بسم الله الرحمن الرحيم تشابكت خطوط الفجر فرسمت علي جبين الأفق إبتسامة عذبة تفتق في النفوس الأمل وتوحي لها حب الحياة وخالطها وعلي صفحة الماء انعكست تلك الخطوط فكانت وكأنها علاقة الأرض بالسماء . جلست القرفصاء وحولها صغارها يبكون ويتصايحون وقد كللت وجهها سحابة قاتمة ومن الأسي والحزن وبدأت وكأنها تناهز الستين وهي ما زالت في العقد الثالث من عمرها تسللت يد القدر إلي دارهم فانتشلت ذلك الأب الحاني الذي طالما أعتصر من المستحيل شهداً ومن العدم وجوداً. فلسطين ذلك الجرح الغائر في جسد الأمة العربية والذي أبت له الأقدار ان يندمل فظل مشوهاً لطلعتها ينزف القيح والصديد. الكلمات أعلاه هي كلمات أخري وشقيقي وصديقي د. الخضر هارون وكأن وقتها طالبا في المرحلة الوسطي وكانت نبوءة أستاذه الجليل عباس والذي كتب معلقا علي موضوعاته الانشائية عباراتك سامية ومركزة تدل علي ملكة الكتابة . يستشعر القارئ أن لحديثك بقية. وكان الرافد لمشروع هذا الكاتب الفذ تلك المكتبة الصغيرة في حجمها الكبيرة في محتواها وهي حديقة الفكر التي كانت تضم العديد من الكتب والروايات يا طالع الشجرة ، الملك الضليل و امرؤ القيس و ابو الفوارس ، عنترة ، الخمائل ، الجداول والنظرات والعبرات وغيرها. وكان لاسلوب الظلال الذي أهدي إليه في تلك السن المبكرة أثراً كبيرا في مفرداته والذي ساهم في ان تنساب كلماته سهلة ممتعة وممتنعة. كانت تلك بدايات كاتب أثبتت الايام تلك المقدرة الفائقة وهي مقدرة مؤسسة علي موهبة ربانية مكن لها بالاطلاع فهو رجل محب للقراءة لا يكاد يضيع وقتا دون ان يكون ممسكا بكتاب ولذلك لم يكن غريباً أن يكون نجما ساطعاً في الجمعيات الأدبية والليالي الثقافية والتي كانت تزخر بها تلك الأيام الجميلة. ولأن أخي وصديقي وشقيقي نشأ محبا للناس لم يبخل عليهم بتلك الموهبة الربانية والتي كما قلنا رعاها بالعلم والاطلاع والمثابرة فصدرت له هذه الكتب والتي تمثل لوحات ابداعية أدبية رائعة لا يكاد يضيق فراقها من يبدأ بالاطلاع عليها. ناس السكة رسائل في الذكري والحنين، اشتات في العامية والفصحى وأخيرا رؤي في الفكر والثقافة والادب. لا شك أن العمل الدبلوماسي اضاف له الكثير من الثقافة والمعرفة من خلال تطوافه علي بلدان العالم وقد افاد منها بعقله الراجح ورؤيته الثاقبة. وبما أني كنت ولا زلت من اقرب الناس إليه فإن ما يميزه أن هذه المشاعر الدافئة والذكريات التي حفرت في داخله تمثل جزءً عمليا ينعكس في حياته وسلوكه ولا نجد تناقضا بين ما يكتب وبين واقعة المعيش ولذلك مثل القدوة لنا في كل شئ وقد اتاح لنا ذلك حب القراءة وان تقرأ كل ما حوته مكتبته الصغيرة حديقة الفكر والتي لم يبقى منها إلا الجسم ممثلا في ذلك الدولاب الصغير ولكن أكثر ما يبقى منها ما ظل محفورا في وجداننا ومشاعرنا ودواخلنا . أنها شهادة لله والتاريخ ولا أحسب أنها مجروحة. هاشم هارون أحمد ت:0912390912 / 0123864786 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.