما لانقدر على عدِّه من التكريم، وأريتنا في أنفسنا مالايقدر عليه غيرك، مما يدل على انفرادك، والشوق إليك، وجعلت لنا من بين أيدينا ومن خلفنا ومن فوقنا ومن تحتنا نعما لايحيط بها فكرنا، ودللتنا إلى حب ذاتك التي احتوت على جميع الخيرات، وعرفتنا بآياتك ماخفي من الأنوار، فكانت ظاهرة لأولي الألباب والأخيار ، ولاتخفى عظمتك باستيلائك على كل شيء مع الرحمة الظاهرة الكاملة إلا على خفاش ينكر ظهور ضوء النهار" فنسأل الله أن لايجعلنا من الخفافيش الذين ينكرون نعم الله عليهم .
النفحة السابعة: الإكثار من الدعاء، فبعد أن تحدث المولى سبحانه وتعالى عن أحكام الصيام أعقبها بقوله: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون" إن الإكثار من الذكر والدعاء مطلوب من المؤمن في كل الأحوال، وفضل الذكر ورد في أحاديث صحيحة منها مارواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إن لله تبارك وتعالى ملائكةً سيارة فُضُلاً، يتبعون مجالس الذكر، فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم ، حتى يملؤوا مابينهم وبين السماء الدنيا، فإذا تفرقوا عرجوا وصَعِدوا إلى السماء،قال: فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم بهم: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عباد لك في الأرض، يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك، قال وماذا يسألوني؟ قالوا يسألونك جنتك، قال: وهل رأوا جنتي؟ قالوا: لا أي رب!قال: فكيف لو رأوا جنتي؟ قالوا: ويستجيرونك ، قال: ومم يستجيرونني؟ قالوا: من نارك يارب! قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا. قال: فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا: ويستغفرونك، قال: فيقول: قد غفرت لهم، فأعطيتهم ماسألوا، وأجرتهم مما استجاروا، قال: فيقولون ياربنا فيهم فلان عبد خطاء، إنما مر فجلس معهم، قال: فيقول: وله غفرت، هم القوم لايشقى بهم جليسهم".
أحبابي في الله وهنالك نفحات كثيرة تعلمونها في هذا الشهر الكريم فلنتعرض لهذه النفحات الربانية حتى يكون صومنا محققا لمقاصده ومقبولا عند علام الغيوب.
الحديث:
قال صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لاترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم.." رواه الطبراني . أوكما قال: يغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين.


الحمدلله الوالي الكريم والصلاة على سيدنا محمد وآله مع التسليم
وبعد:
قال تعالى: " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" صدق الله العظيم
أحبابي في الله وأخواني في الإنسانية:
عالمنا اليوم يمر بظروف حرجة بالغة التعقيد؛ فالحروب ، وتلوث البيئة، وانتشار الأمراض، والفقر والبطالة، وانتشار المخدرات، والهجرة غير الشرعية، وعدم الاستقرار؛ مظاهر تتصدر أجهزة الإعلام: مقروءة ومسموعة ومرئية، وعالمنا الإسلامي له نصيب الأسد من هذه الظواهر مع زيادة الحروب الأهلية، وطغيان الإستبداد، وانتشار الجهل والفساد، وبلادنا خير مثال للدولة الفاشلة: حروب منتشرة في أرجائها، وفساد مستحكم في مؤسساتها، وإحباط محيط بشعبها، وعدم رضا من معظم مواطنيها، ونظام حكم متشبث بالسلطة بضعة وعشرين عاما نتيجتها، ضيق في المعيشة وفصل للجنوب وتعطيل للزراعة، وخراب للصناعة ، وانتشار للحروب، وهجرة لثلث السكان، وبما أن رمضان موسم للمراجعة فإننا ندعو النظام للآتي:
أولا: مراجعة أدائه للفترة التي قضاها في الحكم ليحدد الإيجابيات والسلبيات بكل أمانة وصدق اتباعا للمنهج الراشد للحكم الذي نص عليه القرآن الكريم في قوله تعالى:" إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" والذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:" اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به" وقول الخليفة الراشد عمربن الخطاب الذي كتب لعامله يقول: "ولايمنعنك قضاء قضيته بالأمس فراجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق فإن الحق قديم لايبطله شيئ ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل" فالمراجعة الذاتية أفضل أسلوب لتصحيح الأخطاء.
ثانيا: الحكم في الإسلام وفي التجربة الإنسانية الراشدة؛ وسيلة لبسط الأمن والعدل والكرامة الإنسانية؛ وليس غاية، والحاكم العادل خادم لشعبه وليس متسلطا، وعليكم أن تسألوا أنفسكم هل السياسات المتبعة تهدف لمصلحة الإنسان أم للمحافظة على كرسي السلطة؟ ومهما كانت الإجابة فهل حققت السياسات المتبعة كرامة الإنسان وتفجير طاقاته للتنمية والاستقرار؟ يقول ابن الخطاب "ولانا الله على الناس لنسد لهم جوعتهم ونوفر لهم حرفتهم فإذا عجزنا عن ذلك اعتزلناهم".
ثالثا: الأمن من أعظم نعم الله على الإنسان وعلى المجتمعات والدول ولذلك جعله الله شرطا لصحة العبودية قال تعالى:" فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" ومعلوم أن الخائف لاحياة له. إن السلام اسم من أسماء الله، والسلام مقصد شرعي دعا له الإسلام، المطلوب العمل على تحقيق السلام وتقديمه على غيره قال تعالى: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها" وقال تعالى:" ولاتقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا" فتقديم التنازلات من أجل السلام انتصار وليس هزيمة! فالرسول صلى الله عليه وسلم في سبيل تحقيق السلام وحقن الدماء قبل أن تحذف البسملة من وثيقة الاتفاق وقبل أن يكتب اسمه مجردا من الرسالة! ليؤكد أهمية السلام للإنسان وللحياة وللكون. فاقتدوا برسول الله ولاتظنوا بأنكم أحرص على الدين من صاحب الرسالة الخاتمة.
رابعا:إن شرعية الحكم تقوم على الرضا والتوافق وليس على القهر، والوطن ملك لجميع المواطنين؛ لهم كافة الحقوق وعليهم كافة الواجبات، والتنوع إرادة إلهية وضرورة اجتماعية وواقع كوني؛ مطلوب إدارته بالحق والعدل، ومطلوب الاعتراف بجميع المكونات الاجتماعية والسياسية والدينية واحترام خياراتها، إن الجهود التي يقوم بها الحبيب الإمام وبقية القوى السياسية ينبغي أن تجد التقدير والاحتفاء لأنها تهدف لتحقيق السلام العادل والانتقال السلمي للسلطة. آن الأوان لمراجعة منهج التعاطي مع الفعل السياسي والعمل على قيام نظام للحكم يشترك الجميع في إقامته ويعبر عن تطلعاتهم دون عزل لأحد ولاهيمنة لأحد.
خامسا: رفع الظلم عن جميع المواطنين أفرادا ومجموعات، وتعويض المتضررين عن الأخطاء التي ارتكبت في حقهم، فالدول تستقر بالعدل والمساواة، وتنهار مع الظلم والمحسوبية، فالشريعة عدل كلها ورحمة كلها وحكمة كلها كما قال ابن القيم ، وقال صلى الله عليه وسلم:" أيها الناس من كنت قد جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت قد شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه، ومن كنت قد أخذت له مالا فهذا مالي فليأخذ منه ولايخشى الشحناء من قبلي فإنها ليست من شأني ألا وإن أحبكم إليّ من أخذ مني حقا كان له أو استعفاني حتى ألقى ربي وأنا طيب النفس".
فارفقوا بأنفسكم وبالشعب، فقد ضاق الحال، واخشوا يوما تُذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد" آن لهذا الشعب أن يعيش في أمن واستقرار وكرامة، آن لهذا الوطن أن يلحق بركب الدول المتقدمة فموارده كثيرة وخيراته عظيمة ولكن الأزمة في إدارته، قال تعالى: "إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم"
اللهم أحفظ بلادنا من الفتن ماظهر منها ومابطن، اللهم هيء لنا من أمرنا رشدا، اللهم أحقن دماء أهلنا في السودان ودماء جميع أمة الإسلام، اللهم وفق أهل السودان لتجاوز أزماتهم وحقق لهم الأمن والسلام والحكم الراشد. اللهم ربنا تقبل صيامنا وقيامنا واجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم، اللهم اجعلنا من عتقاء هذا الشهر المبارك اللهم لاتؤمنا مكرك ولاتنسنا ذكرك ولاتكشف عنا سترك واغفر لنا ولوالدينا ولمن صحبنا ومن أحبنا على نبيك صلى الله عليه وسلم وأصلح لنا في ذرياتنا إنا تبنا إليك وإنا من المسلمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.