نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    نتنياهو يتهم مصر باحتجاز سكان غزة "رهائن" برفضها التعاون    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    بالفيديو.. شاهد أول ظهور لنجم السوشيال ميديا الراحل جوان الخطيب على مواقع التواصل قبل 10 سنوات.. كان من عشاق الفنان أحمد الصادق وظهر وهو يغني بصوت جميل    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يلتقي اللجنة العليا للإستنفار والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. في أول ظهور لها.. مطربة سودانية صاعدة تغني في أحد "الكافيهات" بالقاهرة وتصرخ أثناء وصلتها الغنائية (وب علي) وساخرون: (أربطوا الحزام قونة جديدة فاكة العرش)    الدفعة الثانية من "رأس الحكمة".. مصر تتسلم 14 مليار دولار    قطر تستضيف بطولة كأس العرب للدورات الثلاثة القادمة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني في أوروبا يهدي فتاة حسناء فائقة الجمال "وردة" كتب عليها عبارات غزل رومانسية والحسناء تتجاوب معه بلقطة "سيلفي" وساخرون: (الجنقو مسامير الأرض)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    سعر الدولار في السودان اليوم الأربعاء 14 مايو 2024 .. السوق الموازي    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    هل انتهت المسألة الشرقية؟    صندل: الحرب بين الشعب السوداني الثائر، والمنتفض دوماً، وميليشيات المؤتمر الوطني، وجيش الفلول    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    تقارير تفيد بشجار "قبيح" بين مبابي والخليفي في "حديقة الأمراء"    أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    لأهلي في الجزيرة    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل ستصلح إدارة أوباما سياستها في السودان؟ .. بقلم: بقلم/ احمد حسين ادم
نشر في سودانيل يوم 06 - 08 - 2015

* هذا المقال نشر في موقع الميدل ايست أي البريطاني، في يوم الجمعة يوليو24, ثم ترجم الي اللغة العربية.
أنهي الرئيس اوباما زيارته الرمزية الي أفريقيا، الاسبوع الماضي، بيد ان الابادة الجماعية ذات ألاثني عشر عاما، ما زالت مستمرة في دارفور، و في ابشع صورها الدموية . انه من المهم ان نرحب و نثمن ألانجازات و المكاسب التي حققها اوباما لأفريقيا، خلال تلك الزيارة، خاصة موقفه القوى و دبلوماسيته الفعالة تجاه الحرب الأهلية الدامية في دولة جنوب السودان الوليدة. لكن من المحزن ، ان الرئيس اوباما لم يبذل جهدا مماثلا، تجاه أزمات السودان الشمالي، و التي لا تقل خطورة و دموية و تعقيدا من تلك التي يعاني منها جنوب السودان.
فالرئيس السوداني عمر البشير، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، ما فتيء يصعد من حملات الابادة و عمليات الارض المحروقة في دارفور و جنوب كردفان و جنوب النيل الأزرق- ميادين و ساحات القتل الجماعي الجديدة في عصرنا، بالاضافة الي لانتهاكات الواسعة و الممنهجة لحقوق الانسان علي نطاق القطر السوداني،و ذلك وفقا لشهادات الضحايا و تقارير المنظمات الحقوقية و الناشطين في مجال حقوق الإنسان.
وأضح ان النظام السوداني لا يخشى رادعا او عقابا يترتب علي انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان، نسبة لأنه يستغل الانقسامات الحادة وسط القوي الدولية الرئيسية، و التي فشلت حتي الان في ردع و مواجهة هذه الجرائم الدولية الجسيمة. الامر الذي دفع الكثير من المنظمات الحقوقية و الناشطين الصدع باعتراضاتهم و اداناتهم للمجتمع الدولي، الذي لم يستخلص الدروس والعبر من الإبادات السابقة، خاصة الوعود التي قطعها القادة الدوليون، بعد الابادة الجماعية في روارندا، في بداية التسعينات من القرن الماضي.
تعامل ادارة اوباما مع الابادة الجماعية وانتهاكات حقوق الانسان فى السودان
ان الولايات المتحدة كقوة عالمية قائدة، أسست علي قيم ومبادئ العدالة وحقوق الانسان والديقطراطية، كما ينص على ذلك دستورها، تقع علي عاتقها مسؤولية اخلاقية بينة ومستمرة، بان تتخذ من الإجراءات و التدابير اللازمة لإيقاف الابادة الجماعية في دارفور و غيرها. في شهر سبتمبر من العام 2004، أعلن الجنرال كولن باول،وزير الخارجية السابق في عهد الرئيس بوش، ان النزاع في اقليم دارفور السوداني يمثل إبادة جماعية مستمرة،كما حمل بوضوح الحكومة السودانية و مليشيات الجنجويد التابعة لها المسؤولية كاملة في ارتكاب هذه الجريمة الدولية الخطيرة. خطوة كولن باول، ما زالت تمثل سابقة نوعية و فريدة في تاريخ مواقف وسياسات الإدارات الأميركية المتعاقبة، ازاء تعاملها مع جريمة الابادة الجماعية، منذ بدايات القرن العشرين. حيث ان الإدارات الأميركية ، كانت تتفادى وصف اوضاع النزاعات والحروب الدولية والداخلية بالإبادة الجماعية، حتي و لو استوفت شروطها، وذلك حتى لا تتحمل اي مسؤلية قانونية او سياسية لاتخاذ تدابير لايقاف تلك الاباداةالجماعية. لذلك، ان اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بالنزاع السوداني في اقليم دارفور كابادة جماعية، يرتب عليها مسؤلية قانونية ملزمة ، بان تتحرك فورا لايفاق هذه الإباداة، و ذلك وفقا لمنطوق الاتفاقية الدولية لمنع الابادة لعام 1948، و التي أصبحت الان عرفا دوليا ملزما، حتي علي الدول التي لم تصادق عليها.
ان إدارة الرئيس اوباما علي معرفة جيدة بتفاصيل الابادة الجماعية في دارفور، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في كافة ارجاء السودان، فمعظم الأعضاء المؤثرين في إدارة اوباما، كانوا يتعاطون بحماس مع تطورات الابادة الجماعية في دارفور، منذ بدايات ارتكابها في العام 2003، فالرئيس أبوباما و نائبه جو بايدن، و ممثلة أمريكا لدي الامم المتحدة، السفيرة سمانثا باور، جميعهم كانوا قد زاروا معسكرات النزوح واللجوء في السودان او في شرقي تشاد، و ذلك قبل وصولهم الي سدة الحكم في الولايات المتحدة الأميركية. كذلك السيدة سوزان رايس، مستشارة الأمن الأمن القومي الامريكي، كانت من الذين أعلنوا مواقف قوية ازاء جريمة الابادة في دارفور. بل كل قادة ادارة ابوباما المختصين في السياسة الخارجية و الأمن القومي،بِمَا فيهم الرئيس اوباما ، قد قطعوا وعودا غلاظا علي ايقاف الابادة الجماعية في دارفور، لكنهم لم يحافظوا علي تلك الوعود و هم في كرسي السلطة، الامر الذي احبط و اثار استياء الضحايا و المدافعين عن حقوق الانسان.
كثير من النشطاء،والمدافعين عن حقوق الانسان كانوا قد توقعوا اداءا اكثر تميزا، و مواقف اكثر صلابة من السفيرة سمانثا باور، ممثلة الولايات المتحدة لدي الامم المتحدة، و مبعث ذلك الرجاء و الأمل ، انها تعتبر من المدافعين عن مبدأ المسؤولية في الحماية و التدخل الدولي الإنساني من اجل حماية المدنيين، كما انها تعتبر من الأعضاء المؤثرين في ادارة الرئيس ابوباما ، هذا الي جانب انها مؤلفة الكتاب الشهير والمهم - المعنون: مشكلة من جهنم:أمريكا و عصر الابادة. جدير بالذكر ان هذا الكتاب كان قد حاز علي جائزة بلتزايزر للصحافة الاستقصائية. في هذا الكتاب، سالت السفيرة سمانثا باور سؤالا مركزيا و مباشرا: لماذا يكرر القادة الأمريكيون الفشل في حشد الإرادات لإيقاف شر الابادة، التي ظلوا يبذلون العهود و الوعود علي ايقافها و علي منع ارتكابها مجددا ضد الانسانية؟ انا بدوري أوجه ذات السؤال للسفيرة سمانثا باور و لزملاءها من صناع السياسة الامريكية و العالمية:لماذا تكرورن الفشل، المرة تلو الآخري، لماذا تخذلون الضحايا بعدم مواجهة الابادة و مرتكبيها الاشرار في القرن الواحد و العشرين؟ حقا، لقد خابت أمال الكثير من الحقوقيين و الأكاديميين، الذين تفاءلوا بان يكون القرن الحادي و العشرين قرنا للانسانية، بعد ان كان القرن العشرين، قرنا للإبادة و الهلوكست بامتياز، انه من المحزن حقا ان تكون دارفور اول إبادة جماعية مستمرة في القرن الحادي و العشرين. و كذا يمتد التطهير العرقي الي المناطق السودانية الآخري في جبال النوبة و النيل الأزرق!!!
ما من شك، ان اوباما الان يفكر بعقلية الرئيس الذي يسير بخطي سريعة نحو نهاية فترة رئاسته، لذلك يري كثير من محللي السياسة العامة و الخارجية، ان المصالح الوطنية الأميركية، حتمت علي ادارة أبوباما في ان تحدث تغييرا جذريا في سياستها الخارجية، فهي بدل ان تتدخل في شؤون البلدان الافريقية و الأسلامية، كما في السابق، اتجهت الان نحو إصلاح علاقتها بإعداءها السابقين، مثل كوبا و ايران، التي كانت تسمي محور الشر، في ظل ادارة الرئيس بوش الابن. في تطور اخر جديد، فقد فرض الاتفاق النووي الإيراني نفسه بقوة في المناقشات و الجدل السياسي الامريكي اليومي، و ربما يتطور الامر و يحتد الجدل اكثر حوله، مع دنو موسم الانتخابات الرئاسية الامريكية. بات واضحا ان هنالك انقساما عميقا في الرأي العام الامريكي، ازاء الاتفاق النووي الإيراني، و ذلك بسبب الخلاف السياسي الحاد و تمايز الحسابات و التقديرات السياسية بين الرئيس أبوباما و حزبه الديمقراطي، من جهة، و الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون، من جهة اخري. لذلك يبدوا أن البشير مصمما علي استغلال المناخ السياسي الحالي في الولايات المتحدة الامريكية، فهو يحاول جاهدا علي رفع العقوبات الأميركية و تطبيع العلاقات مع أمريكا، او تحييد الادارة الأميركية ازاء نظامه، علي أسوأ تقدير، حسبما يخطط و يطمح نظام البشير! لذلك يجب علي ادارة ابوباما و الكونغرس الحالي، ان لا يسمحوا و لو ضمنيا، بان يكون ازهاق ارواح الالاف من الأبرياء، هو إرثهم في قيادة الأمة الامريكية. إذن فان عليهم ان يتحدوا جميعا لإيقاف الإبادة.
انه و في بداية شهر يوليو المنصرم، أعلن احد الدبلوماسيين السودانيين الكبار في الخرطوم، ان السودان قد قدم الدعوة للسفير دونالد بوث، المبعوث الامريكي الخاص للسودان و جنوب السودان لزيارة الخرطوم، حسب المسئولالسوداني، ان موضوع النقاش الوحيد مع المبعوث الامريكي، سيكون كيفية تطبيع العلاقات بين البلدين. هذهالخطوة او الدعوة للمبعوث الامريكي ، كانت مثار دهشة و استغراب لدي الكثير من المراقبين و المتابعين لمسيرة العلاقات السودانية الامريكية، لما ظلت تعاني منه هذه العلاقة من توتر و صعوبات، منذ ان انقلاب الإسلاميين علي السلطة في السودان في يونيو 1989. كما أن نظام البشير سبق و ان رفض منح المبعوث الامريكي تاشيرة لدخول السودان منذ 2013، متعللا بعدة أسباب - ان نظام البشير ظل يشكو بحدة من ان الادارة الامريكية لم تف بوعدوهاالمتكررة برفع العقوبات و تطبيع العلاقة مع السودان، علي الرغم من أن نظام البشير قد تعاون تعاونا كاملا في اجراء استفتاء دولة الجنوب بصورة سلمية و سلسة، كما اعترف بنتائج الاستفتاء الذي قاد الي قيام دولة جنوب السودان الوليدة في العام 2011. عطفا علي ان النظام السوداني، ظل يردد بحسرة، انه علي الرغم من تعاونه مع الولايات المتحدة في جهود مكافحة الاٍرهاب، الا ان الادارة الامريكية لم تكافئه برفع العقوبات و تطبيع العلاقات. من جانبها، تربط الادارة الأميركية رفع العقوبات بانهاء الحروب في مناطق دارفور و جنوب كردفان و النيل الأزرق.
لماذا دعى نظام البشير المبعوث الأمريكى لزيارة الخرطوم فى هذا التوقيت؟
اذا و الحال هذه، لماذا دعا نظام البشير المبعوث الامريكي لزيارة السودان، لماذا في هذا التوقيت؟ بعض المصادر العليمة في الخرطوم، تقول ان الادارة الأمريكية اتخذت بعض الخطوات موءخرا تجاه علاقتها بالخرطوم، أعتبرها نظام البشير إشارات إيجابية، و ربما تشيء بتغيير ما في السياسة الامريكية تجاه السودان، وهي:
اولا: في شهر فبراير الماضي،قام الدكتور ابراهيم غندور، كبير مساعدي البشيرسابقا وزرير خارجيته الحالي، بزيارة واشنطن، بدعوة من وزارة الخارجية الأميركية، للحوار مع الإدراة الامريكية حول القضايا ذات الاهتمام المشترك. كما ان وزير الخارجية السابق، علي كرتي كان قد زار واشنطن في ذات التوقيت، غير ان وزارة الخارجية الامريكية، كان وقد نفت انها دعته رسميا لزيارة أمريكا. ثانيا: في ذات شهر فبراير، قام وكيل وزير الخارجية لشؤون حقوق الانسان و الديمقراطية، برد زيارة غندور الي الخرطوم، حيث التقي بعدد من المسؤليينالسودانيين في الخرطوم. ثالثا: أعلن مكتب التحكم في الأصول الخارجية التابع لوزارة الخزانة الأمربكية، تخفيف العقوبات المفروضة علي السودان، بحيث يسمح باستيراد الكمبيوترات الشخصية والتلفونات الذكية و بعض المعدات التي تستخدم في الانتاج الزراعي. رابعا: ظلت الادارة الامريكية تعلن بصورة مستمرة، ان السودان لم يعد يرعي الاٍرهاب او يحتضن اي منظمات او جماعات ارهابية، بل اكدت التقارير السنوية للخارجية الامريكية في هذا المجال، ان السودان ظل شريكا مفيدا و فعالا في مجال مكافحة الاٍرهاب الدولي. كما ان مصادر قريبة من النظام ، توكد ان البشير يعتقد انه قد اصبح مهما للإدارة الامريكية، اذ ان ظهور ما يسمي بتنظيم الدولة الاسلامية-داعش، سييعزز من وضع النظام السوداني كاداة مهمة و مرغوبة لمواصلة لعب الدور الوظيفي في هذا المجال، الامر الذي سيدفع بالولايات المتحدة للتطبيع مع السودان، اي ان البشير يريد الاستثمار في ملف الاٍرهاب مجددا، ليطيل من عمر نظامه. خامسا: في بداية شهر فبراير الماضي،ادانت السفارة لأمريكية في الخرطوم الحركة الشعبية لتحرير السودان /شمال، بسبب القصف الذي طال بعض عمال التنقيب عن الذهب في ولاية جنوب كردفان. هذه الادانة تمت تغطيتها بصورة واسعة في الصحف التابعة للنظام، كما تمت الاشادة بها من قبل قيادات النظام السوداني، و اعتبروها خطوة إيجابية، تنبيء بتغيير في السياسة الامريكية تجاه السودان. سادسا: في بداية شهر يوليو المنصرم، أعلنت السفارة الامريكية في الخرطوم إصدار تأشيرات الهجرة لامريكا من لخرطوم، وذلك لاول مرة منذ ما يقارب العشرين عاما. إذن ، كل هذه التطورات و الاشارات انفة الذكر، شجعت نظام البشير لتقديم الدعوة للمبعوث الامريكي لزيارة السودان، لبداية حوار حول تطبيع العلاقات بين البلدين، حسب اعلان الخارجية السودانية، بالطبع، هذا طبعا لا ينفي ان تكون هنالك اتصالات و إشارات اخري، عبر قنوات ما يسمي بدبلوماسية الأبواب الخلفية.
لكن برأينا، انه من الصعب ان يحقق النظام السوداني رغبته في رفع العقوبات و تطبيع العلاقات مع أمريكا ، في ظل الكونغرس الحالى الذي تسيطر عليه الاغلبية الجمهورية ، و كذا المواقف القوية للمنظمات الحقوقية و الناشطين ضد نظام البشير، بسبب سجله السيء في مجال حقوق الانسان و الديمقراطية.
ادارة أوباما وامتحان السودان؟
لا شك ان الحوار منهج ووسيلة مهمة في العلاقات الدولية والمماراسات الدبلوماسية، و لكن مع من يجري او يدار الحوار؟ ان هدف الرئيس البشير الأوحد هو رفع العقوبات الامريكية، ولكن من اجل أن يعزز و يوطد أركان نظامه الديكتاتوري. و بالتالي البشير ليس مستعدا علي تقديم اي تنازل او اتخاذ إجراءات او تدابير، من شانها إيقاف الابادة الجماعية المستمرة و الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي يرتكبها نظامه، السؤال هو: كيف يمكن لهكذا طاغية ان يبقي في السلطة و يؤتمن علي قيادة شعبه الي عملية سياسية ديمقراطية انتقالية، في الوقت الذي هو نفسه من قسم وطنه و قتل شعبه!!!!
من الموثق ان مجلس الأمن الدولي قد أصدر ما يقارب العشرين قرارا تحت الباب السابع من ميثاق الامم المتحدة، في إطار التعامل و مواجهة النزاعات السودانية الدموية، إلا ان نظام البشير لم ينفذ منها قرارا وأحدا، بل عمل و بقصد و نية مسبقة علي إحباطها وتقويضها جميعا. لذلك، الهدف الحقيقي للبشير هو الاستمرار في تضليل المجتمع الدولي ، لكسب الوقت والاستمرار في تكتيكاته الدموية القديمة ، التي أزهقت ارواح ميءات الآلاف من المدنيين الأبرياء و تشريد الملايين من النساء و الأطفال والرجال. وكدليل اخر علي تعنت النظام، في شهر مارس الماضي، رفض البشير الدعوة الي حوار وطني مع أطراف الأزمة للخروج بالسودان من ماذقه المتطاول و أزمته السياسية الماحقة، فعلي العكس من ذلك، قام بفرض انتخابات الرجل الواحد، و الحزب الواحد الدموية، فى ابريل الماضى، والتي قد قاطعها الشعب السوداني، و ادانت نتاءجها المزورة كل الأطراف المؤثرة في المجتمع الدولي.
ان الابادة الجماعية المستمرة في دارفور و جبال النوبة و النيل الأزرق و الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان فى ارجاء السودان كافة، يجب ان تهز ضمير العالم و الولايات المتحدة الامريكية و تحركهم من اجل فعل قوي و جماعي لإيقافها. يجب ألا يسمح لنظام البشير بان يستغل انشغال الرأي العام الامريكي و العالمي بالاتفاق النووي الإيراني و الأزمات والكوارث العالمية الآخري. يجب ان تكون الرسالة قوية وواضحة لنظام البشير: ان العالم لم و لن ينسي او يتجاهل معاناة و آلام الملايين من المدنيين الأبرياء الذين يتعرضون لحملات الابادة، التي ينفذها و يرتكبها نظام البشير.
من المؤكد ان التغيير الحقيقي في السودان لن يتم الا من داخله، و بجهود و إرادة السودانيات و السودانيين الحرة، لكن الجرائم التي ترتكب في السودان هي جرائم ذات اختصاص جنائى دولي ، وبالتالي هي جرائم ضدالانسانية جمعاء، لذلك، انه امر ضروري و حيوي، ان تسعي الادارة الامريكية و شركاءها الاقليمين و الدوليين بوضع خارطة طريق بمؤشرات و متطلبات و تواقيت زمانية محددة و تتضمن اجراءت و عقوبات ذكية فردية. على أن تكون الأهداف الاساسية لهذه الخارطة : إيقاف الابادة الجماعية، و تحقيق السلام الشامل العادل، و تسهيل انطلاق عملية سياسية ديمقراطية انتقالية شاملة، إذن فليكن واضحا لنظام البشير، بان لا تطبيع مع الابادة الجماعية المستمرة، و نظام الآمر الواقع الدموي المعزول.
انه ما زال هنالك وقت امام الرئيس اوباما، ليف بوعده الغليظ الذي قطعه للضحايا و الانسانية جمعاء بايقاف الابادة الجماعية في دارفور، والتي هي اول إبادة في القرن الحادي و العشرين. يجب علي الرئيس اوباما ألا يخذل الضحايا بسبب حسابات و تقديرات لمصالح وطنية ضيقة، ما دامت ادارته نفسها قد أقرت لأول مرة، مبدأ ان منع الابادة الجماعية و الفظائع الآخري، يعتبر نواة لمصالح الأمن القومي الامريكي. لا شك، اذا كانت هنالك إرادة، فانه ما زال من الممكن ان يكون إيقاف فظائع السودان ضمن إرث السياسة الخارجية لإدارة الرئيس اوباما. لذلك ليس من المتأخر ان يصلح الرئيس اوباما سياسة بلده في السودان.
أحمد حسين آدم
باحث بمعهد التنمية الافريقى بجامعة كورنيل بنيويورك
وزميل بشعبة السياسة العامة بالجامعة الامريكية فى القاهرة
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.