لقد جسد نظام الإنقاذ وحزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان منذ الثلاثين من يونيو 1989 حتى تاريخنا هذا الازمة الحقيقة للمجتمع السوداني المتعدد والمتنوع والمتباين ثقافياً والمتفاوت تاريخياً من خلال إشعاله للحروب ذات الطابع الإثني والعنصري بابشع أشكالهما ومحاولة إلغاء جميع المكونات الثقافية السودانية وإعادة إنتاجها من خلال أو في داخل معامل الثقافة الإسلاموعروبية ذات الطابع المركزي اي المتمركزة ذاتياً على نفسها وذات الطابع الإقصائي وعدم تقبلها للآخر المختلف عنها دينياً ولغوياً وثقافياً. وتمثل الأزمة الحالية والحروب القائمة في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وإنفصال جنوب السودان ابرز تجليات إهدار قيمة وكرامة وحياة إنسان هذه المناطق وتعبر بوضوح عن فشل المشروع الحضاري الإسلامي في إدارة التنوع والتباين الثقافي وتظهر الوجه القبيح الحقيقي للنظام وأفكاره ونواياه. إن خصوصية الصراع الدائر في دارفور تفرض نفسها وبقوة علي كل صاحب ضمير حي وذلك للفظاعات التي قامت الحكومه بإرتكابها في هذه الرقعة منذ إندلاع الصراع والتي طالت اثنيات محددة بغية تصفيتها وإبادتها إما حالياً او علي المدي القريب. واننا في مسلكنا هذا لانغفل حقيقة وواقع إن جميع إنحاء وولايات السودان تعاني الامراض وويلات الفقر وغياب الخدمات الصحية والتنمية المستدامة والديموقراطية وحقوق الانسان. ولكن ان انعقاد الدورة القادمة لمجلس حقوق الانسان في جنيف بتاريخ 2015\9\14 والتي سيناقش فيها المجلس إعادة السودان الي البند الرابع في جلسة 29\9\2015 والذى يختص ( الرقابة والمتابعة ) هو مافرض علينا ان نفرد مساحة مقدرة من هذا المقال لسرد المشاكل التي يعانيها الاقليم ولمناشدة المجتمع الدولي بضرورة تقصي ومتابعة الحالة الراهنة لحقوق الانسان في السودان. إن جرائم القتل اليومي في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان إضافة الي الاعتقالات السياسية ومصادرة الصحف وقتل المتظاهرين العزل وإطلاق الذخيرة الحية عليهم وإنعدام الحريات العامة وإهدار كرامة الانسان تستوجب من المجتمع الدولي ان يتخذ قراره وبالإجماع لإخضاع سلطات الخرطوم للبند الرابع الذي يمكن ان يقلل من ديكتاتورية الانقاذ بوحود المقرر الخاص لحقوق الانسان في السودان والحد من العمليات التي تستهدف فيها المدنيين والسكان العزل وبصورة ممنهجة طالت قبائل معينة في دارفور وبصورة اشد خصوصية قبائل الزغاوة والفور والمساليت والبرتي مؤخراً. وحسب الاحصاءات الصادرة من جهات رسمية فان جملة الذين قامت الحكومة بقتلهم خلال هذه السنوات قد بلغ 310 الف قتيل واكثر من مليون الف نازح حيث قام النظام الحاكم في الخرطوم بقصف القري والمزارع بصورة متواصلة ادت الي عمليات نزوح واسعه داخل الاقليم وخارجه وحاليا يقيم حوالي 500 الف مواطن داخل المعسكرات التي ترعاها منظمات الاممالمتحدة داخل الاقليم وخارجه واليكم بعض القري التي تم قصفها من قبل النظام في فترات مختلفة: 24 قصف انتنوف غرب جبل حريز شمال دارفور2012\4\30-10. 32 قصف انتنوف شرق جبل مرة شمال دارفور بتاريخ 2014\12\3. 44 قصف انتنوف2 ميج مدخل طريق طارني شمال دارفور بتاريخ 1/1/2015. 24 قصف انتنوف شرق جبل مرة شمال دارفور بتاريخ 2/1/2015. 24 قصف انتنوف جنوب طويلة شمال دارفور22/1/2015. وادت هذه العمليات العسكرية الي تشريد ونزوح السكان الي المعسكرات التي تشير معظم الابحاث والدراسات الي إفتقارها الي مقومات متعددة مثل الماء الصالح للشرب وفي بعض المعسكرات يتم جلب المياه عن طريق الدواب والذين لا يملكون دواب يضطرون للسير لمسافات طويلة لجلب المياه. وبصورة عامة فان معظم المعسكرات تفتقد الي الخدمات الصحية ومخزون المواد الغذائية بدات تتقلص في المخازن وقد قامت بعض المنظمات الدولية بتقليص الميزانية المخصصة لإقليم دارفور حيث لم يوف المجتمع الدولي بجملة إلتزاماته تجاه دارفور . ان جملة الاثار الاقتصادية والثقافية والاجتماعية للصراع الدائر الان في دارفور سيدفع ثمنها هذا الجيل والاجيال القادمة حيث معظم المعسكرات لا تحتوي علي مدارس للاطفال الذين هم في سن التعليم حالياً اضافة الي المشاكل الصحية وانتشار الامراض . فإذا اخذنا دارفور كنموذج للمناطق المنكوبه في السودان فإن الحرب في هذا الاقليم قد بدأت منذ العام 2003 بقيام حركات مسلحة دارفورية محتجة على التهميش التاريخي للاقليم سياسياً وإقصادياً وإجتماعياً فبالرغم من إسلام معظم سكان هذا الاقليم إلا ان هذا العامل لم يكن كافياً لإنقاذهم من جحيم نيران الانتنوف والدبابات والجنجويد وذلك بالرغم من إدعاء السلطة في الخرطوم للإسلام وهذا يوضح بجلاء إن الأزمة في السودان وكما أشرت سابقاً هي أزمة ثقافة مركزية إسلاموعروبية تربط العروبة بالاسلام ويعتبر العامل الاثني (عرب- زنوج) اشد فاعلية وفتكاً ولذلك لم يشفع الإسلام لأهل دارفور وظلت الحرب مشتعلة في هذا الاقليم منذ ذلك التاريخ وحتى الآن واستعملت فيها حكومة المؤتمر الوطني اساليب وجرائم اجبرت العالم على وصفها بالابادة الجماعية والتطهير العرقي. ويضم اقليم دارفور بشكل عام اثنيات متعددة تنقسم بين الثنائية التقليدية عرب – زنوج وقام النظام بتسليح القبائل ذات النشاط الرعوي وذلك لمساعدته في حروبه العسكرية ضد الجماعات المسلحة مقابل تمليكهم لاراضي القبائل الافريقية والزراعية وذلك التسليح تم بإشراف جهات الامن بصورة ادت إلي إنتشار السلاح في هذا الاقليم وفاقم من بروز دور القبيلة كعنصر فاعل في الامان والحماية وذلك لان الطبيعي ان االدولة هي المسئولة من توفير الامان والحماية والطمانينة للمواطن في اي مكان كان إضافة الي جملة التزاماتها التنموية الآخرى. إن بقاء وإستمرار نظام المؤتمر الوطني في حكم السودان يعد من اكبر المخاطر على السودان ووحده إراضيه وتمزيق نسيجيه الاجتماعي ولنا في جنوب السودان إسوة غير حسنة عليه اتوقع وفي حال استمراره في الحكم أن يلقى اقليم دارفور نفس المصير الذي تعرض له جنوب السودان وذلك لان النظام لايعترف إلا بلغة الحوار فقط ويعمل على إرضاخ الحركات المسلحة لسيطرته. إن المخرج الوحيد للإزمة الحالية في دارفور وفي جبال النوبة والنيل الازرق يتمثل في ضرورة الاعتراف بخصوصية المناطق ومنحها الحكم الذاتي في إطار كونفدرالية وقيام سلطة مركزية غير منحازه لي اي من المكونات عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.